كارثة انهيار عقارات الإسكندرية عرض مستمر
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
يواصل مسلسل انهيار المبانى القديمة بالإسكندرية حصد أرواح السكان، حيث شهدت محافظة الاسكندرية مصرع 3 أشخاص وإصابة 3 آخرين إثر انهيار شرفة منزل "بلكونة"، بشارع 1 بالعوايد خلف شركة الأدوية.
كان قد تلقى مدير أمن الإسكندرية إخطارا من غرفة عمليات النجدة يفيد بورود بلاغ من الأهالي بانهيار شرفة منزل"بلكونة"، بشارع 1 بالعوايد خلف شركة الأدوية بمحافظة الإسكندرية.
وانتقل على الفور لموقع البلاغ، قوات الأمن والشرطة وضباط المباحث وسيارات الإسعاف وقوات الحماية المدنية، وبالفحص والمعاينة تبين انهيار شرفة منزل "بلكونة"، بشارع 1 في العوايد خلف شركة الأدوية بمحافظة الإسكندرية، مما أسفر عن إصابة 3 أشخاص بإصابات متفرقة بالجسم. تم نقل المصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم وعمل الإسعافات الأولية، وتحرر المحضر بالواقعة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
من جانب اخر كان قد لقى 3 اشخاص مصرعهم منهم طفل اثر انهيار احد العقارات بمنطقة الباب الجديد بمنطقة وسط محافظة الاسكندرية
تحولت منطقة الباب الجديد الى صراخ وعويل اهالى المنطقة عقب خروج جثمان احدى الأطفال يبلغ عمره ١٠ سنوات تصادف مروره اسفل العقار اثناء انهياره. تبين ان الطفل من سكان المنطقة اثناء توجه لشراء متطلبات العشاء للمنزل انهار عليه العقار.
نجحت قوات الحماية المدنية بـ الاسكندرية في انتشال جثتين أحدهما لعامل وطفل اخر من أسفل أنقاض العقار المنهار ، ليصل عدد الضحايا الى 3 اشخاص
كانت غرفة عمليات حى وسط الاسكندرية تلقت إخطارًا من غرفة عمليات محافظة الإسكندرية بورود بلاغ يفيد بـ انهيار عقار بشارع الكواكب متفرع من شارع نجيب الحداد خلف مسجد إبراهيم عبدالباعث بمنطقة الباب الجديد.
وانتقل ضباط الشرطة والحماية المدنية ومسؤولي حي وسط الاسكندرية رفقة الإسعاف إلى موقع البلاغ، وتبين من الفحص أن المنزل بناء قديم مكون من طابقين فقط وانهياره بالكامل عدا بعض الجدران، وتبين من الفحص أن العقار صادر له قرار إزالة للطابقين الثالث والثاني، وقرار ترميم للطابق الأول، وقبل الانهيار كانت تجرى فين أعمال ترميم دون ترخيص من الحي.
وفرضت قوات الحماية المدنية كردونًا أمنيًا بمحيط المنزل المنهار، فيما أسفر الحادث عن مصرع الطفل «سعد ممدوح سعد» 10 سنوات تصادف مروره أسفل العقار منطقة الباب الجديد لحظة انهياره، واحد السكان يدعى «محمد جابر السيد سلامة» 50 سنة، عامل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإسكندرية انهيار عقارات حصد الأرواح مصرع 3 افراد الباب الجدید
إقرأ أيضاً:
وهم النداء
لم تكن “مياس” سوى بلدة هادئة، حتى اجتاحها الجنون كريحٍ تنفث الهذيان. بدأ الأمر بهمسات عن قوى خفية وقدرات خارقة. رأى البعض وجوهاً في القمر، وسمع آخرون أصواتاً تُحدثهم عن نوايا الآخرين. وما لبث أن صار من يدّعي النبوّة، أو معرفة الغيب بالتنجيم، أو من يُقسم أنه يقطع الفراسخ بخطوة، أكثر عدداً ممن يُعمِلون عقولهم أو يستبصرون بحكمتهم.
تحوّل التعقّل إلى تهمة، والشك في قدراتهم إلى زندقة. فأصبحنا نحن “العقلاء” قلّةً تُطارَد وتُهجَّر وتُهان، حتى اضطررنا للهروب إلى القلعة الحمراء، ذلك الحصن القديم على قمة الجبل المطلّ على البلدة، والذي احتضن بقايا عقولنا.
كنتُ وزوجتي ضمن ثلاثين عائلة ممّن فرّوا. ولم تتوقّف محاولاتهم لاختراق القلعة؛ صرخات في الليل، حجارة تُقذَف، نداءات بأسمائنا -تارة بالترغيب، وأخرى بالترهيب- محاولات تسلُّل، ثم… السحر.
ذات ليلة، في هدأة الصمت، سمعنا همسات تعرفنا. أصوات آبائنا المتوفَّين، إخوتنا، زوجات راحلات عن أبنائهن، تأتي من خلف جدران القلعة بأدق تفاصيل الماضي، تنادي كلاً باسمه، وتطلب فقط تجاذب الذكريات.
وفي يومٍ ماطر، جاء طيف أخي “عبدالله”، المتوفَّى منذ خمسة أعوام، يناديني كعادته في النداء إبّان حياته؛ تردّد الصدى بصوته، حتى سمعته. اقتربتُ منه وأجبتُه، أسندتُ ظهري إلى جدار القلعة، ويبدو أنه فعل مثلي. وهناك، تجاذبنا ذكريات الطفولة، وضحكنا حتى بكينا. وفي لحظة صدق، همس: “إذا طلبتُ منك يوماً أن تفتح لي الباب لأراك… لا تفعل.»
لم أنبس ببنت شفة لهُنيهة، ثم قلت:»حتى لو كانت لحظات؟”
فرد بحزم: تذكّر: حتى وجهي قد لا يكون لي.”
في اليوم التالي، عاد، وأكملنا أحاديثنا. تنقّلت بنا الذكريات من سنة إلى أخرى، واستمر الحال كذلك أياماً، ثم غاب ولم يأتِ. تحركتُ بين جنبات القلعة، في كل زاوية، وكل برج، أنادي عليه ولا يجيب، حتى سمعتُ صوته بعدما يئستُ من عودته، يأتي من خلف الباب الكبير: «أخي، كم اشتقتُ إليك. افتح لي الباب قليلاً كي أراك، لبضع ثوانٍ، ثم أغلقه.»
وقفتُ خلف الباب، يدي على القفل، وروحي تنتفض. الصوت صوته، حتى الانكسار في نبرته… هو ذاته. لكن شيئًا بداخلي تذكّر: “حتى وجهي قد لا يكون لي.”
فهمستُ من خلف الباب: «قل لي شيئاً لا يعرفه غيرنا.»
صمت الصوت لوهلة، ثم قال: «كنا نرسم الشمس على الجدران، ونضع نقطة تحتها، ويقول كلٌّ منّا للآخر، بالتعاقب: إنها أنت.»
لحظتها، اقشعرّ بدني… فقط أنا وهو نعرف هذه الذكرى. مددتُ يدي ببطء نحو القفل… ثم تذكّرتُ قوله لي، فقلت له: «لا يمكنني ذلك».
رد علي: «إذن اثقِب لي الجدار بمقدارٍ يمرّر يدك كي ألامسها. أريد لمسك، أرجوك.»
أجبت: لا بأس.
وبمجرد أن أوجدتُ تلك الفتحة وأوشكتُ أن أُدخل يدي، أدخل هو يده. وقبل أن ألامسها… إذ بزوجتي تسحبني بقوة. تراجعتُ إلى الخلف، فاستشاط غضباً، وامتدّت يدُ مسخٍ عبر الفتحة، فاستللتُ سيفاً وقطعتُها.
أغلقتُ الفتحة بصخرة. ارتجفت جدران القلعة بضربةٍ عاتية. شعر بها الجميع. وفي قلب هذا الارتجاج، خرج صوتٌ آخر من أعماق البرج. هذه المرة، كان صوت عبدالله وهو يصرخ:
“أغلق الفتحة بإحكام، ولا تعاودها!”
عدتُ إلى نفسي، أغلقتها، وسقطتُ على الأرض أبكي.
نجونا في تلك الليلة، لكن منذ ذلك اليوم، لم أعد أبحث عن “عبدالله”. لأنه رحل حقاً… وما صار، كان وهماً يستدرجني بصوته.
وهكذا، استمر الحصار والخوف ينهشانا، حتى بدأت الأيام تمضي ببطء. مرّت السنوات، واحدةً تلو الأخرى، خفتت معها أصوات الطرق، وتلاشت النداءات، ومضى وقت طويل، حتى ساد الصمت في الجبل، بل في البلدة بأسرها. لم يكن ذلك عجباً، بل فناءً بطيئاً للجنون، فالمجانين لا يعرفون كيف يتكاثرون؛ ارتيابهم ينهشهم من الداخل. كانوا يختبئون في جحورهم، يشك أحدهم في ظل الآخر، ويخافون من بعضهم أكثر مما يخافون منا. انطوائيون، حذرون، ينهارون فرادى بصمت… حتى فَنَوا، بينما كنا نزداد عدداً في سلامٍ ينتظر الحرية.
وفي إحدى الليالي، كنتُ جالساً أنظر إلى السماء وحيداً، متربّعاً فوق عتبة المنزل، مستغرقاً قرابة ساعة في الصمت، فسمعتُ صوت عبدالله:
«خالد، خالد… أخرج الآن. أخرج، لا تخف يا أخي، لقد انتهى كل شيء.”
كان صوته، وكان هدوء البلدة، هما ما دفعاني للخروج من القلعة للمرة الأولى منذ عقود. كانت البلدة ساكنة، متربة، مهدّمة، بلا أثرٍ للجنون. كأن الأرض نفسها ابتلعته. فالجنون لا يُنتج إلا العدم، يستهلك أصحابه حتى آخر خفقة وهم.
عدتُ إلى القلعة، وأغلقتُ الباب، لنبقى في حصننا، بعيدين عن لوثة الجنون. أنختُ هناك، وللمرة الأولى، وأنا أتمتم: «ربما لم ننجُ لأننا كنا العقلاء… بل لأننا كنا الأبطأ في الجنون».