تستعدّ مصر لاتخاذ خطوة هامة في سوق المال٬ عبر منح شركات السمسرة القدرة على تلقّي أوامر الأفراد لبيع وشراء أذون الخزانة الحكومية. وذلك في إطار استراتيجية أوسع لزيادة إصدارات أدوات الدين المحلية بنحو 33 في المئة، لتصل إلى 2.709 تريليون جنيه، خلال السنة المالية المقبلة.

ويهدف هذا التحرك إلى توسيع قاعدة المستثمرين المحليين، ودعم خطط الحكومة في تمويل مشروعاتها، وسد عجز الموازنة المتنامي.

فيما تتوقّْع البورصة المصرية إتاحة تداول أذون الخزانة للأفراد عن طريق شركات السمسرة خلال 3 إلى 4 أشهر، بحسب رئيس البورصة أحمد الشيخ.

‌وأذون الخزانة هي ديون قصيرة الأجل تصدرها الحكومة لتمويل عجز الموازنة (91 يوما، 273 يوما، 364 يوما)، ويصدرها البنك المركزي، نيابة عن وزارة المالية، وتشتريها البنوك المحلية ويتم تحديد قيمة الفائدة على الأذون من خلال العرض والطلب.

تكلفة باهظة وزيادة كبيرة في الدين
يكلف ارتفاع الفائدة 1 في المئة ميزانية الدولة 70 مليار جنيه، وهذا يفاقم من عجز الموازنة العامة.

ووفقًا لوكالة بلومبيرغ الاقتصادية، فقد أصدرت مصر أدوات دين بقيمة 71.6 مليار دولار خلال أول 4 أشهر من 2024، بزيادة قدرها 57 في المئة على أساس سنوي.

كذلك، تعتزم وزارة المالية المصرية زيادة إصداراتها من أدوات الدين المحلية بنحو 33 في المئة إلى 2.709 تريليون جنيه خلال السنة المالية المقبلة.

وتعكس هذه الأرقام الحاجة المتزايدة للدولة، إلى مصادر تمويل لدعم مشروعاتها وتمويل عجز الموازنة ومواجهة التحديات الاقتصادية.

استثمار أم اقتراض
يرى البعض أن السماح للأفراد بتداول أذون الخزانة الحكومية يُعزز من مشاركة الأفراد في السوق المالي. ويتيح للأفراد فرصة تنويع محفظتهم الاستثمارية، حيث يمكنهم الاستثمار في أدوات مالية منخفضة المخاطر مثل أذون الخزانة، مما يوفر لهم بديلاً عن الأسهم والعقارات.

بالنسبة للحكومة فإن إدخال الأفراد في سوق أذون الخزانة المصرية قد يزيد من عدد المستثمرين في هذا القطاع، مما يعزز من قدرة الدولة على تمويل احتياجاتها المالية من خلال مصادر محلية بدلاً من الاعتماد على القروض الخارجية.


ويرى الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، أن "هناك علاقة بين السماح للأفراد بتداول أذون الخزانة واعتزام وزارة المالية المصرية زيادة إصداراتها من أدوات الدين المحلية، وزيادة عدد المستثمرين المحليين في أذون الخزانة٬ يمكن أن يدعم خطط الحكومة لزيادة إصداراتها من أدوات الدين، مما يقلّل الاعتماد على التمويل الخارجي".

وأكد في تصريحات لـ"عربي21": أن "الاقتراض وتوسيع قاعدته ومصادره هو في نهاية المطاف ديون تضاف إلى موازنة الدولة وتزيد الأعباء عليها ويدفعها المواطن في نهاية المطاف، على شكل زيادة في أسعار الرسوم والخدمات ورفع الدعم، هي دائرة مفرغة من إدمان واستدامة الاقتراض".

واستبعد الولي أن "تستطيع مصر الخروج من بوتقة الاقتراض لعقود مقبلة في ظل الممارسات الاقتصادية والسياسية الحالية" معتبرا أن "التوسع في قاعدة المستثمرين في أذون الخزانة ليس استثمار حقيقي، بل قروض جديدة".

كم يكلف رفع الفائدة مصر؟
ومنذ بداية العام رفعت مصر الفائدة 8 في المئة إلى أكثر من 27 في المئة ما زاد من شهية المستثمرين الأجانب للاستثمار في أدوات الدين وحققت خلال شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل الماضيين حوالي 571 مليار جنيه ما يعادل (12.1 مليار دولار).

وتُقدر وزارة المالية بند الفوائد في موازنة عام 2024-2025 بنحو 1.83 تريليون جنيه (حوالي 39 مليار دولار) تمثل 70 في المئة من جملة الإيرادات العامة للدولة البالغة نحو 2.63 تريليون جنيه، متأثرة برفع متوسط سعر الفائدة إلى حوالي 25 في المئة بدلا من 18.5 في المئة.


وبذلك تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في مصر إلى 90 في المئة، في نهاية السنة المالية 2024-2025، وفق بعض التقديرات الرسمية.

كذلك، ستؤدي إلى ارتفاع العجز الكلي للموازنة العامة للدولة خلال العام ذاته إلى 7.27 في المئة من الناتج المحلي ليسجل 1.24 تريليون جنيه، مقابل 6.96. في المئة متوقعة خلال العام المالي الحالي.

تداعيات سلبية على الاقتصاد والاستثمار
أرجع استشاري تطوير وتمويل المشروعات القومية والأوقاف الاستثمارية، علاء السيد، رغبة الحكومة في السماح للأفراد بيع وشراء أذون الخزانة الحكومية إلى أن "إذن الخزانة واحدا من أهم وأسرع وأقصر أدوات الدين الحكومية، حيث كانت تصدر لحاملها بعد تلقي عروض من البنوك والشركات مرتين كل أسبوع، وتقبل أدنى العروض عائدا (تعدى حاليا 26 في المئة ويتوقع أن يتعدى متوسط العائد المرجح 32 في المئة، في الموازنة الجديدة).

وأضاف السيد، في حديثه لـ"عربي21": "أذون الخزانة في مصر أربعة آجال بالأيام هي: (91 يوما و 182 يوما و 273 يوما و 364 يوما )، لذلك تعتبر أداة مالية قصيرة الأجل (أي لمدد أقل من سنة)، ويتم التعامل بها في أسواق المال الثانوية والتداول عليها بيعاً وشراءاً، كما أن العائد يصرف مقدما ويخصم منها ضرائب تعادل 20 في المئة".

وتابع: "غالبا ما تستهدف الحكومة من إصدارها لأذون الخزانة سداد أذون خزانة اقترب موعد سدادها أو سداد أقساط ديونها التي حلت آجالها أو خدمة الدين (يعني بالبلدي: تلبيس طواقي!)، أو تمويل عجز ميزانيتها".


هذه الخطوة، بحسب السيد، "تكشف شدّة احتياج الدولة لمزيد من القروض وهو يسحب المجتمع في مصر لمزيد من المعاملات المحرمة من جهة وإغراء أصحاب الأموال بأرباح غير حقيقية سهلة بدلا عن الاستثمار الحقيقي وتوليد الوظائف وتنشيط اقتصاد البلاد ودفع عجلة التنمية للأسف الشديد. خطط وسياسات وقرارات الحكومة المصرية التي تسببت في إغراق مصر في الديون وتعريضها للإفلاس والتفريط في أصولها لا تزال عشوائية ولا تقدم أي حلول للأزمة الاقتصادية ولا تواجه مشاكل مستعصية كارتفاع معدلات الفقر والتضخم والغلاء وارتفاع الأسعار والبطالة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي مصر أذون الخزانة عجز ديون الاقتصادية مصر اقتصاد ديون عجز أذون خزانة المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وزارة المالیة أذون الخزانة تریلیون جنیه عجز الموازنة أدوات الدین فی المئة

إقرأ أيضاً:

تراجع رصيد تركيا من الديون الخارجية قصيرة الأمد خلال مارس

أنقرة (زمان التركية) – كشف البنك المركزي التركي عن احصاءات الدين الخارجي قصير الأمد لشهر مارس/ آذار.

وعكست الاحصاءات تراجع رصيد تركيا من الدين الخارجي قصير الأمد بنحو 0.2 في المئة خلال شهر مارس/ آذار مقارنة بالشهر السابق ليسجل 172.7 مليار دولار.

وتشير الاحصاءات إلى بلوغ رصيد الدين الخارجي قصير الأمد المتبقي على موعد استحقاقه عاما أو أقل نحو 224.8 مليار دولار.

وارتفع رصيد الدين الخارجي القصير الأمد للمصارف بنحو 0.5 في المئة مقارنة بالشهر السابق ليسجل 77.8 مليار دولار، بينما تراجعت الالتزامات الناجمة عن البنك المركزي بنحو 4.2 في المئة لتسجل 30.2 مليار دولار.

وتراجعت قروض البنوك الخارجية القصيرة الأمد بنحو 3.5 في المئة لتسجل 18.6 مليار دولار.

وارتفعت ودائع المقيمين في الخارج بالبنوك داخل تركيا بنحو 1.1 في المئة لتسجل 18.5 مليار دولار.

وارتفع رصيد الديون القصيرة الأمد للقطاعات الأخرى بنحو 1 في المئة مقارنة بالشهر السابق لتسجل 64.8 مليار دولار.

وسجلت القروض التجارية النابعة من المؤسسات التجارية الخارجية ارتفاعا بنحو 1.5 في المئة لتصل إلى 60.7 مليار دولار، بينما تراجعت الالتزامات النابعة من القروض النقدية بنحو 6.9 في المئة لتسجل 4.1 مليار دولار.

وعلى صعيد حصة العملات الأجنبية، سجل الدولار الأمريكي 35 في المئة من إجمالي الديون الخارجية قصيرة الأمد، بينما سجل اليورو 26 في المئة والليرة التركية 24 في المئة والعملات الأخرى 15 في المئة.

واعتبارا من مارس/ آذار، تراجع إجمالي التزامات الحكومة والبنك المركزي في رصد الديون الخارجية قصيرة الأمد مقارنة بالشهر السابق، بينما ارتفعت التزامات البنوك والقطاعات الأخرى.

 

Tags: اقتصاد تركيالبنك المركزي التركيالدين الخارجي القصير المدى لتركيا

مقالات مشابهة

  • تحضيرات لإعداد الموازنة العامة للدولة للأشهر المتبقية من السنة المالية 2025
  • ارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية بعد موجة بيع بسبب مخاوف عجز الموازنة بالولايات المتحدة
  • قبيل إعلان قرار البنك المركزي.. زيادة طفيفة في متوسط سعر الفائدة على أذون الخزانة
  • المركزي التركي يبقي على توقعاته لمعدلات التضخم
  • القاهرة للدراسات الاقتصادية: الموازنة الجديدة تهدف لضبط أوضاع المالية العامة
  • انخفاض مؤشرات الأسهم الأميركية مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة
  • نتنياهو: حماس تسرق المساعدات لتمويل جيشها
  • جوجل تطلق Google AI Ultra خطة اشتراك فاخرة للذكاء الاصطناعي
  • واشنطن ترصد 10 ملايين دولار لقطع أذرع حزب الله المالية في أمريكا الجنوبية
  • تراجع رصيد تركيا من الديون الخارجية قصيرة الأمد خلال مارس