مركز أبحاث إسرائيلي عن صواريخ “ألماس”: لم نكن نعلم أن هذه التكنولوجيا في يد حزب الله
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
الجديد برس:
نقلت صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية عن رئيسة مركز “ألما” الإسرائيلي للأبحاث، ساريت زهافي، قولها إن هجمات حزب الله أصبحت أكثر تعقيداً في الأسابيع الأخيرة، وصارت تصل إلى عمق “إسرائيل”، مضيفةً “لا أعرف حقاً إلى أين يتجه هذا الأمر”.
وتوقفت الصحيفة عند استهداف حزب الله قبل أسبوع منطادين للمراقبة تابعين لجيش الاحتلال، حيث أسفر الهجوم الأول الذي وقع بالقرب من مفرق “غولاني” على بعد نحو 21 ميلاً جنوب الحدود اللبنانية، عن إصابة مباشرة لمنطاد المراقبة الكبير “سكاي ديو” بصواريخ من طراز “إس-5” أطلقت من طائرة بدون طيار.
ويعد هذا الهجوم هو المرة الأولى التي ينجح فيها حزب الله في تنفيذ ضربة جو-أرض من داخل المجال الجوي لفلسطين المحتلة منذ 8 أكتوبر 2023، وفقاً لتحليل لمركز “ألما” الذي أشار إلى أنه “على الرغم من أن هذه ليست قدرة متقدمة جداً في هذه المرحلة، إلا أنها تشكل قفزة كبيرة إلى الأمام بالنسبة لحزب الله”.
أما المنطاد الثاني فقد جرى استهدافه بالقرب من الحدود بصاروخ إيراني مضاد للدبابات من طراز “ألماس”.
ولفتت الصحيفة إلى أن “إسرائيل” التي تمتلك منظومة دفاع جوي متعددة الطبقات قادرة على اعتراض الصواريخ قصيرة وبعيدة المدى، لا تملك أي وسيلة للدفاع ضد هجمات الصواريخ الدقيقة المضادة للدبابات، والتي استخدمها حزب الله بطريقة “غير مسبوقة” لاستهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية.
وقالت زهافي إن التجمعات الاستيطانية على طول الحدود الشمالية مع لبنان تعرضت لضربات من صواريخ “كورنيت” الروسية الموجهة المضادة للدبابات، والمصممة للاستخدام ضد الدبابات القتالية الثقيلة، وكذلك صواريخ “ألماس”، التي تعتمد تصاميمها على هندسة عكسية للتكنولوجيا الإسرائيلية.
وقالت زهافي عن استخدام حزب الله لهذه المنظومة جديد: “نحن على دراية بالتكنولوجيا، ولكن ليس بحقيقة أنها في أيدي حزب الله”.
غنائم تموز.. كيف وُلد “ألماس” من رحم “سبايك”؟
ورغم انخراط حزب الله في الحرب منذ 8 أكتوبر 2023، وشنه مئات الهجمات الصاروخية بصورة يومية ضد مواقع الاحتلال الثابتة ونقاطه المستحدثة وتجمعات جنوده، إلا أنه لم يستخدم صاروخ “ألماس” قبل 28 يناير الماضي، حين استهدفت بواسطته تجهيزات تجسسية في موقع رأس الناقورة البحري، ما شكل تحولاً نوعياً في مسار الحرب.
وقد أثار هذا التطور النوعي اهتمام وسائل إعلام الاحتلال، حيث تحدثت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن الصاروخ الذي يحقق إصابات ما وراء خط الرؤية، حيث يرتفع إلى الأعلى، ليبحث عن أهداف مخفية ويطاردها.
وفي مقالة لعودد يارون نُشرت في 1 فبراير 2024، قالت الصحيفة إن صاروخ “ألماس” الذي كُشف عنه للمرة الأولى عام 2016، هو نسخة عن أحد الصواريخ المضادة للدروع المتطورة في ترسانة الجيش الإسرائيلي، مشيرةً إلى أن أصله هو عدة صواريخ “سبايك” إسرائيلية وقعت في يد حزب الله كغنيمة في العام 2006.
ورأت الصحيفة أن المسألة تقدم نموذجاً عن قدرة إيران على استنساخ ذخيرة غربية، كما فعلت بأنواع كثيرة من الصواريخ، والطائرات المسيّرة ووسائل قتالية أخرى وقعت بيدها، مشيرةً إلى أن إيران هي دولة متقدمة نسبياً، يمكنها أخذ منظومات من هذا النوع، واستنساخها بمستوى عال من التطابق والقرب مع النسخة الأصلية، وأثبتت مرات عديدة قدرات ارتجال مؤثرة.
وأوضحت الصحيفة أن صواريخ “سبايك” الإسرائيلية تقدم قدرات ليست متوفرة في سابقاتها، مثل “كورنيت” و”تاو” التي يستخدمها حزب الله. فهي مجهزة بمنظومة توجيه إلكترو-بصري، تتضمن مهدافاً حرارياً، يمنحها قدرات “أطلق وانسى”: المشغل يختار هدفاً، يطلق، والصاروخ يطارد الهدف – حتى وإن كان متحركاً – ويستمر بمطاردته حتى يصيبه.
وفي حال كان الهدف موجوداً على مسافة بعيدة ما وراء خط رؤية المشغل، فهو يمكنه أولاً إطلاق الصاروخ، والسماح له بالإقتراب من المنطقة المقدرة، ثم، وفي مرحلة متقدمة جداً يختار هدفاً.
أما أبرز المزايا الشهيرة لـ”سبايك” فتكمن في قدرته على تنفيذ هجوم علوي على الدبابات والآليات المصفحة، وتحقيق إصابة في المنطقة التي يكون فيها التصفيح ضعيفاً نسبياً.
ولفتت الصحيفة إلى أنه إذا كانت “إسرائيل” تستطيع إنتاج نسخ متقدمة من الصاروخ، فإن ما تنتجه إيران أكثر، كي تستطيع تلبية احتياجات حزب الله.
المصدر: الجديد برس
إقرأ أيضاً:
الجنوب المحتل.. مسرح لتصادم الأطماع الخارجية وضريبة “مصادرة القرار”
لم يعد خافياً على أي مراقب منصف أن ما يجري في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة ليس “فشلاً إدارياً” عابراً، بل هو نتيجة حتمية وممنهجة لمصادرة القرار السيادي، وارتهان “أدوات الداخل” لأجندات “كفلاء الخارج”. المشهد في عدن وحضرموت وشبوة اليوم يقدم الدليل القاطع على أن الأرض التي يدوسها المحتل لا تنبت إلا الفوضى، وأن الأمن والرخاء لا يتحققان إلا بامتلاك القرار الحر، تماماً كما هو الحال في المحافظات الحرة (الشمالية).
فيما يلي تفكيك لهذا المشهد المأساوي من منظور وطني يكشف خفايا الصراع:
1. صراع الوكلاء: عندما يتقاتل “الكفلاء” بدماء اليمنيين
الحقيقة التي يحاول إعلام العدوان طمسها هي أن الاقتتال الدائر في الجنوب ليس صراعاً يمنياً-يمنياً، بل هو انعكاس مباشر لتضارب المصالح بين قوى الاحتلال (السعودية والإمارات).
* أدوات مسلوبة الإرادة: المكونات السياسية والعسكرية في الجنوب (سواء ما يسمى بالانتقالي أو الفصائل المحسوبة على حزب الإصلاح وبقية المرتزقة) لا تملك من أمرها شيئاً. هي مجرد “بيادق” يتم تحريكها أو تجميدها بريموت كونترول من الرياض وأبو ظبي.
* النتيجة: عندما تختلف قوى الاحتلال على تقاسم النفوذ أو الموارد، تندلع الاشتباكات في عدن أو شبوة. وعندما يتفقون، يسود هدوء حذر ومفخخ. المواطن الجنوبي هو الضحية في حروب لا ناقة له فيها ولا جمل، وقودها أبناؤه، وغايتها تمكين الأجنبي.
2. التباين الصارخ: “نموذج السيادة” مقابل “نموذج الوصاية”
المقارنة المنصفة بين الوضع في صنعاء (عاصمة السيادة) وعدن (عاصمة الوصاية) تكشف جوهر الأزمة:
* في المحافظات الحرة: بفضل الله وحكمة القيادة الثورية ممثلة بالسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي (يحفظه الله)، امتلكت صنعاء قرارها. طردت الوصاية الأجنبية، فتحقق الأمن والاستقرار، وتوحدت الجبهة الداخلية رغم قسوة الحصار والعدوان. لا يوجد “سفير” يملي الأوامر، ولا ضابط أجنبي يتحكم في المعسكرات.
* في المحافظات المحتلة: السيادة منتهكة بالكامل. القواعد العسكرية الأجنبية تنتشر من مطار الريان في حضرموت إلى جزيرة ميون وسقطرى التي تعبث فيها الإمارات وتفتح الباب للكيان الصهيوني. الفوضى الأمنية، الاغتيالات، والاشتباكات اليومية هي “المنتج الحصري” للاحتلال الذي يرى في استقرار اليمن خطراً على مصالحه.
3. الحرب الاقتصادية.. التجويع سلاح المحتل
ما يعانيه المواطن في الجنوب من انهيار للعملة وغلاء فاحش ليس قدراً محتوماً، بل سياسة “تركيع” متعمدة.
* نهب الثروات: لسنوات، كان النفط والغاز اليمني يُنهب وتورد عائداته إلى البنك الأهلي السعودي، بينما يموت اليمني جوعاً.
* معادلة الردع: عندما تدخل أنصار الله وفرضوا “معادلة حماية الثروة” ومنعوا سفن ناهبي النفط من الاقتراب من الموانئ الجنوبية، كان الهدف حماية ثروة الشعب اليمني (في الجنوب والشمال) من السرقة. هذه الخطوة السيادية أثبتت أن صنعاء هي الحارس الأمين لمقدرات اليمن، بينما أدوات الاحتلال كانت تشرعن النهب مقابل فتات من المال المدنس.
4. سقطرى والمهرة.. الأطماع تتكشف
لم يأتِ تحالف العدوان لإعادة “شرعية” مزعومة، بل جاء لأطماع جيوسياسية واضحة كشفتها تقارير قناة المسيرة والواقع الميداني:
* السيطرة على الجزر والموانئ والممرات المائية.
* محاولة مد أنابيب النفط عبر المهرة لتجاوز مضيق هرمز.
هذه المشاريع الاستعمارية تواجه اليوم رفضاً شعبياً متصاعداً من أحرار المهرة وسقطرى، الذين أدركوا أن “التحالف” ما هو إلا احتلال جديد بثوب آخر.
الخلاصة: الحل في “التحرر”
إن حالة الفوضى العارمة، وغياب الخدمات، وتعدد الميليشيات في الجنوب، هي رسالة واضحة لكل ذي عقل: لا دولة بلا سيادة، ولا كرامة في ظل الاحتلال.
النموذج الذي يقدمه أنصار الله والمجلس السياسي الأعلى في صنعاء يثبت أن امتلاك القرار المستقل، ورفض التبعية، هو الطريق الوحيد لبناء الدولة وحفظ الأمن. وما يحدث في الجنوب هو تأكيد صحة الموقف الوطني منذ اليوم الأول للعدوان: الرهان على الخارج خاسر، والأجنبي لا يبني وطناً، بل يبني سجوناً وقواعد عسكرية. الحل يبدأ من حيث انتهى الشمال: طرد المحتل، واستعادة القرار، وتطهير الأرض من الغزاة وأدواتهم.