خلل في المصفوفة.. بم يفسر العلماء شذوذ الجاذبية المرصود مؤخرا؟
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
توصل فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة ووترلو الكندية إلى أن قوة الجاذبية تصبح أضعف بنحو 1% عند دراسة مسافات بعيدة في الكون تصل إلى مليارات السنين الضوئية، الأمر الذي يفتح الباب لتعديل في نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين.
وبحسب بيان صحفي رسمي للجامعة، أطلق الفريق البحثي على هذه الظاهرة لقب "خلل كوني"، حيث يبدو الأمر كما لو أن الجاذبية توقفت تماما عن مطابقة قوانين أينشتاين كلما دخلنا إلى عمق الكون الواسع.
في نظريته النسبية العامة التي طورها سنة 1915، يعيد ألبرت أينشتاين صياغة ما تعنيه الجاذبية، من "قوة" كما رآها إسحاق نيوتن إلى انحناء في نسيج الزمكان يتسبب بدوره في دفع الأجسام إلى الاقتراب من بعضها البعض.
ولفهم الأمر تخيل أن هناك شبكة أو حصيرة من المطاط الليّن الذي ينبسط مستوياً إن كان فارغا لا يحمل أي شيء، فلو وضعت عليه كرة حديدية ثقيلة فإنه ينحني للأسفل، ولو قررت وضع "بلية" صغيرة في أي من جوانب تلك الحصيرة فإنها ستنزلق للأسفل مرتطمة بالكرة الحديدية.
في هذه الحالة فإن "البلية" لا تنجذب للكرة الحديدية وإنما فقط تتسارع ساقطة إليها، وأينشتاين يرى أن الفضاء كذلك يشبه تلك الحصيرة، فهو مطاط إذا وضع به نجم ثقيل فإنه يجذب الكواكب لتدور حوله، وهي هنا لا تنجذب بقوة ما، بل لأنها توجد على حافة الانحناء الذي سببه النجم في الزمكان.
وإليك فيديو قصيرا يبسط مفهوم نسيج الزمكان عبر انحناء قطعة قماش لينة:
خلل في النظريةلكن على مدى عقود عدة رصد العلماء ما يظهر وكأنه عدم توافق بين تنبؤات نظرية أينشتاين النسبية العامة وسلوك المجرات في العناقيد المجرية البعيدة، مما حيّر الباحثين في هذا النطاق، بعضهم افترض وجود خطأ في الأرصاد، وبعض آخر افترض خطأ النسبية نفسها وبدأ البحث عن نظرية جديدة.
لكن بحسب الدراسة التي نشرها فريق جامعة ووترلو في "جورنال أوف كوسمولوجي آند أستروفيزيكال بارتكلز"، فإن الأمر لا يتطلب إلا تغييرا في قيمة تسمى "ثابت الجاذبية"، ويمكن إجراء هذا التعديل عن طريق إضافة معيار جديد للنموذج الكوني القياسي الذي يُعرف باسم "نموذج لامدا للمادة المظلمة الباردة".
وبحسب الدراسة، فإن هذا التعديل يزيل التناقض في القياسات على المستويات الكونية البعيدة دون التأثير في الاستخدامات الناجحة الحالية للنسبية العامة، وفي هذه الحالة فإن الأمر أشبه بإضافة حاشية لنظرية أينشتاين دون الحاجة للإطاحة بها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
قضايا الأمن الغذائي في الخليج
يشغل موضوع الأمن الغذائي الكثير من دول العالم، حتى تلك التي لديها الكثير من الإمكانيات المادية. وكشفت جائحة كورونا قبل ثلاثة أعوام عن هشاشة العولمة حينما تعطلت سلاسل التوريد، وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتؤكد تلك الهشاشة والتعقيدات الكبيرة التي تحيط بالعالم والتي يمكن أن تعطل الحركة فيه نتيجة قرارات فردية.
ومن بين الدول التي يشغلها موضوع الأمن الغذائي بشكل كبير دول الخليج العربية؛ نظرا لندرة المشاريع الزراعية، وقلة الصناعات المرتبطة بالغذاء. وبات هذا الموضوع من بين القضايا الوطنية التي ترقى إلى مستوى القضايا الأمنية الكبرى في منطقة الخليج.
لكن حل هذه المشكلة لا يكمن في بناء مخازن غذائية كافية لأشهر أو سنوات رغم أهمية ذلك، ولا عبر بناء شراكات مع دول عالمية لتسهيل سلاسل الإمداد رغم أهمية ذلك أيضا، ولكن الأمر يتعلق بالبنية العميقة لمعالجة هذه المشكلة التي تبدأ في التفكير بالاستثمار في المشاريع الزراعية التكاملية. ورغم التحديات التي تواجه هذه المشاريع فإن العالم يتقدم بشكل كبير، ويجد الحلول الذكية لتجاوز موضوع ارتفاع درجات الحرارة وموضوع نقص المياه، وكشفت الكثير من التجارب العالمية عن فعالية معقولة لمثل هذه المشاريع. إضافة إلى أن بعض المناطق في الخليج العربي يمكن الاستثمار فيها زراعيا مثل منطقة النجد في سلطنة عمان وبعض المناطق الشمالية في المملكة العربية السعودية. ومن دون أن توجه دول الخليج جزءا مهما من استثماراتها في الجانب الزراعي وعلى الأراضي الخليجية فإن هذا الملف سيبقى تحديا كبيرا لا يمكن الاطمئنان له أبدا مهما بذلت هذه الدول من جهود.
وتحتاج دول الخليج إلى سن قوانين تحمي بها المساحات الزراعية من تمدد الأسمنت؛ فالنهضة العمرانية لا تقوم على حساب الزراعة ومشاريعها، والتمدن لا يعني بأي حال من الأحوال التعالي على المشاريع الزراعية أو العمل فيها.
كان ساحل الباطنة في الماضي سلة الغذاء في عُمان وتغطي إمداداته معظم الخليج العربي، لكن نقص المياه، وملوحتها، وتحويل المشاريع الزراعية الفردية إلى مناطق سكنية وتجارية حرم الباطنة من الكثير من المنتجات الزراعية التي كانت تشتهر بها. كما ساهمت الأمراض التي فتكت ببعض المحاصيل الزراعية في تكريس فكرة استبدالها بأخرى غير زراعية، ولكنها ذات عائد مادي يعوض أصحابها خسائرهم. وهذا الأمر يحتاج إلى دراسة متأنية على المدى المتوسط عبر التفكير في بناء مشروع وطني كبير لبناء سدود تغذية جوفية قادرة على استصلاح الآبار، وعودتها إلى ما كانت عليه. وتمويل بحوث علمية لحماية المحاصيل الزراعية من الأمراض والآفات، وحمايتها من العبث. هناك مشاريع وأفكار في الاستثمار في أراض خارج منطقة الخليج، ولكن الأمر رغم أنه عملي في بعض الأوقات فإن الأزمات كشفت ما يواجه من تحديات كبيرة خاصة في أوقات الأزمات. وعند الحديث عن الأزمات لا بد من تذكر موضوع الإمداد؛ حيث لا تكون المشكلة في من يمكن أن يبيع لنا احتياجاتنا، وإنما كيف تصل السلع حين يتعطل المسار المعتاد؟ وهذا الموضوع لا بد أن يوضع في الاعتبار عند التفكير بالاستثمار في مناطق غير مستقرة سياسيًّا.
هناك مشكلة أخرى تدفع دول الخليج دفعًا لتوجيه استثماراتها في بناء أمن غذائي خاص بها تتعلق بموضوع سلامة الأغذية، ومدى مطابقتها للمواصفات والمعايير الصحية؛ حيث يغلب على بعض الدول المصدرة إلى الخليج الرغبة في الكسب الأكبر على حساب الجودة نتيجة الإغراء بالأسعار الرخيصة. وهذا الأمر لا بد أن يلقى عناية كبيرة في المرحلة القادمة، ولكن عبر تعزير المشاريع الداخلية وتمويلها.