حذر مقال في صحيفة "هآرتس" إسرائيل من تفويت فرصة التطبيع مع السعودية لاسيما أنها دولة ذلت ثقل سياسي كبير في المنطقة، لأن ذلك سيعني رفض الخروج من العزلة وتفويت فرصة الدخول إلى المنطقة كشريك وحليف.

وهذا الطرح تباينت بشأنه آراء عدد من المحللين السياسيين السعوديين والإسرائيليين الذين تحدثوا إلى موقع "الحرة"، إذ اعتبر البعض أن إقامة علاقات مع السعودية فرصة كبيرة لإسرائيل لا يمكنها تفويتها، بينما يرى آخرون أنها ليست ذات أهمية كبرى، فيما اتفق الجميع على أن  المملكة لن تتنازل عن شروطها للتطبيع بإنهاء حرب غزة وإقامة دولة فلسطينية.

شروط سعودية

وأوضحت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ومختلف أعضاء حكومته أعربوا عن معارضتهم القوية للمطالب السعودية التي تربط التطبيع بوقف إطلاق النار، والذي سيشمل أيضًا صفقة رهائن، وإدارة غزة بآلية غير عسكرية، والأهم من ذلك، موافقة إسرائيل على إنشاء دولة فلسطينية على حدود عام 1967.

ومع ذلك ترى الصحيفة الإسرائيلية أن النشاط الدبلوماسي المكثف بين واشنطن والرياض، وكذلك تصريحات كبار المسؤولين في الجانبين، تشير إلى أن اتفاق التطبيع الإسرائيلي-السعودي لا يزال قائما رغم حرب غزة وتداعياتها.

ولذلك تعتبر الصحيفة أن الرفض الإسرائيلي لهذا الانفتاح التاريخي من شأنه أن يشكل فرصة أخرى ضائعة للدولة اليهودية لتحقيق السلام مع القوة الرائدة في العالم العربي.

وفي حديثه لموقع "الحرة"، قال المحلل السياسي الإسرائيلي، أمير آرون، إنه "يتفق مع هذا الطرح"، مضيفا أن "عدم تفويت فرصة التطبيع مع دولة بحجم السعودية يبدو منطقيا، لكنه أوضح أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لن تستطيع اتخاذ مثل هذا القرار في الوقت الحالي لأنها تتحرك وفقا للتطورات السياسية وليس ما هو عقلاني".

ويرى أنه "طالما أن الحكومة الحالية يقودها أمثال رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، فإن إسرائيل ليست على استعداد للمناورات السياسية الحكيمة أو لدفع الثمن مقابل الحصول على مثل هذا التطبيع الذي يصب بالطبع في صالحها".

وأشار كاتب المقال إلى أنه لا ينبغي أن تكرر إسرائيل ما حدث خلال السنوات الماضية حين أضاعت الفرص القليلة التي جاءتها للتطبيع مع العرب بشكل عام ومع السعودية بشكل خاص.

فرص ضائعة في السابق

ووفقا للصحيفة، تعود الفرصة الضائعة الأولى مع السعوديين إلى ديسمبر 1977، عندما أرسل ولي العهد الأمير فهد مبعوثاً إلى إسرائيل يحمل رسالة شفهية لوزير الخارجية وقتها، موشيه ديان. ورفض ديان مقابلته دون أن يعرف مضمون الرسالة مسبقا، وعاد حامل الرسالة إلى وطنه.

أما الفرصة الثانية فكانت في أغسطس 1981، عندما اقترحت السعودية مبادرة كانت ستتضمن الاعتراف الضمني بإسرائيل، وهو ما رفضه ديان بازدراء.

والفرصة الثالثة جاءت، في فبراير 2002، حينما تجاهلت إسرائيل ببساطة جهداً سعودياً آخر للتواصل، والذي بذله ولي العهد السعودي الأمير عبد الله، في حين تبنته جامعة الدول العربية. وكانت مبادرة السلام العربية، كما أصبحت معروفة، ذات أهمية خاصة لأنها عكست إجماعاً واسع النطاق على الاعتراف بإسرائيل ضمن حدود عام 1967، وإقامة علاقات دبلوماسية، في مقابل قبول إسرائيل بدولة فلسطينية تكون القدس الشرقية عاصمة لها.

لكن الصحيفة أوضحت أن "إسرائيل اعترضت على شروط هذه الخطة ليس فقط لأسباب سياسية وإيديولوجية، بل وأيضاً بسبب الجهل بأهمية السعودية في العالم العربي والإسلامي، والنظر إلى قيادتها على أنها فاسدة ومتطرفة دينياً".

وهذا الحديث يتفق معه المحلل السعودي، سالم الحامدي، وقال لموقع "الحرة" إن "موقف بلاده من التطبيع مع إسرائيل يظل مرتبطا بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة".

وأضاف أن "الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل لقبول اتفاق سلام مع السعودية، يتضمن الاتفاق إنهاء الحرب في غزة وإحياء حل الدولتين، ومع ذلك، هناك العديد من العقبات أمام هذا الاتفاق، أبرزها أن حكومة نتانياهو اليمينية في إسرائيل تركز على مواصلة القتال ضد حماس وترفض مناقشة إقامة دولة فلسطينية".

وأكد الخبير السعودي أن "المملكة لن تُطبع العلاقات حتى توقف إسرائيل العنف في غزة وتوافق على حل الدولتين"، مشيرا إلى أن هناك ضغوطا داخلية على نتانياهو من قبل كل من الرئيس ووزير الدفاع الإسرائيليين لقبول الاتفاق".

وقال إن "الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل من أجل قبول شروط المملكة للتطبيع لأنها تعتقد أن هذه الخطوة ستكون اختراقًا كبيرًا للسلام في المنطقة، ومع ذلك، فمن غير الواضح ما إذا كانت واشنطن ستتمكن من ممارسة ضغوط كافية لحمل إسرائيل على الموافقة على الاتفاق".

هجوم 7 أكتوبر غير الخطط

وأشار المقال إلى أنه لو تم تقديم مبادرة السلام العربية إلى إسرائيل في مراحل مبكرة من الصراع، لكانت القيادة على الأرجح قد اعتبرتها أساساً مقبولاً للمفاوضات والتوصل إلى اتفاق، لكن عملية التطرف الجارية داخل المجتمع اليهودي في إسرائيل فيما يتعلق بالأراضي المحتلة كانت سبباً في تحفيز الدول لعدم إقامة سلام مع إسرائيل بدون إيجاد حل سياسي للمشكلة الفلسطينية.

ووفقا للمقال، تشير اتفاقيات التطبيع المعروفة باسم الاتفاق الإبراهيمي للعام 2020 مع الإمارات والبحرين والمغرب ظاهريًا إلى عدم ربط حل المشكلة الفلسطينية بمساعي السلام، لكن أحداث 7 أكتوبر وما تلاها دحضت الادعاء بإمكانية تجاهل المشكلة الفلسطينية.

لكن كاتب المقال يرى أن الهجوم القاتل الذي شنته حماس والحرب التي أعقبته أدت إلى خلق فرصة فريدة من نوعها، كما فعلت العديد من الحروب التي كانت بمثابة نقاط تحول. وكان هذا هو الحال مع الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، والتي أدت في نهاية المطاف إلى السلام مع مصر.

وبعد مرور 50 عامًا بالضبط، ترفض إسرائيل الاستفادة من هذه الكارثة لبدء أو قبول خطط لليوم التالي لحرب غزة، بحسب المقال.

لكن الخبير السياسي الإسرائيلي، إيدي كوهين، لا يتفق مع ما جاء في هذا المقال، وقال لموقع "الحرة" "لو أرادت إسرائيل القبول بشروط السعودية للتطبيع كنا قبلنا المبادرة العربية منذ عشرين عاما".

وأضاف أن "أغلبية الشعب تعتقد بأن إقامة سلام مع السعودية له ثمن باهظ وهو تأسيس دولة إرهاب فلسطينية".

ولا يجد كوهين أهمية كبيرة بالنسبة لإسرائيل لتطبيع العلاقات مع السعودية، موضحا أن "إسرائيل موجودة منذ 76 عاما، ولم يكن لدينا علاقات مع السعودية التي تعد دولة غنية لكن ضعيفة".

كما أشار إلى أن "الاتفاق الإبراهيمي لم يشترط علينا تأسيس دولة فلسطينية، لذلك هذا الشرط تعجيزي  ويحمل خسارة لإسرائيل وليس ربحا".

أهمية السعودية بالنسبة لإسرائيل

وتحدث كاتب مقال الرأي بـ"هآرتس" عن أهمية السعودية بالنسبة لإسرائيل، موضحا أن التطبيع مع المملكة في حد ذاته مهم سياسيًا واقتصاديًا، لكن تداعياته الإقليمية والدولية العديدة ستكون أكثر أهمية".

وأشار إلى أنه "سيفتح الباب أمام اعتراف الدول الأخرى في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بإسرائيل، كما سيوجه ضربة للنظام الإيراني، الذي يطمح إلى تقويض التطبيع الإسلامي مع إسرائيل، فضلا عن ترسيخه لعملية اندماج إسرائيل المستمر في الهيكل الأمني ​​الإقليمي والعالمي".

وأوضح المقال أن "من شأن التطبيع مع السعودية أن يزيل أثر بعض العداء على الأقل تجاه إسرائيل في العالم وفي المنطقة من قِبَل أولئك الذين يعارضون سياساتها ولكن ليس وجودها ذاته، وبالتالي وقف انحدارها إلى حالة المنبوذ".

ويرى أن التطبيع مع السعودية من شأنه أن يعزز علاقات إسرائيل الاقتصادية مع الدول الأخرى في المنطقة، مثل الإمارات.

وقال المحلل السياسي السعودي، أمير الراشد، لموقع "الحرة" إن "إسرائيل تعلم أن إقامة علاقات مع الرياض مكسب كبير لها لاسيما في الوقت الحالي، حيث تعيش في عزلة بعد عودة العلاقات ما بين الرياض وطهران والتحولات الداخلية في السعودية".

وأضاف الراشد أن "حكومة نتانياهو غير مستعدة في الوقت الراهن لتقديم هذه التنازلات، وهو ما يتضح من حجم التصعيد ضد الفلسطينيين في رفح والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وتصريحات حكومة نتانياهو بعدم عقد أي اتفاق أو مصالحة مع فلسطين، وهو ما يصطدم مع مبدأ السعودية الذي يشترط حل القضية الفلسطينية من أجل المُضي قدما في التطبيع مع إسرائيل".

وفيما يتعلق بتداعيات رفض إسرائيل لشروط المملكة، قال المحلل السياسي السعودي إن "الرياض ليست في حاجة إلى إقامة علاقات مع إسرائيل إذا لم يقُم الإسرائيليون بتقديم تنازلات للفلسطينيين وإيجاد حل جذري لإقامة دولة فلسطينية"، نافيا أن يكون هناك أي تداعيات على المملكة من عدم إقامة سلام.

وأضاف الراشد أن رغبة واشنطن الشديدة في إنهاء هذا الملف تعود إلى قرب الانتخابات الأميركية، إذ يريد الرئيس جو بايدن، تعزيز فرصه عبر هذه الورقة، وكذلك من باب المنافسة مع الصين بعد نجاحها تطبيع العلاقات ما بين الرياض وطهران، حيث تريد واشنطن أن تطلع بدور أكبر في هذا الملف، لما له من فوائد متعددة، خاصة فيما يتعلق بتخفيف عزلة إسرائيل".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: التطبیع مع السعودیة إقامة دولة فلسطینیة إقامة علاقات فی المنطقة مع إسرائیل علاقات مع سلام مع إلى أن

إقرأ أيضاً:

إشادة فلسطينية برفع العضوية إلى "دولة مراقب" بمنظمة العمل الدولية

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بمشروع القرار الذي اعتمدته بالإجماع لجنة الشؤون العامة خلال الدورة 113 لمؤتمر العمل الدولي على المستوى الوزاري رفيع المستوى في جنيف، برفع عضوية فلسطين من "حركة تحرر وطني" إلى "دولة مراقب" في منظمة العمل الدولية، تمهيدًا لإعلان اعتماده بشكل رسمي يوم الخميس المقبل من قبل مجلس إدارة منظمة العمل الدولية.
وأشادت مواقف الدول التي عبرت عن دعمها الواضح لمشروع القرار.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1600588014572-0'); }); قرار تاريخي

وأشارت خارجية فلسطين إلى أن هذا القرار التاريخي، يمنح فلسطين حقوقًا موسعة بصفتها مراقبًا في منظمة العمل الدولية، إذ يسعى القرار إلى توسيع مشاركة فلسطين في منظمة العمل الدولية برفع مكانتها إلى "دولة مراقبة غير عضو"، بما يتماشى مع مكانتها بالأمم المتحدة، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في مايو 2024.

أخبار متعلقة اليوم.. إعادة فتح معبر العريضة الحدودي بين لبنان وسوريااستشهاد 30 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة

6 شهداء جراء قصف للاحتلال الإسرائيلي جنوبي ووسط قطاع #غزة#اليوم https://t.co/Kq2edRPXBl— صحيفة اليوم (@alyaum) June 3, 2025


كما أكدت أن هذه الخطوة مهمة للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم خاصة في قطاع غزة، وحرب الإبادة المستمرة والممنهجة بالأرض الفلسطينية المحتلة، في تجاهل تام للقانون الدولي، وتجاهل أوامر محكمة العدل الدولية، والفتوى القانونية، وقرارات الجمعية العامة.

مقالات مشابهة

  • خامنئي: التطبيع مع إسرائيل خيانة تاريخية وعار أبدي
  • لماذا انتصرت إسرائيل في لبنان وفشلت في اليمن؟: السعودية تفتح ملفاً مسكوتاً عنه
  • مسؤول سعودي: منع وزير الخارجية من دخول رام لله سيوثر على التطبيع
  • سعر الإقامة المميزة السعودية للأجانب
  • لماذا غضب مغردون من هجوم سفير أميركا لدى إسرائيل على فرنسا؟
  • إشادة فلسطينية برفع العضوية إلى "دولة مراقب" بمنظمة العمل الدولية
  • السفير الأمريكي يهاجم فرنسا : لينشئوا دولة فلسطينية بالريفييرا
  • حماس تدين مقترحا أمريكيا لإقامة دولة فلسطينية على جزء من فرنسا
  • حماس تدين تصريحات هاكابي بشأن إقامة دولة فلسطينية في فرنسا
  • حماس تدين تصريحات هاكابي بشأن إقامة دولة فلسطينية على أراض فرنسية