توحيدة بن الشيخ.. رائدة الطب والإنسانية في تونس والعالم العربي
تاريخ النشر: 14th, December 2025 GMT
برز اسم توحيدة بن الشيخ حضورا لافتا في تاريخ تونس والعالم العربي، بوصفها أول طبيبة تونسية ومغاربية، ومسيرة جمعت بين العمل الطبي والنشاط الاجتماعي، وأسهمت في تعزيز حضور المرأة في المجال الصحي، وارتبطت جهودها بقضايا الصحة العامة والتنظيم العائلي ودعم النساء والفئات الهشة.
اختيرت الطبيبة التونسية توحيدة بن الشيخ بوصفها شخصية رئيسية على الورقة النقدية الجديدة من فئة عشرة دنانير تونسية، التي أصدرها البنك المركزي التونسي في 27 آذار/مارس 2020، تكريما لإسهاماتها البارزة في الطب والصحة العامة.
ويعكس وضع صورتها على العملة تقديرا لدورها الريادي في طب النساء والتوليد والتنظيم العائلي. ولم تكن أول امرأة تظهر على عملة تونسية، إذ سبقتها الفنانة أنيسة لطفي في سبعينيات القرن الماضي.
احتفاء غوغل بإرثها
احتفل غوغل بتوحيدة بن الشيخ عبر رسم خاص “دوودل” في 27 آذار/مارس 2021، تزامنا مع الذكرى السنوية الأولى لإصدار الورقة النقدية التي تحمل صورتها، مشيدا بمسيرتها بوصفها طبيبة وناشطة نسوية تركت أثرا عميقا في المجتمع.
توثيق سينمائي لمسيرتها
شهدت دار الثقافة ابن رشيق في قلب العاصمة التونسية، يوم 5 كانون الأول/ديسمبر 2013، العرض الأول للفيلم الوثائقي “نضال حكيمة”، الذي يروي قصة حياة ونضال توحيدة بن الشيخ، تكريما لمكانتها واعترافا بإسهامها في النهوض بالمرأة التونسية والعربية.
النشأة والتعليم
ولدت توحيدة بن الشيخ في 2 كانون الثاني/يناير 1909 بمنطقة رأس الجبل التابعة لمحافظة بنزرت شمال العاصمة. نشأت في كنف عائلة ميسورة الحال، فوالدتها من عائلة بن عمار، إحدى العائلات التونسية الثرية والمناضلة، وكان خالها الطاهر بن عمار من أبرز الشخصيات في مسيرة استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي، ووقع قرار الاستقلال مع فرنسا في 20 مارس 1920.
بعد وفاة والدها، تكفلت والدتها بتربيتها مع شقيقيها، وحرصت على تعليمهم دون تمييز، وحصلت توحيدة على الشهادة الابتدائية عام 1922، ثم تابعت دراستها الثانوية في معهد “أرمان فاليار” بتونس العاصمة، لتنال شهادة الثانوية العامة عام 1928، وتكون بذلك أول تلميذة تونسية مسلمة تحصل عليها.
الدراسة الجامعية وبداية المسار الطبي
توجهت بعدها إلى فرنسا لمواصلة تعليمها الجامعي في الطب، وبعد ثلاث سنوات من الإقامة بالحي الدولي للطالبات، انتقلت للعيش مع عائلة الطبيب والباحث الفرنسي بورني بمعهد باستور بتونس، ما أتاح لها التعرف على الأوساط الثقافية والعلمية الفرنسية.
تخرجت عام 1936 من كلية الطب في باريس، وناقشت في السنة الموالية رسالة الدكتوراه، ثم عادت إلى تونس حاملة شهادتها، لتصبح أول طبيبة تونسية وأول طبيبة في العالم العربي، وافتتحت عيادتها الخاصة، التي تحولت في تلك الفترة إلى مقصد لضعاف الحال، حيث كانت تكشف عليهم مجانا.
الريادة في طب النساء والتنظيم العائلي
واختصت توحيدة بن الشيخ في طب النساء والتوليد، وكانت من أوائل المساهمات في إطلاق تجربة التنظيم العائلي في تونس، وتولت عديد المناصب الإدارية، فأنشأت عام 1963 قسما مختصا في إجراءات التنظيم العائلي بمستشفى شارل نيكول بالعاصمة.
كما أدارت قسم التوليد وطب الرضيع بالمستشفى نفسه بين عامي 1955 و1964، ثم تولت رئاسة قسم التوليد وطب الرضيع بمستشفى عزيزة عثمانة، وفي عام 1970 أصبحت مديرة الديوان الوطني للتنظيم العائلي.
النشاط الاجتماعي والإنساني
تقاعدت توحيدة بن الشيخ عام 1977 بسبب تقدمها في السن، لكنها واصلت نشاطها الإنساني والاجتماعي، وشاركت في عدد من الجمعيات في تونس وفرنسا، من بينها جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين بفرنسا، ودعيت لإلقاء كلمة في مؤتمر اتحاد النساء الفرنسيات تناولت فيها أوضاع المرأة المسلمة في المستعمرات الفرنسية.
وفي تونس، نشطت في الاتحاد النسائي الإسلامي التونسي، وأسست جمعية الإسعاف الاجتماعي وتولت رئاستها خلال الحرب العالمية الثانية بين عامي 1939 و1945، وكانت هذه الجمعية وراء مشروع إقامة دار الأيتام ودار المرأة عام 1950.
مبادرات رائدة في رعاية الطفولة
أسست عام 1950 جمعية القماطة التونسية للعناية برضع العائلات المعوزة، وتهدف إلى توعية الأمهات وتثقيفهن صحيا، كما شغلت منصب نائب رئيس الهلال الأحمر التونسي، وساهمت في تأسيس لجنة الإسعاف الوطني التونسية، وأصبحت عام 1958 عضوا في عمادة الأطباء التونسيين.
حضور إعلامي وصحفي
إلى جانب عملها الطبي، شاركت توحيدة بن الشيخ في العمل الصحفي، إذ كتبت في مجلة “ليلى” الأسبوعية، أول مجلة نسائية تونسية باللغة الفرنسية، وتولت إدارتها عام 1937، وبرزت كقلم مؤثر من خلال مقالات جذبت العديد من النساء المتعلمات آنذاك، قبل أن تتحول المجلة إلى جريدة.
طبيبة الفقراء
في زمن كان التألق في الميدان الطبي والعمل الجمعياتي صعبا حتى على الرجال، عرفت توحيدة بن الشيخ بعلمها الغزير وإنسانيتها الواسعة، وكانت تعالج الصغار والكبار مجانا في مناطق باب الجديد وباب منارة بالعاصمة، حتى عرفت في الذاكرة الشعبية التونسية بلقب "الطبيبة إلّي داوي بلاش فلوس".
الدفاع عن الحقوق ومقاومة الانتهاكات
انخرطت في لجنة الدفاع عن الحقوق في تونس إلى جانب عدد من المناضلين السياسيين، وناهضت قضايا اجتماعية عدة، من بينها التنظيم العائلي والزواج المبكر.
كما تركت بصمتها في جمعية الإغاثة بعد الحرب العالمية الثانية، وشاركت في مقاومة عملية التمشيط التي نفذها الجنرال “غرباي” في الوطن القبلي خلال خمسينيات القرن الماضي، والتي تعرضت خلالها فتيات لعمليات اغتصاب.
الرحيل والإرث
توفيت توحيدة بن الشيخ في 6 كانون الأول/ديسمبر 2010 عن عمر ناهز 101 سنة، وبرحيلها كانت قد فتحت الطريق أمام المرأة التونسية والعربية لإثبات كفاءتها في مجال الطب والتعليم والعمل الإنساني، ورسخت نموذجا يؤكد قدرة المرأة على الدفاع عن حقوقها وحقوق مجتمعها في بيئات اجتماعية صعبة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية تونس الصحة صحة طب تونس المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی تونس
إقرأ أيضاً:
خطوات وطريقة استخراج القيد العائلي 2025.. دليلك الشامل
يبحث الكثير من المواطنين عن سعر وخطوات استخراج القيد العائلي 2025 حيث يمكن الحصول على القيد سواء المميكن من السجلات المدنية والمراكز النموذجية أو عن طريق بوابة وزارة الداخلية على شبكة الإنترنت من الهاتف المحمول.
وفرت وزارة الداخلية طريقة أون لاين لاستخراج القيد العائلي من خلال بوابة وزارة الداخلية الرسمية، بالإضافة لإمكانية استخراجه من السجل المدني أو الأحوال المدنية والمراكز النموذجية التابعة للأحوال المدنية.
وعن سعر استخراج القيد العائلي 2025 يمكن استخراج القيد من خلال السجل المدني والمراكز النموذجية المختلفة على مستوى الجمهورية مقابل دفع مبلغ 25 جنيها بالإضافة لاستخراج قيد زواج مقابل 40 جنيها، وأيضا استخراج قيد عائلي أون لاين من موقع الوزارة مقابل 65 جنيها سواء للمرة الأولى أو الثانية.
حددت وزارة الداخلية شروطا لـ استخراج القيد العائلي أول مرة، حيث يتوجب التوجه إلى الإدارة العامة للأحوال المدنية في العباسية أو أقرب سجل مدني لطالب الخدمة، والتقدم على شباك استخراج القيد العائلي وطلب الخدمة واستيفاء بعض المستندات الهامة التي يأتي على رأسها بطاقة الرقم القومي التي يستوجب أن تكون سارية وصالحة، ثم يتم شراء نموذج القيد العائلي واستكمال الخطوات.
وتتضمن أوراق استخراج القيد العائلي أول مرة، صورة البطاقة الشخصية وشهادات الميلاد المميكنة وشهادات الوفاة المميكنة وأيضا قسيمة الزواج المميكنة، وذلك لكافة أفراد الأسرة ثم التقدم إلى السجل المدني التابع له المواطن وإحضار صورة بطاقة الرقم القومي الخاصة به ودفع رسوم القيد العائلي على الشباك ثم استلام القيد العائلي بعد ثلاثة أيام.
ومع أوراق استخراج القيد العائلي أول مرة، حددت وزارة الداخلية بعض الشروط لاستخراج قيد عائلي من السجل المدني أو الكترونيا، وهي ضرورة أن يتواجد الشخص بنفسه أو أحد أقارب الدرجة الثانية وطلب خدمة استخراج الرقم القومي، ولابد من توافر قسيمة الزواج المميكنة، وأيضا توافر شهادات الميلاد المميكنة لجميع أفراد الأسرة وشهادة وفاة مميكنة للمتوفين من أفراد الأسرة، وإيضاح الحالة الاجتماعية في بطاقة الرقم القومي.
وأعلنت وزارة الداخلية عن أوراق استخراج القيد العائلي أول مرة والذي لا يمكن استخراجه الكترونيا للمرة الأولى، والمتضمن شهادات ميلاد ووفاة أفراد الأسرة ووثيقة الزواج، كما تم تحديد سعر استخراج قيد عائلي من السجل المدني حيث يتم دفع رسوم 65 جنيها لاستخراج القيد العائلي ثم التعرف على موعد استلام القيد العائلي والحضور لاستلامه.