دخول العائلة المقدسة أرض مصر.. رحلة الهروب من الخوف إلى الأمان
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
تروي الكنيسة القبطية لأبنائها قصصًا وأحداثا شهدتها على مر العصور والتي شكلت وجدانها وجعلتها متفردة عن غيرها من الكنائس الغربية، ووضعتها في المقدمة ومحط أنظار العالم الذي يتطلع لمعرفة كيف بنى الأقباط هذا التراث العريق.
لا تشبه مصر غيرها من البلاد، ولا توجد أرض شهدت مامر على هذا البلد، إنها مستقر التائهين ومرجع الاجئين، ومنبع الأمن الذي أرشد به الله ك من ضاق به الدرب.
«مُبَارَكٌ شَعْبِى مِصْرُ»، بهذه الأيات ذكرت أرض الكنانة فى سفر (أشعياء ١٩ :٢٥)، وغيرها من المواضع التى تناولت بركة ومكانة هذا البلد العظيم الذى يحمل تاريخيًا عريقًا يؤكد الدور المؤثر الذى يلعبه فى احتضان الغرباء ورزع الأمن فى فؤاد الهارعين من بطش الظاغيين.
لجأت العائلة المقدسة إلى أرض مصر عندما ضاقت بها السُبل وهرعت خوفًا من بطش هيروس الملك، الذى أقسم على قتل المسيح، حفاظًا على الهيمنة والحكم فصار يذبح الأطفال الأبرياء، فاعدت العائلة أمتعتها وظلوا فى طريقهم من فلسطين إلى مصر.
وفي كافة المراجع المسيحية التي تحدثت عن رحلة هروب العائلة المقدسة إلى مصر تخص العناية الإلهية التي صحبت العذراء مريم وطفلها المسيح بل بدأت سطور هذه القصة من رؤية يوسف الصديق ملاكًا يرشده، قائلًا: "قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ"، كانت العائلة جالسة فى سكون، ولا تعلم ما يخطط له هيرودس الملك الذي أعد جيشه للبحث عن طفل لا يتجاوز العامين، بسبب ما سمعه من جند المجوس حين جاؤا من المشرق ليخبروا الملك أن هناك طفلًا قد ولد وأنهم اتبعوا حركة النجوم وظهر نجم ساطع، وكان معروفًا حينها أن هناك نبوءة تقول إنه سيولد ملك ويظهر حينها نجم، فجاءوا حتى يبحثوا عن المولود ملك اليهود.
ذهب المجوس للبحث عن الطفل حتى يقدموا الهدايا والتهنئة بينما كان الملك ينتزظر عودتهم حتى يعلم أين مستقر هذا الطفل، وأرشدت العناية الإلهية جند المشرق حتى يرحلوا دون أن يخبروا أحدًا عن مكان الطفل يسوع.
يأس هيرودس من تحديد مكان هذا الطفل فأمر جيشه قتل جميع أطفال بيت لحم، خوفًا منه على عرشه المهزوز وبات يبحث عن خصيمه الطفل الذى سيُسلبه الحكم حتى يتخلص منه.
بينما كان جيش هيرودس في طريقه إلى بيت لحم كان الملاك قد ظهر إلى القديس يوسف حتى يرشده للهروب ومع بزوغ شمس الصباح كانت العذراء تحمل طفلها وتسير راكبه حمارًا ويصحبهم هذا القديس البار نحو الصحراء وقادتهم العناية الإلهية نحو "مصر".
كانت هناك نبوءه سابقة أنه سيكون هناك مذبح للمسيح في أرض مصر، وغيرها من الإرشادات التي جعلت مسيرة هذه العائلة محفوظة بأمر من الله، استمرت العائلة المقدسة تترحل فى 25 محطة حتى موضع استقرارها الأخير «دير المحرق» بجبل قسقام فى أسيوط، المكان الذى مكث فيه المسيح لمدة أكبر من غيرها وشهد معجزات أخبرت العالم عن هذه المنطقة، وأصبح مقصدًا للمسيحيين حول العالم واشتهر بـ«القدس الثانية»، وكثير ما تتناول المصادر التاريخية أن طريق العودة للعائلة المقدسة، حيث سلكوا طريقًا آخر انحرف بهم إلى الجنوب قليلًا حتى جبل أسيوط المعروف بـ"دير درنكة" الشاهد على مباركة المسيح فى آخر محطاته بصعيد مصر وكانت نقطة العودة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الكنائس الغربية التراث العريق العائلة المقدسة هيرودس مصر العائلة المقدسة
إقرأ أيضاً:
في حضرة المكان والزمان… كنت هناك في الديوان الملكي العامر
صراحة نيوز- د. محمد العزة
لم يمضِ شهر او اقل على طلب زيارة الديوان الملكي الهاشمي العامر، كأيّ مواطن أردني من أبناء هذا الوطن العظيم.
تقدّمتُ دون رتبة أو منصب أو صفة رسمية، إلا أنّ لساني كان يلهج بما قاله أبو الطيب المتنبي:
“لا خَيلَ عِندَكَ تُهديها وَلا مالُ
فَليُسعِدِ النُطقُ إِن لَم تُسعِدِ الحالُ
وَاِجزِ الأَميرَ الَّذي نُعماهُ فاجِئَةٌ
بِغَيرِ قَولِ وَنُعمى الناسِ أَقوالُ”
وما هي إلا أيام حتى تلقيت اتصالًا على هاتفي يحمل اسم الديوان الملكي، صوت مهذب ، بكل مودة ، يعرّف بنفسه ويبلغني بأن موعد الزيارة سيكون صباح الخميس، 27/11/2025.
استقبلتُ صباح ذلك اليوم، وأول ما يطالعك عند بوابة الديوان سارية العلم الأردني، تعلو و تزهو به ، هي أمه و هو ابنها ، وتفخر وتلوّح بألوانها كأنها تقول: على الرحب والسعة. حيّيته فحياني.
هناك، يحضرك الأردن…
يحضر الوطن بجنده، حماة سياجه ، و أجهزته الأمنية ، جيشُه العربيّ الذي يستقبلك بقامات مرفوعة ووجوه هادئة، يمنحونك الطمأنينة قبل أن يمنحوك الإذن بالدخول، كأنهم يرددون: ادخلوها آمنين.
هناك، يحضرك الأردن بشعبه…
بموظفيه الذين يبدأون يومهم مبكرين، كلٌّ في موقعه، ينهضون بواجباتهم بجد وانضباط.
وهناك، يحضرك الأردن بمدنه و قراه و بواديه و مخيماته
فهذا المكان بيت الأردنيين جميعًا، عرين الهاشميين، مفتوحٌ للغني والفقير، للصغير والكبير، دون حواجز أو فواصل.
في الديوان الملكي، تحضر الدولة وهيبتها.
تشعر بعمق المأسسة ، بحوكمةٍ رشيدة وآليات عمل دقيقة، بانضباطٍ لا يعرف التأخير، وكفاءةٍ تتوزع بين المركزية حين يجب، واللامركزية حين يلزم.
هي نهج القصر و عقله ، اي مستوى على سلم الرفاه و التقدم ما يتمناه و يريده لشعبه .
في طرقاته، صوت حفيف أشجاره ، يذكّرك بصوت الراحل الحسين الباني، رحمه الله ، وفي تفاصيل مبانيه وما استجد عليها من حداثة وتقنية، يتجلى عهد المعزز عبدالله الثاني ابن الحسين، ورؤيته الإصلاحية التي انعكست في الأوراق النقاشية ومسار التحديث السياسي.
داخل مبنى الضيافة
وكانت رائحة البخور و القهوة العربية الأصيلة كفيلة بأن تدلك على دفء و كرم المكان معًا، تذكّرك بالعنوان الرئيسي بأن الإنسان هو أغلى ما نملك في هذا الوطن.
نودي باسمي، فدخلت.
وإذ بمن يستقبلني هو معالي يوسف العيسوي، رئيس الديوان الملكي كبير موظفيه ، أبا الحسن. يمدّ يده يحتضن يديك ، بوجه يفيض تواضعا ، يجلسك بمحبة و ود ، ويسمع حاجتك بهدوء، دون تكلف.
لا فضّة ولا ذهب تطلب ، لا يمنحك أو يهبك سلطة ولا نفوذ ، هي قضاء حاجات لم تتعدى سقف مطلب لأي أردني ، يكفيك أشارة إلى مرافقه ليسجل الملاحظات بصمت وأمانة.
عشرون دقيقة فقط ، لكنها كانت كافية لاطلع على ما تيسر من نهج إدارة لتترك أثرا عميقا منحتني الفرصة لكي اتذكر و استحضر و اسرد كل تلك التفاصيل حول مؤسسة غنية و ثرية بالكوادر وفق أعلى معايير الخبرة والكفاءة.
للتاريخ وللأمانة…
سيُسجَّل لمعالي أبو الحسن هذا النهج الذي قاد به مؤسسةً من أهم مؤسسات القرار في الدولة ، نهجٌ يقتدى به العمل المؤسسي داخل الدولة ، يجمع بين الحزم و الأبوية، بين المهنية والمؤسسية و الفطرة الأردنية التي تشبهنا و نشبهها نحن أبناء التبر والتراب.
سيُسجَّل له أنه جعل من الديوان حلقة وصل بين الشعب وملكه، القلب النابض الذي يترجم التوجيهات، ويربط عقل الدولة بمفاصلها.
وحين تغادر الديوان، تشعر أنّك لم تكن زائرا، بل كنت أحد أفراد العائلة الأردنية الكبيرة.
تشعر أنك الإنسان الأردني الأغلى لأنه هو من لن يتأخر اذا ما نادى المنادي حي للفداء للذود عن ثرى هذا الحمى الاردني الطاهر بالروح ، لأنه يستحق دائمًا أن يكون اولا.