عربي21:
2025-05-21@16:49:35 GMT

حزب العدالة والتنمية يناقش أسباب هزيمته

تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT

عقد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، يومي السبت والأحد الماضيين، سلسلة من الاجتماعات الاستشارية المغلقة في بلدة قيزيلجا حمام التابعة للعاصمة أنقرة، بهدف مناقشة أسباب الهزيمة التي مني بها في الانتخابات المحلية الأخيرة، والبحث عن سبل معالجتها. ويتفق الجميع أن حزب العدالة والتنمية بحاجة إلى تغيير ليحل مشاكله، ويتعافى من الأمراض التي أصابته وتسببت في تراجعه إلى المرتبة الثانية في عموم البلاد؛ لأول مرة منذ أول انتخابات خاضها في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2002.



حزب العدالة والتنمية يسعى إلى تحديد مكامن الخلل في سياساته وأدائه لإصلاحها، كما ذكر رئيسه، رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، في أول تعليق له على نتائج الانتخابات، أنهم سيحللون تلك النتائج، وسيقومون بنقد الذات والمراجعة المطلوبة لمعرفة أسباب تراجع شعبية الحزب، وتصحيح الأخطاء، واستعادة ثقة الناخبين. إلا أن ذلك ليست بمهمة هينة في الظروف الراهنة.

الوضع الاقتصادي هو العامل الأهم الذي دفع نسبة من الناخبين إلى عدم التصويت لصالح مرشحي حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية قبل حوالي شهرين. وبلغت نسبة التضخم في البلاد 75.45 في المئة، وفقا للأرقام الأخيرة المعلنة.

المشكلة في الاقتصاد التركي ليست فقط في نسبة التضخم، بل الأهم من ذلك اتساع الشرخ بين رواتب المتقاعدين والعاملين في القطاع الخاص من أصحاب الحد الأدنى للأجور؛ وبين رواتب الموظفين والعاملين في القطاع الحكومي، واختل التوازن بين دخل الفئات المختلفة
ويقول وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، إن نسبة التضخم ستتراجع بعد الآن، كما يتوقع رئيس البنك المركزي فاتح قاراحان، أن تتراجع هذه النسبة في نهاية العام إلى 38 في المئة. ومن المعروف أن نسبة التضخم قد ترتفع بسرعة، ولكن تراجعها يأخذ وقتا طويلا، ويحتاج إلى سياسة التقشف التي يدفع ثمنها غالبا أصحاب الدخل المحدود.

المشكلة في الاقتصاد التركي ليست فقط في نسبة التضخم، بل الأهم من ذلك اتساع الشرخ بين رواتب المتقاعدين والعاملين في القطاع الخاص من أصحاب الحد الأدنى للأجور؛ وبين رواتب الموظفين والعاملين في القطاع الحكومي، واختل التوازن بين دخل الفئات المختلفة. ولم تتمكن الحكومة من رفع رواتب المتقاعدين، لأن الميزانية لا تسمح لها بذلك، بسبب تضاعف عدد المتقاعدين بعد إلغاء شرط سن التقاعد قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة التي أجريت العام الماضي، وحصول أكثر من مليوني مواطن على حق التقاعد. وتشير المعايير العالمية لنظام الضمان الاجتماعي إلى أنه يجب أن يكون هناك 4 عاملين في مقابل كل متقاعد، إلا أن هذه المعادلة الآن في تركيا هي 1,5 عامل في مقابل كل متقاعد، ما يعني أن رواتب المتقاعدين تشكل عبئا كبيرا على الخزانة والاقتصاد، وليس من السهل رفعها.

الحكومة تعلن بين الفينة والأخرى تسهيلات للمتقاعدين لجبر خواطرهم، كالتخفيضات لهم في تذاكر المواصلات العامة، إلا أن ما يطلبه المتقاعدون هو رفع رواتبهم، علما بأن رفع الرواتب وحده لا يكفي، بل ولا بد من منع أصحاب المحلات والمتاجر من رفع الأسعار تلقائيا بعد رفع الرواتب. كما أن هناك آخرين من شرائح المجتمع تضرروا من السياسة الاقتصادية الخاطئة، مثل الانحياز للمستأجرين على حساب أصحاب البيوت، وقرار عدم السماح برفع الإيجارات بأكثر من 25 في المئة، في الوقت الذي قاربت فيه نسبة التضخم 100 في المئة، ورفع أصحاب المحلات والمتاجر الأسعار كما شاؤوا، علما بأن هناك مئات الآلاف من المواطنين يفضلون شراء العقارات وتأجيرها، بدلا من إيداع أموالهم في البنوك الربوية، بالإضافة إلى الآخرين الذين ورثوا تلك البيوت التي يؤجرونها من آبائهم وأمهاتهم، إلا أن وسائل الإعلام المقربة من الحكومة استهدفتهم وكأنهم مجرمون جشعون. ومن المقرر أن ينتهي مفعول هذا القرار في 1 تموز/ يوليو القادم، إن لم يتم تمديده، كما أن الحكومة يجب أن لا تكرر اتخاذ مثل هذه القرارات غير العادلة ولو بحجة حماية شريحة من شرائح المجتمع. وليس صحيحا إصلاح جانب مع إفساد آخر، أو اتخاذ قرارات تثقل كاهل المواطنين العاديين من ذوي الدخل المحدود بدلا من أصحاب الشركات التي ارتفعت أرباحها أضعافا مضاعفة.

الابتعاد عن نبض الشارع انتقاد آخر يوجّه إلى حزب العدالة والتنمية، وهو أيضا مثل الوضع الاقتصادي مشكلة يصعب حلها؛ لأن السبب الرئيسي الذي أدَّى إلى عدم شعور كوادر الحزب بهموم المواطنين هو بقاء الحزب في السلطة منذ أول انتخابات خاضها
الابتعاد عن نبض الشارع انتقاد آخر يوجّه إلى حزب العدالة والتنمية، وهو أيضا مثل الوضع الاقتصادي مشكلة يصعب حلها؛ لأن السبب الرئيسي الذي أدَّى إلى عدم شعور كوادر الحزب بهموم المواطنين هو بقاء الحزب في السلطة منذ أول انتخابات خاضها، ولم يبق في أسر هؤلاء وأقاربهم أحد عاطل عن العمل أو من يتقاضى الحد الأدنى للأجور. وإن حاول هؤلاء أن يستمعوا إلى مشاكل المواطنين اليومية فهذه المحاولة غالبا ما تبقى مجرد استماع دون مشاطرة الهموم والشعور، بل وربما يرى بعضهم أن ذلك لطف يتكرمون به دون أن يكون واجبا عليهم. ومن المؤكد أن هذا مرض قاتل يصيب كافة الأحزاب الحاكمة التي تبقى في السلطة لمدة طويلة.

الاجتماعات الاستشارية التي عقدت في قيزيلجا حمام تحت عنوان "العقل المشترك لتركيا"، شارك فيها قادة حزب العدالة والتنمية ونوابه وكوادره، بمن فيهم المسؤولون عن أخطائه وتراجع شعبيته، الأمر الذي يشير إلى أن أردوغان سيفضل عملية تغيير بطيئة، لحماية وحدة الحزب، دون أن يحمل أحدا بعينه مسؤولية الهزيمة. إلا أن هذا الخيار له سلبيات ومخاطر، على رأسها أن لا يشعر الناخبون بأن هناك تغييرا جذريا في حزب العدالة والتنمية وسياساته.

x.com/ismail_yasa

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العدالة والتنمية تركيا أردوغان الاقتصادي تركيا أردوغان العدالة والتنمية الاقتصاد مراجعات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العدالة والتنمیة والعاملین فی القطاع رواتب المتقاعدین نسبة التضخم بین رواتب فی المئة إلا أن

إقرأ أيضاً:

رواتب موظفي كوردستان بين جوع الناس وتخمة السياسة

بقلم: هادي جلو مرعي ..

تحتل قضية رواتب موظفي إقليم كردستان أولوية في الحوارات التي إعتدنا الحديث عنها طوال سنوات مرت بين بغداد وأربيل، وفي حين ينتظر الموظفون أن يتسلموا رواتبهم لأشهر، فإن قضايا تخرج الى العلن تجعل هذا الملف هامشيا على مستوى التطبيق، وإنصاف شريحة الموظفين، وأساسيا على مستوى التاثير السياسي والإعلامي، لأن الموظفين حين تتأخر رواتبهم فإنهم يلجأون الى طرح الأسئلة عن السبب الحقيقي في ذلك، والمسؤولية، وحجمها تلك التي تقع على عاتق بغداد وأربيل، وإذا كانت حكومة الإقليم ساهمت بشكل إيجابي في تحديد ملامح مرحلة من التهدئة، ودعم تشكيل الحكومة الحالية، وتؤكد إنها سلمت بغداد قوائم الموظفين، والإيرادات النفطية، وإن محكمة رسمية أقرت بقانونية تصدير النفط من الإقليم، فلابد من حسم هذا الملف، والتخلص من تبعاته السلبية، وعدم السماح للأمور بأن تخرج عن السيطرة، وتؤدي الى صدام إعلامي خاصة إن السنتين المنصرمتين كانتا شهدتا تنسيقا عاليا بين حكومة السيد السوداني وحكومة الإقليم في ملفات عدة، وكلاهما في طريق صحيح لتنفيذ برنامج واعد في مجالات الخدمات والبنية التحتية، وحازتا ثقة العالم، ووجدنا إهتماما متزايدا من حكومات ومنظمات وشركات كبرى في البحث عن مشاريع وإستثمارات، بينما تتواصل الوفود من مختلف البلدان مع بغداد وأربيل، وشهدنا بغداد التي تأخرت عن أربيل في التنمية تخطو خطوات مهمة نحو ذلك وفي قطاعات عدة.
الناس في الإقليم لايكترثون للخلافات، فأغلبهم موظفون عاديون، ولديهم حاجات متزايدة لايستطيعون تلبيتها بسبب عدم إستلامهم تلك الرواتب منذ أشهر، وصاروا يلجأون الى الإقتراض، وبيع ممتلكاتهم، والتخلي عن أحلامهم، وهي قصة مضى عليها سنوات عدة، ويجب تحديد الأولويات لحلها، فهي ليست قضية سياسية وفنية، ولكنها تمتد الى أن تكون قضية أخلاقية مرتبطة بحياة قطاعات شعبية عدة تواجه قسوة الحياة دون أدوات الإستمرار فيها، ومايهمنا هنا ليس تحديد المسؤول عن التقصير، وتحميله المسؤولية، واللجوء الى المواجهة التي لن يستفيد منها الموظفون، ولن تصلهم رواتبهم حتما حيث ستتحول الى تصريحات وإفتراضات وتأويلات وأحاديث عابرة لن تشبع جائعا، أو تكسو عريانا ، وهنا تتركز مسؤولية الفاعل السياسي ليتشكل لديه وعي كامل بطبيعة المشكلة التي تجاوزت قضية الخلاف على المناطق المتنازع عليها، أو المنافذ الحدودية الى وجود وكرامة عامة المواطنين الذين يعانون ولايجدون سبيلا لوقف تلك المعاناة، فبين جوع الناس، وتخمة السياسة تضيع أحلام، وتغيب حقائق، وتموت أمنيات وتجف معالم الأمل وتذوي، وخشية من عودة المركزية في الحكم، أو تطبيقها بالفعل دون إعلانها حيث يتجسد التناقض بين الفدرالية على مستوى الدستور والمركزية على مستوى الحكم والتطبيق، والأكيد أن حكومة السيد السوداني حريصة على توفير أجواء من الهدوء في العلاقة مع حكومة الإقليم مايستدعي وضع حد لمعاناة المواطنين هناك، والوضوح في بيان أسباب هذه المشكلة التي لاتضر بالفاعل السياسي بقدر إضرارها بالمواطن العادي الذي هو الموظف الذي لايحصل على مرتبه الشهري ماينعكس على حركة السوق الذي يصاب بالركود، ولاتعود الحركة التجارية ممكنة، وتتوقف عملية البيع والشراء، والرغبة في إقتناء الأشياء، والحاجات ما قل ثمنها، أو إرتفع طالما إن الأموال غير متوفرة..

هادي جلومرعي

مقالات مشابهة

  • المالية العراقية تطلق تمويلات رواتب الشهر الجاري
  • الدبيبة يناقش مع شباب مصراتة ملف المغيبين ويؤكد: لا تهاون في كشف الحقائق وتحقيق العدالة
  • قطع رواتب الأسرى الفلسطينيين!.. دعوة لإعادة النظر..
  • المرشح اليميني المتشدد جورج سيميون يطالب بألغاء نتائج الانتخابات في رومانيا بعد هزيمته
  • رواتب موظفي كوردستان بين جوع الناس وتخمة السياسة
  • العدالة والتنمية يحذر من فساد الدعم وغياب العدالة في تدبير الفلاحة
  • مستشار أردوغان السابق: من الصعب حصول الحزب الحاكم على 50%
  • تركيا.. العدالة والتنمية يعاود تصدر استطلاعات الرأي
  • البنك المركزي المصري يناقش أسعار الفائدة الخميس المقبل
  • "كان" الشباب: المنتخب المغربي يفشل في تحقيق اللقب بعد هزيمته أمام جنوب إفريقيا