عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي: خرجت فيما يبدو التصريحات الإيرانيّة عن سِياقها المُتأنّي في الأيّام الماضية، وذلك على خلفيّة تصريحات وزير النفط الكويتي سعد البراك، الذي أكّد بأن بلاده ستبدأ التنقيب والإنتاج في حقل الدرة الغازي، دون العودة لإيران أو ترسيم الحُدود معها بالأحرى، إضافة إلى تصريحات كويتيّة- سعوديّة، قالت بأن حقل الدرة واستغلاله “حق حصري” للبلدين، مع تجديد الدعوة لطهران بقبول ترسيم الحُدود.

الأربعاء، احتوت تصريحات وزير النفط الإيراني جواد أوجي، على تصريحات أكثر صرامة، ووضوحاً حول الموقف الإيراني من الحقل المُتنازع عليه مع الكويت والسعوديّة، وقال أوجي إن بلاده لن تتنازل قيد أنملة عن حقّها في الاستخراج من حقل آرش (الدرة) المُتنازع عليه مع الكويت والسعوديّة. هذا الوضوح الإيراني بعدم التنازل “قيد أنملة”، رافقه تجديد دعوة للحوار من الجانب الإيراني للطرفين الكويتي والسعودي، حيث قال وزير النفط الإيراني على هامش الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإيرانيّة أن إيران لديها عدّة حقول غازيّة ونفطيّة مُشتركة مع دول الجوار، مُؤكّدًا أنها تُجري عمليّة الاستخراج من هذه الحُقول بتفاهم. لم يخرج عن السلطات الكويتيّة ما يُوحي حتى الآن بأنها تُريد الاعتراف بالحق الإيراني بالحقل الغازي المذكور، ما قبل ترسيم الحدود ومن خلفها السعوديّة كذلك، ولافت بأن كل من السعوديّة، والكويت يتعاملان مع الحقل بأنه مُلكيّة مُشتركة “بينهما فقط”، وأنك كلاهما طرف أمام الطرف الإيراني، مع التمسّك بالحق في ملكيّة حقل الدرة بكامله. الموقف السعودي- الكويتي هذا، يُظهر تماسك البلدين، ولكنّه يطرح تساؤلات أيضاً حول المدى الذي سيذهب إليه البلدان في الدفاع عن حقوقهما بالحقل الغازي أمام الإصرار الإيراني على حقّه فيه، حيث صدر بيان سعودي- كويتي مُشترك مساء الأربعاء، أعلنت فيه السعوديّة والكويت “التمسّك بالحق في ملكيّة حقل الدرة بكامله” المُتنازع بشأنه مع طهران، داعيتين “إيران إلى التفاوض حول الحد الشرقي من المنطقة المغمورة بينهم”. لا ترغب الكويت ومن خلفها السعوديّة الاعتراف بالحق الإيراني كما ترى وجهة النظر الإيرانيّة بالحقل المُتنازع عليه، أو الرغبة وفق توصيفات طهران في الاستخدام المُشترك، وحول هذا قال: إذا لم تكن هناك رغبة في استخدامه المشترك، فمن الطبيعي أن الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ستقوم بتأمين حُقوقها، ومصالحها، والاستخراج، والتنقيب من هذه الموارد”. ولا تشرح إيران كيفيّة تأمين حقوقها، ومصالحها، لكن المتحدث باسم الخارجية الإيرانيّة ناصر كنعاني أكّد بأن بلاده لن تتحمّل أي تضييع لحقوق الشعب الإيراني، والحكومة مُلزمة بالدفاع عن مصالحه”، معرباً عن أمله في أن يتم حلّ الخلافات مع الكويت بشأن حقل آرش عبر الحوار وحسن الجوار، ما يطرح تساؤلات حول لجوء إيران للخيار العسكري فهي بحسب مُتحدثها “لن تتحمّل أي تضييعٍ لحقوق الشعب الإيراني، ومُلزمة بالدفاع عن مصالحه. ومن غير المعلوم تماماً، لماذا لجأت الكويت إلى التصريح العلني إعلاميّاً، والإعلان عن التنقيب والإنتاج في الحقل المذكور دون انتظار ترسيم الحدود مع إيران، فالبعض وجد بأنها وصلت لطريق مسدود حول ترسيم الحدود مع إيران، فيما وجد آخرون بأن الأزمات حينما يتناولها الإعلام، واستفزازات بعضه، قد يأخدها إلى مواضع أكثر صداماً، واشتعالاً. وبحسب تقارير محليّة، اقترح الجانب الكويتي فعلاً بأن يجري مُتابعة الأزمة خارج “الفضاء الإعلامي”، فيما وجد الجانب الإيراني بأن طرح مثل هذه القضايا لن يخدمها. ونظرًا للبيانات الإعلاميّة الصادرة عن الكويت والسعوديّة، لا يبدو أن سياقات حل الأزمة آخذة بالابتعاد عن “الفضاء الإعلامي” حيث جدل لا مُنتهي يُرافق الأزمة أيضاً على منصّات التواصل الاجتماعي. وكانت ذكرت مجلة “إيكونومست” أن العلاقات المحسنة بين إيران من جانب، والكويت والسعوديّة من جانب (المُصالحة السعوديّة- الإيرانيّة برعاية صينيّة)، يُمكن أن تُعيد إحياء جهود إجراء مُحادثات مُشتركة حول القضايا الحدوديّة، ولكن هذه الأزمة حول الحقل المُتنازع عليه يبدو أنها ستكون سبباً في تضرّر العلاقات الخليجيّة- الإيرانيّة من جديد، حال تصاعدها، وإصرار أطرافها على عدم التفاوض، مع استفادة الطرف الثالث ألا وهي الولايات المتحدة التي تنظر للتقارب الخليجي والسعودي الإيراني على أنه بمثابة خطر يُهدّد مصالحها. تجدر الإشارة إلى أن حقل الدرة أو آرش وفق التسمية الإيرانيّة اكتُشف في عام 1967 في مياه الخليج، ومن المُتوقّع أن يُنتج نحو مليار قدم مكعّب من الغاز يوميّاً. وكانت وقّعت كُل من الرياض والكويت وثيقة لتطوير حقل الدرة في مارس/آذار 2022، ما دفع بطهران إلى القول إن الوثيقة “غير قانونيّة” لأنها جزء من هذا المشروع ويجب إشراكها في خطط تشغيله وتطويره. وتناولت الصحافة الكويتيّة من جهتها الأزمة مع إيران، واختلفت الآراء فيها حول طريقة التعامل، وتحمّل التبعات، فالبعض وجد أن على حكومة بلادهم اللجوء إلى القوانين الدوليّة، والتحكيم لضمان حق الكويت في ثرواتها الطبيعيّة، لكن في المُقابل خرجت أصوات دعت لضرورة أخذ الحق بالقوّة، وعدم انتظار الفرج الإيراني حسب توصيفهم. وبالتزامن اللافت مع أزمة الحقل، نشرت وكالة الأنباء الكويتيّة “كونا” خبرًا مفاده يقول بأن وزير الدفاع الكويتي الجديد الشيخ أحمد فهد الأحمد الصباح، تلقّى اتصالًا هاتفيًّا الأربعاء، من وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، تم خلاله تبادل وجهات النظر حول العديد من القضايا والموضوعات محل اهتمام الجانبين، والمستجدّات الراهنة على الساحتين الإقليميّة والدوليّة. ولم تخض الوكالة الكويتيّة في تفصيل المُستجدّات الراهنة التي جرى تناولها بين وزيري دفاع البلدين، لكن أشارت الوكالة إلى عبارة وزير الدفاع الكويتي التي استذكر فيها لنظيره الأمريكي “الدور الكبير والمحوري للولايات المتحدة الأمريكيّة الصديقة في دعم الموقف الكويتي ومُناصرة قضاياه العادلة”، وذلك من خلال المُشاركة الرئيسيّة والفعّالة لقوّاتها المسلحة في “حرب تحرير” دولة الكويت، والتي تأتي تأكيدًا على عُمُق ورسوخ العلاقات التي تجمع بين البلدين الصديقين. أما إيران فأطلقت مُناورات اقتدار القوة البحرية للحرس الثوري الإيراني، صباح أمس الأربعاء، للدفاع كما قالت عن الجزر الإيرانيّة في الخليج، الأمر الذي دفع نخب خليجيّة منهم الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله للقول بأن هذه المُناورات استفزاز “يُهدّد أمن واستقرار الخليج والعالم”، ويجب عرضه على مجلس الأمن. وفي ظِل مخاوف التصعيد، والآمال بالوصول لحلول سريعة حول الحقل المُتنازع عليه، ونزع فتيل التوتّر من أساسه، وسط تصريحات حادّة مُتبادلة، يُعوّل البعض على ما أعلنته الكويت الخميس بأن وزير خارجيّتها الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح تلقّى دعوة من نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان لزيارة طهران، حيث يُؤمل أن تكون تلك الدعوة بداية تلاقي وجهات النظر المُختلفة، وطريق الحل السّلمي، وفي غير ذلك قد تكون عواقب وخيمة.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: ة الإیرانی ة حقل الدرة الکویتی ة السعودی ة

إقرأ أيضاً:

البرهان يتخذ خطوة.. وينجح في نزع فتيل الأزمة بين رئيس الوزراء وحركات “سلام جوبا”

بورتسودان – متابعات تاق برس- عقد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، خلال الساعات الماضية اجتماعا خاصا مع عدد من قادة حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق “سلام جوبا” وعلى رأسهم رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم.

 

وتعهد البرهان خلال اللقاء بترتيب اجتماع مباشر مع رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس؛ بهدف تقريب وجهات النظر ونزع فتيل التوتر بين الحانبين.

 

لاسيما أن اجتماعا سابقا والذي دعا إليه رئيس الوزراء بمشاركة عدد من قادة الحركات وبعض القوى السياسية قد شهد غيابًا لافتًا لرئيس العدل والمساواة، بينما انسحب رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي من الاجتماع احتجاجًا على ما وصفه بتهميش مسار دارفور.

 

وبحسب المصادر فإن خطوة البرهان نجحت في تجسير هوة الخلاف المتصاعد بين رئيس الوزراء كامل إدريس وحركات “سلام جوبا” واصفة تدخل البرهان بأنه أفلح في انتزاع فتيل الأزمة التي باتت تهدد التوافق السياسي القائم بالبلاد.

 

وكانت أخبار سابقة على مواقع التواصل الاجتماعي قد رشحت عن توجه حركات سلام جوبا إلى تعليق مشاركتها في الحكومة المقبلة التي يزمع رئيس الوزراء كامل إدريس تشكيلها.

ومنح اتفاق “سلام جوبا” قادة الحركات المسلحة نسبة 25% من الحكومة التنفيذية، علاوة على تمثيل في مجلس السيادة، وحصص في حكومات الولايات، إضافة إلى منصب حاكم إقليم دارفور.

جبريل إبراهيمد. كامل إدريسعبد الفتاح البرهان

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. الإعلامي محمد محمود “حسكا” وزوجته المذيعة “سماح” يخطفان الأضواء بإطلالة ملفتة مع طفلتهم الصغيرة
  • مسؤولون “إسرائيليون”: إيران خرجت من الحرب أقوى
  • الزميل الإعلامي إياد العدوان ينضم إلى أسرة “صراحة نيوز”
  • العراق ينضم إلى “طريق الحرير النظيف” لمكافحة الفساد
  • ماذا حدث بعد دقائق من قصف قاعدة العديد ؟.. مراسل “أكسيوس” يكشف كواليس إعلان ترامب المفاجئ
  • الأوجلي محذرًا: طرابلس تعيش سيناريو “فجر ليبيا” من جديد
  • البرهان يتخذ خطوة.. وينجح في نزع فتيل الأزمة بين رئيس الوزراء وحركات “سلام جوبا”
  • الرئيس عون اتصل بسلام... ماذا دار بينهما؟
  • الهلال.. “الخلطة المكسيكية” ترسم طريق الكرة السعودية نحو العالمية
  • “إعلان إسطنبول”.. دعم إيران وغزة وسوريا ضد عدوان إسرائيل