بدأت الجلسة العامة لمجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، ومن المقرر مناقشة ملف الذكاء الاصطناعى، حيث يناقش تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشباب والرياضة ومكاتب لجان التعليم والبحـث العلمى والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الطاقة والبيئة والقوى العاملة، الصناعة والتجارة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر عن موضوع " الشباب والذكاء الاصطناعى - الفرص والتحديات".

وأشار التقرير، إلى أنه فى ظل ما يشهده العالم من تحولات عدة فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، والتى ألقت بظلالها على مختلف الدول، برزت مصطلحات التحول الرقمى والذكاء الاصطناعى كجزء رئيس من هذه التحولات، فلم يعد التحول الرقمى رفاهية يمكن الاستغناء عنها فى الوقت الحالى، خاصة بالنسبة للمؤسسات والهيئات التى تتعامل مباشرة مع الجمهور، والتى تسعى إلى التطوير وتحسين خدماتها، وتسهيل وصولها للمواطنين، ويتجاوز مفهوم التحول الرقمى استخدام التطبيقات التكنولوجية ليصبح منهجا وأسلوب عمل يجمع المؤسسات الحكومية، ليصبح تقديم الخدمات أسهل وأسرع، ليعزز من أدائه ما يشهده مجال الذكاء الاصطناعى من تطورات عدة ستأتى بعالم مختلف فى أسواقه، وفى مدارسه ومناهج تعليمة، وعلاقات الأفراد الذين يعيشون فيه.

وتابعت اللجنة فى تقريرها: "إذا أردنا مقارنة شبيهة بما سيحدث، يمكننا أن نعود بالذاكرة إلى ما قبل خمسين عامًا أى عام 1973، ونقارن وضع العالم والحياة يومئذ بنظيره فى 2023، هكذا ستكون المقارنة بين يومنا واليوم التالى لهيمنة الذكاء الاصطناعى، إذ من المنتظر أن يؤدى هذا التحول إلى خروج مجموعة من البشر من دائرة النشاط الاقتصادى، كما سيغير بعمق فى العلاقات الاجتماعية وفى منظومات القيم الحاكمة، وسيكون هناك تحول فى المفاهيم والثقافة وسبل العيش وليس فقط فى التطبيقات، وهو ما يدعونا إلى القول أن صياغة العهد الجديد أو الواقع الجديد ليس فقط مهمة المهندسين والمبرمجين ورجال الأعمال والمستثمرين وحدهم وإنما هى مهمة المفكرين والمثقفين والسياسيين أيضًا".

وذكر التقرير، أن مصر اتخذت عديد من الإجراءات وبذلت كثير الجهود فى سبيل مواكبة هذه التطورات إدراكا منها بتأثير هذا الأمر على مستقبل عملية توظيف الشباب فى القطاعات المختلفة، إذ أنه من المؤكد أن هذا التحول التكنولوجى سيُحدث طفرة كبيرة فى مستقبل الوظائف وهو ما يحتاج بدوره إلى العمل على تأهيل الكوادر الشابة القادرة على مواكبة التحول التكنولوجى وعملية الأتمتة، مؤكدة أن هذه الجهود ما زالت تحتاج إلى مزيد من الآليات لتعزيزها.

وطرحت التقرير حزمة مجمعة من التوصيات فى شأن الاستفادة من تطورات الذكاء الاصطناعى متها تهيئة البيئة الداعمة لدخول عصر الذكاء الاصطناعى سواء من خلال العمل على تحفيز القطاع الخاص للاستثمار فى مجال الذكاء الاصطناعى واستقطاب استثماراته، أو من خلال إعداد الكفاءات من الشباب للانخراط فى هذا المجال عبر استحداث البرامج الأكاديمية والتدريبية فى مجالات الصناعات المتقدمة وكذلك عبر الابتعاث إلى الجامعات المتميزة فى العالم فى هذا المجال.

كما اوصت بالاستفادة من التحديات التى لا تزال تواجه تطورات الذكاء الاصطناعي بما يعطى الدولة فرصة لإعداد البنية الأساسية والمتطلبات الرئيسة لدخول عصر الذكاء الاصطناعى، حيث تواجه تطبيقات الذكاء الاصطناعى بعض التحديات فى كثير المجالات، منها على سبيل المثال فى مجال الرعاية الصحية، إذ تتطلب الرعاية الصحية معايير صارمة قائمة على الأدلة لضمان سلامة المرضى، كما أن البيانات الصحية المجزأة واللوائح الصارمة المحيطة باستخدامها تعيق التدريب والابتكار فى هذا المجال، فضلا عن بعض التحديات التنظيمية حيث تفتقر حوكمة الذكاء الاصطناعى فى مجال الصحة إلى السرعة والخبرة مما قد يؤدى إلى تأخيرات فى الموافقة على أدوات الذكاء الاصطناعى الجديدة وفى السياق ذاته أشار تقرير مؤشر الذكاء الاصطناعى لعام 2024 إلى أنه رغم تحقيق الذكاء الاصطناعى إنجازات رائعة فى مهام عدة، إلا أنه لا يزال متخلفا عن البشر فى مجالات أكثر تعقيدًا مثل الرياضيات على مستوى المنافسة والتفكير المنطقي.

واوصت أيضا النظر فى توفير احتياجات الدولة من الطاقة لدخول عصر الذكاء الاصطناعى، إذ من التقديرات العالمية بأن الطاقة الحاسوبية اللازمة لدعم صعود الذكاء الاصطناعى وتشغيل مهامه وفقًا لتقديرات المنتدى الاقتصادى العالمى تتسارع بمعدل نمو سنوى يتراوح ما بين 26-36%، وهو ما يستوجب أن يكون لدينا رؤية دقيقة لملف إدارة الطلب على الطاقة فى مجال الذكاء الاصطناعى.

كما أوصت بإعداد استراتيجيات دقيقة وتفصيلية لجميع جوانب المخاطر الناجمة عن استخدامات الذكاء الاصطناعى، إذ تشير عديد الدراسات فى مختلف المجالات إلى وجود تهديدات ومخاطر لاستخدامات الذكاء الاصطناعى من بينها على سبيل المثال استخدام الذكاء الاصطناعى التوليدى للتلاعب فى السجلات التاريخية، بما يستوجب اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المحتوى التاريخى عبر استخدام مختلف الوسائل الحديثة مثل وضع علامات مائية على المحتوى التاريخى لجعل عمليات التزوير قابلة للاكتشاف على الفور، هذا إلى جانب أهمية تعاون الحكومات وشركات التكنولوجيا لإنشاء نسخ ثابتة من السجلات والوثائق لخداع التاريخية.

كما نوهت الدراسة إلى تصاعد مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعى فى عمليات الاحتيال والسرقة من خلال الهجمات الإلكترونية بالوصول إلى بيانات الأفراد، فضلا عن استخدام الذكاء الاصطناعى فى عمليات التزييف العميق أنظمة المصادقة الصوتية المستخدمة فى بعض شركات الخدمات المالية، وهو ما يتطلب البحث عن حلول جديدة وفعالة لمواجهة هذا الخطر وحماية البيانات الشخصية والمالية للأفراد باستخدام الذكاء الاصطناعى أيضا، وهذا ما قامت به على سبيل المثال شركة "ماستر كارد حيث طورت برنامج الذكاء الاصطناعى الخاص بها لتحليل المعاملات والتنبؤ بما إذا كانت حقيقية أم احتيالية.

ومن المخاطر التى رصدتها الدراسة أيضا استخدام الذكاء الاصطناعى فى نشر الأكاذيب والمعلومات المضللة وخطابات العنف والكراهية عبر منصات التواصل الاجتماعى وتأثير ذلك على الأمن القومى، حيث كشفت عديد الدراسات عن نشر معلومات كاذبة وخاطئة عن طريق روبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعى بما يستوجب وضع رؤى لمواجهة هذا الخطر واكتشاف أنماط الأنشطة المشبوهة واستهداف الجهات الفاعلة بدلا من استهداف محتوى محدد.

وأوصت اللجنة بوضع إطار قانونى لاستخدامات الذكاء الاصطناعى على غرار المبادرات التى تطرحها الدول المتقدمة فى هذا المجال، إذ تتسارع الجهود الدولية لوضع تشريعات منظمة لاستخدامات الذكاء الاصطناعى تستهدف حماية الأفراد من أخطار الذكاء الاصطناعى وضمان سلامتهم وحفظ خصوصيتهم، كما تستهدف أيضا حماية المجتمعات واستقرارها وسلامتها، وهذا ما أشار إليه بشكل وأضح المفوض السامى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة "فولكر تورك" بقوله:"شركات التكنولوجيا ملزمة بالمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان التى تلزم الشركات باحترام حقوق الإنسان ومنع الانتهاكات".

كما اوصت اللجنة فى تقريرها عن الدراسة بتبنى رؤية دولية بشأن إنشاء منظمة عالمية لمراقبة الذكاء الاصطناعى تحت مسمى "الوكالة الدولية للذكاء الاصطناعى"، وذلك على غرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ تستهدف هذه المنظمة تنسيق الجهود الدولية من أجل توحيد المبادئ الأخلاقية والمعايير الفنية لاستخدامات الذكاء الاصطناعى بشكل أممى يحد من تفاقم المخاطر المترتبة على استخدامات الذكاء الاصطناعى فى مختلف المجالات كما أشار إلى ذلك صراحة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فى الجلسة الأولى من نوعها التى خصصها مجلس الأمن للبحث فى مسألة الذكاء الاصطناعى، إذ ذكر أن الذكاء الاصطناعى قد يشكل خطرًا على السلم والأمن الدوليين، بما يستوجب وضع ضوابط لإبقاء التقنية تحت السيطرة، فالذكاء الاصطناعى التوليدى لديه إمكانيات هائلة للخير والشر.

ومن توصيات اللجنة أيضا إنشاء جامعة للذكاء الاصطناعي ويطلق عليها اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: التحول الرقمي الذكاء الاصطناعي المجالات السياسية جلسة مجلس الشيوخ مجلس الشيوخ استخدام الذکاء الاصطناعى الذکاء الاصطناعى فى فى هذا المجال فى مجال وهو ما

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يقدّر بفاعلية جرعة العلاج الكيميائي لسرطان القولون

طوّر فريق بحث أسترالي خوارزمية ذكاء اصطناعي تستخدم الأشعة المقطعية والخصائص المميزة لكل شخص لتحديد جرعة العلاج الكيميائي بدقة لمرضى سرطان القولون والمستقيم.

وتسمّى الخوارزمية PredicTx، وقد شارك في تطويرها أطباء وأكاديميون من مستشفيات فيكتوريا، وجامعة ملبورن ومعهد WEHI، بالإضافة إلى شركاء في القطاع الصحي الأسترالي.

والهدف هو ضمان حصول معظم المرضى على الجرعة الصحيحة من العلاج الكيميائي، واستمرارهم في تلقي العلاج الكيميائي الكافي والكامل، وفق “مديكال إكسبريس”.

ويُعد العلاج الكيميائي حيوياً لجميع أنواع السرطان. وهو عملية تستخدم أدوية مصممة لقتل أو إتلاف أو إبطاء انتشار الخلايا السرطانية، ومنعها من النمو والانقسام.

جرعات غير صحيحة
لكن طريقة تحديد جرعات العلاج الكيميائي لا تزال بدائية للغاية.

فحوالي 60% من المرضى يُعطون جرعات غير صحيحة – إما زيادة أو نقصان. وقد يؤدي هذا التحديد غير المقصود للجرعات إلى ردود فعل مؤلمة وصعبة، ما يدفع بعض الأشخاص إلى التوقف عن علاج السرطان مبكراً جداً.

وتهدف خوارزمية الذكاء الاصطناعي الجديدة إلى تحديد جرعات العلاج الكيميائي بدقة لمرضى سرطان القولون والمستقيم، لتحسين فرصهم في عيش حياة كاملة وسعيدة بعد الإصابة بالسرطان.

سرطان القولون والمستقيم
ويُعد سرطان القولون والمستقيم من أكثر أنواع الأورام صعوبة في العلاج، ويتم تشخيص أكثر من 1.9 مليون حالة جديدة كل عام.

ويحتاج حوالي 50% من هؤلاء المرضى إلى علاج كيميائي، ما يُحسّن معدل البقاء الإجمالي بأكثر من 30%.

تقدير الجرعات حالياً
ويعتمد المعيار الذهبي الحالي لجرعات العلاج الكيميائي على مساحة سطح جسم الشخص (BSA)، والتي تُحسب من وزنه وطوله (وهذا ما يُسمى بصيغة موستيلر).

لكن حساب الجرعات هذا غير دقيق للغاية.

ولا ترتبط مساحة سطح جسم الشخص بالضرورة بتركيبة جسم المريض – فتركيبة جسمنا هي التي تُحدد جرعة العلاج الكيميائي بعدة طرق، بما في ذلك مدى فعالية استقلاب العلاج الكيميائي النشط، وكذلك كمية العلاج الكيميائي السام المُخزنة داخل الجسم.

وهذا قد يعني أن أكثر من 60% من جميع مرضى العلاج الكيميائي قد تناولوا جرعات زائدة عن غير قصدـ يرفع مستوى السمّية، ويسبب مضاعفات شديدة.

وقد أظهرت الدراسات الأولية أن خوارزمية PredicTx تسهم في زيادة معدلات الشفاء من السرطان من خلال إتمام العلاج الكيميائي بنجاح.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يجعل من النظارات الذكية ذات شمولية أوسع
  • البرلمان البريطاني يعقد جلسة لمناقشة العلاقات مع المغرب بعد القرار التاريخي بدعم مبادرة الحكم الذاتي
  • الذكاء الاصطناعي يقدّر بفاعلية جرعة العلاج الكيميائي لسرطان القولون
  • بعد استخدام أجوائه للهجوم.. العراق يشتكي إسرائيل لمجلس الأمن
  • تأهيل 10 آلاف شخص في الذكاء الاصطناعي بحلول 2030
  • بدء الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات الإسرائيلية على إيران
  • ميتا تحارب تطبيقات صينية مثيرة للجدل تسيء استخدام الذكاء الاصطناعي
  • إيمان كريم تستعرض في نيويورك استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز شمول الأشخاص ذوي الإعاقة
  • تحذير.. الذكاء الاصطناعي يهدد السلم المجتمعي في العراق
  • محاكم دبي تبحث توظيف الذكاء الاصطناعي في القضاء