الفاشر- أعلن مسؤول في حكومة ولاية شمال دارفور أن المستشفى الجنوبي الوحيد العامل في مدينة الفاشر (عاصمة شمال دارفور غربي السودان) خرج تماما عن الخدمة بعد أن هاجمته قوات الدعم السريع، مساء أمس السبت.

وتمكّن الجيش السوداني وحلفاؤه في القوة المشتركة من التصدي للهجوم، الذي أسفر عن وقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين.

ووفقا لتصريحات المدير العام لوزارة الصحة بولاية شمال دارفور إبراهيم عبد الله خاطر -التي نُشرت على وسائل التواصل- فإن المستشفى الجنوبي توقف عن العمل، وتم إجلاء مرضاه إلى مرافق صحية أخرى.

هجوم الدعم السريع أخرج مستشفى الفاشر الجنوبي عن الخدمة كليا (مواقع التواصل) شاهد عيان

وقال خاطر إنه كان شاهد عيان على الأحداث رفقة المدير العام للمستشفى الدكتور عز الدين أحمد أسو، وأنهما تمكنا من مغادرة المستشفى قبل أن يتم الاعتداء عليهما من قبل عناصر من قوات الدعم السريع، حيث تعرض الدكتور أحمد أسو للضرب وصودرت وثائقه الأصلية كافة.

ووُصفت حالة أحمد أسو الصحية بالمستقرة، وتم نقله إلى مكان آمن، في حين أصيب المدير الطبي لقسم الحوادث بكسر في الساق، وفق خاطر.

وحسب المصدر نفسه، فإن المستشفى الآن تحت سيطرة الجيش، وهم مستعدون للعودة للعمل بأسرع وقت ممكن عندما تسمح الظروف الأمنية. وبخصوص حجم الخسائر، قال إنهم لم يتمكنوا من حصرها بالكامل، لكن تمت سرقة 60% من الرواتب، ونهب الأدوية وتخريب سيارات الوزارة.

مصادر تحدثت عن سرقة رواتب موظفي مستشفى الفاشر الجنوبي (مواقع التواصل) واقع مرير

وتُعد مدينة الفاشر من أقدم مدن دارفور تاريخيا، ويبلغ عدد سكانها نحو 2 مليون نسمة من إجمالي سكان الإقليم البالغ نحو 6 ملايين نسمة، وفقا للإحصائيات الرسمية الصادرة عام 2006 (لا توجد إحصائيات جديدة متوفرة).

وتضم الفاشر 5 مستشفيات رئيسية، وهي المستشفى التعليمي، ومستشفى النساء والتوليد التخصصي، والمستشفى العسكري، ومستشفى الشرطة، ومستشفى الفاشر الجنوبي.

وقصفت قوات الدعم السريع بالمدفعية بعض أحياء مدينة الفاشر، حيث تسعى إلى بسط سيطرتها على إقليم دارفور الذي يربط السودان بدول الجوار.

وشوهدت طائرة للجيش السوداني تحلق في سماء المدينة ليلة السبت وصباح اليوم الأحد، كما نُفذت عملية إنزال جوي، الأربعاء الماضي، لدعم الفرقة السادسة مشاة في المدينة.

أوضاع إنسانية بائسة

ومنذ عدة أشهر، تشهد مدينة الفاشر تصاعدا في العمليات العسكرية في ظل غياب شبه كامل للمنظمات الإنسانية والإغاثية في المنطقة.

وقال شهود عيان إن المعارك المستمرة بين قوات الجيش وحلفائه في القوة المشتركة من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى، أجبرت آلاف المدنيين على النزوح خلال الأسابيع الأخيرة، كما تعرضت منازل عديدة وبنى تحتية للدمار جراء القصف والاشتباكات.

وحذر مواطنون في المدينة من تفاقم الأوضاع الإنسانية. وأكدوا أنهم بحاجة ماسة للمساعدات الغذائية والطبية، لا سيما النازحين الذين فروا من مناطق القتال إلى المدينة.

وناشدوا المنظمات الدولية التدخل العاجل لتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين، وحماية المدنيين من ويلات الحرب. وحثوا الأطراف المتنازعة على وقف إطلاق النار والدخول في حوار لإنهاء النزاع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع مدینة الفاشر

إقرأ أيضاً:

لوموند: في الفاشر شاهدت عائشة شنق شقيقها وقتل زوجها واغتصاب ابنتها

كشف تحقيق لصحيفة لوموند الفرنسية تفاصيل جديدة عن واحدة من أعنف الهجمات التي شهدها السودان منذ بداية الحرب، عندما حولت قوات الدعم السريع مدينة الفاشر إلى مسرح لمجازر وعمليات انتقام واسعة النطاق عقب اقتحامها أواخر أكتوبر/تشرين الأول.

وعبر شهادات مؤلمة جمعها مراسل لوموند الخاص في الدبة إليوت براشيه من الناجين الذين وصلوا إلى مدينة الدبة شمال البلاد، تكشفت خريطة جرائم شنيعة تشمل القتل من مسافة صفر، والاغتصاب والاختطاف والتعذيب، والإعدام الميداني، وتجريف الأدلة عبر حفر مقابر جماعية وحرق الجثث.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وول ستريت جورنال تكشف تفاصيل حصرية بشأن خروج ماتشادو من فنزويلاlist 2 of 2وثيقة سرية أميركية: الصين قد تدمر القوات الأميركية في أي حرب على تايوانend of list

وكان سكان عاصمة شمال دارفور يعيشون منذ أكثر من 550 يوما تحت حصار خانق فرضته قوات الدعم السريع -كما يقول المراسل- لكن يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول مثّل النقطة الأكثر دموية في هذا الحصار، حيث انقطع الاتصال بالكامل مع حلول الفجر، واجتاحت القوات المدينة بعنف شديد.

حاول آلاف المدنيين الفرار سيرا على الأقدام، في وقت سُدت فيه الطرق بالجثث والمباني المدمرة، تروي أسماء إبراهيم التي فقدت زوجها داخل المستشفى الذي كان يتلقى العلاج فيه، أن المهاجمين اقتحموا المنازل وقتلوا الرجال والجرحى بلا تمييز، وأن المشهد على الطرق المؤدية إلى مليط كان مغطى بالجثث.

آثار الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على سوق المواشي بالفاشر (الفرنسية)جرائم موثقة

وتؤكد شهادات الناجين أن قوات الدعم السريع تعاملت مع أي رجل تحت الأربعين كمقاتل يجب إعدامه، ومع أي مدني كتابع للقوات المسلحة السودانية يستحق الإذلال أو القتل، فوجد ما بين 170 ألفا و260 ألف مدني أنفسهم عالقين داخل المدينة التي أصبحت "معسكر موت مفتوحا"، كما وصفها الناجون.

ودفعت آلاف الأسر مبالغ طائلة للمهربين الذين يرتبط بعضهم بالدعم السريع للعبور نحو مناطق أكثر أمانا -حسب المراسل- في حين تفرق عشرات الآلاف في جهات مختلفة، ولا يزال معظمهم مفقودين، وقد وصلت 400 أسرة في البداية، معظمها من النساء والأطفال مع غياب شبه تام للرجال.

الناجون من مجازر الفاشر ينتشرون في العراء فرارا من القتل (أسوشيتد برس)

وتعرضت النساء لاعتداءات جنسية شنيعة، كما فقد عدد كبير من الأطفال ذويهم، وقد سجلت المنظمات الإنسانية عشرات البلاغات عن الاغتصاب، بينها شهادة فتاة في الـ17 اغتصبت بعد قتل والدها أمام عينيها، كما يقول المراسل.

إعلان

وتابع المراسل روايات الناجين، وكيف فقدت عائشة موسى شقيقها الذي عُلق على شجرة وأعدم أمامها واغتصب الجنود ابنتها، وكيف قُتل زوج عائشة عبد الله بقذيفة، وكيف لم تستطع فاطمة إبراهيم دفع الفدية لتحرير زوجها، وفقدت والدها الذي لم يعد يستطيع الوقوف، أما خديجة حسين فلا تعرف مصير أبنائها الخمسة الذين انضموا للمقاومة الشعبية المساندة للجيش.

وتحدثت الطبيبة إخلاص عبد الله عن انهيار للمستشفيات بشكل كامل، وكيف عالجت الجرحى على الأرض باستخدام منظفات منزلية بدلا من المطهرات، وعن قصف المستشفى مرارا، ومقتل المئات من الجرحى والطواقم الطبية، مؤكدة أنها فقدت الاتصال بمعظم زملائها منذ سقوط المدينة.

وعلى طريق الفاشر الغربي، اعتقلت قوات الدعم السريع آلاف الرجال -حسب المراسل- ووصف أحد الناجين، وهو ميكانيكي من المدينة، 14 يوما من التعذيب داخل حاوية معدنية مغلقة تحت الشمس، وشاهد إعدام رجلين أمامه قبل أن يفديه أهله بفدية كبيرة.

ما جرى في الفاشر إبادة جماعية نفذت بدعم أجنبي وسط صمت دولي كامل

بواسطة مني أركو مناوي

حرب إبادة

ويؤكد والي دارفور مني أركو مناوي أن ما جرى في الفاشر إبادة جماعية نُفذت بدعم أجنبي وسط صمت دولي كامل، كما يرى السكان أن ما حدث يتجاوز مجرد معركة عسكرية، ويقول بعضهم إن قوات الدعم السريع استهدفت الهوية الاجتماعية للسكان، وقتلت أبناء قبائل بعينها مثل الجعلية.

ورغم مطالبة مجلس الأمن برفع الحصار، لم ينفذ القرار بعد، وهو ما ربطته مصادر محلية بالعمل على طمس الأدلة عبر حرق الجثث وحفر مقابر جماعية، وبالفعل أظهرت صور الأقمار الصناعية وشهادات عدة أن قوات الدعم السريع بدأت إخفاء الأدلة بحفر المقابر، في وقت تجبر فيه آلاف المدنيين على العودة إلى الفاشر لإخراج مشاهد توزيع مساعدات إنسانية أمام الكاميرات.

وعبر الناجون عن إحساس عميق بأن العالم تخلى عنهم، تقول أسماء إن "كل ما يحدث الآن مسرحية، يريدون الإيحاء بأن شيئا لم يقع، الفاشر منسية، والعالم أغمض عينيه"، وبالفعل انهارت مدينة الفاشر بالكامل تحت حصار طويل، وجرائم لا تزال مستمرة وسط غياب أي مساءلة.

مقالات مشابهة

  • قتل منهم 33 وتشرد الآلاف.. صحفيو السودان يواجهون أوضاعا مأساوية
  • لوموند: في الفاشر شاهدت عائشة شنق شقيقها وقتل زوجها واغتصاب ابنتها
  • WP: الفاشر تعيش كارثة إنسانية وصمت العالم يفتح الباب لأسوأ مأساة في السودان
  • تلغراف: هل يتحرك الغرب ضد الإمارات بعد مجزرة الفاشر؟
  • صور أقمار صناعية تفند رواية عودة الحياة إلى الفاشر
  • شبكة أطباء السودان: 19 ألف محتجز بسجون الدعم السريع بجنوب دارفور
  • شبكة أطباء السودان: ميليشيات الدعم السريع تحتجز أكثر من 19 ألف شخص في دارفور
  • هل أصبحت الفاشر مدينة موت بعد سقوطها في يد الدعم السريع؟
  • طبيب سوداني: نجوت من الفاشر وأعتني الآن بالنازحين مثلي
  • تحذير أممي من نزوح جماعي محتمل مع توسع هجمات الدعم السريع في السودان