جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-31@14:55:32 GMT

سلاطين الحكمة

تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT

سلاطين الحكمة

 

د. أحمد بن علي العمري

نهضتان متواليتان مُتواصلتان مُتكاملتان مُتتابعتان، لكنهما في عهدين مختلفين على الرغم من أنهما متقاربتين زمنيًا، وكلٌ منهما لاقى في بدايته الكثير من العقبات والصعاب والتحديات الجمَّة.

بدأت النهضة العُمانية الأولى في 23 يوليو 1970م بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وكانت عُمان وكأنّها في سبات عميق من الجهل والتخلف والوضع الاقتصادي المتردي دون أية مقومات للدولة الحديثة، لذلك لم يكن هناك تعليم أو صحة والكثير من أبناء عُمان كانوا مشتتين في بقاع الأرض بحثًا عن الرزق وفوق ذلك كانت هناك أزمات في الجنوب وفي الجبل الأخضر.

وإذا بالإرادة الإلهية ورحمة من لدنه سبحان وتعالى بعُمان وأهلها أن هيأ لها رجل "أعزَّ الرجال" قدَّم حياته وكل سنين عمره خدمة لعُمان، فأنشأ الدولة العصرية وبدأ بتغيير اسم البلد من "سلطنة مسقط وعُمان" إلى "سلطنة عُمان"، ولون العلم من الأحمر إلى الأحمر والأبيض والأخضر مُرصعًا بالخنجر والسيفين، وتم اعتماد النشيد الوطني لعُمان.

وانطلقت مراحل التنمية في جميع مناحيها من تعليم وصحة وبناء وتأسيس، كما أطلق السلطان قابوس- رحمة الله عليه- مقولات خالدة آمن بها وعمل بها نصًا وقولًا منها "يد تبني ويد تحمل السلاح"، وكذلك "سنُعلم أبنائنا ولو تحت ظل الشجرة" وأيضًا "سياستنا دائمًا هي التقريب بين الحاكم والمحكوم ترسيخاً للوحدة الوطنية" وغيرها.

وقد خطى بنفسه في كل دروب عُمان وبدون طرق في أماكن وعرة وجبال وأودية، وبدأت ملامح الدولة تظهر كالطفل الوليد يكبر رويدًا رويدًا بعد أن تحقق النصر في منتصف السبعينيات. وهكذا وبالجد والإخلاص والتفاني والإيمان بالهدف وغايته نجحت مرحلة التأسيس بكل عزم وإصرار.

أما عن السياسة الخارجية، فقد كانت ثابتة وواضحة للجميع منذ البداية، ولم تزل إلى يومنا هذا "إننا لا نسمح للغير أن يتدخل في شؤوننا الداخلية وكذلك لا نتدخل في شؤون الغير".

إنَّ السلطان قابوس- طيب الله ثراه- يُعد من المؤسسين في الإقليم كما إنه عُرف إقليميًا ودوليًا بالرزانة والحكمة والنظرة البعيدة الثاقبة، حتى في التدرج المؤسسي فقد تم إنشاء المجلس الاستشاري للدولة والذي تحول فيما بعد إلى مجلس الشورى ثم تم إنشاء مجلس الدولة ليكتمل تكوين مجلس عُمان. وقد تم اعتماد النظام الأساسي للدولة وفصل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية.

وهكذا تشاء القدرة الإلهية أن تنتهي النهضه الأولى بعد خمسين عاماً من العطاء والجهد والعمل بلا كلل ولا ملل، لتبدأ النهضة المتجددة في 11 يناير 2020 بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- وذلك بعد انتقال سلس للسلطة شهد به العالم أجمع.

وتشاء القدرة الإلهية أن يكون جلالة السلطان هيثم هو من أوصى به السلطان قابوس لما توسم به من قدرة وحكمة ورزانة، حسب الرسالة التي شهد عليها شعب عُمان قاطبة، إضافة إلى دراسته العلمية في المجال السياسي وخبرته السياسية المعهودة المعروفة بالتعقل والحكمة.

إضافة إلى أنَّ جلالته- حفظه الله- ربان رؤية "عُمان 2040"، وهنا تكتمل جميع الأبعاد المتوخاة. وقد صادفت النهضة المتجددة الكثير والكثير من التحديات والصعوبات، كما كان الأمر في بداية النهضة الأولى؛ فأسعار النفط كانت متهاوية والديون ثقيلة، وجاءت الطامة الكبرى مع أزمة فيروس كورونا، لكن بفضل رب العالمين وحكمة وقدرة مولانا بدأت القيود تتحطم والصعوبات تنحل والتقييدات تنفك. فتمت إعادة هيكلة الدولة ودمج العديد من الوزارات والوحدات والمؤسسات ذات التوجه الواحد، وصدر النظام الأساسي الجديد للدولة، وكذلك نظام مجلس عُمان، مع تعزيز أدوار العديد من الأجهزة الرقابية والإشرافية والتدقيقية، وتم تطبيق العمل المؤسسي المتقن وتم إصدار  الكثير من القوانين التنظيمية في شتى المجالات.

وخلال أقل من أربع سنوات ونصف السنة، ولله الحمد وهي فترة قصيرة في عمر الدول والشعوب، نجحت عمان في تجاوز محنة كورونا بكل حكمة واقتدار، وتراجعت الديون بشكل أفضل بكثير من المتوقع؛ بل وزادت الإيرادات، وفوق ذلك بدأ سريان منظومة الحماية الاجتماعية والعديد من الخدمات المقدمة للمواطن العُماني.

لا زلنا نقول بصوت واحد الوفاء للسلطان قابوس طيب الله ثراه، والولاء والعرفان لجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«مدبولي» يستعرض خطوات إنشاء وحدة مركزية لحصر ومتابعة وتنظيم الشركات المملوكة للدولة

أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أن مبادرة الحكومة بإعداد مسودة مشروع قانون تم تقديمه للبرلمان لإنشاء وحدة مركزية لحصر ومتابعة وتنظيم الشركات المملوكة للدولة يأتي في إطار التزام الدولة بتعزيز حوكمة وإدارة الأصول العامة، ورفع كفاءتها وتعظيم عوائدها، بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، ومع تطبيق وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تبنتها الحكومة في السنوات الأخيرة.

جاء ذلك خلال الاجتماع الذي عقده الدكتور مصطفي مدبولي، مساء اليوم الإثنين، بمدينة العلمين الجديدة، لاستعراض الخطوات التنفيذية لإنشاء وحدة مركزية لحصر ومتابعة وتنظيم الشركات المملوكة للدولة، وذلك بحضور الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وبمشاركة كل من أحمد كجوك، وزير المالية، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، عبر تقنية الفيديو كونفرانس.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن لقاء اليوم يستهدف استعراض الخطوات التنفيذية لإنشاء وحدة مركزية لحصر ومتابعة وتنظيم الشركات المملوكة للدولة، والبدء في تنفيذ وتطبيق هذه الخطوات، وذلك بعد موافقة البرلمان على القانون الخاص بتنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها أو التي تسهم فيها، والذي تتضمن مواده إنشاء هذه الوحدة، مؤكدًا دور هذه الوحدة المهم باعتبارها تأتي ضمن ثلاث جهات مسئولة عن هذا الملف، وهي: صندوق مصر السيادي، ووحدة الطرحات، وهذه الوحدة.

ولفت مدبولي إلى أن الوحدة المركزية لحصر ومتابعة وتنظيم الشركات المملوكة للدولة سيكون لديها مختلف البيانات المتعلقة بأصول الدولة، وخاصة التي تستهدف الحكومة طرحها خلال الفترة القادمة.

وأشار مدبولي إلى أن الوحدة ستكون الجهة المختصة بجميع القرارات والإجراءات المتعلقة بتنظيم الشركات المملوكة للدولة، وستعمل على متابعة تنفيذ تلك القرارات بالتنسيق مع الوزارات المعنية، كل في نطاق اختصاصه، موضحًا أن قرارات الوحدة ستكون ملزمة لكافة الجهات الحكومية لضمان التطبيق الفعال والموحد لسياسات الدولة تجاه الأصول العامة.

وأضاف: أن هذه الخطوة تمثل تطورًا مؤسسيًّا مهمًّا في إدارة أصول الدولة، وتعكس توجه الحكومة نحو تحقيق أعلى مستويات الشفافية والانضباط المالي، بما يسهم في تحسين كفاءة الإنفاق العام وجذب المزيد من الاستثمارات، دون المساس بملكية الدولة للأصول الاستراتيجية.

من جانبهم، أكد الوزراء الحضور دعمهم الكامل لهذا التوجه، مشيرين إلى أن هذه الوحدة ستشكل ركيزة أساسية لتعزيز التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية في ملف إدارة الشركات العامة، كما ستدعم جهود الدولة في إعادة هيكلة الأصول غير المستغلة وتوجيهها نحو الاستخدام الأمثل.

وصرح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن الاجتماع شهد التأكيد على ضرورة البدء في إعداد الهيكل التنظيمي الخاص بالوحدة المركزية لحصر ومتابعة وتنظيم الشركات المملوكة للدولة، وذلك عقب موافقة البرلمان على القانون الخاص بها، بما يتيح البدء في ممارسة أعمالها، مع وضع خطة عمل متكاملة للوحدة، والملفات المهمة التي ستتولي التركيز عليها في بداية عملها.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الخطوة تأتي استكمالًا لما أعلنته الحكومة سابقًا بشأن نقل ملكية عدد من الشركات والأصول إلى صندوق مصر السيادي، بهدف تعظيم العائد منها، وتوسيع قاعدة الشراكة مع القطاع الخاص والمستثمرين المحليين والدوليين، مع التأكيد على الحفاظ الكامل على ملكية الدولة للأصول ذات الطبيعة الاستراتيجية. وقد تم عرض مشروع القانون ومناقشته في مجلس النواب، حيث نال الموافقة خلال شهر يونيو الماضي.

اقرأ أيضاًمدبولي يؤكد تطلع الحكومة لزيادة استثمارات «شل العالمية» في مجال استكشافات الغاز

«مدبولي» يتفقد المشروعات التنموية والخدمية بـ العلمين الجديدة ورأس الحكمة والضبعة

مدبولي: متابعة دورية من الرئيس السيسي لمشروعات تنمية الساحل الشمالي الغربي

مقالات مشابهة

  • رئيس موازنة النواب: أتوقع صفقات سعودية استثمارية مماثلة لمشروع رأس الحكمة
  • بالصور.. جلالة السلطان يناقش مع رئيس وزراء المملكة المتحدة عدة قضايا إقليمية ودولية
  • 99 % نسبة إصلاح البنية الأساسية بطريق السلطان قابوس
  • ضغط أميركي على لبنان بما يتعلق بـأسلحة حزب الله
  • عاصم الجزار: الجبهة الوطنية صوت الحكمة
  • عاصم الجزار: لولا استثمار الدولة بالعلمين الجديدة لما شهدنا الطفرة برأس الحكمة
  • رئيس الوزراء يستعرض الخطوات التنفيذية لإنشاء وحدة مركزية لحصر الشركات المملوكة للدولة
  • ماذا وراء تجدد النزاع بين المشري وتكالة حول رئاسة الأعلى الليبي؟
  • مدبولي يستعرض الخطوات التنفيذية لإنشاء وحدة مركزية لحصر الشركات المملوكة للدولة
  • «مدبولي» يستعرض خطوات إنشاء وحدة مركزية لحصر ومتابعة وتنظيم الشركات المملوكة للدولة