إلقاء 500 ألف زريعة بلطي نيلي لتعزيز الثروة السمكية ببني سويف
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
شهد الدكتور محمد هاني غنيم، محافظ بني سويف، اليوم، إطلاق الدفعة الأولى من مشروع إنزال 500 ألف زريعة سمكية من نوع "البلطي النيلي" في مياه نهر النيل، وذلك ضمن جهود المحافظة لتنمية الثروة السمكية وتعزيز الأمن الغذائي.
اطلع المحافظ من مسؤولي المشروع على تفاصيل برنامج إنزال 250 ألف زريعة بزمام قرية بياض العرب على الجانب الشرقي من النيل، وذلك كجزء من إجمالي 500 ألف زريعة مستهدفة للموسم الجديد 2024/2025.
تم إنشاء المفرخ السمكي على مساحة 15 فدانًا، منها 9 أفدنة مساحة مائية، تتكون من 20 حوضًا، تشمل 8 أحواض استزراع، و 5 أحواض أمهات، و 4 أحواض تحضين.
يهدف المفرخ إلى إنتاج 3 ملايين زريعة سنويًا، بقدرة إنتاجية تتراوح بين 6 و 10 أطنان من أنواع البلطي النيلي، والمبروك الحشائش، والفضي، والتي تتميز بسرعة النمو ومقاومتها البيولوجية للحشائش الموجودة في مياه نهر النيل والمسطحات المائية.
أعرب المحافظ عن تقديره للقائمين على جهاز حماية وتنمية البحيرات لجهودهم المتواصلة للحفاظ على الثروة السمكية وتنميتها على مستوى مصر.
أكد المحافظ على أهمية التوسع في مشاريع إنشاء المفرخات السمكية، لزيادة الإنتاج السمكي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من البروتين الحيواني، وتوفير فرص عمل للشباب.
يُعدّ هذا المشروع خطوة مهمة نحو تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة في محافظة بني سويف.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الثروة السمكية محافظ بني سويف محافظة بني سويف مزرعة أسماك ألف زریعة
إقرأ أيضاً:
الأمن الغذائي: ركيزة السيادة وقوة الصمود الوطني
محمد البادي
ليس في الأمر مبالغة حين نقول إن رغيف الخبز بات سلاحًا، وأن سنبلة القمح تساوي طلقة في معركة البقاء.
فمن يقرأ التاريخ بعين البصيرة، وينظر إلى الواقع بعدسة الحقيقة، يشيب رأسه لا من كِبر، بل من هول ما يرى من تفريط، وغياب، وانشغال عن أخطر القضايا: قضية الجوع والسيادة.
قد تسقط دولة بلا جيوش وتنهض من جديد، لكن إذا سقطت في هاوية الجوع، فلن تنهض إلا بعد أن تدفع الثمن باهظًا: كرامةً، وقرارًا، ومستقبل أجيال.
وفي زمن تُحاصر فيه الشعوب لا بالسلاح وحده، بل بـ"لقمة العيش"، صار لزامًا أن نعيد ترتيب الأولويات: فلا أمن بلا غذاء، ولا سيادة لمن لا يملك قوت يومه.
لقد أُنفقت في العالم العربي مئات المليارات على ناطحات السحاب، والمدن الذكية، والقصور الزجاجية، والسيارات التي تُقاس قيمتها بالأصفار.
لكن كم استُثمر من هذه الأموال في الزراعة؟ كم أرضًا عربية خُصصت لزراعة القمح؟
الأمن الغذائي لا تصنعه المظاهر ولا ترف العواصم. فناطحة السحاب لا تُشبع طفلًا جائعًا، والشارع الفاخر لا يُغني وطنًا عن استيراد خبزه من الخارج.
ومن الحكمة -بل من الواجب- إعادة توجيه جزء من هذه الثروات نحو الأرض، نحو سنابل القمح، نحو الاستثمار في رغيف الخبز قبل أن ينهار الزجاج تحت وطأة الجوع.
لا يقلّ الأمن الغذائي أهمية عن إعداد الجيوش أو بناء المدارس والمستشفيات، بل هو الأساس الذي تقوم عليه كرامة الأوطان واستقرارها.
فالوطن الذي لا يزرع لا يملك قراره، ولا يصمد طويلًا أمام الأزمات.
والقمح -بما يمثله من غذاء استراتيجي- هو حجر الزاوية في منظومة الصمود، وسلاح الشعوب في زمن الحروب والكوارث.
رغم كل الموارد، لم تحقق أي دولة عربية حتى اليوم الاكتفاء الذاتي من القمح، وهو مؤشر خطير على هشاشة الأمن الغذائي.
فكيف لأمة تتحدث عن السيادة، وهي عاجزة عن إنتاج خبزها؟!
الاكتفاء الذاتي ليس وهمًا، بل ممكن بوجود الإرادة واستغلال ما تيسر من الموارد المائية، ولو دون مكملات غذائية أخرى.
ففي زمن الحصار، يكفي ما يسد الرمق ويُبقي على الكرامة، أما من ينتظر المساعدات، فلن يملك يومًا قراره.
وقبل تجهيز الجيوش، يجب تجهيز لقمة العيش.
فهذا من الأولويات التي لا تحتمل التأجيل. الحرب لا تُعلن متى تبدأ، ولا تُمهل حتى تستعد، والعدو لا يرحم حين يُحاصر، ولا يكتفي بالسلاح إن كان الجوع أشد فتكًا.
لهذا، يجب أن نسير في خطين متوازيين: تأمين الغذاء، وتجهيز الجيوش.
فلا نصر في الميدان إن كانت البطون خاوية، ولا صمود في الحصار إن افتقد الشعب خبزه.
من يقرأ التاريخ بعقل مفتوح، يعلم أن الحصار كان قديمًا يُكسر بالحيلة والدهاء والطرق الوعرة.
أما اليوم، فأدوات الحصار تراقبك من الفضاء، وتغلق عليك الهواء والماء واليابسة.
لم يعد الهروب ممكنًا، ولم تعد الخيارات متاحة كما في السابق.
هذا الواقع يفرض علينا وعيًا أكبر، واستعدادًا أعمق، وإرادة صلبة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ففي النهاية، الكرامة الوطنية تبدأ من رغيف الخبز.
إن الشعوب التي تُتقن صناعة السلاح، لكنها تُهمل تأمين الغذاء، تُقاتل بنصف قوتها، وتنهار عند أول حصار.
فالسلاح لا يكفي إن لم تُؤمَّن البطون والعقول، ولا نفع لجيوش تُقاتل خلفها شعوب جائعة.
ولهذا، فإن الأمن الغذائي يجب أن يُعامل بوصفه جزءًا لا يتجزأ من منظومة الدفاع الوطني.
فالنصر لا تصنعه البنادق وحدها، بل تسهم فيه الحقول والمزارع وأيدي الفلاحين كما تسهم فيه المصانع والثكنات.
وحين نُدرك أن رغيف الخبز هو خط الدفاع الأول، نكون قد بدأنا فعليًا مسيرة الكرامة والسيادة.