الدويك بعد تحرره: أصعب ما بالسجن أن يخرج رفيقك في كيس أسود
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
الخليل– روى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني المحلول الدكتور عزيز الدويك، عقب الإفراج عنه من سجون الاحتلال الإسرائيلي، مشاهد قاسية عايشها عن قرب، وقال إن أصعبها مشاهدة رفيق الأسر يخرج من السجن شهيدا في كيس أسود.
وقال، في حوار مع الجزيرة نت بعد ساعات من الإفراج عنه، إن ما يجري مع الأسرى الفلسطينيين يعكس فقدان الاحتلال توازنه، ورأى أن ما يجري في المنطقة هو "نقطة تحول تاريخية".
وأضاف الدويك أن ظروف الأسرى منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 هي الأسوأ على الإطلاق لدرجة أنهم لا يعتبرون السجن قبل ذلك التاريخ اعتقالا.
واعتقل الاحتلال عزيز الدويك (75 عاما) يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصدر بحقه قرار بالاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة حتى أفرج عنه أول أمس الخميس من سجن النقب الصحراوي عند حاجز عسكري جنوبي الضفة الغربية بعد اعتقال استمر 8 أشهر.
وترأس الدويك، وهو من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، المجلس التشريعي الفلسطيني بعد فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في آخر انتخابات عامة أجريت عام 2006، لكن المجلس المشلول منذ انتخابه إثر الانقسام الفلسطيني، حُل عام 2018 بقرار المحكمة الدستورية في رام الله.
وفيما يلي نص الحوار:
الإفراج عن الدكتور عزيز دويك
رئيس المجلس التشريعي ..
أسرانا بطلعوا من قبور حرفياً ، حرفياً !!! pic.twitter.com/EZcDd5hYfC
— سَ ???? (@syhsoct) June 13, 2024
بداية، حدّثنا عن تجربة الاعتقال الأخيرة مقارنة مع اعتقالاتك السابقة.هذا الاعتقال هو الأسوأ على الإطلاق، ويُجمِع الأسرى على أن من لم يُعتقَل بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كأنه لم يُعتقل في السابق، نظرا لصعوبة الظروف وفقدان الاحتلال توازنه، ولأساليبه الهمجية في التعامل مع الأسرى من تجويع وإهدار لكرامتهم، وضربه عرض الحائط بكل العهود والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان وشريعة السماء قبل كل ذلك.
ديننا الإسلامي يأمر بإكرام الأسير، أما عندهم فإهانة الأسير هي الأصل.
هل لك أن توضح أكثر المقصود بالتجويع؟التجويع هو عنوان المرحلة، ومعه الاستخفاف بشعب بأكمله، فالأسير منذ لحظة اعتقاله وحتى إطلاق سراحه لا يأكل شيئا يشبعه مطلقا. الملح والسكر مُحرّم، الشاي والقهوة لا وجود لهما على الإطلاق، كذلك الفاكهة واللحوم والدواجن لم نرها مطلقا.
أحيانا كانوا يقدمون لنا بعض قطع لحم الحبش الصغيرة المجمدة، لكنها وعلى صغر كميتها لم تعد موجودة.
حقيقة الوضع العام في السجون مزعج، والمعاملة مهينة لكرامة الإنسان.
مثلا عند العدّ (إحصاء الأسرى ويتم عدة مرات في اليوم) على الأسير أن يضع يده فوق رأسه ويجلس على ركبته، وعليه إنزال رأسه ليصل الأرض، وهذا في منتهى الحط من كرامة الإنسان.
ألم يعاملوك معاملة خاصة بوصفك رئيسا للمجلس التشريعي؟لا، لا.. عاملونا حسب السن، لا حسب المرض ولا حسب كرامة الإنسان. هذه حقيقة من الحقائق الموجودة. بالأمس حدث أمامي أن الجنود ضربوا رأس شاب من بلدة إذنا (غربي الخليل) اسمه عماد النطاح بالحائط وهو مقيد اليدين والرجلين وذلك خلال لحظات الإفراج، كما تعرضت أنا للدفع والضرب، وآثار القيود لا تزال على معصمي، علاوة على الصراخ والضجيج والصخب والاستهزاء بالقول إن على المرضى طلب الدواء من غزة، أما العلاج فلم نسمع به إلا في مرات محدودة.
ما الأكثر قساوة من بين المشاهد الكثيرة التي مررتم بها؟الأصعب هو قتل الناس أمامك وأنت تنظر بعينيك. قتلوا أمامي الأسير الشاب عرفات حمدان من بلدة بيت سيرا قرب رام الله، ولم يكن يبعد عني سوى نحو متر ونصف المتر. تركوه يعاني من مرض السكري الذي أصابه في الصغر. قال لهم الشهيد إن حالته تستدعي النقل إلى المستشفى. رفضوا الاستجابة له، فمات ونحن ننظر إليه.
شاب آخر اسمه عبد الرحمن مرعي طلب من السجانين عدم شتم والديه، فخرج في كيس أسود.
أيضا أسير ثالث سأل السجان إن كان تم التوصل لوقف إطلاق النار في غزة أم لا، فخرج أيضا في كيس أسود، إضافة إلى ذلك عشرات الأسرى من غزة قُتلوا داخل السجن أو قُطعت أيديهم وأرجلهم.
ألم يتغير وضع السجون حاليا عن الأسابيع التي تلت 7 أكتوبر؟الوضع اليوم أسوأ، كمية الطعام في آخر أسبوع أقل مما كان يقدم لنا في بداية الاعتقال، كما يقدم لنا الأرز مبلولا غير مطبوخ مع حبات تالفة من البندورة وقطع من الفلفل الحلو.
كمثال، قدم لنا قبل أيام 35 حبة فاصولياء بيضاء لعشرة رجال، أي لكل أسير ثلاث حبات ونصف الحبة من الفاصولياء.
ما تفسيرك لهذه الوحشية في المعاملة؟السبب أن المعيار الأخلاقي مفقود، والمعيار القيمي غير موجود، والإحساس بروح الهزيمة قائم واضح بينهم. كما أن عقدة الثمانية عقود موجودة وقائمة (يشير إلى تخوفات مسؤولين إسرائيليين من الزوال قبل حلول الذكرى الـ80 لتأسيس إسرائيل كما حدث في تجارب سابقة).
وكأن ما حصل في 7 أكتوبر أعاد برمجة النفسية الاحتلالية إلى أصولها الأولى العقدية، فهم رجعوا إلى حالة بدائية من التعامل مع الأسرى.
تخطى عدد أوامر الاعتقال الإداري، التي تتم بذريعة وجود ملف سري ودون تهمة أو محاكمة، حاجز 6600 منذ 7 أكتوبر، وهذا غير مسبوق، لماذا يلجأ له الاحتلال؟لا يوجد ما يبرر اعتقال الأسرى الإداريين بأي صورة من الصور، إنما هو سلاح مسلط على رقاب الشعب الفلسطيني.
موضوع الاعتقال الإداري أسهل طريقة لضابط المخابرات الإسرائيلي لتنفيذ الاعتقال تحت ذريعة أن الأسير "يشكل خطرا على أمن المنطقة"، وهذه عبارة ممجوجة ليس لها معنى، ومع ذلك يمارسونها.
هل يعرف الأسرى شيئا عن مفاوضات صفقة التبادل بين حماس والاحتلال؟نعم، هناك متابعة حثيثة، الأسرى ينتظرون إن شاء الله صفقة مشرفة يفرج عنهم فيها.
هذا الحراك مرحب به، ويجب أن يتصاعد للحفاظ على حقوق الإنسان في أدنى درجاتها.
يؤسفني أن بعض الدول التي تدعي الحفاظ على حقوق الإنسان تقبل بأن يُقتل عشرات آلاف الأطفال والنساء والشيوخ وهي لا تحرك ساكنا، بل بالعكس تمدّ الاحتلال بكل أسباب القوة وهو يقوم بحرب الإبادة على الشعب الفلسطيني.
كيف تنظرون إلى الدور الرسمي للسلطة الفلسطينية في الحرب؟حقيقة نشكر هيئة شؤون الأسرى (هيئة رسمية) على الدور الإيجابي الذي تقوم به وخاصة رئيسها الأخ قدورة فارس، وهو أسير سابق يعرف معاناة الأسرى.
موقف الهيئة إيجابي جدا بعكس موقف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فدورها في هذه المرحلة صفر ولا تحرك ساكنا أو لا تستطيع.
أما المستوى القيادي الفلسطيني فأنصحهم بأن يتضامنوا مع ضمير الشعب الفلسطيني وإرادته، لا أن يبقوا على الهامش أو متفرجين، وسيسجل التاريخ مواقفهم، لهم أو عليهم.
وكيف ترى مستقبل القضية الفلسطينية في ظل ما تشهد غزة من عدوان والمنطقة من توتر؟أعتقد أن الذي يحصل نقطة تحول تاريخية على مستوى العالم.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
المركز القطري للصحافة يحذر من تصفية الصحفيين الفلسطينيين المعتقلين
يعرب المركز القطري للصحافة عن قلقه من سوء أوضاع المعتقلين الفلسطينيين بسجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث يتعرّض 50 صحفياً وصحفية فلسطينيون - وفقاً لتقارير مؤسسات حقوقية وحكومية وإعلامية - للتعذيب والتجويع والإهمال الطبي والمنع من تلقي العلاج، فضلاً عن غياب أيضمانات تكفل أبسط حقوقهم القانونية، مما يعرضهم للتصفية الجسدية والموت البطيء.
ويؤكد المركز أن الاعتقالات الإسرائيلية المتواصلة، تأتي في سياق سياسة ممنهجة لاستهداف الصحفيين والإعلاميين في غزة والضفة الغربية، تشمل اعتقالهم إدارياً، وقصف مواقع تمركزهم وأماكن سكنهم لإسكات الإعلام الحُر، وطمس الحقيقة، ومنعهم من كشف ما تقوم به قوات الاحتلال من حرب إبادة ضد الفلسطينيين.
ويجدد المركز دعوته، المجتمعَ الدولي للضغط على إسرائيل لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية، الذين يعانون ظروفاً قاهرة تحرمهم من أبسط حقوق الأسرى، التي نصت عليها القوانين والمواثيق الدولية.
ويقدر نادي الأسير الفلسطيني ومركز حماية الصحفيين الفلسطينيين عدد الصحفيين المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، بنحو 50 صحفياً وصحفية من بين 177 صحفياً تعرضوا للاعتقال والاحتجاز منذ بدء حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، استناداً إلى عمليات التوثيق والرصد التي أجرتها المؤسسات.
وحذر مركز حماية الصحفيين الفلسطينيين، في بيان حديث من التدهور الخطير في أوضاع الصحفيين الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، نتيجة الإهمال الطبي الذي يصل إلى حد الإعدام البطيء.
وجدد مركز حماية الصحفيين الفلسطينيين مطالبته المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لحماية الصحفيين، و"وقف سياسة الاعتقال العشوائي والتنكيل والإهمال الطبي التي تمارسها إسرائيل بحقهم.
وأوضح أن وضْع الصحفيَين جهاد بدوي، وعلي السمودي اللذين يخضعان للاعتقال الإداري سيئ للغاية، حيث يعانيان من أمراض مزمنة وتم نقلهما إلى "عيادة الرملة".
وتُعرف عيادة سجن الرملة بسوء أوضاعها الصحية، حيث يُنقل إليها الأسرى المرضى لتلقي علاجات وصفتها مؤسسات حقوقية بأنها "شكلية وغير كافية"، مما يُعمّق من معاناة المعتقلين.
وتؤكد التقارير أن حملات الاعتقالات يرافقها جرائموانتهاكات متصاعدة، منها عمليات تنكيل واعتداءاتبالضرب المبرّح، وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلىجانب عمليات التّخريب والتّدمير الواسعة في المنازل ،ومصادرة المركبات، والأموال، ومصاغ الذهب.
من جانبها، قالت منظمة مراسلون بلا حدود: إنها تواصل الضغط على السلطات الإسرائيلية؛ لضمان حماية الصحفيين الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وأكدت على أن حرية الصحافة أولوية.
واتهمت مؤسساتٌ حقوقية، بينها "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية"، إسرائيل بممارسة سياسات إهمال طبي منهجي بحق الأسرى، وهو ما قد يرقى إلى معاملة لا إنسانية أو مهينة بموجب القانون الدولي.
ووثق المركزالقطري للصحافة استشهاد 229 صحفياً، وصحفية في غزة منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على سكان القطاع في 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن، فيما تواصل قوات الاحتلال استهداف الصحفيين بالاعتقال والاغتيال.
ووجّه المركز القطري للصحافة في منتصف أبريل الماضي، نداء دولياً عبر خطابات رسمية إلى منظمات دولية، شملت «مراسلون بلا حدود»، و«الاتحاد الدولي للصحفيين»، و«هيومن رايتس ووتش»؛ للمطالبة بحماية الصحفيين في غزة والضفة الغربية، ومحاسبة المعتدين.
غياب العدالة
الاعتقال الإداري، هو ممارسة استعمارية استخدمها الانتدابالبريطاني لأول مرة وأعادها الاحتلال الإسرائيلي، وتتمثلفي السجن لأجل غير مسمى دون محاكمة أو تهمة للأفرادالذين تزعم إسرائيل أنهم قد «يشكلون خطراً على أمنالمنطقة» مستقبلاً، وذلك استناداً إلى «معلومات سرية» لايتم الكشف عنها للمعتقل أو محاميه.
ويستبعد هيكل المحاكم العسكرية الإسرائيلية أي احتماليةللاستقلالية أو الحيادية؛ إذ يعمل ضباط الجيش الإسرائيليكقضاة ومدعين عموم في الوقت نفسه، كما تصدر أحكامهابناءً على أوامر عسكرية إسرائيلية صادرة عن القائدالعسكري الإسرائيلي، الأمر الذي ينتهك جوهر ضماناتالمحاكمة العادلة، فضلاً عن احترام حقوق الدفاع.
وبإمكان السلطات الإسرائيلية احتجاز أي شخص لمدة ستةأشهر كبداية؛ إلا أن هذه الفترة يمكن تمديدها لأجل غيرمسمى. وبالتالي، ليس لدى المحتجزين أي فكرة عن موعدإطلاق سراحهم، مما يتسبب في مشاكل نفسية كبيرة لهمولأسرهم.