نيويورك - اعربت الجمهورية اليمنية، عن تطلعها للسلام الحقيقي والمستدام القائم على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن 2216، الذي يمثل خارطة طريق مثلى للحل الشامل للأزمة اليمنية، السلام الذي يلبي تطلعات الشعب اليمني في الاستقرار والتنمية والكرامة واستعادة مؤسسات الدولة القائمة على حكم القانون والعدالة والمواطنة المتساوية وسيادة الشعب، وفقا لـ(سبأ) الشرعية.

واكدت الجمهورية اليمنية، في البيان الذي ألقاه، الخميس 12-6-2025 ، المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله السعدي، أمام مجلس الأمن في الجلسة المفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط (اليمن)، أن الأيادي ستظل ممدودةً للسلام من منطلق الايمان ان الحل السياسي هو الخيار الأمثل لمصلحة اليمنيين ومصلحة الإقليم والعالم..مجددة الالتزام بنهج السلام والترحيب بالجهود التي يبذلها الأشقاء والأصدقاء الرامية لتحقيق السلام.

وقال السفير السعدي "منذ أكثر من عشر سنوات ما يزال شعبنا اليمني العزيز والصابر يواجه أزمات متراكمة في معيشته وحياته ويتحمل أعباء ثقيلة بسبب الحرب التي شننها المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، والتي دمرت مؤسسات الدولة وفرص عيش اليمنيين، مخلفةً واحدة من اسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وعلى مدى السنوات الماضية من حربها ضد اليمنيين، رسّخت هذه المليشيات القناعة بأنها ليست مشروع سلام، وليست مجرد خطر مؤقت وعابر، وإنما تشكّل تهديداً دائماً للسلم والأمن الاقليمي والدولي، وخطراً بنيوياً على اليمن والمنطقة وممرات الملاحة الدولية البحرية".

وأضاف "أن عمليات اختطاف السفن وزراعة الألغام البحرية والقرصنة في البحر الأحمر لم تبدأ في عام 2023، بل كانت نهجاً حوثياً متكرراً منذ سنوات، حتى في ذروة الهدن والمفاوضات، ونستبعد ان تكون لدى الميليشيات الحوثية وداعميها أي نوايا جادة لتغيير سلوكها التخريبي، وأي استجابة من جانبها لجهود التهدئة ليست سوى محاولة مكشوفة للمراوغة والخداع بهدف الاحتفاظ بمصادر قوتها وإعادة التموضع والعودة إلى مربع الحرب وتصعيد نهجها العدواني".

واستطرد بالقول "ومن المؤسف ان كل المحاولات التي بذلتها الحكومة اليمنية وكل الجهود الإقليمية والدولية وجهود الأمم المتحدة لإنهاء هذه الأزمة لم يكتب لها النجاح بسبب رفض وتعنت المليشيات الحوثية، فقد فشلت كل هذه الجهود على الرغم من موافقة وترحيب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية بكل مبادرات السلام، بما فيها خارطة الطريق التي تبناها الأشقاء في المملكة العربية السعودية، واستمرت المليشيات الحوثية في تنفيذ هجماتها على المنشآت النفطية واستهداف المدنيين والأحياء السكنية، والتحشيد العسكري على مختلف الجبهات، وأضرت مغامراتها بمصالح الشعب اليمني ومكتسباته وقادت إلى استدعاء الضربات الجوية والعدوان الإسرائيلي، وتسببت في تدمير البنية التحتية من موانئ ومحطات كهرباء ومطارات، بما في ذلك تدمير اربع طائرات تابعة لشركة الخطوط الجوية اليمنية بعد اختطاف تلك الطائرات والإصرار على استمرار احتجازها في مطار صنعاء، رغم ان القصف الإسرائيلي كان متوقعا، ولا تزال المليشيات الحوثية مستمرة في مغامراتها الطائشة نحو مزيد من الخراب والدمار لمقدرات الشعب اليمني.

وأضاف "لقد فشلت كل جهود السلام حتى يومنا هذا، وستفشل أي جهود مماثلة مستقبلاً، في ظل عدم وجود شريك حقيقي للسلام، ولأن هذه الجماعة لا تؤمن بالسلام ولا تعترف بالدولة ولا بالقانون، فهي جماعة عقائدية مسلحة، تتبنى افكار ومفاهيم الولاية والحق الإلهي في حكم البشر، وترفض الاعتراف بأي صيغة للدولة المدنية أو المواطنة المتساوية، ولا تؤمن بالحقوق والحريات المدنية ولا تعترف بالشراكة السياسية" .. مؤكداً أن استقرار اليمن يمثل ضمانة حقيقية لاستقرار المنطقة والعالم .. داعياً المجتمع الدولي وكل الأشقاء والأصدقاء إلى دعم الحكومة اليمنية في استعادة مؤسسات الدولة وبسط سلطاتها على كامل التراب اليمني لإنها الصراع وإصلاح الأوضاع وتجفيف مصادر الإرهاب والفوضى، إذ لا تنمية في ظل العنف والصراع ولا اقتصاد أو سلام مستدام في ظل الابتزاز المسلح.

وتابع مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة - نيويورك السفير عبدالله السعدي "تواصل الحكومة اليمنية العمل على مسار برنامج الإصلاحات الاقتصادية والإدارية والمالية والتزامها بالمسارات الخمسة المتمثلة في تحقيق السلام وإنهاء الانقلاب والحفاظ على المركز القانوني للدولة، ومكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة، والإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية" .. مؤكداً التزام الحكومة بتعزيز الشراكة الإستراتيجية مع جميع الشركاء المانحين، وأهمية التعاون والتنسيق لتحقيق الأهداف المشتركة لتجاوز التحديات الراهنة، التي اثرت وبشكل مباشر على قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

كما جدد تأكيد الحكومة، للشركاء الإقليميين والدوليين ان دعم الحكومة اليمنية هو استثمار في الأمن والسلم الإقليمي والدولي، وإيمانها أن تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن هو جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المنطقة والعالم .. داعياً كل الاشقاء والأصدقاء والمنظمات الدولية المانحة إلى دعم جهود الحكومة اليمنية لتتمكن من تقديم الخدمات الأساسية والوفاء بالتزاماتها الحتمية وتعزيز التعافي والاستقرار الاقتصادي، كون ذلك الدعم يصب في نطاق جهود المجتمع الدولي والإقليمي لتحقيق السلام واستعادة الأمن والاستقرار في اليمن .. متقدماً بالشكر وعظيم الامتنان للأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على دعمهما للشعب اليمني وحكومته، وتدخلاتهما التنموية والإنسانية المستمرة في هذه الظروف الاستثنائية والحرجة.

واشار الى ان المناطق التي تحت سيطرة الميليشيات الحوثية الإرهابية، تحولت إلى ساحات للقمع والإرهاب وممارسة أبشع الجرائم والانتهاكات بحق أبناء شعبنا اليمني من قتل واختطافات واعتقالات تعسفية بحق المدنيين، وممارسة شتى أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، نتيجة انتماءاتهم السياسية والفكرية التي تتعارض مع توجهات هذه الميليشيات، ولانتزاع اعترافات بتهم ملفّقة، كما تستمر هذه الميليشيات في ممارساتها القمعية الممنهجة ضد حرية التعبير وحرية الإعلام، وابتزاز المواطنين وفرض الجبايات ونهب الممتلكات العامة والخاصة، وتجنيد الأطفال - في أكبر عملية تجنيد يشهدها عصرنا - والزج بهم في جبهات الموت، ضاربةً عرض الحائط بكل القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية".

ونوه الى ما تقوم به الميليشيات من خزن وتكديس الأسلحة والمتفجرات في قلب المناطق المأهولة بالسكان ووسط منازل الأبرياء في انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية، وآخر هذه الجرائم، انفجار مخزن أسلحة تابع للميليشيات في حي سكني في مديرية بني حشيش في صنعاء صباح يوم 22 مايو 2025، والذي أسفر عن مقتل 60 مدنياً، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة العشرات، وكذلك انفجار آخر في 30 مايو، في مخازن للأسلحة الثقيلة والصواريخ في تعز، أسفر عن قتل واصابة العشرات من المدنيين".

واستطرد قائلاً "بعد مرور عام على الاحتجازات التعسفية من قبل الميليشيات الحوثية لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في اليمن ومنظمات المجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية، تعبر الحكومة اليمنية عن بالغ قلقها إزاء استمرار هذه الاحتجازات، وأثرها على جهود تخفيف المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، وعلى بيئة عمل مجتمع العمل الإنساني في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية".

ودعا المجتمع الدولي وهذا المجلس الموقر إلى ممارسة أقصى درجات الضغط على هذه الميليشيات لاحترام القانون الدولي الإنساني، واتخاذ إجراءات صارمة لوقف انتهاكاتها، والإفراج الفوري دون قيد أو شرط عن كافة المختطفين والمحتجزين..مجدداً الدعوة لاتخاذ خطوات جادة لنقل مقرات وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في اليمن إلى العاصمة المؤقتة عدن، لضمان حماية العاملين في المجال الإنساني والتنموي، وتوفير بيئة عمل آمنة.

وأختتم مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة البيان بقوله "وفي ضوء الصورة القاتمة للوضع الإنساني الراهن، وفي ظل استمرار توقف تصدير النفط بسبب الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية، أدى تراجع التمويل للعمليات الإنسانية في اليمن إلى آثار كارثية على شتى القطاعات، لاسيّما القطاع الصحي، الذي تضرر بشكل كبير، كما يتجلى ذلك من خلال تفشي الأمراض الوبائية والحميات مؤخراً في عدد من المحافظات".

وجدد السفير السعدي، الدعوة لجميع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية المانحة لدعم خطة الاستجابة الإنسانية بالشكل الذي يفي بحجم الاحتياجات الإنسانية القائمة في مختلف القطاعات..داعياً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإبقاء الوضع الإنساني في اليمن على قائمة أولوياته لتجاوز الظروف الراهنة وتفادي الأزمة الصحية المحتملة.

المصدر: شبكة الأمة برس

كلمات دلالية: المیلیشیات الحوثیة الملیشیات الحوثیة والمنظمات الدولیة الحکومة الیمنیة المجتمع الدولی الأمم المتحدة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

العراق: الميليشيات وحرب الموارد!

تسبب قرار إداري بتغيير مدير زراعة بغداد، وهي وظيفة مدنية تتبع لمجلس محافظة بغداد، في مواجهة مسلحة بين الميليشيات التي يتبع اليها مدير الزراعة المقال (وهي ميليشيا كتائب حزب الله) والميليشيات التي يتبع اليها المدير الجديد (وهي ميليشيا كتائب الإمام علي)، وأدى إلى تدخل القوات الأمنية وقد نتج عن هذه المواجهة سقوط قتيل و14 عشر جريحا منهم.

في العراق، لا يمكن فهم المواجهة المسلحة بين الميليشيات، والتي يفترض أنها تتبع القائد العام للقوات المسلحة، وأنها تنتمي إلى هيئة الحشد الشعبي، إلا في سياق حقيقة أن هذه الميليشيات لا تتبع سوى أوامر «عرابيها»، وأنها تستخدم كأدوات للسيطرة على الموارد، عبر ما يسمى بالمكاتب الاقتصادية التابعة لها، والمستنسخة من المكاتب الاقتصادية للأحزاب. وأن دورها الرئيسي هو ضمان الحاكمية الشيعية في العراق وضمان فرض هوية أحادية على الدولة والمجال العام، وضمان سيطرة القوى الحليفة لإيران على السلطة في العراق في مواجهة القوى الشيعية الأخرى (بشكل خاص التيار الصدري)، ثم استخدامها بطبيعة الحال لتحقيق مصالح شخصية لعرابيها، وللمجموعات الزبائنية المحيطة بهم!

منذ 2014 وأنا شخصيا أقول إن الحشد الشعبي، الذي أعلن عن تشكيله في حزيران 2014 دون إطار قانوني (بعد تحريف فتوى المرجع الديني السيد علي السيستاني التي دعت إلى الجهاد الكفائي عبر التطوع في القوات الأمنية حصرا)، كان خيارا إيرانيا، وإن القوى السياسية الشيعية وأجنحتها المسلحة والميليشيات الشيعية (التي أعاد رئيس مجلس الوزراء الأسبق نوري المالكي تفعيل نشاطها في منتصف عام 2012، كرد فعل على محاولة سحب الثقة عنه، ولاستخدامها لدعم نظام بشار الأسد من جهة ثانية) ظلت عصية على الضبط طوال السنوات اللاحقة.


فبعد ما يقارب ثلاثين شهرا من التشكيل الفعلي للحشد الشعبي، صدر قانون هيئة الحشد في تشرين الثاني 2016، وكان قانونا مهلهلا غايته توفير الغطاء القانوني والمالي للميليشيات العاملة فعليا على الأرض، ومع ذلك تضمن مادة نصت على أن «يتم فك ارتباط منتسبي هيئة الحشد الشعبي الذين ينضمون الى هذا التشكيل عن كافة الاطر السياسية والحزبية والاجتماعية ولا يسمح بالعمل السياسي في صفوفه». لكن هذا لم يحدث مطلقا، وأقصى ما حصل هو استبدال أسماء تلك الميليشيات بألوية ذات أرقام محددة، مع معرفة الجميع بأن كل لواء من هذه الألوية هو ميليشيا تابعة لهذه الجهة أو تلك، وبقاء ارتباطها الكامل بعرابيها (على سبيل المثال اللواء 45 و46 اللذان شاركا في المواجهة التي تحدثنا عنها بداية المقالة، يتبعان لكتائب حزب الله)!

ولمواجهة هذا الانفلات، أصدر رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي عام 2018 أمرا ديوانيا في محاولة منه لضبطها، وتضمن فقرة تنص على أنه «يشترط لمن يشغل منصب آمر تشكيل فما فوق [أي قادة المناطق ونائبا رئيس هيئة الحشد الشعبي] أن يكون خريج دورات كلية القيادة او كلية الأركان التابعة لوزارة الدفاع، ولا يكون إشغال المناصب المذكورة إلا بموافقة القائد العام للقوات المسلحة، وله حق استثناء من لا تتوفر فيه الشروط المذكورة لمن لديه خبرة عملية وأثبتت كفاءة في الميدان وباقتراح من رئيس الهيئة». لكنه عجز عن تنفيذ ذلك، وأصرت الميليشيات، ومن خلفها إيران والقوى السياسية الشيعية، على إبقاء الوضع على ما هو عليه!

عام 2019 أصدر رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي أمرا ديوانيا آخر، أكثر شدة، لضبط الميليشيات التي أصبحت فاعلا سياسيا رئيسيا، فلم تعد الأحزاب الشيعية الرئيسية لديها أجنحة مسلحة، بل أصبح لكل ميليشيا جناح سياسي يمثلها في مجلس النواب.

تضمن هذا الأمر الديواني التخلي نهائيا عن جميع المسميات التي عملت بها فصائل الحشد الشعبي في سياق الحرب على داعش، واستبدال ذلك بتسميات عسكرية (فرقة، لواء، فوج، الخ)، كما يحمل أفرادها الرتب العسكرية المعمول بها في القوات المسلحة، وأن تقطع هذه الميليشيات افرادا وتشكيلات أي ارتباط سياسي أو عقائدي، وتضمن الأمر الديواني «غلق جميع المكاتب الاقتصادية أو السيطرات أو التواجدات أو المصالح المؤسسة خارج الإطار الجديد لعمل وتشكيلات الحشد الشعبي كمؤسسة تعتبر جزءا من القوات المسلحة» لكنه فشل أيضا في تنفيذ هذا الأمر الديواني للأسباب نفسها!

بعد احتجاجات تشرين، لم تعد هذه الميليشيات مجرد دولة موازية، بل فرضت سطوتها على الدولة نفسها، وبدا هذا واضحا عندما اضطُر رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، حينها، إلى الإذعان الكامل لها. وبعد انتخابات 2021 أصبحت هذه الميليشيات الفاعل الرئيسي في الدولة بعد سيطرتها على مجلس النواب بعد استقالة التيار الصدري، وسيطرتها على الدولة بضوء أخضر إيراني!

بعيدا عن السلطة والدولة، كانت المكاتب الاقتصادية لهذه الميليشيات، قد بدأت بأخذ حصتها من الاستثمار في المال العام، لكن سلاحها مكنها هذه المرة من تجاوز المكاتب الاقتصادية للقوى السياسية، خصوصا في المناطق التي تنتشر فيها؛ بمحافظات بغداد ونينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك.

حيث استحوذت على الحصة الأكبر في المشاريع والمقاولات فيها، وفرضت إتاوات على الجميع، وسيطرت على مساحات واسعة من الأراضي المملوكة للدولة. ولم تكتف بذلك، بل أصبحت تبتز المواطنين عبر التهديد بالتهم الكيدية، وعلى رأسها الإرهاب، أو الانتماء إلى حزب البعث، أو عبر التهديد بالتهجير القسري لدفع مالكي البساتين والأراضي الزراعية بالتخلي عنها لمصلحتهم.
لا يمكن أيضا التعويل على موقف للفاعلين السياسيين السنة في هذه المسألة، بسبب خضوعهم الكامل لإرادة الفاعل السياسي الشيعي
ويحرص الفاعلون السياسون الشيعة، ومن خلفهم إيران، على الإبقاء على الميليشيات، خاصة بعد التغيير الذي حدث في سوريا، لاعتقادهم أنها الضامن الوحيد ليس لضمان الحاكمية الشيعية وحسب، بل لاستمرار وجودهم نفسه، لهذا يرفضون الحلين الوحيدين المنطقين وهما حلها أو دمجها في القوات المسلحة العراقية، فالجميع يدرك أنه لا إمكانية لإعادة هيكلة هذه الميليشيات وإنهاء طبيعتها المزدوجة (قوات رسمية وغير رسمية)، وولائها المزدوج (العراقي -الإيراني)، ونطاق عملها المزدوج أيضا (في الداخل وخارج الحدود)، ولا إمكانية لضمان التزامها بالقانون أو بسياقات الدولة، والتخلي عن تكوينها العقائدي الطائفي.

ولا يمكن أيضا التعويل على موقف للفاعلين السياسيين السنة في هذه المسألة، بسبب خضوعهم الكامل لإرادة الفاعل السياسي الشيعي، كما أن الانقسام الكردي بين السليمانية الحليفة للميليشيات، وأربيل التي تواجه صواريخهم ومسيّراتهم، يمنعهم من اتخاذ موقف حاسم، ومن ثم لم يبق سوى الموقف الأمريكي الذي يصر على دمجها في القوات المسلحة، وهو الموقف الوحيد الذي سيحدد مستقبلها، بل ومستقبل الدولة العراقية ككل لاسيما أن المجتمع الدولي لديه تجربة مرة مع العراق، بسبب الممارسات السياسية الطائفية التي أدت إلى ظهور داعش، والتداعيات الخطيرة التي نتجت عن ذلك.

وعلى العقلاء في الطبقة السياسية العراقية، إن وجدوا، أن يتعلموا من دروس الماضي، وأن يصححوا الخطايا التي ارتكبوها؛ بينها خطيئة صناعة الدولة الموازية التي شكلتها هذه الميليشيات، وأن الإصرار على استمرار هذه الخطايا لغرض فرض الحاكمية الشيعية، وتقويض الدولة، لا يمكن إلا أن يكون إصرارا على الخراب.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • خبير اقتصادي يتوقع هبوط سعر الريال السعودي إلى 140 ريالاً في مناطق الحكومة اليمنية
  • بنك عدن المركزي يكشف السبب الحقيقي لتوقف انهيار الريال اليمني
  • بابا الفاتيكان يعرب عن حزمه لوفاة فتاة مصرية أثناء رحلتها إلى روما
  • بحث أوجه التعاون بيت مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية والسفارة الأمريكية لدى اليمن
  • كمبوديا ترشح الرئيس الأمريكي لجائزة نوبل للسلام
  • مصادر.. الحكومة اليمنية تبدأ إغلاق مكاتب وزاراتها في الرياض تمهيدًا للعودة إلى الداخل
  • بريطانيا تجدد دعمها للحكومة اليمنية وجهود الإصلاح الاقتصادي
  • العراق: الميليشيات وحرب الموارد!
  • اليمن لن يسكت على الخونة والمتواطئين .. السيد القائد يوجه الشعب اليمني بهذا الأمر
  • الحكومة اليمنية: مليشيا الحوثي تنهب نصب مليار دولار من عائدات التبغ