تفاصيل هجوم الدعم السريع على مدينة الفولة غربي السودان
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
قالت مصادر لـــ “التغيير” إن قوات الدعم السريع فرضت سيطرتها بالكامل على مدينة الفولة غربي السودان التي شهدت سقوط قتلى وجرحى وسط المدنيين
التغيير – الفولة
أكدت مصادر مطلعة لـــ “التغيير” اليوم الخميس سقوط عدد من القتلى والجرحى وسط المدنيين على إثر هجوم قوات الدعم السريع على مدينة الفولة الواقعة بولاية غرب كردفان غربي السودان.
وقالت إن قوات الدعم السريع فرضت سيطرتها بالكامل على المدينة عقب انسحاب الكتيبة 462 التابعة للواء 91 مشاة خارج المدينة.
وأكدت أنه حتى الآن لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد الضحايا من المدنيين خلال مواجهات اليوم داخل المدينة بسبب إنقطاع خدمات الإتصالات.
وذكرت المصادر أن خدمات الإتصالات والإنترنت انقطعت داخل المدينة منذ الساعة التاسعة من صباح اليوم تزامناً مع بدء المواجهات بين الأطراف المتقاتلة.
وأشارت إلى أن هجوم قوات الدعم السريع على المدينة بدأ منذ الصباح الباكر من خلال ثلاثة محاور تمثلت في الاتجاهات الشرقية والجنوبية الغربية للمدينة.
ودارت المواجهات بين طرفي الإقتتال في الأحياء الجنوبية الغربية للمدينة منها حي الفردوس، الوحدة، الأمان، وحي السلام والنيل التي تأثرت بسقوط عدد من المقذوفات داخل المنازل.
ومع بداية المواجهات شن طيران الجيش السوداني غارات جوية في منطقتي الخرساية حجة مكة الواقعتين جنوب غرب مدينة الفولة.
وأوضحت أن المدينة شهدت موجات نزوح وسط المدنيين إلي مناطق مجاورة منها قرى بوطة، شموعة، وادي الغلة، كدام، ام طجوك، الاضية، البجة، موقة، شقة، القنة ومدينة المجلد.
يذكر أن عدد النازحين الذين نزحوا من مدينة بابنوسة للفولة أكثر من 16 ألف نازح فروا مجددا إلى جانب نصف سكان المدينة إلى مناطق أخرى مع بداية المواجهات معتمدين على مياه الامطار الراكدة على طوال الطريق.
وبحسب مراقبين قد يشكل سقوط مدينة الفولة بايدي قوات الدعم السريع منعطفا بالنسبة لتوسع رقعة المواجهات بينها وبين الجيش السوداني في ولايات كردفان الكبرى.
وتعتبر مدينة الفولة من أكبر مدن غرب كردفان وحاضرتها ونظراً لخصوصية هذه المدينة التي تعتبر واحدة من أهم الحواضن الاجتماعية لقوات الدعم السريع التي تضم آلاف المقاتلين المنحدرين من مجموعة المسيرية الأهلية صاحبة الثقل في المنطقة.
ودخت المدينة دائرة الحرب الحالية، بعد أن ظلت مستقرة طوال الفترة التي أعقبت اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف شهر أبريل من العام الماضي.
الوسومالجيش الدعم السريع الفولة غرب كردفان
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع الفولة غرب كردفان
إقرأ أيضاً:
زوبعة الحكومة الموازية في السودان
يمكن لأي جماعةٍ أن تعلن تشكيل حكومة على الورق أو في الفضاء الرقمي، لكن هذا لا يعطيها شرعيةً أو وجوداً حقيقياً. فأي حكومة لا تملك السيطرة على أرضٍ ذات سيادة، ولا تمثل إرادة شعبية واسعة، ولا تحظى باعتراف دولي، تعد حكومة وهمية، أو في حالات أخرى محاولة لكسب نقاط تفاوضية، أو لمنازعة السلطة القائمة والمعترف بها في المحافل الدولية.
الحكومة «الموازية» التي أعلنتها «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها في منصة «تأسيس» هي مزيج من كل ذلك، وهي محاولة لفرض واقع جديد بعدما فشل مشروع السيطرة على الدولة السودانية بالكامل بعد اندلاع حرب 15 أبريل (نيسان) 2023، والهزائم التي أخرجت «الدعم السريع» من الأراضي التي تمددت فيها، وحصرت سيطرتها في أجزاء من إقليم كردفان ومساحات من دارفور. لكن هذه المحاولة ليست مرشحةً للفشل فحسب، بل قد تنقلب وبالاً على «الدعم السريع» وحلفائها.
الخطوة قُوبلت بإدانة واسعة من كثير من الدول، ومن المنظمات الإقليمية، ومن الأمم المتحدة، وكلها اتفقت على عدم مشروعية هذه «الحكومة»، محذرةً من أنها قد تمس بوحدة البلاد ولا تعبر عن إرادة الشعب السوداني. بل إن الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وجّها دعوة للدول لعدم الاعتراف بها، مع التأكيد على دعم وحدة السودان وسيادته وأمنه، والتشديد على التعامل مع السلطة القائمة والمعترف بها.
داخلياً فجّرت الخطوة نقمة وخلافات في أوساط «قوات الدعم السريع» التي بدأت تشهد في الأشهر الأخيرة تصدعاً خرج إلى العلن بسبب صراعات النفوذ، والتوترات القبلية، والشكاوى من وجود تمييز وعنصرية من مكونات على حساب أخرى، مع انفلات أمني في مناطق سيطرتها أدى إلى مواجهات مسلحة مرات عدة.
ومع إعلان الحكومة أعلن عدد من مستشاري «الدعم السريع» انشقاقهم احتجاجاً، بينما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو لمقاتليها الساخطين على تشكيلة الحكومة والمجلس الرئاسي لـ«تأسيس». في هذه المقاطع هاجم المجندون قياداتهم وأعلنوا رفضهم لما وصفوه بالتهميش لهم ولقبائلهم، وطالبوا بحصتهم في قسمة السلطة على أساس أنهم من حمل السلاح وقاتل وفقد أعداداً كبيرةً من الشباب، ولكن لم يتم تمثيلهم في حين ذهبت المناصب لأصحاب «البدلات» من المدنيين الذين لم يشاركوا في القتال.
وبينما شن المحتجون في «الدعم السريع» هجوماً شديداً على عبد العزيز الحلو، رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، الذي حصل على منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي وحصة 30 في المائة من المناصب الأخرى، فإن الرجل قُوبل أيضاً بموجة من السخرية من ناشطين في مناطق سيطرته في جبال النوبة لقبوله أن يكون نائباً لمحمد حمدان دقلو (حميدتي)، متسائلين ما إذا كانت «الحركة الشعبية» قاتلت من أجل المناصب على حساب شعارات التهميش ورفع المظالم.
الواقع أن تحرك «قوات الدعم السريع» ومجموعة «تأسيس» لإعلان حكومة لا يعكس قوة، بقدر ما يظهر يأسها من قلب الموازين العسكرية مجدداً، ويزيد من تصدعاتها. فهذه الحكومة سيصعب عليها الوجود على الأرض في ظل الهجمات التي يشنها الجيش السوداني في دارفور وكردفان، بعدما انتقلت المعارك غرباً، وسط مؤشرات على أن الجيش يستعد لشن هجمات كبرى منسقة على غرار ما حدث في الجزيرة والخرطوم. وعلى الرغم من الصخب الإعلامي عن أن إعلان الحكومة كان من نيالا، فالحقيقة أن اجتماعات ترتيب خطواتها وتشكيل المجلس الرئاسي كانت في كينيا، وفقاً لبيان الخارجية السودانية.
لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع
«قوات الدعم السريع» قد تكون مسيطرة حالياً على أجزاء كبيرة من دارفور وبعض المواقع في كردفان، لكنها لا تمثل بأي حال أغلبية السكان هناك، ولا تحظى بتأييد مكونات ومجموعات مقدرة، لا سيما بعد الانتهاكات الواسعة وجرائم الإبادة التي ارتكبتها. وحتى داخل مكونها القبلي فإنها تواجه عداء شخصيات نافذة مثل الشيخ موسى هلال رئيس «مجلس الصحوة الثوري» الذي انتقد تشكيل الحكومة الموازية، وشن هجوماً عنيفاً على حميدتي وشقيقه عبد الرحيم، وسخر من فكرة أن يحكما السودان.
المفارقة أنه مع إعلان هذه الحكومة أعلنوا أيضاً تعيين ولاة لأقاليم السودان في الوسط والشمال والشرق والنيل الأزرق والخرطوم، وهي المناطق التي كان أهلها يحتفلون بانتصارات الجيش والقوات التي تقاتل في صفوفه، وإخراجه «قوات الدعم السريع» منها. هذه التعيينات تضيف بلا شك إلى عبثية المشهد، لسببين؛ الأول أنه لا أمل لهؤلاء «الولاة» في تسلم سلطة فعلية على هذه المناطق، ولا معطيات حقيقية بإمكانية عودة «الدعم السريع» للسيطرة عليها، والثاني أنه حتى عندما كانت قواتها تسيطر عليها سابقاً فإن الإدارات المدنية التي شكلتها فيها لم تكن سوى مسميات وهمية لا وجود حقيقياً لها، ولا إنجازات.
الحقيقة أنه على الرغم من الفورة الإعلامية التي رافقت إعلانها، فإنه لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع ناهيك عن أن تصبح حكومة بديلة تحكم السودان كله.
الشرق الأوسط