بوكينغ يحذّر من عمليات احتيال بواسطة الذكاء الاصطناعي التوليدي
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
كندا "أ.ف.ب": نبّهت المسؤولة عن الأمن الإلكتروني في منصة حجوزات السفر الهولندية "بوكينغ" Booking في حديث أدلت به لوكالة فرانس برس على مشارف موسم العطلة الصيفية، إلى ضرورة توخّي الحذر من عمليات الاحتيال التي تُنفّذ بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي القوية.
ورأت مسؤولة الأمن المعلوماتي في "بوكينغ" مارني ويلكينغ أن الذكاء الاصطناعي التوليدي أدى إلى زيادة كبيرة في عمليات التصيد الاحتيالي (phishing)، وأن قطاع الفنادق والمطاعم، الذي بقي طويلاً في منأى عن هذه العمليات، أصبح هو الآخر هدفاً لها.
وأشارت ويلكينغ لوكالة فرانس برس على هامش مؤتمر "كوليجن" Collision للتكنولوجيا في مدينة تورونتو الكندية إلى أن "الهجمات، وخصوصاً هجمات التصيد الاحتيالي، زادت بنسبة تتراوح بين 500 في المئة و900 في المئة في العام ونصف العام الأخيرين، في كل القطاعات مجتمعة، في كل أنحاء العالم".
ويقوم "التصيد الاحتيالي" على سرقة هوية المستخدِم أو معلوماته السرية (رموز الوصول، والتفاصيل المصرفية، وما إلى ذلك) بواسطة الحيلة، عبر رابط موجود في رسالة إلكتروني يتلقاها.
وينتحل المحتالون صفة هيئات رسمية، كالمصارف أو منصات التوصيل أو السلطات الجمركية، ويحاكون نظام مصادقة.
ويتمثل هدفهم في إقناع الضحية بزيارة الموقع الاحتيالي - الذي يشبه الموقع الأصلي - فيقع في الشرك ويُدخِل معلوماته السرية.
ويمكن أن تكون مواقع السفر بمثابة منجم ذهب للمحتالين، إذ غالباً ما ينبغي على طالبي حجز تذاكر الرحلات أو الإقامات الفندقية تقديم تفاصيل بطاقاتهم الائتمانية أو تحميل نسخة عن وثيقة ثبوتية.
ومع أن التصيد الاحتيالي كان موجوداً أصلاً عبر البريد الإلكتروني، لاحظت الخبيرة أن "الزيادة بدأت تُسجّل بعد وقت قصير من إطلاق تشات جي بي تي" في نهاية عام 2022، وهو البرنامج الذي ينشئ محتوى بناءً على طلب بسيط باللغة اليومية.
ورأت ويلكينغ أن المتسللين "يستخدمون بلا شك الذكاء الاصطناعي لشنّ هجمات تحاكي رسائل البريد الإلكتروني بشكل أفضل بكثير من كل ما فعلوه من قبل".
وشرحت أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي باتت تتيح للمحتالين استخدام لغات متعددة، وفي كل لغة تحسين أسلوب النصوص وتطبيق القواعد النحوية على نحو أفضل من ذي قبل.
وأوضحت أن الموظف الفندقي، توخياً لخدمة النزيل المزعوم الذي أرسل له رسالة إلكترونية، "سيفتح على الأرجح الملف المرفق"، وهو في الواقع برنامج ضار الذي يستغل طبيعة هذا القطاع القائم على الخدمة.
المصادقة الثنائية
وما على المستخدمين، سواء أكانوا طالبي حجز أو مؤسسات مختصة بالسفر والضيافة، إلاّ أن يشتركوا في نظام المصادقة الثنائية عند تصفحهم الإنترنت.
ففي المصادقة الثنائية، لا يكفي إدخال اسم المستخدم وكلمة المرور، بل يُطلب من المستخدمين تأكيد هويتهم من خلال عامل إضافي، قد يكون رمزاً لمرة واحدة يتم إرساله إلى أجهزتهم المحمولة أو إنشاؤه بواسطة تطبيق مصادقة.
وشددت الخبيرة على أن هذه الخطوة الإضافية، رغم ما تتطلبه من جهد إضافي، تبقى "إلى حد بعيد أفضل طريقة لمحاربة التصيد الاحتيالي وسرقة بيانات التعريف".
ونصحت المستخدمين "عدم النقر على أي شيء يبدو مريباً"، ودَعَتهم إلى "الاتصال بالجهة المالكة والمضيفين وخدمة الزبائن".
وأفادت مارني ويلكينغ بأن ثمة تعاوناً وثيقاً قائماً بين موقع "بوكينغ" وغيره من الجهات البارزة في هذا القطاع.
وأضافت "لقد أنشأنا نماذج ذكاء اصطناعي للكشف عن عمليات الاحتيال هذه أو منع حصولها من البداية ثم حذفها قبل أي حجز.
ولاحظت مواقع حجوزات السفر زيادة في الجهات الحكومية (يُعتقد أنها روسيا والصين) المتهمة بتنفيذ أعمال ضارة عبر الإنترنت أو التجسس على الزبائن.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی التصید الاحتیالی
إقرأ أيضاً:
تراجع الهيمنة الأمريكية في سباق الذكاء الاصطناعي
صراحة نيوز- قال تحليل نشرته “فورين أفيرز” إن ريادة الولايات المتحدة العالم في مجال الذكاء الاصطناعي ربما بدأت تتلاشى.
أفاد التحليل بأنه على مدى السنوات القليلة الماضية، قادت الولايات المتحدة العالم في تطوير الذكاء الاصطناعي؛ حيث لعبت شركات أمريكية مثل OpenAI وGoogle وAnthropic وMeta دوراً محورياً في دفع عجلة الابتكار بفضل الجمع بين التميز الأكاديمي، والاستثمار الخاص، والتنظيم الحكومي الخفيف نسبياً. وحققت النماذج الأساسية الأمريكية مثل GPT وGemini تقدماً سريعاً في قدرات الاستدلال والمعالجة متعددة الوسائط وحل المشكلات العلمية، مما عزز حصتها في الأسواق العالمية وتفوقها على نظيراتها الصينية.
لكن بحلول أواخر عام 2024، بدأ هذا التفوق الأمريكي بالتلاشي. فقد حققت شركات الذكاء الاصطناعي الصينية مثل DeepSeek وBaidu وAlibaba وTencent تقدماً هائلاً، وقلصت الفجوة مع النماذج الأمريكية إلى بضع نقاط مئوية. ويعزى هذا التقدم إلى استراتيجية الصين المدفوعة من الدولة والتي تشمل استثمارات ضخمة في أشباه الموصلات والبنية التحتية للطاقة، وتنسيقاً وثيقاً بين القطاعين العام والخاص، ونظاماً تعليمياً يخرج كوادر متخصصة في الذكاء الاصطناعي، إلى جانب دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، من التصنيع إلى الخدمات العامة.
وكانت شركة Xiaomi في بكين أحد أبرز الأمثلة على ذلك. ومصنع الشركة يستخدم أكثر من 700 روبوت مدعوم بالذكاء الاصطناعي لإنتاج سيارة كهربائية كل 76 ثانية. كما تستخدم المدن الصينية الذكاء الاصطناعي لإدارة حركة المرور والمراقبة والتنفيذ القانوني، وتقوم الحكومات المحلية بتجريب تطبيقات جديدة في التعليم والرعاية الصحية. وفي الوقت نفسه، قامت الشركات الصينية بتحسين برمجياتها لزيادة كفاءة استخدام العتاد المتوفر، مما خفف من تأثير القيود الأمريكية على تصدير الرقائق المتقدمة.
نتيجة لذلك، تواجه الولايات المتحدة واقعاً جديداً: تفوقها في الذكاء الاصطناعي لم يعد مضموناً. وقد أدركت إدارتا الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن والرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب هذه الحقيقة، فاتبعتا استراتيجيات لتأخير أو منع هذا التراجع من خلال فرض قيود على التصدير وتكثيف الابتكار المحلي عبر استثمارات في أشباه الموصلات والبنية التحتية واعتماد الذكاء الاصطناعي في الحكومة، خصوصاً في الأمن القومي والصحة ومكافحة الاحتيال.
ومع ذلك، لم يعد التفوق الأمريكي مسألة محسومة. ويبدو سباق الذكاء الاصطناعي الآن وكأنه ماراثون طويل الأمد. لذا، على صانعي السياسات في واشنطن أن يستعدوا لعالم تتقاسم فيه الولايات المتحدة الريادة مع قوى أخرى، أو حتى تحتل المرتبة الثانية. لكن هذا لا يعني تكرار أخطاء سباق الجيل الخامس (5G)، حيث تقدمت الصين بسرعة بينما عانت أمريكا من اللحاق بها. لكن بدلاً من ذلك، يجب أن تركز الاستراتيجية الأمريكية على المرونة والقدرة على التكيف والتعاون.
استراتيجية أكثر ذكاءً
ونصح التقرير بأنه بدلاً من التمسك بهيمنة غير مضمونة، يجب على الولايات المتحدة الاستثمار في أطر جديدة تبرز جاذبية نماذجها حتى لو لم تعد الأفضل في المقاييس التقليدية. يمكن لوكالة المعايير الوطنية (NIST) ومعهد سلامة الذكاء الاصطناعي تطوير معايير تقييم جديدة تتجاوز دقة الأداء إلى معايير مثل الشفافية، والأمان، وتكلفة التشغيل، وسهولة التعديل. هذه المعايير قد تكون أكثر أهمية للأسواق الناشئة، حيث تُفضل النماذج القابلة للتكيف والمضمونة والثابتة الكلفة على الأداء التقني البحت.
كما إنه يمكن لواشنطن الترويج لتوافق النماذج المختلفة على المستوى العالمي. فمع تزايد عدد النماذج الأساسية، سيبحث المستخدمون عن حرية التنقل بينها دون قيود أو تكاليف باهظة. ويمكن للشركات الأمريكية تسهيل هذا التحول عبر تقليل تكاليف التبديل، وتبسيط التهيئة، وتخفيض متطلبات التدريب والتجهيزات. كما يمكن للحكومة الأمريكية أن تقود جهوداً دولية لتوحيد بروتوكولات واجهات البرمجة (APIs) لجعل التكامل والتنقل بين النماذج أسهل، مما يقلل من الاعتماد على نموذج أو بلد واحد.
من جانب آخر، ينبغي على الولايات المتحدة تطوير طبقات وسيطة للبرمجيات تفصل بين التطبيقات والنماذج الأساسية. هذه الطبقات تقلل من التبعية لنموذج معين، وتتيح مرونة أكبر في التبديل إذا تغير النموذج أو ظهرت بدائل أفضل. وفي حال تفوقت النماذج الصينية، ستكون هذه الطبقات أداة حيوية لتقليل المخاطر مثل الرقابة أو تعطيل الخدمة.
وبالإضافة لذلك، سيكون من الضروري تطوير أنظمة “تحكيم” برمجية تقارن مخرجات نماذج مختلفة. ففي تطبيقات حرجة مثل التشخيص الطبي أو اكتشاف الاحتيال، يمكن لتلك الأنظمة تقييم الإجابات من نماذج موثوقة محلياً وأخرى أكثر كفاءة ولكن أجنبية، وتحذير المستخدم من الإجابات غير الدقيقة. ورغم أن هذا يضيف تكلفة ويبطئ الأداء، إلا أنه يضمن السلامة والموثوقية في مجالات حساسة.
أصعب التحديات
ووفقا للتحليل، فإنه من أصعب التحديات التي ستواجهها الولايات المتحدة هو تحديد متى وكيف تشارك بياناتها. ففرض حظر شامل على مشاركة البيانات مع الصين قد يبدو خياراً آمناً، لكنه قد يضر بالمصلحة العامة. فإذا أثبت نموذج صيني أنه أكثر فعالية في تشخيص الأمراض أو توقع الكوارث، فإن منع استخدامه قد يضر الصحة العامة أو الاقتصاد.
والحل الأمثل هو اعتماد سياسة مدروسة لمشاركة البيانات بناءً على تحليل الفوائد والمخاطر. ويمكن استخدام تقنيات مثل إخفاء الهوية، وتشفير البيانات، والخصوصية التفاضلية لتقليل خطر التسريب مع الحفاظ على الفائدة. ويجب على واشنطن وضع إرشادات واضحة لمتى تكون مشاركة البيانات مقبولة، وتدريب الحلفاء والشركاء، خاصة في الدول النامية، على الاستخدام الآمن والتنقل بين النماذج.
وشدد التقرير على أنه رغم أن شركات الخدمات السحابية الأمريكية مثل أمازون ومايكروسوفت وغوغل ما زالت تهيمن على أكثر من 60% من السوق العالمي مقارنة بـ4% فقط لعلي بابا، إلا أن هذه الهيمنة قد تتراجع. فالابتكار في الذكاء الاصطناعي قد يصبح أبطأ وأكثر تكلفة، مما يمنح الصين ذات التنسيق المركزي ميزة تنافسية.
والخطة الوطنية الجديدة للذكاء الاصطناعي التي ستُصدر في يوليو/تموز يجب أن تعكس هذا الواقع المتغير. وينبغي على أمريكا أن تعترف بأن الريادة مهمة ولكنها ليست مضمونة.