إعمار غزة بركام المباني ومياه البحر.. طلاب مصريون يغيثون القطاع بالعلم
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
هل سنقف مكتوفي الأيدي حيال ما يحدث في قطاع غزة؟.. استهلت فريدة الكرماني، الطالبة بقسم التشييد بالجامعة الأميركية بالقاهرة، حوارها مع بعض من زملائها بهذا السؤال، فكانت الإجابة التي اتفقوا عليها هي أن يكون مشروع تخرجهم في الجامعة عن "إعادة إعمار قطاع غزة".
تقول الكرماني في حديث مع "الجزيرة نت": "اتفقنا جميعا على أن نكون عمليين، وبدلا من أن نردد السؤال السائد لإراحة الضمائر وما الذي نستطيع أن نفعله لهم سوى الدعاء، رأينا أننا نملك وسيلة أخرى للمساعدة، وهي العلم".
ويقوم مشروع التخرج -الذي أجري تحت إشراف الدكتور محمد نجيب أبو زيد والدكتورة مرام سعودي الأستاذان بقسم التشييد بالجامعة وكُرّم المشاركون به مؤخرا من نقابة المهندسين المصرية- على الاستفادة من ركام المباني والمخلفات ومياه البحر في مشروع متكامل لإعادة الإعمار، ويضم مباني ورصف طرق.
وقدر مسؤول فلسطيني في أبريل/نيسان الماضي حجم ركام المباني في محافظات قطاع غزة الخمس، بما يزيد على 20 مليون طن، وهو ما يمكن أن يملأ مساحة القطاع أكثر من 30 مرة. واعتبر هذا المسؤول الذي لم تكشف عن هويته "وكالة أنباء العالم العربي" التي نقلت تصريحاته، أن التخلص من هذا الركام يضع صعوبات هائلة أمام عمليات إعادة الإعمار.
وتقول الكرماني: "نعلم أن إزالة الركام يمثل عبئا كبيرا في عملية إعادة الإعمار، لذلك سعى مشروعنا إلى توظيفه مع مياه البحر كبديلين للخامات المستخدمة في عملية البناء".
ويعتمد إعداد خرسانة البناء على مكونات الزلط والرمل والأسمنت والمياه اللازمة في عملية الخلط. وفي المشروع الذي قدمه الطلاب، كان الركام بديلا عن الزلط، واستُخدمت مياه البحر بعد إضافة مواد مضادة للأملاح في الخرسانة، ومعالجة الحديد المستخدم في البناء بطبقة عازلة لمنع تفاعل الأملاح مع الحديد.
وحتى يكون المشروع محاكيا للواقع، يقول الطالب عبد الله الشناوي أحد المشاركين بالمشروع لـ"الجزيرة نت": "سافرنا لأحد الشواطئ وجلبنا كميات من مياه البحر، كما زرنا مبنى صدر له قرار إزالة في محافظة القاهرة، وقمنا بتجميع كميات كبيرة من الركام التي ستستخدم في المشروع".
وأعد الطلاب ستة نماذج صغيرة للخرسانة أُعد بعضها بخامات تقليدية والأخرى بالخامات الجديدة، وذلك لاكتشاف الفوارق بينها عبر اختبارات هندسية في مجال البناء.
واستُخدم في أحد النماذج مياه عذبة وزلط تقليدي، وفي الثاني مياه عذبة وركام نقي جدا، وفي الثالث مياه عذبة وركام مواقع (أي مما جُمع من موقع المنزل الذي صدر له قرار إزالة)، وفي الرابع مياه مالحة وزلط تقليدي، وفي الخامس مياه مالحة وركام نقي جدا، وفي السادس مياه مالحة وركام مواقع.
ويوضح الشناوي: "وجدنا من خلال المقارنات بين النماذج الستة، أن النموذجين المرشحين للاستخدام في قطاع غزة، وهما اللذان يتكونان من المياه المالحة مع ركام المواقع والآخر وهو المياه العذبة مع ركام المواقع؛ يعطيان نتائج مقبولة في الاختبارات الهندسية، مثل:
قوة الضغط: وهو مقياس لقدرة المادة على تحمل الأحمال المحورية، وهي إحدى الخصائص الميكانيكية الرئيسية للمواد، خاصة في مجالات البناء والهندسة، حيث تواجه المواد غالبا ضغوطا ضاغطة. ونفاذية الكلوريد السريع الذي يقيس مقاومة الخرسانة لاختراق أيون الكلوريد، وهو السبب الرئيسي للتآكل في الهياكل الخرسانية المسلحة. وقوة الانحناء الذي يقيس القدرة على مقاومة الكسر تحت الحمل".وفي مقياس قوة الضغط، أعطى نموذج "المياه مالحة وركام المواقع" قيمة 23.6 ميغا باسكالا، مقابل 36.1 ميغا باسكالا لنموذج "المياه العذبة وركام المواقع".
أما في مقياس قوة الانحناء فكانت النتيجة 3.2 ميغا باسكالات لصالح الأول، و3.6 ميغا باسكالات للثاني.
وأخيرا في مقياس نفاذية الكلوريد السريع، كانت النتيجة 6234 كولوما لصالح الأول، و2661 كولوما لصالح الثاني.
تصميم مقترح للمبانيوتقول الطالبة نادين داود -إحدى المشاركات بالمشروع- لـ"الجزيرة نت": إنه "وفقا لهذه النتائج، فإن نموذج المياه المالحة وركام المواقع قد يكون مناسبا للمباني متوسطة الارتفاع، فيما يصلح النموذج الثاني -المياه العذبة وركام المواقع- لأي ارتفاعات. وباستخدام برنامج ريفيت (Revit) أتحنا تصميما للمبني الذي تدخل في بنائه مكونات النموذج الأول".
وتضيف: "نعلم أن البناء باستخدام مياه البحر سيكون أكثر كلفة، لأنه سيقتضي إضافة مواد مضادة للأملاح في الخرسانة، ومعالجة الحديد المستخدم في البناء بطبقة عازلة لمنع تفاعل الأملاح مع الحديد، إلا أننا رأينا أن نضع تحت أيدي سكان قطاع غزة كافة الحلول، لا سيما وأن القطاع يعاني من أزمة مياه عذبة، وقد لا يملك رفاهية استخدام تلك المياه في البناء".
وعن الجزء الثاني من المشروع والمتعلق برصف الطرق، قدّم الطلاب مقترحا باستخدام ركام المباني بديلا عن الزلط، بالإضافة إلى استخدام بعض المخلفات بعد طحنها.
يقول الطالب أيمن سعيد المشارك بالمشروع: إن "مادة الأسفلت المستخدمة في رصف الطريق تتكون من الزلط والرمل والبيتومين، وقد وجدنا أن استخدام الركام بديلا عن الزلط بالإضافة إلى إدخال مخلفات أكياس البلاستيك وإطارات السيارات بعد طحنهما بنسبة 6% (3% لكل منهما) إلى البيتومين، يمكن أن يعطي فوائد بيئية ووظيفية للمادة".
ويوضح سعيد أن النماذج المعملية التي أُعدت للوصول إلى هذه النتيجة شملت إعداد مادة رصف تقليدية من البيتومين بمفرده، وأخرى من تلك المادة مضاف لها إطارات السيارات المحطونة، وثالثة مضاف لها مطحون أكياس البلاستيك، والرابعة شملت البيتومين مع مطحون أكياس البلاستيك وإطارات السيارات، وكانت أفضل النتائج في الاختبارات لصالح النموذج الأخير.
وخضعت النماذج الأربعة لعدة اختبارات كان أبرزها "اختبار قوة الشد غير المباشر"، وهو مؤشر للقوة والالتصاق ضد الإجهاد والتشقق الناتج عن درجات الحرارة والتخدد، واختبار "الانحناء شبه الدائري" لحساب طاقة الكسر لمخاليط الأسفلت.
ومن جانبه، يشيد الاستشاري الهندسي خالد عبد الباسط مدير إحدى الشركات الخاصة، بالمشروع الذي قدمه الطلاب، والذي ينقسم في تقديره إلى جانبين: أولهما عملي ويتعلق بتقديم مقترح للاستفادة من الركام الذي يمثل عبئا بيئيا، والثاني معنوي يعكس اهتماما بقضايا الأمة العربية والإسلامية بما يملكه الطلاب من أدوات، وهي العلم.
وإذا كان الجانب الثاني لا خلاف عليه، إلا أن الجانب العملي سيواجهه في رأيه بعض التحديات، وهي :
أولا: كيفية استيعاب المواد غير التقليدية ضمن قوانين ومعايير البناء الحالية؟ ثانيا: قدرة المواد الجديدة على الصمود أمام الظروف البيئية المحددة لقطاع غزة، مثل الملوحة العالية والنشاط الزلزالي المحتمل؟ ثالثا: الحاجة إلى عمالة مدربة بالمهارات اللازمة لتنفيذ تقنيات البناء الجديدة. رابعا: مدى كفاءة المواد الجديدة مع المتطلبات الهيكلية لأنواع المباني المختلفة؟ خامسا: مدى تأثير استخدام مياه البحر، حتى مع الإضافات المضادة للملح، على متانة الخرسانة على المدى الطويل.وكانت هذا التحديات التي أشار إليها عبد الباسط حاضرة في أذهان الطلاب ومشرفيهم، إذ تقول الكرماني: "الاختبارات المعملية شملت تعريض العينات لضغوط مشابهة لما تتعرض له المباني على مدى سنوات طويلة، وكان هناك اطمئنان على السلامة الهيكلية دفعتنا للخروج بتوصيات تتعلق باستخدام الركام مع مياه البحر، وأخرى باستخدام الركام مع المياه العذبة".
ولا ترى الكرماني أنه ستكون هناك صعوبة في تدريب عمال البناء على التقنيات الجديدة، ولا في إدراج المواد الجديدة ضمن معايير البناء، وتقول: "نحن نقدم حلولا مثبتٌ كفاءتها بالعلم، فضلا عن أن الأوضاع الصعبة التي يعيشها القطاع تقتضي الاستفادة من كل حل متاح، وما يشجعنا على ذلك أن أهل قطاع غزة قد تعودوا على الابتكار في كل شيء لمواجهة الحصار الإسرائيلي على مدى سنوات طويلة، حتى قبل الحرب الحالية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المیاه العذبة رکام المبانی میاه البحر میاه مالحة میاه عذبة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة أسيوط التكنولوجية يشهد افتتاح الجمعية العمومية للشراكات الاكاديمية
حقق طلاب جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية المركز الأول في مسابقة كرة الطائرة بنين وبنات؛ وذلك خلال مشاركتهم بطولة لقاء الصداقة للإلعاب الرياضية للكليات التكنولوجية والمعاهد العليا والمتوسطة والفنية بمنطقة وسط الصعيد، والذى أُقيم خلال الفترة من ٧ إلى ١٠ ديسمبر الجاري؛ بمقر المعهد العالي للادارة والمحاسبة – بمنطقة أخميم الجديدة بسوهاج.
وجاءت مشاركة الجامعة في هذا الحدث الرياضي في ضوء توجيهات الدكتور جمال تاج رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية، وتحت إشراف الدكتور علي محمد يوسف نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، والدكتور عصام محمود منسق عام الأنشطة الطلابية، وطارق مصطفى، ومروة حسين؛ مسئولي إدارة رعاية الطلاب بالجامعة.
وحيث نُظمت هذه البطولة تحت رعاية الدكتور محمد أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وإشراف إدارة النشاط الرياضي بالإدارة العامة لرعاية الطلاب بوزارة التعليم العالي؛
بمشاركة نحو أكثر من ١٤ جامعة ومعهد عالي ومتوسط من إقليم وسط الصعيد؛ بهدف تعزيز روح التنافس البناء بين طلاب الكليات والمعاهد المشاركة.
وأعرب الدكتور جمال تاج رئيس الجامعة عن سعادته البالغة لفوز طلاب الجامعة، وحصولهم علي المركز الأول في مسابقة كرة الطائرة بنين وبنات، مشيدًا بالروح الرياضية العالية التي ظهر بها طلاب الجامعة، والتزامهم وانضباطهم الذي يعكس الصورة المشرّفة جامعتنا.
وأكد رئيس الجامعة إن هذا الإنجاز يعكس حرص الجامعة على دعم الأنشطة الطلابية والرياضية، إيمانًا منا بدورها في بناء شخصية الطالب المتكاملة، وتعزيز روح التعاون والانتماء والمنافسة الشريفة، والتعرف علي صداقات وثقافات مختلفة تساهم في بناء شخصياتهم الرياضية.
كما وجّه الدكتور جمال تاج خالص الشكر لكل من ساهم في هذا النجاح، داعيًا الطلاب إلى مواصلة التميز والارتقاء باسم الجامعة في جميع المحافل.
وفي سياق متصل أضاف؛ الدكتور علي يوسف نائب رئيس الجامعة، أن الجامعة حريصة علي توفير بيئة ملائمة لدعم مواهب الطلاب الرياضية، وأنها مستمرة في دعم الأنشطة الطلابية لتوفير كافة الإمكانيات اللازمة لطلابها للمشاركة في البطولات والمسابقات المختلفة؛ معبرًا عن ثقته في استمرار طلاب الجامعة في تحقيق المزيد من النجاحات والحصول علي المراكز في البطولات القادمة.
ومن جانبه؛ أعرب الدكتور عصام محمود منسق عام الأنطشة الطلابية عن سعادته بتحقيق طلاب الجامعة المركز الأول في مسابقة كرة الطائرة بنين وبنات؛ الأمر الذي يعكس تفاعل الطلاب الإيجابي مع الأنشطة، مؤكدا علي دور الجامعة مستمر في توفير بيئة رياضية متكاملة، تشجع الطلاب علي المشاركة الفاعلة في البطولات والمسابقات المختلفة.
ويذكر أن طلاب الجامعة قد شاركوا في مسابقات " كرة القدم، كرة التنس، كرة الطاولة بالإضافة إلي كرة الطائرة بنين وبنات.
وكما شهد الدكتور جمال تاج عبدالجابر رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية، افتتاح الجمعية العمومية لهيئة الشراكات الأكاديميات2025 وانطلاق المعرض الدولي لتسويق مخرجات البحوث والابتكار IRC EXPO، والمنعقد خلال الفترة من 11 إلى 12 ديسمبر 2025 بالعاصمة الجديدة.
كما حضر من الجامعة الدكتور علي يوسف نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، والدكتورة ولاء محمود الشريف عميد كلية العلوم الصحية التطبيقية.
ويهدف المعرض إلى تعزيز تسويق البحوث ونقل التكنولوجيا، وفتح مسارات جديدة للتعاون بين المؤسسات البحثية والصناعة، بما يدعم التنمية المستدامة والتحول إلى اقتصاد المعرفة.
وأشار الدكتور جمال تاج إلى أن افتتاح الجمعية العمومية لهيئة الشراكات الأكاديمية يعكس التوجه نحو شراكات دولية فاعلة، وأن الجامعة فخورة بأن نكون جزءًا من هذا الحراك العلمي والتنموي.
كما أضاف رئيس الجامعة إلى أن المعرض يُمثل منصة استراتيجية لتسويق الابتكارات وتعزيز التعاون بين الجامعات ومؤسسات الصناعة، وهو ما يتماشى مع رؤية الدولة لبناء اقتصاد معرفي تنافسي.
وثمّن رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية دعم القيادة السياسية لهذا الحدث، والذي يؤكد إيمان الدولة بدور الجامعات في التنمية المستدامة، مشيدًا بدور هيئة الشراكات الأكاديمية في تعزيز التعاون الدولي بين الجامعات ومراكز البحوث.