يحمل يوسف في جيبه مئة وخمسون شيكلا، (تعادل حوالي 40 دولارا)  يدور بها أرجاء مخيم جباليا باحثا عن طعام، عله يجد ما يسد به رمق عائلته المكونة من 6 أفراد، لكنه يرجع خائبا إلى خيمته المستحدثة.

يوسف الطفل الذي لم يتجاوز الـ13 عاما من العمر يتحدث لـ"عربي21" عن رحلته اليومية منذ نحو أسبوع، قاصدا شوارع المخيم وأسواقه المدمرة باحثا عن طعام لإخوته الصغار، عله يجد "أي شئ"، لكنه يصطدم بنفاذ كل شئ من الأسواق، إلا من بعض الدقيق الأبيض.



يقول يوسف الذي فقد والده في قصف للاحتلال دمر منزلهم في المخيم بداية العدوان، إن أمه ترسله يوميا منذ نحو أسبوع للبحث عن ما تيسر من خضار أو معلبات "الفول" أو"الفاصوليا" أو أي شئ من هذا القبيل، ليسكت بها جوع أخواته الصغيرات، لكنه لا يجد شيئا، ليعود إلى خيمته مستسلما مع عائلته لتناول رغيف من الخبز الحاف.

رحلة يوسف اليومية تلخص حال سكان شمال قطاع غزة الذي يكابدون موجة ثانية من الجوع على إثر إغلاق قوات الاحتلال المعابر، ومنع دخول المواد الغذائية الأساسية لنحو 700 ألف فلسطيني ما زالوا يعيشون في أحياء ومناطق الشمال.


لم يتبق سوى الطحين
تؤكد النازحة في مخيم الشاطئ، فاطمة محمود أنه لم يتبق لديها سوى الدقيق الأبيض الذي تصنع منه الخبز يوميا لإطعام أسرتها التي أوت إلى إحدى المدراس، قادمة من منطقة الكرامة، شمال غرب مدينة غزة.

تقول "فاطمة" في شهادتها لـ"عربي21" إنها تعيش مع أسرتها على وجبة واحدة يوميا تتكون من الخبز فقط، الأمر الذي أصابها وعائلتها بالهزال والضعف، في ظل شح المواد الغذائية الأخرى، وعدم امتلاكها النقود لشرائها، حال توفر القليل منها على فترات متباعدة.

تناشد النازحة التي تعيل زوجها الجريح، و4 آخرين من أفراد أسرتها، أنها بحاجة ماسة إلى غذاء صحي ولو بالحد الأدنى، لتتمكن من النجاة من المجاعة التي تضرب غزة، إذ إن تناول الخبز فقط، تسبب لها ولعائلتها بمشاكل صحية وعسر في الهضم، كونه الوجبة الوحيدة منذ أيام طويلة.

تضيف فاطمة قائلة: "كل النازحين عنا في المدرسة بيعانوا المرض والهزال العام، خاصة الأطفال وكبار السن الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة، وطعام خاص لا يتوفر في ظل هذه الظروف العصيبة". مشيرة إلى أن "شبح الموت جوعا" يتهدد سكان شمال القطاع، إن لم تتحرك الإرادة الدولية لإرغام الاحتلال على إدخال الغذاء، بعد أن فشل في الضغط لوقف الإبادة الجماعية.

ومنذ الخميس، شارك رواد المنصّات، ما يُناهز النصف مليون تغريدة ومنشور على حساباتهم، مركّزين خلالها على معاناة السكان المتواجدين شمال القطاع، حيث يتعرّضون لحصار مشدّد أكثر من مناطق الجنوب والوسط، من الجوع الذي أدّى إلى استشهاد عدد من السكان، وإلى فقدان المواطنين للكثير من أوزانهم.


الأطفال وسوء التغذية
وفي السياق نفسه، أوضح حسام أبو صفية، وهو مدير مستشفى كمال عدوان، أن "الوضع في محافظتي غزة والشمال سيء جدا، ونعمل بالحد الأدنى في المنظومة الصحية في ظل عدم وجود مستلزمات ومستهلكات طبية وأدوية".

وأضاف أبو صفية، " أن "نحو 214 طفلا وصلوا للمستشفى خلال 14 يوما، تظهر عليهم علامات سوء التغذية"، مردفا: "من بينهم أكثر من 50 حالة تعاني من سوء تغذية متقدم، و6 حالات وضعها حرج ويتم التعامل معها في قسم العناية المركزة".

وأشار إلى أن "هؤلاء الأطفال يعيشون فقط على محاليل الإنعاش، ولا يتوفر لهم الحليب أو الغذاء الخاص مما يشكل تهديدا على حياتهم". وفق حديثه لـ"الأناضول".

وكانت منظمة "اليونيسف" قد قالت في تاريخ 6 حزيران/ يونيو، بناء على خمس جولات من البيانات التي تم جمعها بين كانون الأول/ ديسمبر 2023 ونيسان/ أبريل 2024، أن "تسعة من كل 10 أطفال في قطاع غزة، يعانون من فقر غذائي حاد، ويعيشون على مجموعتين غذائيتين أو أقل يوميا".

وكشفت شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة (FEWS NET)، في وقت سابق، أن "العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح قد عطلت قنوات توزيع الغذاء وقللت من إمكانية الوصول إلى الغذاء".

من جانبه، توقع مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في 12 من الشهر الجاري، أن يواجه نصف سكان قطاع غزة الموت والمجاعة بحلول منتصف يوليو/ تموز المقبل.

وقال غريفيث في بيان، إن "الصراعات في السودان وغزة تخرج عن نطاق السيطرة، وتدفع الحرب ملايين الناس إلى حافة المجاعة".

وتواصل دولة الاحتلال عدوانها على قطاع غزة لليوم الـ260 على التوالي، مخلفة خلفت تلك الحرب التي تحظى بدعم أمريكي مطلق، قرابة الـ123 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على الـ 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل دولة الاحتلال هذه الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال فلسطيني المجاعة فلسطين الاحتلال الحصار المجاعة شمال غزة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

ماكرون: سيكون لنا دور خاص في إدارة غزة وترامب الوحيد الذي أوقف نتنياهو

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن باريس تدعم نشر قوات أممية في قطاع غزة، كاشفا أن فرنسا سيكون لها "دور خاص" في إدارة غزة في المستقبل "إلى جانب السلطة الفلسطينية".

ووعد الرئيس الفرنسي اليوم الاثنين أثناء حضوره فعاليات قمة السلام حول غزة برئاسة مشتركة للرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والأميركي دونالد ترامب بالمساعدة في تدريب قوات أمن فلسطينية لحفظ الأمن داخليا.

وأشار ماكرون إلى أن الخطة الأميركية تنص على نشر قوة تتألف من 500 عنصر في غزة "لكن قد نحتاج إلى ألف"، مضيفا أن القطاع يحتاج إلى ألف شاحنة مساعدات يوميا وليس 500 شاحنة.

وقال ماكرون "هذا يوم تاريخي وأمامنا مراحل لا بد من التعامل معها"، مشددا على أن "شخصا واحدا فقط كان بإمكانه وقف (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وهو ترامب".

ودعا الرئيس الفرنسي إلى التعاون لتحقيق الاستقرار في القطاع، موضحا أنه "لا يمكن تواصل الإفلات من العقاب"، قائلا "نريد أن يعود الصحفيون إلى العمل في قطاع غزة".

في السياق ذاته، أعلن ماكرون أن بلاده ستشارك مع مصر في تنظيم مؤتمر للمساعدات الإنسانية لغزة خلال الأسابيع المقبلة، من أجل المساهمة في إعادة إعمار القطاع.

"مؤشر إجباري"

وأكد ماكرون أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيحضر القمة، واصفا حضوره بـ"المؤشر الإيجابي"، كما شدد على ضرورة "إصلاح شامل" في السلطة الفلسطينية، وقال إن حركة حماس "لا مكان لها" في إدارة غزة.

وكانت الحكومة البريطانية أعلنت قرارها استضافة مؤتمر لمدة 3 أيام بشأن تعافي غزة وإعادة إعمارها وبحث خطط غزة ما بعد الحرب.

وبحسب بيان صادر عن داونينغ ستريت (رئاسة الوزراء البريطانية) "سيحضر المؤتمر مجموعة من الشركاء الدوليين، بينهم ألمانيا وإيطاليا والسعودية والأردن والسلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى القطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية للتنمية"، بدون تحديد موعد انعقاد المؤتمر.

إعلان

وكان ترامب أعلن الخميس الماضي توصل إسرائيل وحماس لاتفاق على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، إثر مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين في شرم الشيخ، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وبإشراف أميركي.

ووفق خطة ترامب، يخضع قطاع غزة لحكم انتقالي مؤقت من قبل لجنة تكنوقراط فلسطينية غير سياسية، تكون مسؤولة عن إدارة الخدمات العامة اليومية وشؤون البلديات.

وبدعم أميركي، ارتكبت إسرائيل منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 67 ألفا و806 شهداء على الأقل، و170 ألفا و66 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 463 فلسطينيا بينهم 157 طفلا.

مقالات مشابهة

  • الأغذية العالمي يعلن إعادة فتح المخابز في قطاع غزة
  • إصابة مواطن برصاص الاحتلال في بلدة الرام شمال القدس
  • شهادات مروعة تكشف جرائم الاحتلال بحق الأسرى.. تعذيب حتى الموت وإعدامات ميدانية داخل السجون
  • الهلال الأحمر القطري: المجاعة تهدد ملايين الأطفال في اليمن والسودان
  • الأورومتوسطي .. خطر المجاعة لم يغادر غزة وتقليص المساعدات يعكس إصرار إسرائيل على استخدام التجويع
  • “الأورومتوسطي” يحذّر من تفاقم خطر المجاعة في غزة رغم سريان وقف إطلاق النار
  • استشهاد 5 فلسطينيين برصاص الاحتلال بمناطق بقطاع غزة
  • كيف واجه الغزيون التجويع وسوء التغذية بالأغذية البديلة؟
  • ماكرون: سيكون لنا دور خاص في إدارة غزة وترامب الوحيد الذي أوقف نتنياهو
  • شهادات من الجحيم: أسرى فلسطينيون يكشفون تفاصيل التعذيب المنهجي في سجون الاحتلال