تساءل الكاتب الأمريكي الشهير نيكولاس كريستوف في مقاله الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمزعن أسباب استمرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تجاهل الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأمر الذي أدى إلى فشل سياسي وأخلاقي في منطقة الشرق الأوسط، حيث قال "إنه من المعلوم للجميع أن الدبلوماسية تنطوي على العصا بقدر ما تنطوي على الجزرة، وإذا لم يأخذ نتنياهو بايدن على محمل الجد، فذلك لأن بايدن يتحدث في الغالب بهدوء ويحمل جزرة كبيرة، والنتيجة للأسف هي الفشل الأخلاقي والعملي والسياسي في الشرق الأوسط".

.مشيرا إلى أنه قبل بضعة أشهر، بدا أن بايدن قد سئم من تجاهل نتنياهو لدعواته لضبط النفس في غزة.


وفي مارس الماضي، سُئل بايدن عما إذا كانت دعواته لإسرائيل بعدم غزو مدينة رفح جنوبي قطاع غزة تمثل "خطا أحمر" مما يعني أن الغزو سيؤدي إلى عواقب وخيمة، ورد بايدن: "إنه خط أحمر، لكنني لن أترك إسرائيل أبدا".


وقال كريستوف إنه يعتقد أن الرئيس الأمريكي كان يعني أن الغزو الإسرائيلي لرفح سيؤدي إلى تعليق عمليات نقل الأسلحة الهجومية، ولكن دون انقطاع الأسلحة الدفاعية مثل الحماية ضد الصواريخ القادمة.


وفي أبريل الماضي، اتصل بايدن بنتنياهو وحث على وقف فوري لإطلاق النار وضرورة قيام إسرائيل بإعلان وتنفيذ سلسلة من الخطوات المحددة والملموسة لمعالجة الضرر الذي يلحق بالمدنيين والمعاناة الإنسانية وسلامة عمال الإغاثة.
أما في شهر مايو، بدا أن بايدن قد وضع مرة أخرى خطا أحمر.. وقال لشبكة سي إن إن الإخبارية: "إذا دخلوا رفح، فلن أقوم بتزويدهم بالأسلحة المستخدمة تاريخيا للتعامل مع المدن"، ويبدو أن كل هذا أشار إلى استعداد بايدن المتأخر للوقوف في وجه نتنياهو وتجنب وقوع كارثة إنسانية في رفح، بحسب كريستوف. 


غير أن الكاتب الأمريكي أوضح في مقاله أنه في الفترة التي تلت تلك المكالمة الهاتفية الصارمة في أبريل، سمح بايدن مرة أخرى لنتنياهو بالتغلب عليه، فقد غزت إسرائيل رفح، وانخفضت إمدادات الغذاء التي تصل إلى السكان في جنوب غزة، وقُتل ما لا يقل عن 15 من عمال الإغاثة في غزة، كما واصلت إسرائيل التفجيرات المتهورة مثل تلك التي أضرمت النار في مخيم في رفح، مما أسفر عن مقتل العشرات.


وتساءل كريستوف ما الذي يخطط له الرئيس الأمريكي بعد ذلك بعد تجاهل خطوطه الحمراء، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية تمضي قدما في بيع طائرات مقاتلة من طراز إف-15 إلى إسرائيل بقيمة 18 مليار دولار.. وقال إن التوقيت يرسل إشارة مروعة مفادها أنه لا توجد عواقب لتجاهل بايدن.


وقال كريستوف إن بايدن مكن نتنياهو ووفر له الحماية في الأمم المتحدة حتى عندما وجدت لجنة تابعة للأمم المتحدة أن إسرائيل مسؤولة عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأضاف كريستوف أنه يبدو أن بايدن كان يعتقد في البداية أنه يستطيع التأثير بشكل أفضل على نتنياهو وتحجيمه من خلال تقريبه منه .. ورأى أن هذا النهج نجح إلى حد ما : فقد بدا غزو إسرائيل لرفح أكثر اعتدالا من غزوها لمدن غزة الأخرى، ويقول عمال الإغاثة إنها سمحت أيضا بدخول المزيد من الغذاء إلى شمال غزة.


غير أن النتيجة النهائية هي أن سياسة بايدن في غزة ساعدت نتنياهو على البقاء في السلطة دون تعزيز المصالح الأمنية لإسرائيل على المدى الطويل، كما استخفت الحرب بحجج بايدن بأن الولايات المتحدة تدعم "النظام الدولي القائم على القواعد"، وبالتالي قوضت موقف الولايات المتحدة في أوكرانيا.
ولفت كريستوف إلى أنه في هذه الأثناء، وفي عرض ملحوظ لجحوده ضد الرئيس الأمريكي، استخدم نتنياهو مقطع فيديو باللغة الإنجليزية لانتقاد إدارة بايدن لكونها "غير داعمة بشكل كافٍ" وهو يستعد لتجاوز البيت الأبيض والتحدث إلى الكونجرس. 
وبعد هجوم نتنياهو الأخير على إدارة بايدن قبل أيام قليلة، رد البيت الأبيض بأنه وجد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي "مخيبة للآمال بشدة"، ومن المؤكد أن هذا قد علم نتنياهو درسا.


وتساءل كريستوف إذا أظهر بايدن أن خطوطه الحمراء لا معنى لها في غزة، فلماذا قد تجده روسيا أو إيران ذا مصداقية؟ وإذا كان خجولا للغاية بحيث لا يستطيع مواجهة حليف يعتمد على الأسلحة الأمريكية، فما السبب الذي يجعلنا نعتقد أنه سيواجه منافسا؟
وقال إن المفارقة هي أن بايدن كان يتمتع بشكل عام بسياسة خارجية ناجحة، خاصة في تشكيل تحالف في آسيا للحد من مخاطر الحرب مع الصين. ومع ذلك فهو يجد نفسه الآن غارقا في فوضى في الشرق الأوسط يمكن أن تزداد سوءا. 


واختتم كريستوف مقاله بالقول إنه بعد ثمانية أشهر من الرعب المتواصل في الشرق الأوسط، يجب على بايدن أن يدرك أن سياسته في غزة هي فشل أخلاقي وعملي وسياسي لم يساعد أحدا سوى نتنياهو.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جو بايدن رفح إسرائيل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الأمريكي جو بايدن الرئیس الأمریکی الشرق الأوسط أن بایدن فی غزة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تستدعي سفيرها لدى الولايات المتحدة بسبب تصريحاته عن معارضي نتنياهو

أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية اليوم "الأحد" استدعاء السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل ليتر، على خلفية تصريحات أدلى بها في مقابلة أُجريت معه مؤخرًا.

ويأتي الاستدعاء في أعقاب مقابلة مع "براجر يو"، إحدى وسائل الإعلام الأمريكية المحافظة، انتقد فيها ليتر معارضي رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.

وقال متحدث باسم الوزارة في بيان إن المدير العام لوزارة الخارجية، إيدن بار تال، سيستدعي السفير في واشنطن لجلسة استماع بشأن التصريحات التي أدلى بها خلال المقابلة.

وأظهر استطلاع للرأي نشرته القناة 12 الإسرائيلية أمس أن 55% من السكان يعتقدون أن بنيامين نتنياهو مدفوع بالبقاء في السلطة أكثر من إنهاء الحرب أو تحرير الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في غزة.

طباعة شارك وزارة الخارجية الإسرائيلية السفير الإسرائيلي الولايات المتحدة

مقالات مشابهة

  • المجلس الأطلسي: تنسيق أمني مستمر بين إسرائيل والأردن رغم حرب غزة
  • ترامب بين دعم إسرائيل وضغوط التهدئة.. توازن سياسي دقيق في اختبار غزة| إيه الحكاية
  • رسميا.. الدحيل القطري يعلن رحيل كريستوف جالتييه
  • خبير سياسي: نتنياهو يهدف إلى تدمير فكرة إقامة الدولتين
  • رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: يجب منع إسرائيل من الاستمرار في تجاهل القانون الدولي والتصعيد في الأراضي الفلسطينية
  • «المبعوث الأمريكي»: إسرائيل وافقت على اقتراحي بشأن صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق نار في غزة
  • نتنياهو: إسرائيل تخوض حربا صعبة في غزة
  • رئيس حزب العدل: التحالف الانتخابي الثلاثي قائم على تنسيق سياسي مستمر
  • أمين عام "حزب الله": ننصح ترامب أنه أمام فرصة التحرر من إسرائيل والدفع بالاستثمار الأمريكي بالمنطقة
  • إسرائيل تستدعي سفيرها لدى الولايات المتحدة بسبب تصريحاته عن معارضي نتنياهو