تكنولوجيا تبريد الأسطح ومواجهة الإجهاد الحراري.. جهود متكاملة لتعزيز راحة الحجاج وحمايتهم
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
قبل بداية موسم الحج لهذا العام، كانت المملكة قد أنهت استعدادتها بشكل متكامل لخدمة ضيوف الرحمن، مركزة على توفير كافة سبل الراحة والرعاية لحجاج بيت الله الحرام. وشملت هذه الاستعدادات تقديم رعاية طبية وصحية فائقة، وتحسين بيئة الحجاج وجودة الهواء، وابتكار تقنيات لتبريد الطرق ومواجهة الإجهاد الحراري الذي قد يتعرض له الحجاج.
تجربة تبريد الأسطح الإسفلتية
مع بداية موسم الحج، أعلنت الهيئة العامة للطرق، بالشراكة مع عدة جهات ذات علاقة مثل وزارة البلدية والشؤون القروية والإسكان، ووزارة الحج والعمرة، وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن، وبرنامج جودة الحياة، وأمانة العاصمة المقدسة، عن التوسع في تجربة تبريد الأسطح الإسفلتية في عدد من المواقع في المشاعر المقدسة، وتم تنفيذ هذه المبادرة بجانب مسجد نمرة في مشعر عرفات، بمساحة 25 ألف متر مربع.
تهدف هذه التجربة إلى خفض درجة الحرارة في الأحياء والمناطق السكنية، تقليل الطاقة المستخدمة في تبريد المباني، والحد من آثار تغير المناخ. تسهم هذه التقنية في توفير بيئة أكثر راحة في مناطق الانتظار والأماكن التي يتجمع فيها الناس.
مواجهة ظاهرة الجزيرة الحرارية
تأتي فكرة هذه التجربة من أن الطرق تمتص حرارة الشمس أثناء النهار، وتصل درجة حرارتها أحيانًا إلى 70 درجة مئوية. تطلق الطرق هذه الحرارة ليلًا، مما يسبب "ظاهرة الجزيرة الحرارية". لمواجهة هذه الظاهرة، تم البدء في استخدام ما يعرف بالأرصفة الباردة، وهي مواد محلية الصنع تمتص كميات أقل من الأشعة الشمسية وتعكسها، مما يجعل درجة حرارة سطحها أقل من الأرصفة التقليدية. تناسب هذه المواد الطرق المحيطة بالمناطق السكنية، وتسهم في تقليل استهلاك الطاقة وتلوث الهواء.
استخدام طائرات الدرون
لفحص الطرق ومتابعة حركة سير المركبات، تُستخدم طائرات الدرون، التي تعمل بشكل حراري لرصد الملاحظات على شبكة الطرق. تسهم هذه التقنية في فحص العبارات والجسور بشكل آلي وسريع ودقيق، وتقييم الطرق بشكل أسرع وأشمل، وإتمام إجراءات عمليات الفحص، واختصار الجهد والوقت، مع ضمان الدقة. تتميز هذه التقنية أيضًا في رصد التعديات على الطرق وتسريع معالجتها، ورفع مستوى السلامة عبر استخدام المسح الحراري، ورفع مستوى النظافة والصيانة على الطرق.
خدمات نوعية في المسجد النبوي
أعدت هيئة العناية بشؤون الحرمين عدة خدمات نوعية في المسجد النبوي لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة في المدينة المنورة وكثافة قدوم ضيوف الرحمن بعد الحج. تشمل هذه الخدمات منظومة تكييف تعمل بكفاءة عالية لضبط درجة التبريد في المسجد النبوي، بناءً على درجات الحرارة للمحافظة على برودة متوازنة. تبلغ مساحة المحطة المركزية للتكييف 70 ألف متر مربع، وتضم أكبر مكثف لتبريد الماء في العالم، يحتوي على 6 مبردات، سعة المبرد الواحد منها 3400 طن، وتصل درجة تبريد الماء إلى خمس درجات مئوية.
تقنيات التبريد والتظليل
تستخدم الهيئة أحدث التقنيات لتوزيع المياه المبردة بشكل دقيق ومتناسق وآلي لتصل إلى 151 وحدة لمعالجة الهواء وتوزيعه وتبريده. يتم تبريد المسجد بالهواء المدفوع عن طريق الأنابيب المتصلة بأعمدة المسجد النبوي، وتعود المياه عبر أنابيب معزولة إلى المحطة المركزية لتكتمل عملية التبريد. بالإضافة إلى ذلك، وفرت الهيئة مظلات ضخمة في الساحات المحيطة بالمسجد ومراوح رذاذ لتلطيف الأجواء. يبلغ عدد المظلات 250 مظلة ضخمة بارتفاع 15م و14م، ويبلغ وزن المظلة الواحدة 40 طناً، تعمل بنظام آلي لوقاية المصلين من حرارة الشمس، وحمايتهم من مخاطر الانزلاق والسقوط في حال نزول المطر. يوجد في الساحات 436 مروحة رذاذ، تخضع شبكة مياه الرذاذ للتعقيم المستمر لضمان جودة المياه وخلوها من البكتيريا.
استخدام الرخام الأبيض
للوقاية من درجة الحرارة المرتفعة، تم تغطية المناطق المخصصة للصلاة بساحات المسجد النبوي بالرخام الأبيض (التاسوس)، الذي يتميز بقدرته على عكس الحرارة والضوء. يمتص الرخام الرطوبة عبر مسام دقيقة خلال الليل، ويخرجها خلال النهار، مما يجعله دائم البرودة.
خدمات سقيا زمزم
وفرت الهيئة 18 ألف حافظة لسقيا مياه زمزم، مع زيادة العدد في أوقات الذروة. تشمل الخدمات أيضًا مشربيات المياه في ساحات المسجد النبوي وعبوات الماء الموزعة على الزوار. بالإضافة إلى ذلك، تم توفير 100 حافظة محمولة على الظهر لسقيا ضيوف الرحمن في جميع المواقع، مع تكثيف الجهود خلال فصل الصيف.
بهذه الاستعدادات الشاملة والابتكارات المتقدمة، تؤكد المملكة التزامها بتقديم أفضل الخدمات والرعاية لحجاج بيت الله الحرام وضيوف الرحمن.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: ضيوف الرحمن الإجهاد الحراري تبريد الطرق المسجد النبوی ضیوف الرحمن
إقرأ أيضاً:
ضيوف الرحمن يتوافدون إلى المسجد الحرام لأداء «طواف القدوم»
أحمد شعبان (مكة المكرمة)
يواصل حجاج بيت الله الحرام من مختلف أنحاء العالم التوافد إلى السعودية لأداء مناسك الحج هذا العام، وسط أجواء روحانية وإيمانية، فيما كشف مدير الأمن العام، رئيس اللجنة الأمنية في الحج، الفريق محمد البسامي، أن فرق الأمن العام أخرجت أكثر من 205 آلاف شخص من مكة لمحاولتهم الحج بلا تصريح. ووصل الحجاج لأداء «طواف القدوم»، وهو الطواف الذي يؤديه الحاج عند وصوله إلى مكة المكرمة تحية للمسجد الحرام.
وخلال أداء «طواف القدوم» لدى وصولهم إلى مكة المكرمة، عبّر بعض الحجيج عن سعادتهم الغامرة لأنهم سيؤدون أخيراً هذه الفريضة لأول مرة.
وحشدت السلطات هذا العام أكثر من 40 جهة حكومية و250 ألف موظف، ورفعت مستوى استعدادها لمواجهة مخاطر الحرارة الشديدة.
وسجلت الإحصائية الصحية السعودية تجاوز إجمالي الخدمات الصحية المقدمة لحجاج بيت الله الحرام حتى أمس، 91 ألف خدمة، وذلك ضمن الجهود المشتركة بين مختلف مكونات المنظومة لتقديم رعاية صحية رفيعة الجودة والكفاءة لتمكين ضيوف الرحمن من أداء مناسكهم بيسر وأمان.
وشدد علماء من الأزهر على أهمية الضوابط والشروط والإجراءات التي وضعتها السعودية لموسم الحج، بهدف مواجهة ظاهرة الحجاج غير النظاميين، ومنع دخول المخالفين، مؤكدين أنها تحافظ على أمن وسلامة الحجاج، وتمكنهم من أداء المناسك بسهولة ويسر.
وأوضح هؤلاء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن قرارات المملكة تأتي ضمن إطار السياسة الشرعية التي تراعي المصلحة العامة، خاصة أن الأماكن المقدسة في مكة والمدينة لها قدرة استيعابية معينة، مؤكدين أن التنظيم واجب ديني ووطني، داعين الحجاج إلى الالتزام التام بالإجراءات المعلنة، لأن الهدف الأساسي منها هو تمكين الناس من أداء عباداتهم في أمن وسلام وتنظيم، بعيداً عن الفوضى والتكدس.
وثمَّن عميد كلية القرآن الكريم السابق في جامعة الأزهر، الدكتور عبدالفتاح خضر، الجهود التي تبذلها السعودية للحفاظ على الأمن والنظام في الحرمين الشريفين، وتنظيم دخول الحجيج إلى الأراضي المقدسة، وتيسير حركتهم داخل المشاعر، مثل عرفات ومزدلفة ومنى، وكذلك المسجد النبوي في المدينة المنورة، مشيداً بالإجراءات التنظيمية التي أعلنت عنها المملكة لتنظيم موسم الحج لهذا العام.
ودعا خضر، في تصريح لـ«الاتحاد»، الحجاج إلى الالتزام الكامل بتعليمات المملكة وقوانينها، احتراماً لقدسية المكان، وحرصاً على إنجاح موسم الحج، موضحاً أن أداء فريضة الحج يتطلب الاستطاعة.
وأكد أن من يحاول المراوغة أو التحايل أو دخول الأراضي السعودية خلسة، فإنه يفتقد لشروط القبول، لأن الحج أصبح يُؤدى الآن من قبل ملايين المسلمين، والتنظيم ضروري لتفادي الفوضى.
بدوره، اعتبر المتحدث باسم جامعة الأزهر، الدكتور أحمد زارع، أن الضوابط التي وضعتها المملكة لموسم الحج تُعد خطوة مهمة لتنظيم أداء المناسك ومنع الفوضى، محذراً من عدم التزام بعض الحجاج، وعدم الحصول على التصاريح القانونية المطلوبة، يؤدي إلى تكدس في المشاعر، وزيادة الضغط على الخدمات، وعرقلة سير المناسك.
وأوضح زارع، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن انتظام الحج وسهولة أدائه يتطلبان فرض الإجراءات والغرامات المناسبة، لمنع كل من يحاول أداء الشعيرة من دون أوراق وتصاريح رسمية، حيث إن هذه المخالفات تؤثر سلباً على عمل الجهات المعنية، وتُخرج الأمور عن السيطرة، مما يؤدي إلى إيذاء ضيوف الرحمن.
من جهته، شدد أستاذ الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، الدكتور مصطفى عرجاوي، على أن المملكة تتحمل مسؤولية عظيمة في تنظيم موسم الحج، وتعمل على توفير بيئة آمنة وصحية تُمكن الحجاج من أداء مناسكهم بعيداً عن المخاطر، مؤكداً أن التعليمات والضوابط التي وُضعت ليست فقط ضرورية بل مشروعة من الناحية الشرعية، لأنها تهدف إلى حفظ النفس البشرية، وهو من المقاصد الكبرى في الشريعة الإسلامية.
تنظيم الدخول
وقال عرجاوي، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن أعداد المسلمين في العالم تجاوزت المليار ونصف المليار، ومن يستطيع الحج منهم بالملايين، بينما لا تستوعب المشاعر المقدسة أكثر من مليوني حاج، فيجب وضع نظام صارم لضبط العدد وتنظيم الدخول.
وأضاف أن من يأتي إلى الأراضي المقدسة من دون تصريح يُعرض نفسه والآخرين للخطر، ومن يُمنع من أداء المناسك بسبب هذه الأنظمة فله عذره من الناحية الشرعية، لأن الاستطاعة لا تقتصر على القدرة المادية أو الجسدية، بل تشمل أيضاً الالتزام بالشروط النظامية، والتي تُعد جزءاً من فقه الواقع ومصلحة الجماعة.