الطيب: المنهج الأزهري صمام الأمان والسلام للعالم العربي والإسلامي
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
استقبل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف اليوم في مشيخة الأزهر، صالح موطلو شن، سفير تركيا لدى القاهرة، لبحث سُبُل تعزيز التعاون بين الأزهر وتركيا، وبحث سُبُل زيادة المنح الأزهريَّة المقدمة لأبناء تركيا للدراسة في الأزهر.
الإمام الأكبر: المنهج الأزهري صمَّام الأمان والسلام لكل دول العالم العربي والإسلاميوقال فضيلة الإمام الأكبر، إنّ الأزهر يسعى إلى تعزيز علاقاته بكل دول العالم الإسلامي من خلال استقبال الطُّلَّاب الوافدين وإرسال المبتعثين الأزهريين إليها، مشيرًا إلى أنّ الأزهر يستقبل ما يزيد على 350 طالبًا تركيًّا يدرسون في مختلف المراحل التعليميَّة، ويقدم الأزهر 8 منح دراسية سنوية لأبناء تركيا للدراسة في معاهده وجامعته العريقة.
وأكد استعداد الأزهر لزيادة المنح الدراسية بما يحقِّق طموحات الطلاب الأتراك للدراسة في الأزهر والنَّهل من منابعه العلمية الأصيلة، وتوفير سُبُل الراحة لهم بما يضمن إعدادهم إعدادًا علميًّا رصينًا.
وبَيَّنَ فضيلته أنّ المنهج الأزهري هو صمَّام السلام والأمان لكل دول العالم العربي والإسلامي، واستدامته لأكثر من 1000 عام تؤكِّد قدرته على مواجهة التشدد والتطرف والتفريط، ومرونته في التعامل مع القضايا المعاصرة والمستحدثة.
وشدد على أنّ المنهج الأزهري يحرص على تقديم علوم الدنيا والدين ليس فقط للمسلمين ولكن للعالم كله، وأنّ التعليم الأزهري يحظى بثقة المسلمين حول العالم لكونه غير مسيس ولا يخضع لأي أجندات، محذرًا من خطورة محاولات بعض الدول لإقصاء المنهج الأزهري أو تهميشه، وأثر ذلك في تفشِّي أمراض التطرف والكراهية والتعصب المذهبي.
ولفت الإمام الأكبر إلى استعداد الأزهر لإنشاء مركز لتعليم اللغة العربية في تركيا وإرسال المبتعثين الأزهريين للعمل فيه، خدمةً لأبناء تركيا في تعلم لغة القرآن الكريم، وكذلك استعداد الأزهر لاستقدام الأئمَّة الأتراك وتدريبهم في أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعَّاظ، وتخصيص منهج دراسي يناسب احتياجات المجتمع التركي وتطلعات أبنائه.
الإمام الأكبر: التعليم الأزهري غير مسيّس ولا يخضع لأي أجنداتمن جانبه، أعرب السفير التركي عن سعادته بلقاء فضيلة الإمام الأكبر وتواجده في الأزهر الشريف، هذا الصَّرح العلمي الذي يحظى بثقة واحترام المسلمين حول العالم، مؤكدًا سعي بلاده لتعزيز العلاقات مع الأزهر، من خلال عقد المؤتمرات والاجتماعات المشتركة بين الأزهر والمؤسسات التركيَّة؛ لبحث النقاشات وتبادلها حول أبرز التحديات التي تواجه عالمنا الإسلامي، والخروج برؤًى وحلول لمواجهتها والتغلب عليها، متمنيًا أن يثمر اللقاء في الكثير من المشروعات والمبادرات الدعوية والتعليمية المشتركة بين الأزهر الشريف وتركيا ممثلة في وزارة الشؤون الدينية.
ورحَّب السيد صالح موطلوشن، باستعداد الأزهر لزيادة المنح الدراسية المقدمة لأبناء تركيا، وأنّ القرار يأتي متَّسقًا مع رغبة تركيا في زيادة عدد الطلاب الأتراك الوافدين للدراسة في الأزهر، وسعي وزارة الشؤون الدينية والمؤسسات الوقفيَّة في تركيا لإنشاء سكن دائم لهؤلاء الطلاب بما يضمن تفرغهم لتحصيل العلوم وتوفير البيئة المناسبة للتفوق والاجتهاد.
وأبلغ السفير التركي، تحيات السيد علي أرباش، رئيس الشؤون الدينية التركي، ورغبته في زيارة فضيلة الإمام الأكبر في أقرب وقت ممكن؛ حيث أعرب شيخ الأزهر عن ترحيبه بالزيارة وتعزيز العلاقات مع الوزارت والهيئات التركية في مجالات الدعوة والتعليم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأزهر شيخ الأزهر سفير تركيا المنهج الأزهری الإمام الأکبر للدراسة فی فی الأزهر
إقرأ أيضاً:
هذا هو حال العالم العربي من أيزنهاور إلى ترامب!
من المضحكات المبكيات في عالمنا العربي المأزوم انفجار هذه الدهشة والشعور بالمفاجأة التي عقدت ألسنة كثير من العرب عندما أفاقوا في الفترة الماضية على ازدياد حدة الأزمة في صراعات عربية قائمة أو إشعال تنافس إقليمي وحساسيات حدودية في فترة قصيرة.
السبب في ذلك هو أن هذه الدهشة والشعور بالصدمة هي دليل جديد على أن العرب لا يستفيدون من تجاربهم وأنهم يقعون في نفس الفخاخ التي تنصب لهم المرة تلو الأخرى. لو تأمل البعض قليلا فقط لوجد أن هذه «ظاهرة تاريخية مكررة»؛ ففي كل مرة تتقدم الولايات المتحدة بمشروع لإعادة هندسة الشرق الأوسط ـ بما يحمي مصالحها ويحافظ على أمن وتفوق أداتها الوظيفية الإسرائيلية ويمنع كذلك منافسيها الدوليين من الحصول على موضع قدم فيها ـ تشتعل الحرائق في العالم العربي وفي الشرق الأوسط بل وداخل الدولة الوطنية العربية.
لقد تفاجأ العرب في الأيام الماضية بتحول نوعي ومخيف في اليمن أدى إلى انهيار مسار التهدئة في الحرب اليمنية الذي صبغ السنوات الأخيرة ووصل إلى مرحلة متقدمة بمفاوضات مباشرة بين السعودية والحوثيين للتوصل إلى حل سياسي.
هذا التحول تمثل في استيلاء المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظتي المهرة وحضرموت الغنية بالنفط وطرد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
قبلها بأيام كذلك اشتعلت في السودان الحرب الأهلية، واتخذت منعطفا فارقًا أيضا باستيلاء ميليشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر الاستراتيجية، والاستيلاء بعدها على حقول النفط السودانية الرئيسية فضلا عن سيطرتها على معظم مناطق إنتاج الذهب. طردت الميليشيات قوات الجيش السوداني وحكومة البرهان المعترف بها دوليا.
في سوريا أشعلت إسرائيل حربًا طائفية بين مناطق الدروز في الجبل ومناطق العلويين في الساحل مع الحكومة الجديدة في دمشق، وساهمت في إفساد تسوية لحل الخلاف بين المركز والأكراد الذين يسيطرون على شمال شرق سوريا.
في لبنان تصاعدت المخاوف من اندلاع الحرب الأهلية مجددًا في هذا البلد بسبب الضغوط الأمريكية/ الإسرائيلية لنزع سلاح حزب الله وعودة استقطاب ما قبل اتفاق الطائف إلى مستوياته المرعبة.
في الجزائر دعا ناشط أمازيغي معروف إلى انفصال منطقة القبائل عن الجزائر وتفتيت وحدة الدولة الجزائرية.
اللافت أن الناشط المذكور دعا للانفصال من دولة الاحتلال السابق، أي فرنسا، حاملا علمًا إسرائيليًا!
في الوقت نفسه اشتعل سباق التسلح بين الجزائر والمغرب؛ فبينما تتوسع الأخيرة في استيراد الأسلحة الإسرائيلية تتوسع الجزائر في شراء الأسلحة الروسية.
من يتأمل حتى في دروس التاريخ العربي الحديث سيجد أن هذه هي النتيجة المتوقعة والمتكررة لحالة التضافر المستمر بين ثلاثة عوامل منذ حلول أمريكا محل بريطانيا وفرنسا كقائدة للإمبراطورية الغربية وللمركز الرأسمالي العالمي.
هذه العوامل هي أولا تقدم رئيس أمريكي بمشروع لإعادة هندسة المنطقة، وثانيا انقسام العرب تجاه هذا المشروع عادة؛ حيث مجموعة مؤيدة للمظلة الأمريكية ومجموعة معارضة ترى في المشروع تكريسًا للهيمنة الإمبريالية وتفريغ للاستقلال من مضمونه.
وثالثا بوجود دور خطير لإسرائيل في مساعدة المشروع وزيادة حدة الانقسام العربي.
عندما تقدم الرئيس أيزنهاور بمشروعه لملء الفراغ في الشرق الأوسط وما انبثق عنه من مبادرات جيوسياسية مثل حلف بغداد والحلف الإسلامي اشتعلت حرائق الصراع السياسي بين الدول العربية، وصارت مصر جمال عبد الناصر ومعها أغلبية عربية ضد المشروع، فيما وقفت أقلية عربية معه إضافة إلى تركيا ولاحقا إيران وباكستان.
لكنه وصل إلى حافة الصراع العسكري في لبنان ١٩٥٨ بعد نزول قصير لقوات البحرية الأمريكية ما أعتبر بروفة مبكرة للحرب الأهلية المدمرة في لبنان عام ١٩٧٥ -١٩٩٠.
مع احتضان مشروع ملء الفراغ بمساعدة دول في المنطقة لتيار سياسي كبير مثل الإخوان المسلمين قاد ذلك آنذاك لصراع عربي بيني وصفه الأمريكي الشهير مالكوم كير بـ«الحرب العربية الباردة».
أما مشروع السلام المنفرد الذي طرحه الرئيس كارتر في كامب ديفيد فتبعاته الكارثية معروفة؛ إذ بدأ مسيرة الانقسام العربي الرأسي لما عرف بمعسكر الممانعة في جهة ومعسكر الاعتدال في جهة أخرى، وسقط مفهوم الأمن العربي الجماعي والدفاع المشترك الذي طورته القاهرة آنذاك. وبدأ تعريف الأمن يتم بشكل قطري من خلال تصور كل نخبة حاكمة في البلد العربي أو ذاك عن مصالحها الوطنية، حتى لو هددت مصالح دولة عربية أخرى.
أحكمت واشنطن قبضتها على المنطقة بهندسة كيسنجر/ السادات، واطمأنت إسرائيل أنه لن تقوم دولة عربية بدخول صراع عسكري معها بعد خروج مصر من المواجهة فتفرغت لإشعال الحرائق وشن الحروب؛ فضربت المفاعل النووي العراقي قبل أن يجف حبر المعاهدة مع مصر، وقامت بغزو لبنان واحتلت بيروت كأول عاصمة عربية، وطردت المقاومة الفلسطينية من لبنان.
ودفع التخلي العربي عن الفلسطينيين الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات دفعًا إلى التوقيع على أوسلو التي بدا أنها كانت خطة إسرائيلية ممنهجة للاستيلاء على فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر بالمستوطنات والحروب المستمرة على الضفة وغزة.
بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، قاد مشروع بوش لبناء الشرق الأوسط الكبير وفرض الديمقراطية لغزو العراق وتحويل التحركات في سوريا وليبيا إلى حروب أهلية.
عندما وصلنا لمشروع صفقة القرن في ولاية ترامب الأولى ودمج إسرائيل غصبًا في الإقليم عبر اتفاقات إبراهام، مع البحرين والإمارات والسودان والمغرب، كان العالم العربي قد عمق انقسام المعتدلين والممانعين محولًا إياه لمعسكر التطبيع ومعسكر المقاومة، وكانت ٨ دول عربية قد دخلت في طور التفكك الجزئي أو الكلي، وفي كل الأحوال تحولت إلى دول فاشلة.
مع ولاية ترامب الثانية زادت مساوئ مشروع صفقة القرن وذلك عبر مزجها بخطة رون ديرمر الوزير الإسرائيلي السابق.
انتقلنا بذلك إلى مشروع ترامب الجديد المعروف باسم خطة ترامب بشأن غزة، وكان انفجار الصراعات التي أشرنا إليها في صدر المقال ونشهدها الآن يوميا من المحيط إلى الخليج والجزيرة العربية مرورًا بالشرق العربي الذي يجلس على فوهة بركان مشتعل وليس خامدًا وصولًا لوادي النيل المصري والسوداني الذي بات مهددًا من جميع اتجاهاته الاستراتيجية.
لكن التاريخ لا يعيد نفسه بنفس الطريقة، خاصة مع أقوام وأمم مثلنا؛ إذ تعاد الكوارث بشكل أكثر مأساوية .. جديد التاريخ ـ الذي لا تتعظ منه أبدا النخب الحاكمة في عديد من البلدان العربية ـ هو:
-تسبب النمط التدخلي والجموح الزائد لبعض الدول العربية للحصول على أدوار وظيفية من واشنطن إلى توتر مباشر في العلاقات الثنائية، حتى بين دول اعتبرت حتى وقت قريب دولًا حليفة. وليرجع القارئ في هذا لنمط الخلافات الناشبة بين حلفاء مقربين بعد التطورات الحالية في صراعات السودان واليمن ليدرك الهاوية التي ننزلق إليها.
ـ انتقال الدور الإسرائيلي في تنفيذ المشروع الأمريكي لهندسة الشرق الأوسط من السر إلى العلن بعد الاتفاقات الإبراهيمية؛ فهناك تسريبات جديدة عن تنسيق إسرائيلي مع أطراف عربية في التطورات الأخيرة في السودان واليمن، خاصة اليمن، للانتقام من الحوثيين الذين تضامنوا مع غزة، وأمطروا إسرائيل بالصواريخ، وقطعوا عليها ملاحة البحر الأحمر، وحولوا إيلات إلى ميناء مهجور.
ـ تتهيأ بذلك لمشروع ترامب ومخططات إسرائيل لتفكيك المنطقة ميزة نوعية وهي انضمام أطراف عربية تعرف نقاط ضعف شقيقاتها إلى هذا المجهود الحربي أو الجيوسياسي الخطير.
ـ ارتفاع حدة الانقسام العربي تجاه المشروع الأمريكي لترامب مقارنة بمشروعات الرؤساء الأمريكيين السابقين .. يكفي فقط أن نستعرض مواقف الدول العربية من مسألة نزع سلاح المقاومة في غزة التي تطلبها خطة ترامب لكي تجد أن الخلاف وصل إلى حد أن بعض الدول العربية تتطابق مع المطالب الإسرائيلية، وتضغط على واشنطن لعدم إبداء أي مرونة في نزع سلاح حماس أو نزع سلاح حزب الله.. و«لله الأمر من قبل ومن بعد» .
حسين عبد الغني كاتب وصحفي مصري