هجوم حوثي يستهدف سفينة تجارية متوجهة إلى السعودية
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
تصعيد جديد تقوم به ميليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، بحق السفن التجارية المارة قبالة سواحل اليمن والبحر الأحمر. في وقت يواصل فيه الجيش الأميركي توجيه مزيداً من الضربات الموجعة للحد من قدرات الميليشيات الهجومية التي تهدد أمن وسلامة الملاحة البحرية.
وقالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري، الخميس، إن سفينة تجارية أبلغت بتعرضها لمقذوف على بعد 84 ميلا بحريا غربي ميناء الحديدة اليمني المطل على البحر الأحمر.
ووفقاً للمعلومات الأولية، كانت السفينة المستهدفة متجهة إلى مدينة الدمام في شرق السعودية. وهو ما يدحض مزاعم الميليشيات الحوثية بأن عمليات الاستهداف تقتصر على السفن المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية.
استمرار الهجمات الحوثية بإيعاز إيراني قابلته القوات الأميركية بشن مزيد من الضربات الموجعة ضد أهداف وأسلحة حوثية تهدد خطوط الملاحة الدولية المارة في البحر الأحمر وباب المندب.
وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية تدمير موقع رادار تستخدمه ميليشيا الحوثي لاستهداف السفن البحرية وتعريض الشحن التجاري للخطر.
وأوضحت القيادة بحسب بيان نشرته على صفحتها بمنصة "إكس": "خلال الـ24 ساعة الماضية، نجحت قواتنا في تدمير موقع رادار تابع للحوثيين في منطقة يسيطرون عليها في اليمن". وأضاف البيان إن عملية استهداف موقع الرادار تأتي بعد أن تقرر أنه "يمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة".
وأكدت القيادة الأميركية أن هذه الإجراءات ضرورية "لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية محمية وأكثر أمناً للسفن الأمريكية والتحالف والسفن التجارية".
ومنذ مطلع يونيو الجاري، تمكن الجيش الأميركي من تدمير عدد كبير من الأسلحة الحوثية التي تهدد الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، بينها 32 طائرة مسيّرة، و5 صواريخ بالستية مضادة للسفن، وصاروخا كروز للهجوم البري، و6 منصات لإطلاق الصواريخ، و3 زوارق دورية، و14 قاربا مسيّرا، و8 مواقع رادارات، و5 أخرى للدفاع الجوي، إضافة إلى محطة تحكم أرضية وعقدة قيادة وسيطرة واحدة.
ويؤكد الجيش الأميركي أن السلوك الخبيث والمتهور المستمر من قبل الحوثيين المدعومين من إيران يهدد الاستقرار الإقليمي ويعرض حياة البحارة عبر البحر الأحمر وخليج عدن للخطر.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
سلطنة عمان ودورها المحوري في أمن الملاحة البحرية
لا يحتاج صوت سلطنة عُمان أن يرتفع عاليا في مجلس الأمن ليعرف العالم دورها في دعم أمن وسلامة الملاحة البحرية والإقليمية والدولية، فالوقائع عبر العقود الماضية، بل وعبر التاريخ، تثبت هذا الدور بالأدلة والبراهين. ولذلك كانت كلمتها في الجلسة رفيعة المستوى لمجلس الأمن الدولي حول «تعزيز أمن الملاحة البحرية من خلال التعاون الدولي من أجل الاستقرار العالمي» والتي عقدت في نيويورك أقرب إلى استراتيجية تعكس فهما عميقا لطبيعة التهديدات المركبة التي تواجه البحار المفتوحة، من الإرهاب البحري وتهريب البشر، إلى الاستخدام السياسي للهجمات على خطوط الشحن البحري. ونتيجة خبرتها الطويلة، تطرح سلطنة عُمان سردية بديلة لأمن الملاحة لا تقوم على الهيمنة أو المحاور، بل على إعادة الاعتبار للمنظومة القانونية الدولية وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
لا تنبع خبرة سلطنة عُمان في إدارة الأمن البحري من موقعها الجغرافي الحساس فقط، بل من عقود من التفاعل العملي مع التحديات الجيوسياسية التي تحيط بمضيق هرمز وبحر العرب وبحر عُمان، وجميعها مسارح لاضطرابات عابرة للحدود.
الأحداث الأخيرة في البحر الأحمر، والتي كادت أن تتحول إلى حرب إقليمية بالوكالة، كشفت عن محدودية المقاربة الأمنية التقليدية، ومع ذلك، نجحت سلطنة عمان في الوساطة التي أفضت إلى وقف إطلاق النار في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مؤكدة بذلك على ما يعرف في أدبيات العلاقات الدولية بـ«القوة الهادئة» وهي استراتيجية لا تسعى إلى الهيمنة، بل إلى خلق توازنات جديدة عبر الحوار والتدخل الوقائي.
بحسب تقرير مركز مارشال الألماني، فإن أمن البحر الأحمر لم يعد شأنا إقليميا محصورا، بل أصبح مصلحة استراتيجية للقوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين، ومجالاً تتقاطع فيه خطوط الطاقة والغذاء والسلاح.
لكن سلطنة عُمان لا ترى البحر فقط بوصفه مسرحا أمنيا، بل تنظر له عبر تاريخها الطويل باعتباره رافعة مهمة للتنمية. وخلال استضافتها لمؤتمر المحيط الهندي الثامن، طرحت سلطنة عُمان رؤية متكاملة تقوم على التكامل الإقليمي، والحوكمة البحرية، والاستثمار في البنى التحتية الزرقاء. هذه الرؤية تتقاطع مع دعوات الأمم المتحدة لتطوير استراتيجيات بحرية متكاملة تربط بين الأمن، والتغير المناخي، وحماية البيئة البحرية، وهو ما يؤكد وعي سلطنة عُمان بالتحديات المتداخلة التي تواجه البحار، لا سيما تلك المتصلة بالتدهور البيئي والاحترار العالمي.
ويشير تقرير الأمم المتحدة الأخير إلى أن التغير المناخي ـ من ارتفاع مستويات البحار إلى اشتداد العواصف وتآكل الشواطئ ـ بات يمثل خطرا مضاعفا للأمن البحري، إذ يعطل الموانئ، ويعرض البنية التحتية البحرية للهجمات والانهيار. ورؤية عُمان تأخذ هذا البُعد في الحسبان وتدعو إلى دمج الاستجابة المناخية في استراتيجيات الأمن البحري.
إن التحدي الأكبر في الخليج والبحر الأحمر ليس غياب القوة العسكرية، بل غياب الثقة، وندرة الآليات الإقليمية الجماعية، وهنا تحديدا يبرز دور عُمان بوصفها «الدولة الجسر» القادرة على التوسط بين الخصوم، والمقبولة من جميع الأطراف. ولا يخفى أن استقرار الملاحة في مضيق هرمز هو شرط أساسي لبقاء الاقتصاد العالمي، حيث يمر عبره أكثر من 20% من النفط العالمي.
لا تنطلق رؤية سلطنة عُمان في إدارة الأمن البحري عبر استراتيجية الردع وحده ولكن عبر الشراكة والتمكين وبناء المؤسسات.. في هذا السياق، تمثل سلطنة عمان، كما تشير تحليلات معهد واشنطن، حالة فريدة في المنطقة: دولة ذات موقع استراتيجي بالغ الحساسية، لكنها ترفض توظيفه في لعبة المحاور. وإذا كانت البحار مرآة لصراعات العالم، فإن مضيق هرمز، بفضل عُمان، قد يتحول إلى مرآة للأمل.