أطلقت فرنسا، بصفتها «حامل القلم» في مجلس الأمن الدولي، مشاورات التمديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفل»، قبل نحو شهرين من موعد التجديد الرسمي، الذي يكون في آب المقبل. وعقد الأمين العام لوزارة الخارجية هاني شميطلي قبل يومين اجتماعات مع ممثلين عن وزارتَي الخارجية والدفاع الفرنسيتين، للتفاهم على صياغة المسوّدة الأولى من قرار التجديد، حيث يُفترض أن تعمل فرنسا على مناقشته مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن خلال الأيام المقبلة.

ولا تخرج الاندفاعة الفرنسية نحو تمرير التمديد بأقل التجاذبات الممكنة، عن رغبة باريس في تجميع أدوات التأثير في لبنان، وفي منطقة الصراع في الجنوب، بالتوازي مع جهود الوساطة لتحقيق وقف إطلاق النار، إضافة إلى المتابعة المستمرة لملفّ الرئاسة، على الرغم من سقوط المبادرة الرئاسية الفرنسية بصيغتها الأولى.
ينطلق لبنان هذه المرة، من قاعدة دعم له في مجلس الأمن، إذ تترأس روسيا المجلس الشهر المقبل، ثم تخلفها سيراليون في آب، فيما تشكّل عضوية الجزائر في المجلس كممثلة للمجموعة العربية، دعماً مباشراً للموقف اللبناني. ويتمسّك لبنان بالتجديد للقوات الدولية بذات الروحية للقرارات القديمة، وعدم المساس بجوهر قرار نشر القوات جنوب الليطاني، مع الاستمرار بآلية التنسيق الكاملة بين القوات الدولية والجيش اللبناني.

وكتب فراس شوفي في " الاخبار": لكنّ «السلاسة» الفرنسية وتوازنات مجلس الأمن الدولي، ليست وحدها ما يضمن صدور قرار التمديد بالصيغة الحالية في آب المقبل، على الرغم من كل حملات التحريض التي يشنّها ويحضّر لها العدو دبلوماسياً وإعلامياً للتأثير في مهمة اليونيفل، إذ إن مهمة اليونيفل، الواقعة في مأزق الحضور والدور مهدّدة بحدّ ذاتها بفعل الأمر الواقع وتصاعد الصراع بين العدو والمقاومة وسقوط مبدأ الحفاظ على «وقف الأعمال العدائية». وهذا ما يُسقط السجالات القديمة حول حرية الحركة أو أي تفاصيل أخرى، خصوصاً، أن وقف إطلاق متعذّر في غزّة، وقادة العدو يهدّدون بحرب كبيرة، ما استوجب ردّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالاستعداد للمواجهة الشاملة.
وعلى هذا الأساس، تحوّل تمديد مهمة القوّة والحفاظ على توافق الجميع على استمرار مهامها، وعلى رأسهم الأميركيون (كما أظهرت زيارات المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين)، إلى ضرورة، حيث يمكن الأخذ في الاعتبار فرضيتين من الآن وحتى آب المقبل. الأولى، وهي اندلاع حربٍ شاملة (طويلة على الأرجح)، وعندها يصبح الحديث عن مستقبل اليونيفل شأناً ثانويّاً، أمام مسائل أكبر بكثير مثل الحرب الإقليمية وأمن البحر المتوسط وخطوط النقل العالمية وتوسّع المعارك إلى البر الأوروبي، خصوصاً إذا ما تمّ توريط قبرص من قبل العدو أو القوى الغربية في المعركة. أما الثانية، وهي الأكثر ترجيحاً حتى الآن، فتتصل باستمرار الصراع بأشكاله الحالية، مع اختلاف الوتيرة والكثافة والعمق بالتدحرج نحو مستويات أعلى من العنف، لكن مع الحفاظ على سياسة الضربات المدروسة من قبل المقاومة والعدو على حد سواء. وهذا يعني أن دور القوات الدولية «محفوظ» حالما يحلّ وقف إطلاق النار، وعلى القوات الدولية أن تستمر بمرحلة «التعايش» مع الواقع بعد أن عبرت مرحلة «الصدمة» بعد 7ـ 8 أكتوبر 2023.
عملياً، فإن «شبه الهدوء» القائم حالياً في عمل القوات الدولية وسياسة «صفر مشاكل» في الجنوب، كل ذلك يعكس الفهم العميق لضرورة الحفاظ على الاستقرار والتقيّد بالمهمة وتمديدها بأقل الضجيج الممكن، مع بعض الخروقات القليلة، التي وللمفارقة تمارسها بشكل بارز الكتيبة الفرنسية، بما لا يتناسب مع سياسة باريس بالاستيعاب والتهدئة.
لكن، يجب الالتفات إلى «الميزان» الذي تقيس به القوات الدولية الأحداث في الجنوب، خصوصاً أن أكثر من 99% من الحوادث التي تعرّضت لها مواقع أو دوريات أو منشآت اليونيفل للتهديد خلال الأشهر التسعة الماضية، كانت بسبب استهداف العدو، المباشر أو غير المباشر، وهو «الذي لا يخطئ الأهداف عادةً» كما تلمس اليونيفل نفسها، إنّما، تختار القوات الدولية، أن تقارن بين قذيفة دبابة تستهدف موقعاً لها بشكل مباشر أو إطلاق نار على سيارة تحمل رمز اليونيفل كما حصل في راميا يوم الثلاثاء الماضي، وصاروخ كاتيوشا أطلقته كتائب القسام باتجاه فلسطين المحتلة، فسقط في مشاع مركزها في الناقورة بسبب قِدَمِه.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: القوات الدولیة مجلس الأمن

إقرأ أيضاً:

شرايين الإبادة .. كيف كشف اليمن تواطؤ أنظمة عربية في تمويل مجازر غزة وكسر الحصار عن العدو

في خضم معركة الجهاد المقدس والإسناد اليمني بعد العدوان الصهيوني على غزة، تتكشف يوماً بعد آخر خيوط تواطؤ إقليمي ودولي أوسع مما يظهر في العلن،  فقد كشف تحقيق استخباراتي يمني تفاصيل خطيرة حول مخطط  واسع النطاق تقوده عدة دول عربية، على رأسها السعودية، الإمارات، مصر، البحرين، وتركيا، بهدف كسر الحصار البحري الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية على الكيان الصهيوني عبر توفير ممرات بحرية وبرية آمنة لتهريب الشحنات التجارية إليه.

يمانيون / تقرير / طارق الحمامي

 

يرصد التقرير حجم التعاون اللوجستي والسياسي الذي وفرته هذه الدول عبر موانئها ومجالاتها البحرية، في خرقٍ مباشر للزخم الشعبي الداعم لغزة ، كما يكشف التقرير عن تفاصيل دقيقة لخطوط تهريب شحنات العدو الإسرائيلي، سواء عبر البحر الأحمر أو عبر ممرات بديلة تمر برأس الرجاء الصالح، إضافة إلى أساليب التمويه والتغطية التي لجأت إليها شركات ودول متورطة.

 

 تفاصيل المخطط ومحاولة كسر الحصار اليمني

أكدت تقارير استخباراتية يمنية أن مخططاً إقليمياً متكاملاً بدأ تنفيذه منذ إعلان القوات المسلحة اليمنية فرض الحصار البحري على العدو الإسرائيلي،  ويهدف المخطط إلى تأمين تدفق الشحنات التجارية من وإلى الكيان، من خلال مسارات بحرية وبرية تمر عبر أراضي وموانئ دول عربية متواطئة.

ويعتمد المخطط على استخدام موانئ الخليج كمحطات تجارية وسيطة، وتسهيلات من مصر عبر قناة السويس، إضافة إلى شبكة برية تمر من السعودية إلى الأردن، ومنها إلى الأراضي المحتلة، في ما وصفته القوات المسلحة اليمنية  بـأنه جسر بري واقعي تم تأمينه لصالح العدو.

 

أدوار الدول المتواطئة في تهريب شحنات العدو

السعودية .. استُخدمت موانئ مثل جدة والدمام كمنصات مؤقتة لتفريغ الشحنات، وعبرت شحنات تجارية للعدو الإسرائيلي أراضيها برًا في اتجاه الأردن، تحت غطاء شركات ’’طرف ثالث’’.

الإمارات .. شكّل ميناء جبل علي محطة رئيسية لإعادة شحن بضائع للعدو الإسرائيلي وإخفاء مصدرها، وعملت شركات شحن مسجلة في أوروبا وآسيا على تغطية العمليات التجارية المشبوهة.

 مصر .. وفرت قناة السويس ممراً سريعاً وآمناً لعبور السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي، وسُجلت تحركات مشبوهة عبر معبر العوجة ومنطقة سيناء.

 البحرين .. لعبت دوراً دبلوماسياً في إصدار تصاريح عبور للسفن والشركات ذات الارتباط الصهيوني، واستُخدمت لتسهيل تسجيل بعض الشحنات عبر شركات بحرينية أو شراكات صورية.

 تركيا .. استُخدمت موانئ مرسين وإزمير كنقاط تصدير للشحنات الموجهة للعدو الإسرائيلي ، وتعاونت شركات تركية إسرائيلية على ترتيب العمليات اللوجستية، مستفيدة من الحماية الرسمية.

 

السفن والشركات المتورطة أو المستهدفة

أبرز العمليات اليمنية استهدفت سفنًا ثبت ارتباطها التجاري أو اللوجستي بالعدو الإسرائيلي :

Magic Seas (يونانية): غرقت في البحر الأحمر في يوليو 2025.

Eternity C: سُجّل استهدافها ومقتل اثنين من طاقمها، بعد التأكد من ارتباط وجهتها بميناء العدو الإسرائيلي (إيلات)

وقد أكدت القوات البحرية اليمنية أن عمليات التحليل الإلكتروني لمسارات السفن أظهرت محاولات تمويه باستخدام شركات نقل وسيطة وتغيير أعلام السفن، في خرق واضح للحظر المعلن.

 

المسار البحري البديل .. تجاوز الحصار عبر رأس الرجاء الصالح

في محاولة للالتفاف على الحصار اليمني للبحر الأحمر، لجأت شركات الملاحة المرتبطة بالعدو إلى مسار أطول ، الإمارات أو الهند ــــ سنغافورة

المحيط الهندي

رأس الرجاء الصالح – جنوب أفريقيا

المحيط الأطلسي

مضيق جبل طارق

موانئ وسيطة (فالنسيا، بيريوس، مارسيليا)

ميناء حيفا أو أسدود – إسرائيل

ورغم طول وكلفة المسار، إلا أنه استُخدم لتجاوز الحصار اليمني في باب المندب.

 

أساليب التمويه والتغطية المستخدمة

رصدت القوات المسلحة اليمنية عدة تقنيات احتيالية استخدمتها السفن لتمويه وجهاتها منها تغيير الأعلام واستخدام أعلام ليبيريا، بنما، جزر مارشال، وإيقاف نظام التتبع AIS لإخفاء موقع السفن ووجهتها، وكذلك إعادة شحن في موانئ وسيطة لتغيير الوثائق وإخفاء الأصل، وشركات واجهة وهمية لتوقيع العقود باسم أطراف ثالثة

 

التواطؤ العربي .. الضوء الأخضر لإبادة غزة وتجويع شعبها

لم يكن التواطؤ الذي مارسته هذه الأنظمة العربية مع الكيان الصهيوني مقتصرًا على التسهيلات اللوجستية والتجارية، بل شكل عمليًا الغطاء السياسي والميداني الذي استند عليه العدو في تكثيف عدوانه الوحشي على غزة، حين شعر الكيان الصهيوني أن هناك ممرات آمنة ومدعومة من دول إقليمية لتمرير احتياجاته من الغذاء، الوقود، المواد الخام والذخائر، عبر البحر الأحمر أو موانئ بديلة، اعتبر ذلك ضوءًا أخضر لتصعيد حرب الإبادة، دون أن يخشى نفاد الإمدادات أو ضغطًا لوجستيًا واقعيًا، وهكذا، تزامن الدعم الميداني غير المعلن مع قصف مكثف على المدنيين والمستشفيات والمخيمات، وفرض حصار خانق على شمال وجنوب القطاع، واستخدام المجاعة كأداة حرب ممنهجة، وارتكاب مجازر جماعية موثقة بأدلة دولية، وبهذا، لم تعد هذه الدول مجرد متواطئة، بل تحوّلت إلى شركاء فعليين في الجريمة، عبر توفير استقرار اقتصادي لكيان يرتكب جرائم حرب، وإطالة أمد قدرته على الاستمرار في المجازر.

 

 الرد اليمني .. توسيع رقعة المواجهة البحرية

في مواجهة هذا التواطؤ، أعلنت القوات المسلحة اليمنية توسيع نطاق الحصار البحري، لتشمل استهداف أي سفينة تتعامل مع شركات لها علاقة بالعدو، بغض النظر عن موقعها، وتنفيذ عمليات نوعية في أعالي البحار، باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ بحرية، كما وجهت تحذير إلى الملاحة العالمية من مغبة التعاون مع الكيان، لكي لا تكون تحت طائلة الاستهداف العسكري المباشر، من هذا المنطلق، لم يكن فرض الحصار اليمني مجرد خطوة تضامنية، بل محاولة حقيقية لقطع شرايين الإبادة عبر تعطيل شحنات الغذاء والسلاح التي تُبقي آلة القتل الإسرائيلية تعمل،  وهذا ما يفسر تصعيد القوات المسلحة اليمنية  لعملياتها البحرية، ورفضها لأي تفاوض دون توقف العدوان على غزة بالكامل.

 

خاتمة 

تكشف هذه المعطيات أن اليمن بات لاعبًا إقليميًا فاعلًا لا في الجبهة اليمنية فقط، بل في قلب معركة السيادة على البحر الأحمر والمياه الدولية، وأن مشروع الحصار لم يعد مجرد ردّ تضامني، بل تحول إلى سلاح استراتيجي يحكم السيطرة على الممر البحري الدولي الذي طالما استُخدم لدعم كيان العدو الإسرائيلي ،  وإنّ كل شحنة مرّت عبر موانئ الإمارات أو البحرين أو مصر أو تركيا، ووصلت إلى كيان العدو، كانت بمثابة صاروخ إضافي سقط على أطفال غزة، وإنّ من سكت عن هذا التواطؤ، أو غض الطرف عنه، فقد ساهم في جرائم الحرب، ولو بصمته.

# إسرائيل# العدو الإسرائيلي# العدوان على غزة# القوات المسلحة اليمنية# تل أبيب#باب المندبالبحر الأحمرالتواطؤ العربي

مقالات مشابهة

  • الأزهري: منصة الأوقاف الرقمية ستكون مرجعًا دينيًا عالميًا بحلول 2026
  • كريستال بالاس يلجأ للمحكمة الدولية للطعن على قرار استبعاده من الدوري الأوروبي
  • محللة: تعطيل مجلس الأمن والمحاكم الدولية يفاقم مأساة الفلسطينيين
  • جامعة صعدة تشهد وقفة نصرة لغزة وتأييدا للقوات المسلحة
  • واشنطن ترفض مقترحات لبنانية لوقف الخروق الإسرائيلية
  • إطلاق الجائزة الوطنية للإبتكار المدرسي
  • شرايين الإبادة .. كيف كشف اليمن تواطؤ أنظمة عربية في تمويل مجازر غزة وكسر الحصار عن العدو
  • رئيس لجنة تنسيق الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة: إسرائيل تتجاهل الأعراف الدولية
  • ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبي جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي
  • إطلاق مشروع «تطوير دروس المساجد»