شرح حديث إنما الأعمال بالنيات من الأمور التي تهم كثير من المسلمين لأنه من الأحاديث المهمة في السنة النبوية الشريفة، وله فضل عظيم، كما أن أعمال الإنسان سوف يحاسب عليها يوم القيامة، لذلك يهتم كل مسلم بعمله وإخلاص النية في هذا العمل، ويرصد «الوطن» في السطور التالية شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.

شرح حديث إنما الأعمال بالنيات

وقالت دار الإفتاء المصرية في فتوى لها حول شرح حديث إنما الأعمال بالنيات إن «هذا الحديث قاعدة من قواعد الإسلام، وأصلٌ مِن أُصولِ الشَّريعةِ، حتَّى قِيلَ فيه: إنَّه ثُلثُ العِلمِ، متابعة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الشريف: - إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّةِ، وإنَّما لِكُلِّ امرئٍ ما نوَى، فمَن كانت هِجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ، فَهِجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ، ومن كانت هجرتُهُ إلى دُنْيا يصيبُها، أوِ امرأةٍ يتزوَّجُها، فَهِجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليهِ».

وأكدت «الإفتاء» في حديثها حول شرح حديث إنما الأعمال بالنيات أن حيثُ قال فيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «الأعمالُ بِالنِّيَّةِ»، فلا تصِحُّ جَميعُ العِباداتِ الشَّرعيَّةِ إلَّا بوُجودِ النِّيَّةِ فيها، «ولِكلِّ امرِئٍ ما نَوى»، فإنَّما يَعودُ على المسلمِ مِن عَملِه ما قصَدَه منه، وهذا الحُكمُ عامٌّ في جَميعِ الأعمالِ مِنَ العباداتِ والمعاملاتِ والأعمالِ العاديَّةِ، فمَنْ قصَدَ بعَملِه مَنفعةً دُنيويَّةً لم يَنلْ إلَّا تلكَ المَنفعةَ ولو كان عِبادةً، فَلا ثَوابَ له عليها، ومَن قصَدَ بعَملِه التَّقرُّبَ إلى اللهِ تعالَى وابتغاءَ مَرضاتِه، نالَ مِن عَملِه المَثوبةَ والأجرَ ولو كان عمَلًا عاديًّا، كالأكلِ والشُّربِ، ثُمَّ ضرَبَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الأمثلةَ العمليَّةَ لِبيانِ تَأثيرِ النِّيَّاتِ في الأعمالِ فبيَّنَ أنَّ مَن قصَدَ بِهجرتِه امتثالَ أمْرِ ربِّهِ، وابتغاءَ مَرضاتِه، والفرارَ بِدِينِه مِنَ الفتنِ؛ فهِجرتُه هِجرةٌ شرعيَّةٌ مَقبولةٌ عندَ اللهِ تعالَى ويُثابُ عليها لصِدقِ نيِّتِه، وأنَّ مَن قصَدَ بِهِجرتِه مَنفعةً دُنيويَّةً وغرَضًا شخصيًّا، مِن مالٍ، أو تجارةٍ، أو زَوجةٍ حَسناءَ؛ «فهِجرتُه إلى ما هاجَرَ إليه»، فلا يَنالُ مِن هِجرتِه إلَّا تلك المنفعةَ الَّتي نَواها، ولا نَصيبَ له مِنَ الأجرِ والثَّوابِ.

فوائد تطبيق حديث إنما الأعمال بالنيات

وتابعت الإفتاء خلال فتواها حول شرح حديث إنما الأعمال بالنيات أن هذا الحديث قد تواتر النقل عن الأئمة بتعظيم موقعه، وكثرة فوائده، وأنه أصلٌ عظيم من أصول الدين، ومن ثَمَّ خطب به صلى الله عليه وآله وسلم -كما في رواية البخاري- فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما الأَعمال بالنيَّاتِ»، وخطب به عمر رضي اللَّه تعالى عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -كما أخرجه البخاري أيضًا-.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الإفتاء

إقرأ أيضاً:

البحوث الإسلامية: إصلاح ذات البين عبادة تتفوق على الصيام والصدقة

قال مجمع البحوث الاسلامية، إن من أهم دعائم المجتمع الصالح الذي ينشده الإسلام، ويدعو إليه، ويحث عليه، أن تسود بين أفراده المحبة والإخاء، والصدق والإخلاص، والتعاون على البر والتقوى.

وأوضح مجمع البحوث الإسلامية ، فضل إصلاح ذات البين، قائلا: إن المتأمل في الشعائر التي يقوم بها المسلم، ويُطالب بأدائها يجد أنها تؤكد على هذه المعاني، وتُدَرِّب المسلم على التخلق بها، فمثلا العبادات شرعت فيها الجماعات لتأليف القلوب ونبذ الخلافات، وأن يُرى المسلم بين إخوانه على قلب رجل واحد، وفي جانب المعاملات حَرَّمَ الإسلام كل ما يجلب الخلاف، وينشر الأحقاد، ووضع الإسلام مبدأ عامًا في المعاملات: أن كل ما أدى إلى النزاع والخلاف منهي عنه شرعًا.

وكثيرًا ما نجد الشيطان ينزغ بين بني الإنسان بغية الوقيعة بينهم، وإفساد ذات البين، قال – تعالى -: {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء: 53].

وقال – ﷺ –: {إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ} رواه مسلم.

ومعني قوله – ﷺ -: {وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ}: أي أن الشيطان يسعي بين الناس بالخصومات والشحناء والحروب والفتن وغيرها، فيحدث الخلاف والنزاع، ويكون الخصام استجابة لفعل الشيطان.

هل يُجدّد السحر في شهر صفر؟.. انتبه لـ7 حقائق واحتمي بـ 3 أدعيةدعاء بعد صلاة الوتر .. كان يردده النبي ثلاث مرات

وطبقا لما يفرضه علينا ديننا أن نسعى بالصلح والتوفيق بين المتخاصمين والإصلاح بينهم، لكي نُفَوِّت على الشيطان غوايته وإفساده بين بنى البشر؛ وذلك استجابة لنداء الرحمن: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1]، وقوله: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]، وقوله: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].

بل أباح الإسلام في الإصلاح بين الناس كل كلمة طيبة تثلج الصدور وترفع الضغائن والأحقاد، وإن كانت في أرض الواقع ليس لها وجودًا، فقال – ﷺ -: {لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْرًا، أَوْ يَقُولُ خَيْرًا} متفق عليه.

فيجب أن يكون من يقوم بالإصلاح غير مراءٍ أو طالب رياسة، وأن يتحلى بأخلاق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في إصلاحه بين الناس، مذكرًا المتخاصمين عاقبة الظلم، مبينًّا فضل العفو.

فعن أُمِّ سَلَمةَ- رضي اللَّه عنها-: أَنَّ رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: {إِنَّمَا أَنَا بشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ فأَقْضِي لَهُ بِنحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بحَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ} مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وقد رتب الشرع الحكيم على الإصلاح بين الناس أجورًا عظيمة، فقال- ﷺ - لأبي أيوب رضي الله عنه: {يَا أَبَا أَيُّوبَ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى صَدَقَةٍ يُحِبُّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ: تُصْلِحُ بَيْنَ الناس إذا تباغضوا، وتفاسدوا}. رواه الطبراني (4/ 138).

وكما رتب الإسلام عظيم الأجر على الإصلاح بين الناس، فقد بيّن عظيم الإثم والوز على الشقاق والنزاع، فقال – ﷺ -: {أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ»، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «صَلَاحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ}. رواه الترمذي.

وختامًا أيها السائل الكريم: “الإصلاح بين الناس له فضل عظيم، وأجر جزيل صاحبه مثاب، ومرفع الدرجات. فاللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام”.

طباعة شارك إصلاح ذات البين إفساد ذات البين الإصلاح بين الناس

مقالات مشابهة

  • يسري عزام: مصر ذُكرت في السنة النبوية ولها مكانة عظيمة في الإسلام «فيديو»
  • القميص الأبيض: قطعة كلاسيكية لا غنى عنها.. وهذه أصول تنسيقه
  • السديس: الشريعة حرمت الاتجار بالأشخاص.. والمملكة رائدة في مكافحة هذه الجريمة
  • أمين الفتوى يوضح ضوابط بيع المحرمات والسلع ذات الاستخدام المزدوج في الشريعة
  • رؤية قرآنية تصنع أمة مجاهدة لا تخاف الموت .. الشهادة والشهداء في فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)
  • يزيد الراجحي ينصح الشباب: لا يخليك المشروع تبيع أصول لك.. فيديو
  • ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة: «أليست نفسا» مبدأ إسلامي شامل في التعامل مع الإنسان
  • هل يجب تغيير مكان صلاة النافلة بعد الفريضة؟.. أمين الفتوى: تشهد عليه الأرض
  • البحوث الإسلامية: إصلاح ذات البين عبادة تتفوق على الصيام والصدقة
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم