كُفر عقب.. بلدة مقدسية تفاقمت معاناتها بعد 7 أكتوبر
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
القدس المحتلة- نظم عشرات المقدسيين، اليوم السبت، وقفة أمام مكتب "مصلحة مياه القدس"، في بلدة كفر عقب شمالي القدس المحتلة، احتجاجا على استمرار انقطاع الماء عنهم، إذ تصلهم في يومين أسبوعيا فقط.
وتفاقمت الأزمة منذ نحو شهر تزامنا مع تقليص شركة "ميكوروت" الإسرائيلية حصص المياه المخصصة للبلدة ومناطق فلسطينية أخرى بنسبة وصلت إلى 50%.
وتحتكر شركتا "ميكوروت" و"جيحون" الإسرائيليتان بيع وتزويد الماء لـ"مصلحة مياه القدس" الفلسطينية، والتي تزود بدورها بلدة كفر عقب، وتتعمد تخفيض الحصص المباعة للشركة الفلسطينية، وهو ما يسبب عجزا في نسب المياه مقارنة بأعداد السكان الذين يزيدون على 100 ألف في كفر عقب.
ويحصل سكان البلدة على نسبة أقل بـ30% من حقوقهم في حصص الماء المعترف بها دوليا، حتى اضطر معظمهم إلى شراء الماء بتكلفة تعادل 55 دولارا لصهريج سعته 1500 لتر.
هتافات الأهالي خلال وقفتهم الاحتجاجية على تقليص الاحتلال نسبة المياه في بلدة كفر عقب بالقدس المحتلة pic.twitter.com/eE2hx5p0dA
— شبكة العاصمة الإخبارية (@alasimannews) June 29, 2024
إهمال وضرائبأعاد انقطاع المياه قضية بلدة كفر عقب إلى الواجهة، إذ يصنفها الاحتلال ضمن حدود بلدية القدس، لكنه يفصلها عن المدينة بالجدار وحاجز قلنديا العسكري، حيث تعاني من إهمال خدماتي وإداري رغم التزام سكانها المقدسيين بالضرائب المترتبة عليهم خصوصا ضريبة السكن (الأرنونا).
تقول المقدسية سناء العجلوني للجزيرة نت، إنها اضطرت للسكن في كفر عقب بسبب انخفاض أسعار الشقق فيها مقارنة بمثيلاتها داخل القدس، وسعيها للحفاظ على هويتها المقدسية، لأن البلدة تقع ضمن حدود بلدية الاحتلال.
وتشبه المواطنة المقدسية الحياة في البلدة بـ"الجحيم"، حيث تغرق الشوارع شتاء بسبب رداءة البنية التحتية، ويذهب معظم الراتب لشراء الماء بسبب انقطاعها المتواصل صيفا، عدا عن الاكتظاظ والأزمات المرورية الخانقة وغياب فرض النظام والقانون.
وتضم بلدة كفر عقب أحياء سكنية عديدة مثل سميراميس، وحي المطار، وحي الزغير، وتضم 70 ألف ساكن مقدسي مسجّل رسميا في الدوائر الحكومية الإسرائيلية الذين تجبي بلدية الاحتلال ضريبة السكن منهم.
ويمر من كفر عقب "شارع رام الله- القدس"، وهو الشارع الوحيد الذي يصل شمال الضفة الغربية بجنوبها بالنسبة إلى الفلسطينيين.
يؤكد رئيس لجنة أحياء القدس الشمالية منير زغير للجزيرة نت، أن 30 ألف ساكن مقدسي في ضواحي مدينة رام الله يمرون من بلدة كفر عقب نحو أعمالهم ومدارسهم في القدس عبر حاجز قلنديا. كما أن معدل المرور عبر شارع القدس-رام الله يصل إلى 4500 سيارة في الساعة، الأمر الذي يولد أزمة خانقة، حيث لا بديل آخر عن ذلك الشارع.
ويضيف زغير موضحا فداحة الأزمة المرورية أن "4200 طالب مقدسي يتجهون عبر كفر عقب وحاجز قلنديا يوميا إلى مدارسهم في القدس، إلى جانب 3600 مركبة تقل عمالا فلسطينيين صباح كل يوم للعمل في القدس، ما يضطر العامل أو الطالب إلى التبكير بـ3 ساعات ليصل في الوقت المحدد، رغم أن المسافة لا تتعدى 4 كيلومترات.
ويُعد حاجز قلنديا العسكري من أبرز العوامل التي تخنق وتحاصر بلدة كفر عقب، والذي يعرف بأنه أشد حواجز القدس تضييقا وتنكيلا بالفلسطينيين الذين يقصدون القدس، والذي ازداد التشديد عليه أضعافا بعد اندلاع معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث أغلق تماما عدة أسابيع بعد الحرب.
وبعد التماسات عديدة من قبل مؤسسات حقوقية أعيد فتح الحاجز جزئيا، بمسالك أقل وساعات محددة، حيث سمح في يناير/كانون الثاني الماضي بمرور المركبات الخاصة فقط عبر الحاجز حتى الساعة الخامسة مساء، ومُنع المشاة ومركبات الإسعاف والحافلات العمومية من ذلك، حتى حوصرت بلدة كفر عقب تماما وعُزلت عن محيطها المقدسي.
وإلى جانب التضييق عند حاجز قلنديا، صعّد الاحتلال تضييقه عند حاجز جبع شمالي القدس، والذي يقطع شارعا يرتاده المقدسيون للوصول إلى "حزما" بديلا عن حاجز قلنديا لدخول القدس والذي يستخدمه المستوطنون أيضا.
وفي حاجز حزما نصب الاحتلال في نهاية أكتوبر/تشرين الأول ومطلع نوفمبر/تشرين الثاني مكعبات إسمنتية وبوابة حديدية، وعمد إلى إغلاقه بشكل مفاجئ خصوصا خلال أوقات الذروة.
وعن التنكيل عند حاجز قلنديا يقول منير زغير إن مسلحين إسرائيليين من شركات أمنية خاصة برفقة جنود الاحتلال يعاملون المقدسيين بعنصرية، ويضيف: "مقابل كل سيارة فلسطينية تمر من حاجز قلنديا، في نفس الوقت، تمر من حاجز حزما -الذي يمر منه المستوطنون- 48 سيارة من 3 مسالك مفتوحة، يتعاملون معنا كأعداء وليس كمواطنين مقدسيين وأصحاب الحق والأرض".
وبلغ تعداد سكان بلدة كفر عقب عام 2005 نحو 17 ألف نسمة، لكن الأعداد تضاعفت بعد إهمال بلدية الاحتلال متابعة إصدار تراخيص البناء، حيث تحتوي البلدة اليوم على 160 بناية مكونة من 10 طوابق فما فوق، وغير مفحوصة هندسيا، ولا تحتوي على أجهزة إنذار وإطفاء الحرائق.
وفي بلدة كفر عقب 26 مدرسة؛ 4 منها تتبع لبلدية الاحتلال، كما أنها تخلو من المستشفيات وخدمات الطوارئ والبنوك وأجهزة الصراف الآلي، حيث يفصل حاجز قلنديا بين سكانها المقدسيين وخدماتهم الضرورية في مدينة القدس، وهذا ما يضطرهم في غالب الأحيان إلى إيجاد بدائل في بلدات وأحياء أخرى قريبة في الضفة الغربية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات بلدیة الاحتلال حاجز قلندیا
إقرأ أيضاً:
ماذا تريد إسرائيل من حملاتها العسكرية في الضفة الغربية؟
جنين- انتهى الفلسطيني شريف فتحي أحمد (30 عاما) من نقل أثاثه في بلدة بروقين غربي مدينة سلفيت، بعد تلقيه أمس الثلاثاء إخطارا من جيش الاحتلال بهدم منزله المكوّن من طابقين خلال 48 ساعة.
وفي البلدة الواقعة شمال الضفة الغربية، والتي يفرض جيش الاحتلال الإسرائيلي عليها حصارا مشددا منذ 8 أيام وحظرا للتجول ويدهم منازل المواطنين فيها، أعطي شريف مهلة لمدة ساعة واحدة لإخلاء المنزل بالكامل، تمهيدًا لهدمه.
يقول شريف للجزيرة نت إنه استطاع مع أهل البلدة الذين هبّوا لمساعدته أن يفرغ منزله الذي قضى 9 سنوات في بنائه وتجهيزه. وقال "60 دقيقة فقط نقلت فيها تعب عمري، وجهدي وغُرف أطفالي وملابسهم.. كنت أكافح طوال هذه السنوات كي أؤسس لأولادي مأوى يعيشون فيه، تحمّلت الديْن والقروض البنكية، وكل ذلك انتهى في 60 دقيقة".
ويصف للجزيرة نت بصوت مخنوق وحسرة كبيرة حال أطفاله الأربعة الذين صُدموا من قرار الهدم "لم أتمكن من إجابتهم عن سؤال لماذا بيتنا؟ كانت دموعهم تسبق أسئلتهم. ولولا وقوف عائلتي بجانبي ومحاولاتهم إبعاد الأطفال، حتى لا يروا المشهد لما استطعت التحمل. حلم العمر راح، تعب السنين وشقاؤها، كلفني المنزل نصف مليون شيكل".
منزل شريف واحد من 3 منازل هدمها الاحتلال في بلدة بروقين منذ بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية فيها وفي بلدة كفر الديك المجاورة بمحافظة سلفيت، عقب عملية إطلاق نار استهدفت سيارة إسرائيلية بالقرب من مستوطنة "أرائيل" شمال الضفة.
إعلانوبحسب بلدية بروقين، يسعى الاحتلال لتوسيع عمليات الاستيطان في المحافظة من خلال وضع اليد على مزيد من أراضي البلدات والقرى فيها، ومن بينها بروقين وكفر الديك، حيث صادر منذ اليوم الأول للعملية العسكرية في البلدة موقعين بمساحة تقدر بـ245 دونما (الدونم ألف متر مربع) وتجري جرافات الاحتلال عمليات تجريف فيها، في حين أقام المستوطنون 3 خيم في المناطق المصادرة تمهيدا لبناء بؤر استيطانية جديدة.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال رئيس بلدية بروقين فائد صبره إن الاحتلال يسعى لإقامة أمر واقع، مستغلا حجّة البحث عن منفذي عملية إطلاق النار. وأضاف "محافظة سلفيت من أكثر محافظات الضفة الغربية التي تحيط بها المستوطنات. إسرائيل تستغل كل ما يحدث لزيادة ضم الأراضي ومصادرتها، كل ذلك في ظل فرض عقوبات على الفلسطينيين وإجبارهم على العيش في ظروف صعبة وغير إنسانية".
ومع استمرار فرض حظر التجول في بروقين، دهمت قوات الاحتلال قرابة 23 منزلا في البلدة وحطّمت محتوياتها، وأجبرت أصحابها على إخلائها ثم حولتها إلى ثكنات عسكرية، بينما يمنع جنود الاحتلال الأهالي من الصلاة في المساجد ورفع الأذان، وهو ما يحدث أيضا في بلدة كفر الديك غربي سلفيت.
ويعيش في بروقين 8 آلاف نسمة. ومنذ بدء الحملة العسكرية فيها يمنع الاحتلال حتى مرضى الكلى من الوصول إلى المستشفى.
ويجثم على أراضي محافظة سلفيت 28 مستوطنة، في حين تتوسع مستوطنات "بروخين" و"أرائيل" ومستوطنة "بركان" الصناعية حول بلدة بروقين من جهاتها الشمالية والشرقية والغربية.
استهداف متكررفي ناحية أخرى، وبعد مرور شهر كامل على آخر عملية عسكرية إسرائيلية في بلدة قباطية جنوبي جنين، والتي كان هدفها اغتيال المطارد محمد زكارنة، المنفذ الثالث لعملية إطلاق النار في قرية الفندق بالقرب مدينة قلقيلية مطلع العام، عادت جرافات الاحتلال الإسرائيلي وآلياته العسكرية لاقتحام البلدة منتصف ليل أمس الثلاثاء.
إعلانووسط عمليات تجريف وتدمير للشوارع والبنية التحتية، كان جنود الاحتلال الإسرائيلي يقتحمون المنازل في البلدة ويحولونها إلى ثكنات عسكرية، ويشنون حملات احتجاز واستجواب ميداني لسكانها.
ويذكّر هذا الاقتحام بالاقتحامات المتكررة التي شهدتها قباطية منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية المسماة "السور الحديدي" في مدينة ومخيم جنين، والتي بدأتها أواخر يناير/كانون الثاني الماضي.
وقال رئيس بلدية قباطية أحمد زكارنة، للجزيرة نت، إن قوات الاحتلال نفذت منذ نهاية العام الماضي 4 عمليات اقتحام واسعة للبلدة دمرت فيها البنية التحتية وممتلكات المواطنين، كان آخرها وأكبرها في فبراير/شباط الماضي حيث وصلت الخسائر إلى 8 ملايين شيكل (أكثر من مليوني دولار)، وفق زكارنة.
وأضاف أن عدد الشهداء في البلدة وصل إلى 38 شهيدا منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبحسب زكارنة، فإن استهداف البلدات والقرى الفلسطينية بشكل عام وقباطية بشكل خاص هو عقاب جماعي لكل الفلسطينيين، "خاصة أن الوضع في البلدة هادئ، ولا وجود لمقاومين بعد اغتيال عدد كبير منهم وملاحقة أجهزة السلطة الفلسطينية لعدد كبير من أعضاء كتيبة جنين وتدمير مخيم جنين".
يرى محللون أن تكرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوسّعها في مدن الضفة وقراها بحجة ملاحقة المقاومة هو محاولة لتبرير ما يحدث من تهجير وتدمير في مخيمات الشمال، وهو غطاء للسلوك الإسرائيلي المستمر فيها.
ويرى المحلل السياسي سليمان بشارات أن إسرائيل تعتقد أن الظروف الحالية هي الأمثل للإسرائيليين لتصفية القضية الفلسطينية من خلال الاعتقالات وهدم المنازل وتهجير الناس، وتصفية المخيمات، وفرض السيطرة الإسرائيلية على أرض الواقع.
إعلانهذا كما يقول بشارات للجزيرة نت، بالإضافة إلى سعيها لتطويع الجانب النفسي والاجتماعي لدى المجتمع الفلسطيني لتقبل الوجود الإسرائيلي بشكل مستمر في الحياة العادية الفلسطينية.
ويضيف أن اسرائيل تريد إبقاء الإنسان الفلسطيني تحت الصدمة لأي عمل تقوم به في الضفة الغربية، وحتى صدمة ما يحدث من جرائم في غزة لأطول مدة ممكنة، لأنها ترى أن هذه الصدمة هي ما سيمنع الفلسطينيين من العودة للمقاومة بحسب ظنها، وهذا ما يفسر أن عمليات الاقتحام اليومية للمنازل يستخدم فيها جنود الاحتلال أسلوب الترهيب نفسه من تدمير وتكسير وحرق، سواء كان المنزل لأحد المطلوبين أو لا.
ويرجح بشارات ذلك لأن إسرائيل ترى أن حاجز المواجهة بينها وبين الفلسطيني انكسر منذ أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ويرى المحللون أن هدم المنازل سواء في المخيمات والقرى هو استكمال لفرض السيطرة الإسرائيلية على الأرض بالكامل وتعزيز الوجود الاستيطاني وتحويل السيادة إلى إسرائيل، سواء بمنع تراخيص البناء الفلسطيني، أو تقييد التنقل والحركة بين المدن.
وبرأي بشارات، إذا استمرت إسرائيل بهذا النهج فهذا يعني إعادة الحكم العسكري الإسرائيلي في الضفة، ليس بالشكل الذي كان موجودا قبل اتفاقية أوسلو، لكن بوجود إسرائيلي كامل في الضفة، من دون تحمّل ثمن هذا الوجود من ناحية تقديم الخدمات للسكان.
فإسرائيل، كما يقول المحلل، لا تريد أن تكون مسؤولة عن الصحة والتعليم والغذاء للمواطن الفلسطيني، لذا تسعى لفرض السيطرة بطريقة لا تكلفها ثمن هذه المسؤولية.