خليل المعلمي
أخذت مقعدي في الباص السياحي المتجه من أمام ساحة “باب اليمن في العاصمة صنعاء إلى الحالمة مدينة تعز، انتظرت الوقت الذي سينطلق فيه الباص أخذا شارع تعز الذي يبدأ من البوابة التي لا تزال قائمة ببابها الخشبي العالي الارتفاع والشامخ كشموخ اليمنيين في صبرهم وتحملهم وبنائهم وإبداعاتهم، وحتى نهايته التي تمتد عبر أحياء المناطق الجنوبية من العاصمة صنعاء.
“سافر في الاسفار 5 فوائد لا بل 6 فوائد”.. كانت تلك عبارة إعلانية لإحدى شركات النقل البري والتي نشرت مؤخرا في مختلف وسائل الإعلام وعلى اللوحات الإعلانية في الشوارع، كما رافقها صور للباصات الجديدة والتي قيل أيضاً أنها ذات مواصفات حديثة مما جعلني أتشوق للحجز والسفر فوراً.
كان خريف العام 2009 ماطراً كعادته ينشر خيراته على المناطق اليمنية المختلفة الوسطى والغربية والشرقية، في أحد أشهر هذا الموسم الخيّر قصدت مدينة تعز لقضاء بعض الأغراض وحين قطعت التذكرة فوجئت بأن سعرها قد ارتفع عما كان عليه قبل شهرين قلت في نفسي ربما سنسافر على الباصات الجديدة.
في الطريق سألت السائق عن الباصات الجديدة التي تم الإعلان عنها، أخبرني أنها لاتزال في حرض.. كانت رحلة الذهاب إلى تعز هادئة، كان السائق ومساعده يبدوان أنيقين بملابسهم الـ””Uniform المكواة والتي تبدو جديدة وتدل على أنهما انضما إلى الشركة حديثاً.
عند وصولي المدينة الحالمة تعز قمت فوراً بحجز تذكرة العودة لليوم التالي فقضاء غرضي لا يتجاوز ساعات الصباح.. كان لدي خياران فهناك باص الساعة الثانية ظهراً وباص الساعة الثالثة عصراً.. فكان اختياري على باص الثالثة عصراً لأحجز أول المقاعد لكي استمتع بما ستراه عيناي من مناظر خلابة وساحرة، وأكون على علم بطريق السير واتعرف على أسماء المناطق التي سيسلكها الباص.
وبعكس رحلة الذهاب جاءت رحلة الإياب، فالسائق وحيد لا يوجد له مساعد وملابسه الـ”Uniform” غير المكواة تدل على اهماله وعدم اهتمامه بمظهره العام كسائق لشركة تحظى باهتمام شريحة كبيرة من المسافرين عبر محافظات الجمهورية.
بدأت الرحلة من تعز باتجاه العاصمة صنعاء وبدأ السائق وهو على عجلة القيادة ينشغل باستعراض “سيديهات” الأفلام فعين على الطريق وعين على التلفاز المعلق في الأعلى، وبعد اختيار الفيلم المناسب بدأ ينشغل بقارورة الماء وأغصان القات ويفتح مشروب الطاقة الذي أصبح يرافق موالعة القات في المقايل وفي كل مكان.
كل ذلك جعلني ارقب الطريق بحذر واتوقع حصول أي طارئ، استمرينا في السير على الطريق وبدأ السائق يسير وبسرعة معقولة منتبها للطريق، غير واضع في الاعتبار أي احترازات أو احتياطات كان من المفترض وضعها في الحسبان من قبل الإدارة في كل رحلة لمواجهة أي طارئ.
بعد صعودنا لنقيل السياني كانت الغيوم قد بدأت تفرغ حمولتها على الطريق التي أصبحت زلقة ولا تتحمل السرعة الزائدة خاصة عند النزول فلابد من استخدام “الجير الثقيل” تحسبا لعدم حدوث انزلاقات.
جميعنا في الباص اندمجنا مع قصة الفيلم الذي كان يحكي قصة اختطاف طائرة وتغيير مسارها.. ونحن كذلك لم نفاجأ إلا والسائق يحاول تحاشى باص صغير قادم من مدينة إب وكان ذلك الباص قد بدأ ينزلق في الطريق نتيجة السرعة العالية مع هطول الأمطار وكانت النتيجة اصطدام الباص الصغير بباص الشركة الأمر الذي جعلنا نخرج عن الخط وبخبرة السائق حاول تفادي الاصطدام بالجبل والانجرار على حافة الطريق وعلى سواقي السيول الموجودة على جانب الطريق ومن ثم توقف الباص وقد مال قليلا على الجبل، متأثراً ببعض الصدمات من أسفله وبعض جوانبه، الأمر الذي جعله يتوقف تماماً عن الحركة.
بالكاد تم فتح باب الباص، وبدأ الركاب بالنزول وكان عددهم خمسين شخصاً ظلوا على حافة الطريق وعلى شعاب الجبل المحاذي للطريق منتظرين من السائق اتخاذ أي إجراءات للتواصل مع الإدارة والتي حاول الاتصال بها وبمدير الشركة الذي وعد بحل الموضوع وجعلنا نتساءل هل سياتي باص أخر من تعز أم من إب أم من عدن ومن ثم تعز وإلى موقع الحادث؟ الأمر الذي جعل بعض الركاب يتصلون بهواتف الشركة المسجلة على التذكرة فكانت الإجابة من قبل هذه الهواتف التواصل مع الحركة، وكأن الأمر لا يعنيهم وبالطبع هذه بعض الهواتف أما معظم الهواتف لم تجب، أما السائق فظل منشغلاً باطلاعنا واطلاع سيارة النجدة التي كانت أسرع من سيارة الإسعاف بأن الباص الآخر هو المخطئ لأن سرعته كانت أعلى من السرعة المطلوبة الأمر الذي أدى إلى انزلاقه في الطريق وكان مهتما أكثر أيضاً بأخذ أسماء وهواتف بعض الركاب لاحتمال استجوابهم أثناء التحقيق فيما بعد.
ظل الركاب منتظرين لمدة أكثر من ساعة ونصف الساعة متسائلين هل سيتم توفير باص أخر؟ هل تم تحريك باص آخر بالفعل من مكان ما؟.. لماذا لم تتواصل الإدارة مع السائق لإبلاغ الركاب بتحريك باص أخر؟ أم أن الأمر لا يهمهم، ربما أن هناك من الركاب من لم يضع في اعتباره تعطل الباص في الطريق بسبب عطل ما، أو بسبب حادث، فلم يضع في احتياطاته نقودا توصله إلى صنعاء.
فهناك أسئلة يتم طرحها أمام شركات النقل المحلية ما مدى أهمية الركاب لديهم؟ وماهي إجراءات السلامة المتخذة لديهم عند توقف الباص في مكان ما، نتيجة خلل ما أو نتيجة حادث ما؟.. هل هناك تأمين على السائقين وعلى الباصات؟ هل هناك باصات احتياطية لمثل هذه الحالات متواجدة في محطات مختلفة؟.
لقد شد انتباه الركاب أن سيارة النجدة التي جاءت لتثبيت الواقعة كانت أسرع من سيارة الإسعاف التي لم تأت إلى مكان الحادث وكانت سيارة المرور “الونش” أسرع وصولاً من مدينة إب إلى مكان الحادث من باص الشركة الذي لم نعرف هل وصل لأخذ الركاب أم أنه لم يصل؟.
بعد انتظار أكثر من ساعة ونصف الساعة بدأ عدد الركاب يقل رويداً رويداً، كل راكب تدبر أمره وبدأ بالبحث عن سيارة بديلة من السيارات المارة تقله إلى العاصمة صنعاء على حسابه الخاص، خائفين من أن يحل الظلام وهم هناك بعوائلهم وأولادهم.
غادر جميع الركاب المكان وعدد من الأسئلة تدور في أذهانهم عن كيفية إعطاء شركات النقل البري تراخيص دون إجراء عمليات التقييم من حيث الصيانة الدورية لمركباتها، واستعدادها لمواجهة الأخطار، ومعالجة المشاكل التي تنتج عن الأعطال أو الحوادث، وعن إجراءات السلامة المتبعة تجاه أي طارئ يواجه الرحلات بين المدن المختلفة؟ وهذه الإجراءات التي يتم التهاون فيها دائما في حياتنا.. ولا نعرف أهميتها إلا بعد فوات الأوان؟
في اليوم التالي ذهبت إلى مقر الشركة في العاصمة وعن طريق الجزء المتبقي من التذكرة التي احتفظت بها استعدت قيمة التذكرة بعد خصم مبلغ منها، وبدأت أفكر هل أهتم الركاب بحقوقهم في استعادة نقودهم؟ ارجو ذلك، لا أصابكم مكروه والحمد لله على سلامة الجميع.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: العاصمة صنعاء الأمر الذی فی الطریق
إقرأ أيضاً:
دراسة: نقص فيتامين ب12 يسبب تنميل الأطراف وضعف الذاكرة
حذّر خبراء التغذية والأطباء من أن نقص فيتامين ب12 أصبح مشكلة صحية شائعة تؤثر على ملايين الأشخاص، خاصة كبار السن، والذين يعانون من مشاكل الهضم أو يتبعون أنظمة غذائية نباتية صارمة، وأوضح الباحثون أن هذا الفيتامين يلعب دورًا أساسيًا في تكوين خلايا الدم الحمراء، دعم وظائف الأعصاب، وتحسين أداء الدماغ، ما يجعله ضروريًا لصحة الجسم العامة.
ليلة لن تتكرر.. كاتي بيري نجمة تتلألأ تحت أضواء الأهرامات في أولى حفلاتها بمصر دليل مرضى القلب لمواجهة فيروسات الشتاء والحفاظ على الصحة أبرز الأمراض التي تهدد مرضى القلب خلال فصل الشتاء مع دخول فصل الشتاء.. تحذير لمرضى القلب من مخاطر البرد "عاهة هتفضل معايا طول عمري".. رحمة حسن تنهار بعد خطأ طبي فادح (صور صادمة) بيصلي على كرسي.. أول ظهور لتامر حسني بعد استئصاله جزء من الكلى (صور) قائمة المشاركين بمنصة الأفلام بمهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير فيروس ماربورج.. تهديد وبائي جديد يلوّح في أفق جنوب إفريقيا وإثيوبيا بعد الهجوم عليها.. بدرية طلبة تتوعد المسيئين بالقانون حسام حبيب يحسم الجدل حول صورته مع شيراز.. "شائعات ارتباطنا غير صحيحة"وأشارت الدراسات الحديثة إلى أن نقص فيتامين ب12 قد يؤدي إلى أعراض مزعجة تظهر تدريجيًا، مثل شعور بالتنميل والخدر في الأطراف، ضعف العضلات، التعب المستمر، وصعوبة التركيز. كما يمكن أن يؤدي النقص المستمر إلى مشكلات في الذاكرة، بما في ذلك النسيان المتكرر، وتراجع القدرة على التفكير السليم واتخاذ القرارات اليومية، خاصة لدى كبار السن.
وأوضح الأطباء أن سبب نقص ب12 قد يكون مرتبطًا بعدة عوامل، أبرزها سوء الامتصاص الناتج عن مشاكل المعدة أو الأمعاء، أو نقص تناول الأطعمة الغنية بالفيتامين مثل اللحوم، الأسماك، البيض، ومنتجات الألبان. كما يمكن أن يكون نقص ب12 أكثر شيوعًا بين النباتيين الذين لا يتناولون المصادر الحيوانية إلا بمكملات غذائية.
وأشار الباحثون إلى أن التشخيص المبكر يلعب دورًا كبيرًا في الوقاية من المضاعفات، حيث يمكن فحص مستويات فيتامين ب12 عبر الدم بسهولة، وتحديد العلاج المناسب. وأضافوا أن تناول مكملات الفيتامين سواء عن طريق الأقراص أو الحقن قد يكون ضروريًا في حالات النقص الحاد، مع مراقبة مستويات الدم بشكل دوري لضمان تعويض النقص بالكامل.
كما شدد الخبراء على أهمية دمج الأطعمة الغنية بالفيتامين في النظام الغذائي اليومي، مثل اللحوم الحمراء، الدواجن، الأسماك، البيض، والحليب ومنتجاته، لتحقيق الوقاية الطبيعية. وأكدوا أن الحفاظ على مستويات طبيعية من فيتامين ب12 يعزز الطاقة، يحسن المزاج، ويدعم وظائف الجهاز العصبي والدماغ على المدى الطويل.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن الاهتمام بفيتامين ب12 لا يقتصر على الوقاية من التنميل وضعف الذاكرة، بل يشمل دعم الصحة العامة، تقوية المناعة، والمساعدة في الوقاية من الأمراض المزمنة، مما يجعل الفحص الدوري والتغذية السليمة من أهم خطوات الحفاظ على الصحة.