مجلة داون: الاعتقالات التعسفية والاخفاء القسري أصبحت شائعة بشكل مثير للقلق في صنعاء وعدن (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT
"تخيل أن يتم أخذك قسراً من منزلك أو مكتبك أو الشارع، وتختفي دون أي أثر، عائلتك ليس لديها فكرة عن مكان وجودك".. هكذا بدأت الباحثة اليمنية أفراح ناصر مقالها عن المخفيين قسرا في بلادها والتي نشرته على مجلة "dawn".
وقالت ناصر في المقال الذي ترجم أبرز مضمونه "الموقع بوست" هذا هو الواقع المرير للآلاف في اليمن اليوم الذين تم اعتقالهم تعسفياً دون أي إجراءات قانونية سليمة.
وأضافت "على الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية وحديثة حول عدد المعتقلين، فإن الطبيعة المنهجية لحالات الاختفاء القسري هذه تشير إلى أن آلاف الأشخاص محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي في جميع أنحاء اليمن".
وأكدت أن الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري أصبحت شائعة بشكل مثير للقلق، مع احتدام الصراع في اليمن، وليس فقط في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وتابعت "كان الحوثيون، الذين سيطروا على العاصمة اليمنية صنعاء منذ عام 2014، قد اعتقلوا وأخفوا قسرا مؤخرا العشرات من العاملين في المجتمع المدني وما لا يقل عن 13 موظفا في الأمم المتحدة، وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش. ومن بين العاملين في المنظمات غير الحكومية الذين ورد أنهم احتجزوا امرأة وزوجها وطفلاهما الصغيران: طفل يبلغ من العمر 3 سنوات وطفل يبلغ من العمر 9 أشهر.
وقال مديرو العديد من منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية: "إننا نشعر بقلق بالغ إزاء احتجاز سلطات الأمر الواقع الحوثية مؤخراً لـ 17 عضواً في منظماتنا والعديد من الأشخاص الآخرين المرتبطين بمنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية وغيرها من المنظمات الداعمة للأنشطة الإنسانية". وقالت المنظمات غير الحكومية العاملة في اليمن في بيان مشترك في وقت سابق من هذا الشهر. "هذه الاعتقالات غير مسبوقة - ليس فقط في اليمن ولكن على مستوى العالم - وتعيق بشكل مباشر قدرتنا على الوصول إلى الأشخاص الأكثر ضعفاً في اليمن، بما في ذلك 18.2 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية والحماية".
تضيف ناصر "أخبرني أحد الأشخاص المطلعين في صنعاء أن العدد الفعلي للأشخاص الذين اعتقلتهم قوات الأمن الحوثية قد يصل إلى 60 شخصًا. ومع ذلك، فإن بعض عائلاتهم يفضلون عدم التحدث علنًا عن الاعتقالات خوفًا من الانتقام، على أمل أن يتم ذلك. إن التزام الصمت والسعي للتدخل أو التفاوض مع الحوثيين من قبل قادة المجتمع المحترمين قد يؤدي إلى إطلاق سراحهم".
وتتابع "تصاعد الصراع المدني في اليمن بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في عام 2014 والتدخل العسكري اللاحق في عام 2015 من قبل تحالف تقوده المملكة العربية السعودية، بهدف إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي فرت حكومته إلى عدن في جنوب اليمن. ومع احتدام النزاع، أصبحت عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري شائعة بشكل مثير للقلق، وليس فقط في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون".
وأردفت "قامت فصائل مختلفة، بالإضافة إلى الحوثيين، بما في ذلك الحكومة اليمنية والقوات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، باحتجاز أشخاص قسرا لقمع المعارضة، والقضاء على المعارضة، وبث الخوف بين السكان. وكثيراً ما يشمل الضحايا المعارضين السياسيين والصحفيين والمواطنين الصحفيين وأصحاب الأعمال والناشطين والأكاديميين والقضاة والمواطنين العاديين الذين يُنظر إليهم على أنهم تهديدات".
وبحسب الباحثة أفراح فإن هذه الانتهاكات لا تنتهك القانون اليمني فحسب، بل تنتهك الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي وقع عليها اليمن.
وترى أن الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري تنتهك الحقوق الدستورية؛ تكفل المادة 48 من الدستور اليمني الحرية الشخصية والأمن. اليمن أيضًا من الدول الموقعة على العديد من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي ينص على حماية الأفراد من الاعتقال والاحتجاز التعسفي.
وطبقا لأفراح فإن هذه الانتهاكات المتفشية لهذه الحقوق خلفت بيئة من الخوف والإفلات من العقاب، حيث يخشى الناس التحدث علناً أو المشاركة في السياسة في بلد مزقته سنوات عديدة من الحرب، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المذهلة في اليمن.
أكدت أنه ومع تفكك اليمن كدولة، فإن "اليمن الجديد" الذي بدأ في الظهور يشكل جيوباً من القمع والبؤس، حيث يطغى الصراع على السلطة على حقوق الناس الأساسية.
وأشارت إلى أنها زارت صنعاء وعدن عام 2022 وقالت "رأيت بأم عيني جمهورية الخوف من أن تصبح صنعاء تحت حكم الحوثيين. لم تكن المدينة التي أعرفها، وكذلك عدن التي تحكمها فصائل مدعومة من الإمارات.
واستدركت "في جنوب اليمن، فإن المناطق الخارجة عن سيطرة الحوثيين ليست أفضل حالاً بكثير. لقد وثقت انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب، في المناطق التي تسيطر عليها القوات اليمنية المدعومة من الإمارات. في إشارة إلى مليشيا الانتقالي.
واستطردت الباحثة أفراح بالقول "قد أدت كل هذه الانتهاكات إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الأليمة بالفعل. هناك العديد من العيوب في الاستجابة الإنسانية الدولية ودعمها لأعمال الإغاثة المحلية في اليمن، بما في ذلك التردد في إدانة مثل هذه الانتهاكات. لكن الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، على وجه الخصوص، يعني أن أسر المختفين غالباً ما تفقد معيلها الأساسي، مما يؤدي إلى صعوبات اقتصادية وزيادة الضعف. وتتمزق المجتمعات عندما يختفي الأفراد دون أن يتركوا أثرا، مما يؤدي إلى انتشار القلق وانعدام الأمن.
وتفيد أن كل ذلك انعكاس للتفكك السياسي في اليمن كدولة. وفي مواجهة الإفلات من العقاب في ظل الحوثيين ومنافسيهم، ليس أمام اليمنيين خيار آخر سوى اللجوء إلى العالم الخارجي طلباً للمساعدة.
وقالت "يمكن لسلطنة عُمان أو قطر، بما لهما من تاريخ في الوساطة الإنسانية في اليمن، أن تأخذا زمام المبادرة كلاعبين إقليميين رئيسيين لا يدعمان عسكرياً طرفاً واحداً".
وخلصت الباحثة اليمنية إلى أن اليمن يحتاج في نهاية المطاف إلى حل سياسي أكثر من أي شيء آخر، وهو أمر ضروري لاستعادة الاستقرار، وإعادة بناء الوظائف الأساسية للدولة وضمان سيادة القانون. يجب أن يعالج أي اتفاق سياسي تتوصل إليه الأطراف المتحاربة الأسباب الجذرية لانتهاكات حقوق الإنسان هذه، وإنشاء آليات للمساءلة داخل هياكل الحكم في البلاد، إذا أردنا أن يكون هناك أي أمل في السلام والعدالة المستدامين في اليمن.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن مليشيا الحوثي مليشيا الانتقالي الاخفاء القسري حقوق هذه الانتهاکات بما فی ذلک فی الیمن
إقرأ أيضاً:
اليمن.. إحباط هجوم «حوثي» شمالي الضالع
عبدالله أبو ضيف (عدن، القاهرة)
أخبار ذات صلةأحبطت القوات اليمنية أمس، هجوماً شنته ميليشيات الحوثي على مواقع عسكرية في قطاع «الحَرّة» شمال غرب منطقة «حجر المشاريح»، شمالي محافظة الضالع.
وقالت مصادر عسكرية، إن ميليشيات الحوثي نفذت أمس، هجوماً من جهة «سائلة الجمري» تحت غطاء ناري كثيف من قذائف الهاون والأسلحة الرشاشة، وتمكنت الوحدات العسكرية المرابطة من صدّ الهجوم بعد اشتباكات أجبرت العناصر المتسللة على الفرار عقب تكبيدها خسائر فادحة.
وأشارت المصادر إلى أن الاشتباكات امتدّت لاحقًا إلى قطاع «الثُوخب»، حيث حاولت الميليشيات فتح محور إضافي للضغط على خطوط التماس، إلا أن القوات اليمنية هناك استهدفت مصادر النيران بكثافة وأفشلت الهجوم.
وقبل يومين، نفذت القوات اليمنية عملية هجومية في قطاع «بتار»، أسفرت عن اقتحام موقع للميلشيات وقتل جميع من بداخله، إضافة إلى اغتنام أسلحة ومعدات دون وقوع أي خسائر في صفوف القوة المهاجمة، وفقًا لمصادر عسكرية.
إلى ذلك، أعرب المبعوث الأممي للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، عن بالغ قلقه إزاء التصعيد الأخير من قبل ميليشيات الحوثي في البحر الأحمر، بما في ذلك الهجوم على السفينة التجارية «إيترنيتي سي»، والذي أسفر عن غرقها ووقوع وفيات وإصابات ومفقودين.
وفي بيان صادر عنه، أبدى غروندبرغ، قلق الأمم المتحدة البالغ إزاء هذا الهجوم وما تلاه من حادثة غرق السفينة «ماجيك سيز» بتاريخ 6 يوليو، مؤكداً أن هذه الحوادث تعكس تزايد المخاطر التي تهدد أرواح المدنيين، والملاحة الدولية، والاستقرار الإقليمي.
وجدد موقف الأمم المتحدة الذي يعتبر الهجمات على السفن التجارية انتهاكاً للقانون البحري الدولي ولقرار مجلس الأمن رقم 2722 (2024)، مشدداً على ضرورة احترام حرية الملاحة، محذراً في هذا الصدد من خطر الأضرار البيئية الجسيمة التي قد تنجم عن استهداف السفن، بما في ذلك احتمال التلوث البحري والعواقب الممتدة.
وتشهد الساحة اليمنية مطالبات شعبية متزايدة، تدعو الحكومة إلى تحرك فعال لاستعادة العاصمة صنعاء، بعدما تسببت ممارسات ميليشيات الحوثي في جر البلاد إلى حرب إقليمية موسعة، مما أسفر عن أضرار غير مسبوقة على المستوى الاقتصادي والمعيشي، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الانقلابية منذ عام 2014.
وارتفعت، في الآونة الأخيرة، وتيرة التصريحات الحكومية حول ضرورة استعادة صنعاء من قبضة الحوثيين، بعدما تسببوا في تدهور أوضاعها، وارتكبوا انتهاكات جسيمة بحق السكان، مما يستدعي تحركاً عاجلاً وتكاتفاً وطنياً شاملاً لخوض معركة التحرير في أقرب وقت ممكن.
وقال المحلل السياسي اليمني، عادل المدوري، إن استعادة صنعاء من قبضة ميليشيات الحوثي تتطلب خطوات استراتيجية من الحكومة، تبدأ بتحرك فعلي نحو التحرير، وحشد الدعم الإقليمي والدولي، وممارسة ضغوط سياسية واقتصادية على الجماعة الانقلابية، وفرض حصار يمنع تهريب السلاح إليها، فكل يوم تتفاقم معاناة اليمنيين من الجماعة التي تخدم أجندات خارجية جرت اليمن إلى حروب إقليمية.
وأضاف المدوري، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن هناك فرصاً ثمينة لاستعادة صنعاء ضاعت في السابق، داعياً إلى توحيد الجهود، والعمل ضمن إطار موحد يهدف إلى تحقيق الاستقرار في اليمن خلال المرحلة المقبلة.
من جانبه، أوضح عصام الشاعري، وكيل وزارة حقوق الإنسان في اليمن، أن سيطرة ميليشيات الحوثي على صنعاء تسببت في تصاعد حاد للانتهاكات بحق الفئات الأكثر هشاشة، وعلى رأسهم النساء والأطفال وكبار السن، مشيراً إلى جرائم متعددة شملت تجنيد الأطفال، والاعتداء على النساء، وفرض ضغوط اجتماعية على العائلات للتكيف مع سياسة القمع.
وذكر الشاعري، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن ما يجري لا يمكن اختزاله في كونه مجرد نتيجة لحرب، بل هو انعكاس لسياسات ممنهجة تستخدم الغذاء والدواء بوصفه سلاحاً ضد المدنيين، وتحرم ملايين الأطفال من حقوقهم الأساسية، في ظل صمت دولي مقلق.
ودعا إلى تحرك فعال من الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي لردع الانتهاكات الحوثية، مطالباً بعدم تقديم أي حوافز للجماعة الحوثية، كون ذلك يمنحهم شعوراً بالإفلات من العقاب، ويؤدي إلى تصاعد الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال، من قتل وإصابة وحرمان من التعليم والرعاية الصحية، فضلاً عن الاعتقال والاختطاف والتجنيد القسري.