دراسة: ليس البشر وحدهم يتقنون عمليات بتر الساق إنقاذا للحياة
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
أظهر بحث جديد أن نوعا من النمل يجري عمليات بتر أطراف لرفاقه المصابين، لتحسين فرص بقائهم على قيد الحياة.
ورُصد هذا السلوك في النمل الحفار في فلوريدا، واسمه العلمي "كامبونوتوس فلوريدانوس"، وهو نوع بني يميل للحمرة يبلغ طوله أكثر من نصف بوصة (1.5 سنتيمتر) ويسكن بعض مناطق من جنوب شرق الولايات المتحدة.
ولاحظ الباحثون أن هذا النمل يعالج الأطراف المصابة لرفاقه إما عن طريق تنظيف الجرح باستخدام أجزاء من الفم أو عن طريق البتر بقضم الطرف التالف.
ويعتمد اختيار نوع الرعاية على موقع الإصابة. فحين تكون الإصابة الشديدة في أعلى الساق، يتم البتر دائما. وحين تكون الإصابة في الأسفل، فإن الساق تخضع للعلاج دوما.
وقال عالم الحشرات إريك فرانك من جامعة فورتسبورغ في ألمانيا، رئيس فريق البحث الذي نُشر، الثلاثاء في دورية كارنت بيولوجي "في هذه الدراسة، نصف لأول مرة كيف يستخدم حيوان غير بشري عمليات بتر أطراف فرد آخر لإنقاذ حياته".
وأضاف فرانك "أنا مقتنع بأنه يمكننا القول مطمئنين إن نظام النمل الطبي لرعاية المصابين هو الأكثر تطورا في مملكة الحيوان، ولا ينافسه إلا نظامنا".
ويتخذ هذا النوع من النمل من الخشب المتعفن بيوتا ويدافع بضراوة عن بيته ضد مستعمرات النمل المنافسة.
وقال فرانك "في حال نشوب معارك، تظهر مخاطر الإصابة".
ودرس الباحثون إصابات الجزء العلوي من الساق، أي الفخذ، والجزء الأسفل.
وتشيع مثل هذه الإصابات في النمل البري من مختلف الأنواع، وتحدث أثناء القتال أو الصيد أو بسبب الافتراس من حيوانات أخرى.
وقال فرانك إن النمل "يتخذ القرار بين بتر الساق أو قضاء وقت أكبر في رعاية الجرح. ولا نعرف كيف يقرر ذلك. لكننا نعرف سبب اختلاف العلاج".
ويتعلق الأمر بتدفق اللمف الدموي، وهو سائل يجمع بين اللونين الأزرق والأخضر، وهو المعادل للدم في معظم اللافقاريات.
وقال فرانك "تؤدي الإصابات الموجودة أسفل الساق إلى زيادة تدفق اللمف الدموي، مما يعني أن مسببات الأمراض تدخل الجسم بالفعل بعد خمس دقائق فحسب، وهذا يجعل عمليات البتر عديمة الفائدة بحلول الوقت الذي يمكن إجراؤها. أما الإصابات الموجودة في أعلى الساق فيكون تدفق اللمف الدموي فيها أبطأ بكثير، مما يعطي وقتا كافيا لعمليات بتر فعالة في الوقت المناسب".
وفي كلتا الحالتين، ينظف النمل أولا الجرح، ويرجح أنه يضع عليه إفرازات من الغدد الموجودة في الفم ويمتص أيضا اللمف الدموي المصاب والملوث.
وتستغرق عملية البتر نفسها 40 دقيقة على الأقل، وأحيانا أكثر من ثلاث ساعات، مع عض مستمر في الكتف.
وفي عمليات البتر بعد إصابة الجزء العلوي من الساق، تراوح المعدل الموثق للبقاء على قيد الحياة بين 90 و95 بالمئة، مقارنة بنحو 40 بالمئة للإصابات التي لم تخضع لعلاج. وفي إصابات أسفل الساق التي خضعت للتنظيف فحسب، بلغ معدل البقاء على قيد الحياة نحو 75 بالمئة، مقارنة بنحو 15 بالمئة للإصابات التي لم تخضع لعلاج.
ورُصدت عناية بالجروح في أنواع أخرى من النمل تضع فيها هذه الأنواع إفرازات غددية لها فعالية المضادات الحيوية على مناطق الإصابة. لكن النوع الذي تناولته الدراسة الحالية يفتقر إلى تلك الغدد.
والنمل لديه ست سيقان وتعمل النملة بكامل طاقتها بعد فقد ساق واحدة.
ولوحظ قيام أنثى النمل بهذا العمل.
وقال فرانك "جميع النمل العامل إناث. ويلعب الذكور دورا ثانويا فحسب في مستعمرات النمل، فهم يتزوجون الملكة مرة واحدة ثم يموتون".
فلماذا إذن يجري النمل عمليات البتر هذه؟قال فرانك "هذا سؤال شيق ويضع تعريفنا الحالي عن التعاطف موضع شك، على الأقل إلى حد ما. ولا أعتقد أن النمل يتسم بالشفقة".
ومضى يقول "هناك سبب تطوري بسيط جدا لرعاية المصابين. إنه يوفر الموارد. إذا تمكنت من إعادة تأهيل عامل بجهد قليل نسبيا سيصبح مرة أخرى عضوا منتجا نشطا في المستعمرة، فهناك قيمة عالية جدا للقيام بذلك. وفي الوقت نفسه، إذا أصيب فرد ما بجروح خطيرة، فلن يهتم به النمل، بل سيتركه لحتفه".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: وقال فرانک عملیات بتر
إقرأ أيضاً:
جرذ الخلد العاري: “أغرب حيوان” يكشف سر العمر الطويل
صراحة نيوز- كشف باحثون أن جرذ الخلد العاري، أحد أغرب الكائنات في الطبيعة، قد يحمل مفتاح طول العمر بفضل خصائصه البيولوجية الفريدة التي تمنحه مقاومة استثنائية للشيخوخة والأمراض، بما في ذلك السرطان.
وأوضحت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Science أن هذه القوارض التي تعيش تحت الأرض طورت آلية جينية مميزة لإصلاح الحمض النووي، ما يُرجَّح أنه السبب الرئيسي لعمرها الطويل الذي قد يصل إلى نحو 40 عامًا.
وأشار الباحثون من جامعة تونجي في شنغهاي إلى أن جرذ الخلد العاري طوّر طفرات في بروتين cGAS، المسؤول عن رصد التلف في الحمض النووي وتحفيز الاستجابات المناعية، إذ تعزز هذه الطفرات عملية إصلاح التلف الجيني المرتبط بالشيخوخة، بخلاف ما يحدث لدى البشر والفئران.
وأضاف العلماء أن التركيبة الجينية لهذا الكائن أقرب إلى البشر منها إلى الفئران، ما يجعله نموذجًا قيّمًا لدراسة الشيخوخة.
وقال البروفيسور غابرييل بالموس من جامعة كامبريدج: “نحن أمام اكتشاف مثير، قد يكون خطوة أولى لفهم أسرار طول العمر لدى هذه الكائنات. وإذا استطعنا محاكاة هندستها البيولوجية، فقد نتمكّن من تطوير علاجات ثورية لمكافحة الشيخوخة.”
وأشار عالم الأحياء جون مارتينيز إلى أن البروتين cGAS يلعب دورًا غير متوقع في خلايا جرذ الخلد العاري، مؤكدًا أن أسرار العمر المديد أكثر تعقيدًا مما كنا نظن.