العبرة من الانتخابات البرلمانية في بريطانيا
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
خلال الخمس سنوات الأخيرة، شهدت بريطانيا أكثر من تغيير لمنصب رئاسة الوزراء، فمن "بوريس جونسون" إلى "ليز تراس" إلى "ريشي سوناك" الذي فقد منصبه الوزاري الآن خلال الانتخابات البرلمانية غير المسبوقة التي جرت في بريطانيا يوم الخميس الماضي الموافق الخامس من شهر يوليو الجاري، والتي خسر فيها حزب المحافظين بعد أن حكم البلاد لأكثر من أربعة عشر عامًا متواصلة، لصالح حزب العمال الذي استعاد قوته، وحقق الأغلبية البرلمانية لصالح رئيسه "كير ستارمر" الذي سيعمل على أن تكون السياسة من أجل مصالح الشعب البريطاني.
إن العبرة من تكرار تلك الانتخابات البرلمانية هو أن الشعب البريطاني يتمكن بما كفله له الدستور البريطاني من حرية، وحراك أن يقلب نظامه السياسي من أجل صالحه في أي لحظة، أي بالتخلص من رئيس الوزراء الذي لا يرضي الشعب بحكم منصبه الفاعل، والقوي في تلك البلاد، لِمَ لا وبريطانيا التي تمتلك النقابات القوية والمؤسسات الفاعلة، والشعب الواعي الذي يثبت من خلال تلك المعارك الانتخابية، والاحتجاجات بأن صوته قوي ومسموع ومؤثر في الحياة السياسية في بريطانيا، وأن البريطاني بنقاباته ومؤسساته وقادة فكره ورموزه السياسيين قادر على أن يتخلص من رئيس الوزراء في أي لحظة، وتثبت الانتخابات الأخيرة بأن الشعب تخلص من رموز، وقادة حزب المحافظين الكبار، وعلى رأسهم ريشي سوناك الذي كان يحلم بالبقاء في السلطة لفترة طويلة، إلا أن الشعب استعاد حزب العمال الاشتراكي من جديد لكي تستعيد بريطانيا هيبتها، وقوتها الاقتصادية والسياسية لصالح المواطنين، ولربما العودة من جديد إلى أحضان الاتحاد الأوروبي.
إن تلك التجارب الديمقراطية في بريطانيا، وغيرها من دول الغرب ومنها ما يحدث من حراك سياسي انتخابي الآن في فرنسا يمكن أن تكون لنا مثالاً يُحتذى، فالرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" الذي انفتح على العالم، وبخاصة على أوروبا، وأمريكا يؤمن عن قرب وبسبب زياراته الخارجية المتواصلة لتلك البلدان بتجاربهم الديمقراطية، وبرامجهم التنموية المتطورة، وبعمله الدءوب على نقل تلك التجارب إلى مصر خلال فترة حكمه، وبطموحه إلى إحداث التغيير من أجل مصلحة الوطن، ونهضته وتقدمه في شتى المجالات، وبما أن مصر قد شهدت تغييرًا وزاريًّا كبيرًا خلال هذه الأيام فإن الشعب كان يحلم بأن يكون التغيير شاملاً لمنصب رئيس الوزراء الذي استمر في رئاسة الحكومة لأكثر من ست سنوات دون أن يتحقق ما كان يحلم به المواطن الطامح إلى حل أزمات مصر الداخلية والخارجية المتفاقمة، ولا ندري لماذا يصر الرئيس عبد الفتاح السيسي على بقاء رئيس الوزراء الذي يمكن أن تتكرر بصماته ومستواه الفكري وطريقة إدارته للحكومة، في إدارة الحكومة السابقة على الوزارة الجديدة، وتفويت الزمن على المصريين، وبالتالي بقاء الأمور والملفات والأزمات الاقتصادية التي يعاني منها المصريون ومؤسسات الدولة على نفس حالها.
إن الدولة المصرية- وعلى غرار الدول الكبرى- تمتلك الكثير من العقول والخبرات والكفاءات من الأكاديميين والمتخصصين، وأساتذة الجامعات في الكثير من التخصصات، وعلى رأسها مجال الإدارة والتجارة والاقتصاد والعلوم السياسية، والدليل على أن مصر عرفت خلال تاريخها الكثير من الأسماء القوية في منصب رئاسة الوزراء، وأسوة بالدول المتقدمة في مجال إحداث التغيير الانتخابي والبرلماني، نرجو من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يراجع موقفه من التغيير الوزاري، والإبقاء على هذا المنصب، وفتحه الطريق لضخ دماء جديدة من الكوادر المصرية التي تتمنى أن تعمل معه في مسيرته لقيادة الوطن، من أجل إعلاء المصلحة العليا للوطن، ومن أجل أن تعمل الحكومة الجديدة في ظل دماء جديدة حتى لا نجمد تقدم الوطن ونهضته عند شخص واحد يدير الدولة منذ أكثر من ست سنوات بنفس الطريقة، ودون إحداث التغيير المطلوب الذي تنتظره مصر، ويستحقه المواطن.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: رئیس الوزراء فی بریطانیا من أجل
إقرأ أيضاً:
القرار العراقي في أتون انتخابات متعثرة
آخر تحديث: 29 ماي 2025 - 9:44 صبقلم: سمير داود حنوش ما يحصل في العراق من تغيير في بوصلة المواقف وتبدل اتجاهاتها يؤكد بوضوح أن المشهد السياسي لهذا البلد سيخطو إلى متغيرات تبعده تدريجياً عن المشروع الإيراني الذي ما زال يكافح من أجل أن يبقى العراق في منطقة نفوذه أو على الأقل ضمن أوراقه التفاوضية مع الجانب الأميركي.محاولات رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني الالتحاق بالمحور التركي – القطري من خلال التقرّب ومد يده للرئيس السوري أحمد الشرع وإعلانه الصريح الاعتراف بهذه الحكومة، يؤكد أن الرجل بدأ يخرج من العباءة الإيرانية. تؤكد مصادر سياسية أن اختيار السوداني المحور القطري – التركي لتمتين علاقته من أجل الحصول على ولاية ثانية بدعم من هاتين الدولتين ربما تسبب بانزعاج الكثير من الدول العربية التي بادر زعماؤها إلى عدم حضور قمة بغداد التي دخلت في سياسة المحاور.تشير المصادر إلى أن إيران لو خُيّرت بين الاحتفاظ بالعراق كحديقة خلفية لاقتصادها المنهار، وبين امتلاك برنامجها النووي لاختارت الإبقاء على العراق لما يملكه من مقومات جيوسياسية تُعين النظام الإيراني في الوقوف على أقدامه.أكبر خطيئة ارتكبها النظام السياسي في العراق بعد عام 2003 أنه رمى كل بيضه في السلة الإيرانية دون أن تكون له خطوط مناورة أو حتى لوبيات في دوائر القرار الأميركي، وربما هو السبب الرئيسي الذي جعل إدارة ترامب تحسب العراق ضمن منطقة النفوذ الإيراني. ما زاد الطين بلّة أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اختار في قائمته الانتخابية شخصيات وأحزابا ضمن عقوبات الخزانة الأميركية التي يتوقع صدورها قريباً، مثل رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ووزير العمل العراقي أحمد الأسدي وكلاهما مدرج ضمن العقوبات الأميركية لارتباطهما بفصائل مسلّحة.محاولات السوداني الحثيثة للقفز على جميع الحبال التي يُحركها العامل الإقليمي الخارجي وما يفعله المؤثر الداخلي من كسب أصوات انتخابية تُمكّنه من ولاية ثانية في رئاسة الوزراء وهي رغبة تصطدم باتفاق قادة الإطار التنسيقي على عدم التجديد لرئيس الوزراء السوداني في الانتخابات القادمة، وهو ما يُعقّد المشهد السياسي خصوصاً ما تشير إليه بعض التسريبات من أن الإطار التنسيقي قد وجد الاسم المؤهل لرئاسة الوزراء في المرحلة القادمة قبل أن تُطبع أوراق الاقتراع. إعلان نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق ترشيحه في الانتخابات البرلمانية القادمة عن العاصمة بغداد فاجأ القوى السياسية بذلك الترشيح، حيث يكون المالكي الزعيم السياسي الوحيد بين الأحزاب الشيعية الذي دخل منافساً للسوداني، حيث ستكون هذه الخطوة اختباراً للحضور السياسي ومنافسة قد يترتب عليها صراع سياسي يتعمق في قادم الأيام وقبل الانتخابات ويدخل الواقع السياسي الشيعي في فوضى تُعمّق الاختلاف. إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يوفرون على الشعب مسرحية الانتخابات ويكتفون بإرسال أسماء الفائزين إلى القضاء للمصادقة عليها؟،من المؤكد أن مفاجآت سياسية بانتظار العراقيين قبل الانتخابات القادمة المزمع إجراؤها في الحادي عشر من نوفمبر، وقد تتسبب بتأخرها أو تأجيلها وذلك ما يخشاه بعض الساسة في المنطقة الخضراء.