العمل الإغاثي لغزة ما بين الاستهداف والأخطاء والتشويه
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأوّل نشط العمل الخيري بكافة أذرعه المؤسساتيّة، والتطوعية، والفعاليات الاجتماعية، والفرق الشبابيّة؛ للاستجابة لمعاناة النّازحين والمتضرّرين بكافة الوسائل المتاحة، وبالرغم من إغلاق المعابر وقطع الطّرقات، فقد تمكّنت الكوادر الإنسانية من إنشاء مخيّمات الإيواء ومرافقها الخدمية، وترميم بعض المستشفيات، وإسناد كوادرها الصحية، ودعم البلديات، وتقديم المساعدات المنقذة للحياة للأهالي من داخل السوق المحلي "على ندرتها"، أو من خلال قوافل المساعدات الإغاثية القادمة عبر مصر والأردن.
إنّ زخم العمل الخيري ودوره في إسناد النازحين جعله في بؤرة الاستهداف الإسرائيلي، وعليه فقد قدّم حتى اليوم عشرات الشهداء من الكوادر أثناء تأديتهم واجبهم الإنساني تجاه الشعب الفلسطيني في غزة.
أضف إلى ذلك كل محاولات محاصرة مصادر التمويل الخارجية، وإلصاق تهم الإرهاب بكل من يقدم الدعم والإسناد لغزة، وقد وصل الأمر لإغلاق جمعيات ومؤسّسات وتجميد حسابات ومداهمة بيوت، واعتقالات في أوروبا، ناهيك عن الزيارات المكوكية لمسؤولي FBI والخزانة الأميركية لبعض الدول الإسلاميَّة لحثّها والطلب منها تشديد القيود على المؤسّسات العاملة لصالح غزة، وتعطيل تحويلاتها البنكية والتدقيق في أية حوالة مالية مرتبطة بأعمال الإغاثة داخل القطاع.
يُدرك الإسرائيلي اليوم حجم وأهمية العمل الخيري، ويضع استهدافه في مقدّمة الأولويات، فيما يجتهد العاملون – رغم كل المخاطر – في تقديم المساعدة والتغلب على الصّعاب، ومنها شحّ المواد، وندرة السيولة النقدية في قطاع غزة، والمخاطرة العالية لتأدية العمل الميدانيّ.
الجهد الكبير المبذول يوازيه احتياجٌ كبيرٌ وحصار وإغلاق معابر، وتحديّات جمّة تؤدي إلى عدم الوصول لكافة الفئات المستهدفة، وعليه فقد يعتمل في صدور الناس شُبهة التوزيع، غير العادل والمحاصصة والمحسوبية، إلا أن الغالبية العظمى على خير، وتقدم ما تستطيع، ولديها نظم مالية ومحاسبية للمتابعة والرقابة.
ولأنّ العمل الخيري يقوم به بشر، فهو يخضع للاجتهادات والاستغلال من قبل ضِعاف النفوس، لكن مجتمعاتنا الإسلامية قد ابتليت بداء القيل والقال، وإغفال الحَسن من الأعمال وإظهار السيئ منها، لذا فإنه يجب التوقف عند المحطات التالية لوضع الأمور في نصابها بعيدًا عن التشنّج والدفاع المطلق أو الهجوم المعمم على الجميع.
أولًا: النشطاء وجمع التبرعاتطبيعة أي صراع تجعل من بعض الأشخاص رموزًا وأبطالًا ومحل اهتمام وثقة الجمهور، وتقوم وسائل التواصل الاجتماعي بدور كبير في الوصول، وتعزيز الشعبوية والتأثر بالجماهيرية، وتبدأ تلك الشخصيات التي تم ترميزها بالتحول رويدًا رويدًا عن الأعمال التي صنعت مجدهم الرقمي، وينتقلون لمربّعات أخرى، والقيام بأعمال والإدلاء بتصريحات تضعهم في خانة المستفيد والمستغل لما وصل إليه من نجومية، فمنهم من يُنصب نفسه حاكمًا وموجهًا للجمهور، ويشكك في أعمال المؤسسات والأطر الرسميّة، ويدعو للتبرع من خلاله باعتباره الوحيد المؤتمن والحريص.
ومنهم من ينخرط في أعمال الإغاثة الإنسانية وكأن الساحة من قبله كانت فارغة، وهو من قام بسد الثغر الكبير، ثم يقوم بتنفيذ المشروعات بعشوائية دون تنسيق ودون مرجعية، مما يُوقع معظمهم في دائرة القيل والقال، وهذا الوضع يتحمل وزره المانح بشكل أساس، خصوصًا المؤسسات الكبيرة التي تدعم الأفراد على حساب المؤسسات؛ طمعًا في الوصول والجماهيرية والتغطية الإعلامية.
وهناك من يعتقد واهمًا بأنه إن مرّ عبر الأفراد فذلك يعفيه من الاستقطاع الإداري وعمولات التحويل! وهنا لستُ أدري كيف لشاب حديث العهد بأعمال الإغاثة فرض حضوره بشهرة إعلامية، أن يقوم بتغطية المصاريف الإدارية وعمولات التحويل من جيبه الخاص، فيما تعجز عنه مؤسسات كُبرى؟، وكيف له أن يقدم أسعارًا منافِسة، كأن يقدم سعر أضحية الخروف بـ 600 دولار، فيما كان أقل خروف يبلغ سعره 1200 دولار؟! فهذا يحتاج لوقفة ومراجعة من قبل المانح والمؤثر ومرجعيات العمل الإنساني في قطاع غزة.
ثانيًا: المؤسسات الخيريةتجتهد المؤسسات الخيرية لجمع التبرعات وتحمّل الصعاب لتنفيذ المشروعات ومازال معظمها على خير، وهي الأنسب لتقديم المساعدات، حيث يحكمها نظام داخلي ولوائح وقوانين ومسار عمل، وإن اضطرب هذا المسار، فهو يُعيد فرض نفسه ويعزز الرقابة الجماعية، ولا يجعلها خاضعة لرغبة شخصية أو لشخص متفرد، إلا أن بعض المؤسسات تتناسى وظيفتها الحيوية والأساسية المتعلقة بتقديم المساعدة، وتنحاز إلى المنافسة غير المهنية؛ طمعًا في الحصول على تمويل إضافي.
إذ اعترى العديد من الأعمال منافسات لا تليق بالرسالة السامية التي يقدمها العمل الخيري، وقد أثّرت المنافسة المحمومة بشكل سلبي على المستفيدين، فبات السباق على الصورة أولى من تقديم المساعدة، وبات أقل الأسعار مقدمًا على الجودة، فأهانت الأولى كرامة شعب يقاوم، والثانية قدّمت ما لا يليق بشعب قدّم الدم وما زال يقدم.
والإشكال الأكبر الذي يعتري المؤسسات عدم التنسيق الميداني، فكل منها تعمل بمعزل عن الأخرى، وتحاول أن تبتعد عن أي دائرة أو مبادرة تعمل على تنسيق وتوحيد الجهود، وتوزيع مركز الثقل المؤسسي، بما يحقق عدالة التوزيع، ولا أجد مبررًا لذلك سوى أمرَين: إما أن التدخلات هزيلة، ولا ترقى لمستوى المُعلن عنه من قِبل بعض المؤسّسات، وإما أن هناك خللًا يُخشى فضحُه إن تم التنسيق والمطابقة، وفي الحالتين وجبت المحاسبة والمساءلة.
ثالثًا: حملات التشكيك والإنكارلحملات التشكيك والإنكار عدة أسباب وجِهات، فهناك من لم تصله المساعدات إلا ما ندر أو تعرض لظلم؛ نتيجة خلل عدالة التوزيع، فأصبح الجميع لديه محل اتهام، خصوصًا القائمين على تسلّم المساعدات وتوزيعها، وهو لا يرى ولا يستطيع تقبل الصورة الكبرى المتمثلة بالاحتياج الكبير والذي تعجز عن تغطيته كل المساعدات مجتمعة، إلا أن القليل المتوفر يجب أن يوزّع بعدل وإنصاف ما استطاع العاملون لذلك سبيلًا.
ومن أسباب التشكيك ظهور بعض حالات الخلل لدى بعض المبادرين والمُبادِرات، وبعض المؤسسات في تنفيذ المشروعات، واستقطاب الأموال، وجمعها دون أن يكون التنفيذ واقعيًا على الأرض، أو يُماثل حجم عمليات الجمع، بالإضافة لارتفاع مصاريف السفر لبعضهم؛ بغرض استقطاب الدعم، ودفع مبالغ التنسيق والتسويق من مبالغ التبرُّعات.
التضارب بين المؤسسات والمؤثرينحقيقة أرى أن المؤثرين والمتطوعين يجب أن يكون عملهم محكومًا ضمن إطار مؤسسي يعزز الشفافية والمساءلة، ويجب ألا يترك الأمر للهوى والتفرُّد الشخصي في توجيه التبرعات والأولويات. كما أنه من الضروري انخراط كل المؤسّسات العاملة في قطاع غزة في تنسيق جادّ ومُوحد؛ لضمان عدالة التوزيع وعدم الازدواجية، وتوحيد الأسعار، وعدم المضاربة، فالعمل الإنساني في المحصلة هو تقديم خدمة للمحتاجين بغض النظر عن مقدمها، وليس مجالًا تجاريًا ومناقصات تقدم السعر الأقل، وتجتهد في إرضاء العميل.
الذباب الإلكتروني والاستهداف المُوجّهيعدّ الذباب الإلكتروني أخطر أنواع حملات التشكيك، ويمثل المنخرطون فيها النسبةَ الكبرى، ولعلّ حملات التشكيك الموجّه تُعتبر الأخطر، فهي لا تأتي في سياق الحرص على المال العام، أو من باب الحرص على المستفيدين، وإنما تأتي من باب الخصومة السياسية، ومحاولة الاصطفاف ضد غزة.
وقد لعبت جهات فلسطينية دورًا محوريًا في التحريض على جمعيات عاملة لفلسطين، فيما نشط البعض وبشكل موجّه للتشكيك بأي عمل إغاثي في داخل القطاع وجدواه، بل إن قياديًا فلسطينيًا وجّه خطابًا مسمومًا يطلب فيه وقف التبرّعات ومنع الحوالات عن غزة؛ لأنها تُعزز مكانة فصيل بعينه، دون النظر لأي اعتبار له علاقة بالحاجة الإنسانيّة للمواطن الفلسطيني الذي يدفع ثمن العدوان الإسرائيلي.
ختامًا؛ العمل الخيري الإنساني له دور كبير في إسناد وتمكين الناس في قطاع غزة، ويجب أن يتكامل الدور المؤسّسي مع الجهود التطوعية والفردية؛ لتعزيز قدرة الوصول للجميع، ويجب أن يكون هناك تنسيق بين المؤسّسات ومن لا يأتي طوعًا يجب أن يأتي مكرهًا، فواقع ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ليس كما قبله، ولا يجوز قبول ادّعاء بعض المؤسّسات بأنها قدّمت وعملت بملايين الدولارات في قطاع غزة، فيما لا نرى أثرًا حقيقيًا لعملها على الأرض، ويجب وقف حالة التضارب في أسعار المشروعات، وتقديم الأولويات التي تخدم حاجة الناس، لا إداريات المؤسّسات وموازناتها .
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العمل الخیری فی قطاع غزة المؤس سات بعض المؤس یجب أن
إقرأ أيضاً:
بعد الضوء الأخضر الإسرائيلي .. غزة الإنسانية بديل من المؤسسات الدولية
واشنطن – دعمت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب طرح الحكومة الإسرائيلية المتعلق بضرورة سيطرتها على جميع المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة بعد أن منعت إدخال أي مساعدات له منذ 2 مارس/آذار الماضي، وهو ما أدى إلى انتشار الجوع ومخاوف من انتشار المجاعة لدى كل سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون شخص.
وفي هذا الإطار، دعمت واشنطن تأسيس مؤسسة غير ربحية، وغير حكومية، نالت موافقة إسرائيل، وسُميت بـ "مؤسسة غزة الإنسانية" (جيه إتش إف) لتعمل بديلا من جمعيات ومؤسسات تابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، والتي ترفض إسرائيل استمرار قيامهما بمهام التوزيع في حالة السماح بدخول شاحنات المساعدات.
واطلعت الجزيرة نت، على العرض الذي قدمته المؤسسة للحكومة الأميركية، والذي ترجح بنوده وتفاصيله أنها ستكون "دمية بيد الجيش الإسرائيلي، وستعمل كوكيل لعسكرة المساعدات، وتهميش المؤسسات الدولية والفلسطينية، وترسيخ نظام الاحتلال تحت ستار العمل الإنساني المحايد". وتقول المؤسسة، إنها ستنطلق في إدخال المساعدات بدءا من نهاية الشهر الحالي.
وتعرض الجزيرة نت في هذا التقرير بصيغة سؤال وجواب كل ما يتعلق بهذه المؤسسة.
ما هي مؤسسة غزة الإنسانية؟ وما تاريخها؟ وما قدراتها؟ليس للمؤسسة أي تاريخ، إذ تم تأسيسها ورقيا وقانونيا في فبراير/شباط الماضي في مدينة جنيف بسويسرا، بناء على طلب من الحكومة الأميركية بهدف المساعدة في تخفيف الجوع في غزة، مع الامتثال للمطالب الإسرائيلية بعدم وصول المساعدات إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
إعلانويترأس جيك وود المؤسسة، وله خبرة قيادة منظمة "فريق روبيكون" لتقديم الإغاثة الإنسانية أثناء الكوارث الطبيعية، وهو من قدامى المحاربين في قوات المارينز الأميركية الذي سبق له القتال في أفغانستان والعراق.
وستتولى المؤسسة تجهيز وشراء المساعدات والمواد الغذائية، في حين تتولى شركتا الأمن والخدمات اللوجستية الأميركيتان الخاصتان "يو دجي سولوشنز" (UG Solutions) و"سيف ريتش سولوشنز" (Safe Reach Solutions) تأمين مسار الشاحنات ومراكز توزيع المساعدات داخل قطاع غزة.
وتقول المؤسسة، إنها ستنسق مع الجيش الإسرائيلي، لكنّ الأمن ستوفره هاتان الشركتان.
شركات أمنية أمريكية تتولى الرقابة على التفتيش بين جنوب وشمال قطاع غزة! pic.twitter.com/OmkGk1updV
— قناة القدس (@livequds) January 26, 2025
كيف كانت توزع المساعدات في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023؟منذ حتى ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتولى الأمم المتحدة الإشراف على عمليات توزيع المساعدات رغم كل المضايقات التي تتعرض لها من الجيش الإسرائيلي، وعمليات النهب من بعض العصابات المسلحة.
لكن الأمم المتحدة تؤكد أنه رغم ذلك، فإن نظام توزيع المساعدات، يعمل وقد ثبت ذلك خاصة خلال وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين وانتهى في 2 مارس/آذار الماضي. وكانت إسرائيل تشرف على إدخال الشاحنات بعد تفتيشها، ثم تتلقى المنظمة الأممية الشاحنة وتشرف على إفراغها في مخازن قبل البدء في عمليات التوزيع من مراكزها المنتشرة في مختلف مناطق القطاع.
ويقول ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة "لدينا نظام يعمل، لسنا بحاجة إلى إعادة اختراع عجلة أخرى وإلى شريك إنساني جديد ليخبرنا كيف نقوم بعملنا في غزة". وللمنظمة الأممية 400 مركز لتوزيع الغذاء والماء ومواد النظافة والمأوى والصحة والوقود والغاز.
لماذا اُقترحت خطة بديلة لتوزيع المساعدات في غزة؟أوقفت إسرائيل دخول جميع شحنات المساعدات إلى غزة منذ 2 مارس/آذار الماضي للضغط على حركة حماس للإفراج عن المحتجزين لديها. كما تتهم حماس "بسرقتها" وهو ما تنفيه الحركة.
إعلانوفي أوائل أبريل/نيسان الماضي، اقترحت إسرائيل ما وصفته بـ "آلية منظمة للمراقبة ودخول المساعدات" إلى غزة. ورفض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاقتراح بسرعة وقال، إنه يخاطر "بمزيد من السيطرة على المساعدات والحد منها".
ومنذ ذلك الحين تتزايد الضغوط على إسرائيل للسماح باستئناف تسليم المساعدات وسط مخاوف دولية من مجاعة محدقة بسكان القطاع، وأقر ترامب أن "كثيرا من الناس يتضورون جوعا في غزة".
في الوقت ذاته، سمح الاحتلال باستئناف دخول عدد محدود للغاية من شحنات المساعدات، وصفه مراقبون بأنه "قطرة في المحيط". وقالت الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، إنها حصلت على موافقة إسرائيلية على دخول نحو 100 شاحنة مساعدات أخرى إلى غزة.
من سيدير هذه المؤسسة الوليدة؟تم الإعلان عن أسماء مسؤولي هذه المؤسسة على النحو التالي:
يقودها مجلس الإدارة برئاسة نيت موك الرئيس التنفيذي السابق لشركة "وورلد سنترال كتشين" (World Central Kitchen)، ومديرون آخرون يتمتعون بخبرة واسعة في التمويل والتدقيق والحوكمة. يترأس جيك وود الفريق التنفيذي. هناك مجلس استشاري يضم عددا من كبار الشخصيات في مجال المساعدات الإغاثية والخلفيات الأمنية، مثل رئيس برنامج الأغذية العالمي السابق ديفيد بيسلي، ومسؤول الأمم المتحدة السابق عن الأمن العالمي بيل ميلر، والعقيد مارك شوارتر المنسق الأمني الأميركي السابق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. من أين ستحصل المؤسسة على أموالها وطعامها ومساعداتها؟هناك غموض كبير في تمويل هذه المؤسسة، وأشار مصدر مطلع لشبكة "سي إن إن" إلى أنها تلقت فعلا أكثر من 100 مليون دولار، ولم يتضح من أين تأتي الأموال.
في الوقت ذاته، أشار عرض المؤسسة إلى قيام عدة شركات قانونية وبنوك أميركية وسويسرية بالمراقبة والمراجعات المالية. وأعلنت كذلك أنها "في المراحل النهائية من شراء كميات كبيرة من المساعدات الغذائية"، وقالت إن ذلك يعادل أكثر من 300 مليون وجبة.
إعلانكما أعلنت المؤسسة عن قبولها التبرعات من خلال 3 آليات:
وجبات الصندوق: بما قيمته 65 دولارا يمكن تمويل 50 وجبة كاملة يتم توصيلها مباشرة للمحتاجين. التبرع بالسلع العينية وبالمواد الغذائية أو المياه أو أجهزة الصرف الصحي والنظافة الشخصية، والمواد الطبية. الشراكة عبر المنظمة غير الحكومية العاملة: ستقوم المؤسسة بنقل وتأمين شاحنات المساعدات التابعة للمنظمات غير الحكومية من ميناء أسدود أو معبر كرم أبو سالم مباشرة إلى منافذ التوزيع المؤمنة.وتعهدت واشنطن بالعمل على تأمين الدعم اللازم لعمل المؤسسة.
كيف ستعمل المؤسسة؟تعهدت المؤسسة بإيصال المساعدات إلى 1.2 مليون فلسطيني، مع خطط للتوسع لتشمل أكثر من مليوني شخص، من خلال مراكز توزيع مؤمنة من شركات الأمن الخاصة، مع تنسيق مع الجيش الإسرائيلي لتأمين النطاق الأوسع لمراكز التوزيع.
وتقول المؤسسة إنها ستوفر "حصصا غذائية معبأة مسبقا ومستلزمات نظافة ومستلزمات طبية". وتخطط لنقل المساعدات عبر "ممرات خاضعة لرقابة مشددة، وتخضع للمراقبة في الوقت الفعلي لمنع التحويل، وإن "أشهرا من النزاع أدت إلى انهيار قنوات الإغاثة التقليدية في غزة، مما ترك ملايين المدنيين دون إمكانية الوصول إلى الغذاء والماء وغيرها من الإمدادات الضرورية.
وأضافت أن "تحويل المساعدات والقتال النشط وتقييد وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى الأشخاص الذين من المفترض أن تخدمهم، أدى إلى تآكل ثقة المانحين. ومن هنا تم إنشاء مؤسسة غزة الإنسانية للعودة لإدخال المساعدات من خلال نموذج مستقل، ودقيق، يوصل المساعدات مباشرة وفقط للمحتاجين".
كم ستبلغ تكلفة إيصال كل وجبة إلى داخل غزة؟
ستكلف كل وجبة غذائية تدخل غزة 1.25 دولارا، وتوزيعها يكون على النحو التالي:
0.58 دولارا تكلفة الوجبة الغذائية. 0.67 دولارا تكلفة الخدمات اللوجستية والأمن والتوزيع والنفقات العامة الأخرى. إعلانوتقول المؤسسة، إن هذه الأسعار تتوافق مع المعايير المتعارف عليها والتي تتراوح عادة من 0.50 إلى 0.80 دولارا لكل وجبة.
ما نموذج التشغيل المتوقع اتباعه؟ستقوم المؤسسة في البداية بإنشاء 4 مواقع توزيع آمنة "إس دي إس" (SDS)، تم إعداد كل منها لخدمة 300 ألف شخص، (1.2 مليون من سكان غزة في المرحلة الأولية). مع قدرة على التوسع إلى أكثر من 2 مليون لاحقا.
تنتقل الحصص الغذائية المعبأة مسبقا ومستلزمات النظافة والإمدادات الطبية عبر ممرات خاضعة لرقابة مشددة، ويتم مراقبتها طوال الوقت لمنع التسريب.
ما أبرز الانتقادات لنموذج تشغيل المؤسسة؟وصف توم فليتشر، مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، المؤسسة بأنها "عرض جانبي ساخر"، في مداخلة له أمام مجلس الأمن الدولي قبل أيام. وحذرت الأمم المتحدة من حقيقة أن المواقع الأولية التي ستكون فقط في جنوب ووسط غزة يمكن أن يُنظر إليها على أنها تشجع على هدف إسرائيل المعلن المتمثل في إجبار جميع سكان القطاع على الخروج من شماله.
كذلك تقول الأمم المتحدة، إن تورط الجيش الإسرائيلي في تأمين مواقع توزيع المساعدات يمكن أن يثبط المشاركة، أو يؤدي إلى مواجهة مسلحة، مع وجود مخاوف من أن المتعاقدين العسكريين من القطاع الخاص يمكن أن يستخدموا القوة كآلية للسيطرة على الحشود.
والأهم من ذلك، أن الآلية ببساطة غير كافية، فوجود 4 مراكز توزيع فقط يعني إجبار أهل غزة على المشي مسافات طويلة حاملين حصصا غذائية ثقيلة.
ويضيف فليتشر، أن الخطة المقترحة للمؤسسة "تفرض المزيد من النزوح، بما يعرض آلاف الأشخاص للأذى. وهي تقتصر المساعدات على جزء واحد فقط من غزة، بينما تترك الاحتياجات الملحة الأخرى دون تلبية. وتجعل المساعدات مشروطة بأهداف سياسية وعسكرية، والجوع ورقة مساومة".