عائلات بلا مأوى والنزوح المتكرر يفاقم الأزمة الإنسانية بالفاشر
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
الفاشر- بعد أن دُمر منزله بسبب الحرب الدائرة في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور غرب السودان، أصبح محمد يوسف (38 عاما) وعائلته مشردين بلا مأوى. وبات محمد يعيش في ظروف قاسية بمنطقة شقرة (20 كلم) غرب الفاشر، حاله حال الآلاف من النازحين إلى المنطقة.
"لقد فقدنا كل شيء" بصوت منكسر يتحدث يوسف للجزيرة نت عن معاناته، ويقول "كان منزلنا مكانا آمنا لنا ولأطفالنا، ولكننا الآن نعيش في خيمة متهالكة، وعلى ظلال الأشجار والقش، ونشعر بالحرمان والقلق طوال الوقت".
وأضاف "نعاني من نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية، والأطفال معرضون لخطر الأمراض بسبب سوء النظافة والتغذية حيث لا مرافق ولا حمامات" مؤكدا أنهم يعيشون في ظروف "لا إنسانية".
ومنذ أكثر من شهرين تشهد مدينة الفاشر قصفا مدفعيا كثيفا من قبل قوات الدعم السريع على المستشفيات ومنازل المدنيين، نتج عنه أزمة إنسانية خانقة تهدد حياة الآلاف من المدنيين.
ويوجد بالمدينة ما يقرب من مليوني مواطن مدني محاصرين دون وجود أي مساعدات إنسانية دولية، رغم دعوة مجلس الأمن الدولي قبل أيام لإنهاء القتال، وحثه لقوات الدعم السريع على رفع الحصار عن المدينة.
وبحسب يوسف، الذي كان يعمل سابقا نجارا في ورشة صغيرة وسط المدينة، فإن أغلب السكان نزحوا من منازلهم في المدينة إلى القرى الغربية من مدينة الفاشر وأماكن أخرى أكثر أمنا، كما أن أغلبهم فقدوا وظائفهم وأصبحوا عاطلين عن العمل.
وأبدى قلقه على مستقبل أطفاله، قائلا "أطفالي لم يذهبوا إلى المدرسة منذ أكثر من عام ونحن نقلق على مستقبلهم وعلى كيفية توفير الغذاء والتعليم والرعاية الصحية لهم".
وناشد يوسف المسؤولين في الهيئات الدولية والمنظمات الإنسانية بالتدخل العاجل لتقديم المساعدات الضرورية لهم والعمل على تخفيف آثار الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي يعيشها النازحون في مختلف مواقع النزوح بمدينة الفاشر.
سوء تغذية وزيادة الوفيات
من جهته، أفاد أبكر آدم، وهو نازح مقيم بمنطقة طويلة الواقعة على بعد 60 كيلومترا غرب الفاشر، بأن سكان المنطقة، ومنهم النازحون الذين لجؤوا إلى قرى غرب الفاشر في منطقتي (شقرة وطويلة) الواقعتين تحت سيطرة حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور، يواجهون صعوبات جمة في الحصول على الغذاء والمياه الصالحة للشرب.
ووصف آدم، في حديثه للجزيرة نت، الوضع بأنه "صعب للغاية"، حيث يفتقر الجميع إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة في ظل استمرار عمليات النزوح والقصف المدفعي على المنازل السكنية في مدينة الفاشر.
وأوضح أن المئات منهم في المنطقتين يقفون في طوابير طويلة يوميا في انتظار دورهم للحصول على المياه من الآبار، وفوق ذلك، فإن العديد من السكان أُجبروا على العيش في العراء دون مأوى.
وقال "الوضع الراهن يُمثل أزمة إنسانية خطيرة تستدعي تحركا سريعا لإغاثة المتضررين والحفاظ على كرامتهم".
وعلى الرغم من الجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية، فإن شدة القتال في المدينة وضواحيها عرقل وصول المساعدات للمحتاجين في مختلف المناطق.
وأدى النزوح المتكرر إلى اكتظاظ المناطق الريفية الواقعة غرب الفاشر وتدهور في البنية التحتية والخدمات الأساسية، مع وجود نقص حاد في المياه النظيفة والغذاء، مما أفضى إلى انتشار سوء التغذية وارتفاع معدلات الوفيات، خاصة بين الأطفال والنساء الحوامل، وفقا لناشطين.
ووسط هذه الظروف الصعبة، تبذل المنظمات المحلية والناشطون جهودا في تقديم المساعدات الضرورية للسكان المتضررين، حيث تشمل تلك الجهود توزيع المواد الغذائية والمياه النظيفة، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية الأساسية. كما يتم العمل على إصلاح البنية التحتية المتضررة وإعادة تأهيل بعض المرافق الحيوية.
مبادرة لإنقاذ الوضعوفي غضون ذلك، أطلقت حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور مبادرة لإنقاذ مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، ودعت الحركة في هذه المبادرة الأطراف المتحاربة إلى إخلاء المدينة وترك حماية المواطنين لها باعتبارها طرفا محايدا.
وبحسب المبادرة، سيتم تحويل مدينة الفاشر وما حولها إلى منطقة منزوعة السلاح ومركز لإدارة الشأن الإنساني والإغاثي. مؤكدة أن "الفاشر مدينة ليس لها أي قيمة عسكرية لأي طرف من الأطراف".
ووفقا للناشط الاجتماعي سليمان أتيم، فإن مبادرة حركة تحرير السودان تُعَد في غاية الأهمية وواحدة من أفضل الحلول، نظرا للوضع الإنساني المأساوي في المدينة.
وأوضح، في حديث للجزيرة نت، أن الادعاءات بوصول المساعدات الإنسانية إلى مدينة الفاشر والمناطق المجاورة لها غير صحيحة، وأضاف أتيم أن هناك آلافا من النساء والأطفال لا يزالون في العراء، دون خيام أو أغطية، ولا يحصلون على ما يحتاجون من غذاء أو رعاية صحية. وتابع قائلا "أعداد القتلى مروعة وفي ارتفاع يومي وسط غياب للإعلام والمجتمع الدولي".
من جهتها، تؤكد المواطنة زحل عبد الله للجزيرة نت أن مدينة الفاشر تشهد حاليا أزمة إنسانية خطيرة، وشددت على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين والتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث بشكل مستمر في المدينة وضواحيها.
ومنذ يومين، خرج سوق المواشي آخر أسواق مدينة الفاشر عن الخدمة تماما، بسبب قصف مدفعي أوقع ما لا يقل عن 9 قتلى من المدنيين، كما خرج من قبلها سوق الفاشر الكبير وجميع المستشفيات والمرافق الصحية عن الخدمة عدا مستشفى النساء والتوليد "السعودي" الذي ظل يقدم العلاج للمحتاجين طيلة الفترة الماضية رغم تعرضه للقصف.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مدینة الفاشر غرب الفاشر للجزیرة نت فی المدینة
إقرأ أيضاً:
هدن مزيفة ومساعدات منهوبة.. خداع إسرائيلي يفاقم معاناة المجوّعين بغزة
في وقت تتفاقم فيه المأساة الإنسانية في قطاع غزة، ويصارع السكان الموت جوعا تحت وطأة الحصار والقصف، تُمعن سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تصدير صورة زائفة للعالم عبر إعلانات متكررة عن "هدن إنسانية" و"مساعدات إغاثية".
لكن على الأرض، يتكشف المشهد عن واقع أكثر قسوة، حيث تُستخدم هذه الهدن كغطاء للقتل والتهجير، وتتحول شاحنات الإغاثة إلى مادة دعائية تُعرض أمام الكاميرات، بينما يُنهب ما فيها أمام أعين الجنود.
طفل يتضور جوعا في غزة استشهد والده وهو المعيل الوحيد لهم ، قطاع الطرق قاموا بسرقة الرز الذي استطاع الحصول عليه لاطعام إخوته. pic.twitter.com/xo48VKEzPc
— #القدس_ينتفض ???????? (@MyPalestine0) July 28, 2025
وبينما يروج الاحتلال لمرور المساعدات، يستشهد الغزيون واحدا تلو الآخر جراء المجاعة وسوء التغذية، في واحدة من أبشع صور الخداع والحرب النفسية التي تمارس بحق أكثر من مليوني إنسان محاصر.
هذا ما يفعله الجيش الإسرائيلي ،يوفر منطقة “آمنة” بالقرب من دباباته وجنوده للعصابات والتجار من أجل سرقة المساعدات التي تدخل غزة أمام أعينهم، ويحرم أكثر من مليوني إنسان من الطعام، ثم يحسبها على أنها شاحنات دخلت إلى غزة pic.twitter.com/fXfgloVcmV
— Tamer | تامر (@tamerqdh) July 28, 2025
وأثارت مقاطع فيديو وصور تُظهر عصابات مدعومة من الاحتلال تقوم بعمليات نهب منسقة للشاحنات غضبا واسعا بين النشطاء الفلسطينيين. وقال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن 87 شاحنة مساعدات دخلت -أمس الاثنين- إلى القطاع، غالبيتها نُهبت بـ"تواطؤ إسرائيلي مباشر وممنهج".
في السياق ذاته، أوضح بعض النشطاء أن جميع الشاحنات القليلة التي دخلت إلى غزة جرى نهبها من قبل عصابات بعد استهداف جنود الاحتلال عناصر التأمين بالرصاص، في وقت يروج فيه إعلاميا بأن المساعدات تدخل، بينما الواقع على الأرض مختلف كليا.
اليوم الثاني. لم يدخل شيء إلى غزة.
كل الشاحنات القليلة التي دخلت سُرقت من عصابات يدعمها الاحتلال، بعد قصف عناصر التأمين.
غالبًا حنموت جوع ومش حنقدر ناكل ولا يوصلنا أكل. فئة قليلة تسرق وتستغل الناس بدعم الاحتلال، ويتم الترويج للأمر أن المساعدات تدخل، بينما الواقع مختلف كليًا.…
— Meqdad Jameel (@Almeqdad) July 28, 2025
إعلانوأشار آخرون إلى أن الاحتلال يتعمد السماح بمرور الشاحنات من مناطق خطرة، لأنه يعلم مسبقا أنها ستُنهب ولن تصل لأحد، بينما تكون طائراته على استعداد لاستهداف أي محاولة لتأمين إيصال المساعدات، وكأن كل ما يريده هو التقاط مشهد مرور الشاحنات وبثه إلى وسائل الإعلام.
ولفت بعضهم إلى أن 14 مواطنا غزيا استشهدوا خلال الـ24 ساعة الأخيرة بسبب سوء التغذية والمجاعة، وذلك بعد إعلان الاحتلال عن دخول مساعدات لم تدخل أصلا، وإن دخل جزء ضئيل منها فقد تم نهبه وسرقته.
14 غزياً ارتقوا خلال الـ24 ساعة الأخيرة بسبب سوء التغذية والمجاعة، بعد إعلان الاحتلال عن دخول مساعدات لم تدخل أصلًا وان دخل جزء بسيط منها تمت سرقته…
يموت الناس جوعًا، بينما تُعرض شاحنات المساعدات للكاميرات والسرقات فقط..
— أحمد حجازي Ahmed Hijazi ???? (@ahmedhijazee) July 28, 2025
وأكدوا أن الناس يموتون جوعا، بينما تعرض شاحنات المساعدات أمام الكاميرات لأغراض دعائية، وتُترك فريسة للسرقة، دون أن تصل إلى من هم بأمس الحاجة إليها.
وذكر آخرون أن الاحتلال يسهل سرقة الشاحنات قرب دباباته وجنوده، ليُسهل على العصابات والتجار نهب المساعدات، ثم يُحصيها لاحقا على أنها مساعدات دخلت بالفعل إلى غزة، في عملية خداع متكاملة لا تخجل من المجاهرة بالكذب.
في المقابل، رأى نشطاء أن الاحتلال يجيد الجمع بين الخداع والوحشية، إذ سمح بدخول شاحنات محدودة محملة بالفواكه الصيفية، لا لرفع الحصار أو إنهاء المجاعة، بل لتصدير صورة خادعة بأن الحياة طبيعية في غزة.
لم ولن تجد في كتب التاريخ عدوًا يجمع بين الخداع والوحشية كما يفعل المحتل الصهيوني.
سمح هذا المجرم بإدخال عدد محدود من الشاحنات التجارية المحملة بالفواكه الصيفية، لا لرفع الحصار ولا لإنهاء المجاعة، بل لأهداف أشد خُبثًا:
– أراد تصدير صورة خادعة للعالم: أن الحياة عادت، والمجاعة… pic.twitter.com/0oTdDhznlj
— Khaled Safi ???????? خالد صافي (@KhaledSafi) July 28, 2025
وقالوا إن الهدف من إدخال المانجا والبلح ليس الإغاثة، بل إحراق قلوب سكان غزة الذين يشاهدون النعم ولا يقدرون على شرائها، إذ تُعرض بأسعار فلكية تفوق قدرة الجائع والمكلوم، في حين يُمنع إدخال الطحين وحليب الأطفال والعلاج.
وعلق أحدهم بالقول: "هندسة المجاعة تعني إدخال كميات قليلة من الفواكه للعرض أمام الشاشات، ومنع حليب الأطفال. إدخال شاحنات محدودة لعرضها إعلاميا، وتوجيه قطاع الطرق لسرقتها.. هذه هي الخطة".
هندسة المجاعة تعني
ادخال كميات قليلة من الفواكه لعرضها أمام الشاشات ومنع حليب الأطفال
ادخال كميات قليلة من الشاحنات لعرضها أمام الشاشات وتوجيه قطاع الطرق لسرقتها.#وين_المساعدات
— izzeddin (@izzeddinshaheen) July 28, 2025
واعتبر بعضهم أن "الهدن المؤقتة" التي يروج لها الاحتلال ليست سوى أدوات لتكريس القتل والمعاناة، تستخدم لتحريك السكان ضمن سياسة التهجير القسري، أو لتجميعهم في مناطق محددة لأغراض عسكرية وأمنية.
وأشاروا إلى أن هذه الهدن تُستخدم أحيانا كغطاء لعمليات استطلاع، أو لرصد تحركات المقاومة، أو حتى لاستخدام المدنيين كدروع بشرية، وهي في حقيقتها "مسرحيات عسكرية" تتخفى بثوب الرحمة، لكنها لا تجلب سوى المزيد من الألم.
إعلان