السبت.. جاليرى ضي يًناقش كتاب "نزار قبانى والقضية الفلسطينية" للناقدة ميرفت دهان
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يستضيف أتيليه العرب للثقافة والفنون "جاليري ضي" بالمهندسين، ندوة ثقافية لمناقشة كتاب: (نزار قبّاني والقضية الفلسطينية)، للناقدة ميرفت دهّان، والذي صدرت طبعته الثانية مؤخرًا عن دار نشر غراب، تحت عنوان (إلى فلسطين خذوني معكم )، وذلك في السابعة والنصف من مساء السبت 13 يوليو 2024.
ويًشارك في النقاش الشاعر والروائي الكبير أحمد فضل شبلول، والدكتور سعيد شوقي، أستاذ الأدب والنقد بجامعة المنوفية، ويدير النقاش الشاعر والناقد الدكتور بسيم عبد العظيم، أستاذ الأدب والنقد بجامعة المنوفية.
ويناقش الكتاب موقف الشاعر نزار قباني من فلسطين ويرصد تطور قصائده التي ناقشت القضية من الأربعينات وحتي التسعينات.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جاليري ضي نزار قباني ندوة ثقافية
إقرأ أيضاً:
الرغبة في التاريخ
كان أحد المعلمين بالمدرسة يمعن في تأنيبنا كلما اكتشف مدى جهلنا بتاريخنا العماني وبأهم رموزه. فحين كان يكرر علينا السؤال عن ناصر بن مرشد، مثلًا، فإننا لا نكاد نستذكر شيئًا من سيرة الإمام اليعربي الأول سوى سلسلة مرتبة من المعلومات المحفوظة: بُويع بالإمامة وهو في العشرين من عمره، سعى لتوحيد القبائل العمانية وإنهاء الاقتتال الداخلي، ثم قاد حملة شهيرة لطرد البرتغاليين من سواحل عُمان. إجابة نموذجية، منمقة، محفوظة بإتقان، وتستحق عليها العلامة الكاملة في الامتحان.
أستحضرُ مثال ناصر بن مرشد على وجه الخصوص لأن السؤال عنه كان دائمًا ما يتكرر، ولكن دون أن تخرج الإجابة عن تلك المعطيات التلقينية المعتادة إلى تناول سيرة الرجل بشكل أعمق، بطريقة تجعلنا نفكر في الرجل ذاته، في ظروفه، في اختياراته وتحالفاته، وحتى في إخفاقاته. هناك دائمًا سطر مقتضب جاهز للتكرار، يحدد نطاق معرفتنا بأي شخصية أو حدث تاريخي ويوجهها. وهنا تكمن سلطة المنهاج المدرسي على وعي أجيال متلاحقة من العمانيين بتاريخهم الوطني، وهي -لا شك- سلطة معرفية تنتج تاريخًا يقوم على الانتقائية والاختزال والأدلجة. وكما هي عادة التاريخ الرسمي دائمًا، فإنه يعرض الشخصيات التاريخية بوصفها "نماذج" لا بشرًا.
لا أدري حجم التغييرات الجوهرية التي طرأت على منهاج "هذا وطني" الذي درسته قبل نحو عشر سنوات. ولكن حينما تصفَّحت المنهاج الجديد الذي يدرسه اليوم طلاب الصف الثاني عشر وجدتُ ما أثار انتباهي بدءًا من فهرس الموضوعات، حيث تشير الوحدة الأولى من الكتاب أن الطلاب سيدرسون ثلاث مراحل من التاريخ العماني معنونة على هذا النحو: 1. عُمان في عصر النباهنة... حضارة وتواصل، 2. عُمان في عصر اليعاربة... قوة وازدهار، 3. عُمان في عصر البوسعيد... وحدة ومنجزات. يبدأ الأمر أولًا بسلطة المنهاج في فرض تحقيبه الخاص للتاريخ وفقًا لمنظور معين، وثانيًا فإنه يختصر كل عصر من العصور في كلمتين إيجابيتين، بل مفرطتين في الإيجابية إلى حد ينعكس سلبًا على ثقة الطالب الفضولي والشكاك بدرس التاريخ.
لا أبالغ لو قلت إن ثمة شعورًا بالحرمان من تاريخ لم يُقرأ، بل من تاريخ لم يُكتب بعد. حركة الأدب في عُمان خلال السنوات الأخيرة، السردية على نحو خاص، نجدها مسكونة بالرغبة في كتابة التاريخ تحت ضغط هذا الشعور بالحرمان، إذ باتت "الرواية التاريخية" من أهم مساحات التعبير التي يحاول فيها العمانيون التقرُّب من ماضيهم، لا بوصفهم مؤرخين، بل بصفتهم ورثةً لحكايات ناقصة، يحاولون سد فراغاتها اعتمادًا على التخييل الأدبي. فالرواية التاريخية في عُمان لم تعد مجرد موضة أدبية، بل غدت وسيلة لاستعادة التاريخ الهارب من سلطة المناهج وغبار الوثائق.
لا يمكن للأدب أن يحل محل التأريخ، ولكن بوسع الشاعر والروائي والقاص طرح الأسئلة التي يتراجع عنها المؤرخ لأسباب علمية أو سياسية. إذ لا بد من التأكيد على ضرورة الإصغاء لوجهة نظر الأدب في التاريخ، مهما اختلفنا على درجة اتساقها مع الحقيقة التاريخية. تنبع هذه الضرورة من الاعتقاد بأن كتابة الأدب هي شكل من أشكال القراءة للتاريخ الإنساني؛ بكلمات أخرى فإن كتابة الأدب هي طريقة لقراءة التاريخ لا لكتابته.
الرغبة في التاريخ التي تحرك اليوم شريحة من الكتاب والقراء العمانيين، لا تأتي من فائض المعرفة بل من نقصها، رغبةٌ ولَّدها الغياب. فأن تتمكن أجيال متأخرة من العمانيين من قراءة ملامح متفرقة من تاريخ الناس والطبيعة في هذا المكان القاسي، في مرآة الأدب، فهذا بحد ذاته انتصار يجلب السعادة لمن يراقب المشهد، سعادة لا بد أن نعكرها بين الحين والآخر بالحديث عن ضرورة فك الاشتباك بين الأدب والتاريخ، لكي لا يصبح الأدب خادمًا لمهمة التوثيق المنوطة بالمؤرخين، أولئك الذين لم نعثر عليهم بعدُ في أقسام التاريخ بجامعاتنا.
غير أن اضطلاع الأدب العماني بمهمة تدوين ما يُنسى أو يُمحى من التاريخ هو انعكاس معاصر لاستمرار معضلة العمانيين التقليدية في تدوين تاريخهم وأخبارهم على مدى القرون الماضية، فقد ظل تاريخهم منثورًا في كتب الأدب والتراجم والفقه والأنساب، إذ لم يعتنوا به حقلَ كتابةٍ خاصًا له أصوله وقواعده.
لكن الأدب هو أيضًا مدعو للالتفات لحاضره. ففي خضم هذا الانشغال المتزايد بالماضي، حنينًا أو استفهامًا، ينبغي ألا يشيح الأدب بوجهه عن الحاضر. فالأدب ليس محكومًا بالهرع دائمًا إلى جهة الماضي بحثًا عن الخلاص أو الهوية، متناسيًا أن اللحظة الراهنة، بكل ما تحمله من تعقيد اجتماعي ضمن شروطها الاقتصادية والسياسية، تستحق هي الأخرى أن تُكتب، فالحاضرُ دائمًا وأبدًا هو المادة الخام لحبر الكتابة.