منذ اندلاع الحرب في السوادن دخل مصر حوالي 311ألف سوداني هربا من الجحيم، معظمهم كان يود زيارة مصر في غير ظرف الحرب، فحلم زيارة القاهرة حلم كل سوداني، حيث مصر التي يحبونها وقد تتعجب إن عرفت بوجود خرطوم مصغرة في العتبة بكل ما تحمله الكلمة، مئات الآلاف من السودانيين يعيشون في محيط الحي العريق تجار كبار يقدمون السلع السودانية بالقسط لشباب سوادنيين، فتجد كل منتجات السوادن المحببة لهم هناك من أطعمة وملابس خصوصا الجلباب والعباية، تجد سجائر السودان الحامية والشاي الأسود الشهير المصنع في أم درمان وتجد الويكة والبخور والصندل والكركم وحتي السمن السوداني (مشروب حلو مر)، هنا تجد خمسة عشر فندقا يستضيف سوادنيين، مشاركات في الحجرة الواحدة بما يوازي 500 جنيه مصري للفرد الواحد، السعريكون مناسبا لمشاركة أربعة أفراد في الحجرة، يقول معتصم زين الدين طالب جاء بعد الحرب: العيش في مصرليس سيئا لكن الحرب صعب تركت أهلي من ثلاثة أشهر، هنا أبيع مشغولات فضية من تاجر في الحمزاوي مصري سوادني، الشعب المصري طيب، أنا اشجع الزمالك ومجنون شيكابالا، نجلس بعد انتهاء العمل بمقهي خلف مسرح عبد المنعم مدبولي بقهوة السوادن.

لا أحد يستطيع تحديد رقم السودانيين بمصر

وفي مصر لا يستطيع أي شخص أو حتي جهة رسمية أن تحدد عدد ملايين السودانيين بمصر، فوفقا لبيانات منظمة الهجرة الدولية يمكن أن يكون الرقم في حدود ستة ملايين، بالإضافة لعلاقات المصاهرة بين المصريين والسودانيين والتشابه فى الكثير من العادات والتقاليد التى جعلت مصر الاختيار الأنسب لهم، في حي عابدين شارع محمد فريد تجد مطار الخرطوم الصغير سيارات كبري تنتقل يوميا من وإلى مدن مصر والسوادن، يقول سعدي فرح من ود مدني: حضرت من السوادن ومن حسن حظي لي عمة تعيش في عين شمس ساعدني زوجها المصري في العمل ديلفري وسط القاهرة، الناس في مصر حبوبين، وتنتشرالعائلات السوادنية بفنادق شارع 26 يوليو، وشارع شريف وشارع عبد العزيز التجاري وشارع الجمهورية، وغيرها من المناطق القريبة، وذلك حتى يسهل عليهم التحرك للإخوة السودانيين الذين يأتون للعلاج أو السياحة.

وقد انتشرت وسط القاهرة عدة مطاعم تقدم الطعام السوداني فقد اعتاد السودانيون في عيد الأضحى أكل اللحوم المشوية على الفحم، وهي عادة سودانية يصطحبونها أينما حلّوا، وأصبحت منطقة عابدين وعين شمس تمثل المزاج السوداني الذي يناسب حياتهم الاجتماعية، كما أن مصر بالنسبة لهم بلد أمان كاملة، حيث يتواجد فيها أعداد كبيرة منهم، والكثافة السكانية تعني حياة بلا خوف، حيث يجدون الرعاية من بعضهم البعض وحل مشاكلهم بالاتفاق، هناك مبادرات من قِبل عدد كبير من المصريين لمساعدة اللاجئين السودانيين بعد الحرب وتقديم يد العون لهم بشتى الطرق، كتقديم الطعام والشراب والسكن لهم بالمجان، ويتمركز نحو 56% منهم في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية ودمياط والدقهلية تقوم مصر بدورها الدولي في حماية اللاجئين، وتتعامل بطريقة مختلفة عن عدد كبير من الدول التي تقيم معسكرات لهم، يقول حسن إبراهيم معد في بي بي سي:مصر لا يوجد فيها أي لاجئ يعيش في خيمة، بل على العكس يتم تقديم كافة الخدمات إليهم، يقول محمود فضل، بائع سوداني في شارع الأزهر:أنا في هذا المكان من 15 سنة، ومكسبنا بيستر حالنا ومصاريف الولاد، وفي الأعياد نكسب أكثر نسبة لزيادة حركة الناس في شارع الأزهر، وهذا يدفعهم لشراء أشياء جديدة عليهم من المنتجات السودانية، مثل المحافظ الجلدية وبعض الأدوية البلدية أو الأعشاب أو عسل النحل أو السمن البلدي السوداني، والمصريين أصبحوا كالأهل.

الموافقات الأمنية مشكلة مع الحرب

لكن يعاني السوادنيون من تأخر صدور قرارات الموافقات الأمنية وهي عقبة كبيرة تمنع المئات من الدخول يوميا من ناحية أسوان رغم حصولهم علي تأشيرة من القنصلية المصرية فيؤكد منصور مضوي تاجر جمال: أنا ما عندي مشكلة غير في قصة التفتيش الشديد ونحن في بلادنا حرب، والزول السوادني جاي مصر عندك يعني ما في خطر خليه يعدي وبعدين تطمن أمنيا، فالوضع في السودان صعب جدا و متردٍ، والسفارة السودانية ساكتة وغرامات مبالغ فيها جدا واجراءات تعجيزية من أجل عرقلة عمل تجديد الاقامة، لكن الحمد لله الشعب المصري وليس الحكومة المصرية على وعي بأن السودانيين أهل كرامة وكرم واخلاق وامانة فلولا هذه الاشياء التي بدأت في التلاشي لكان مصيرنا نحن المقيمين بمصر أسفل السافلين.

يقول مصطفى فضل الله:أنا من الجالية السودانية بمصر، وأهلها يحبون السودانيين، ولسنا لاجئين أو نازحين فلو سمحت لازم تعرف أن الناس اللي جايين دول ضيوف مش لاجئين.. ومصر طول عمرها كانت قبلة للسودانيين والعرب للتعلم والسياحة والثقافة والفن والعلاج، فالشعب المصري فتح بيوته للفارين من الحرب، ورفضت مصر أنهم يكونوا في معسكرات لاجئين كما ما حصل في دول شقيقة تانية، بخلاف سودانيين شغالين في مصر.. دول معظمهم من أبناء الجالية القديمة اللي كانت موجودة في مصر من سنين وعندهم إعفاء من الإقامة والتسجيل وهم مثل المصريين تماما و مصر فيها 15 مدرسة سودانية، و ياريت يا صديقي العزيز تخلي بالك من كل حرف بتكتبه عشان الناس في السودان بتقرأ الكلام، ياريت يكون في تنسيق مع كافة منظمات المكونات السودانية في مصر ودول كتير (جمعيات ـ أسر طلابية ـ أحزاب) لمساعدة أهلينا الجايين من السودان، ولو بشكل مبادرات فردية هيكون ليها أثر كبير في نفوس الناس، وعشان نعكس الصورة الحقيقية.. المصريين شعب مضياف ومعادن الشعوب بتظهر في الأزمات.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الموافقات الأمنية فی مصر

إقرأ أيضاً:

كاتب بريطاني يتساءل: متى يقول الغرب للجرائم في غزة كفى؟

في وقت تشهد فيه غزة أفظع المجازر التي تُسجل في التاريخ الحديث، يطرح الكاتب البريطاني ماثيو باريس تساؤلًا محوريًا لماذا يغض العالم الطرف عن مآسي الفلسطينيين في قطاع غزة

وفي مقال له نشرته صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، تساءل باريس عن السبب وراء تجاهل العالم لما يحدث في غزة، مشيرًا إلى أن الحروب والمجازر في قطاع غزة أصبحت شبه غائبة عن عناوين الأخبار الدولية، رغم ما تواجهه مليونا فلسطيني من مخاطر المجاعة والهجمات الوحشية التي قد تكون على وشك التصعيد.

وقال باريس إن الحديث عن مأساة غزة تراجع بشكل كبير وسط انشغال العالم بقضايا أقل أهمية، مشيرًا إلى أن الصمت الدولي تجاه ما يحدث يعد تواطؤًا غير مباشر مع إسرائيل، التي يستمر الغرب في تقديم الدعم العسكري واللوجستي لها.

وأشار باريس إلى أن إسرائيل، التي تعتبر حليفا رئيسيا للغرب، تقوم بإبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، بينما يكتفي المجتمع الدولي بإصدار بيانات دبلوماسية غير فعالة، بينما تستمر إسرائيل في تنفيذ هجماتها وفرض الحصار. وذكر الكاتب أن الدول الغربية، وعلى رأسها بريطانيا، تساهم في تمويل آلة الحرب الإسرائيلية من خلال صمتها ودعمها العسكري المستمر.


وتساءل باريس عن ما إذا كان الغرب سيكتفي بتجاهل هذه الفظائع كما فعل في حالات سابقة، وكيف ستنظر الأجيال القادمة إلى هذا الصمت؟ وقال إن التاريخ سيذكر في المستقبل أن الدول الغربية - التي طالما دعمت حقوق الإنسان - كانت غافلة أو متواطئة في جريمة الحرب التي كانت غزة مسرحًا لها.

وأضاف باريس أنه لا يبرر لاستمرار العنف ضد المدنيين الفلسطينيين، وأكد أن العنف الذي يواجهه الفلسطينيون في غزة قد يتسبب في تكريس النزاع بشكل أكبر، وأنه يتعين على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته بشكل أكبر.

وأفاد الكاتب بأن إسرائيل تستفيد في دعمها الغربي، ليس فقط من الدعم العسكري المادي، ولكن من الدعم المعنوي المتعلق بمشاعر الذنب التي يشعر بها الغرب بسبب المحرقة (الهولوكوست)، مما يجعل الغرب يتجاهل أفعال إسرائيل ضد الفلسطينيين.


وتساءل باريس في ختام مقاله عن السبب في صمت الحكومة البريطانية، وكذلك الأحزاب السياسية البريطانية المختلفة، في مواجهة هذه الكارثة، في وقت كان من المفترض أن تكون الحكومة البريطانية، بما تحمله من قيم أخلاقية، أكثر استجابة لهذه الفظائع.

وفي النهاية، دعا باريس إلى ضرورة اتخاذ موقف واضح وحاسم من قبل الدول الغربية تجاه ما يحدث في غزة، مشددًا على ضرورة أن يرتفع الصوت ويقول الجميع "كفى" لهذه المجازر.

مقالات مشابهة

  • بتكلفة 10 ملايين جنيه.. بدء تركيب بلاط الإنترلوك في 3 شوارع بإيتاي البارود
  • الجنجويد العاملين فيها محايدين ديل اخطر علينا من الجنجويد الواضحين
  • ترامب يقول إنه يريد أن تأخذ الولايات المتحدة غزة وتحولها إلى منطقة حرية
  • ترامب يقول إن الشرع أبدى تجاوبا حيال مسألة التطبيع مع إسرائيل
  • يقول أخو نوره على الشرق والغرب..
  • نانسي عجرم تُقبّل طفلة صغيرة على المسرح في هولندا.. فيديو
  • ماذا كان يقول الرسول الكريم قبل الخلود إلى النوم؟
  • كاتب بريطاني يتساءل: متى يقول الغرب للجرائم في غزة كفى؟
  • ???? الجهة التي سيقع عليها الدور بعد السودان سوف تبدأ الحرب فيها بالمسيرات
  • منظومة تمويل ومحفزات للرواد..القويز: 30 % من الشركات المطروحة صغيرة ومتوسطة