تخبرنا كتب التاريخ أن سكان مصر فى العهد العثمانى كانوا ينقسمون إلى ثلاث طبقات:
الأولى: الأتراك ويمثلون طبقة السيادة من الوالى وكبار موظفى الولاية الذين كانوا يحضرون من عاصمة الدولة العثمانية، الثانية: المماليك وقد اشتركوا مع الباشاوات فى حكم البلاد، وساعدت طبقة السيادة على استمرار نظام حكمهم واستغلال أبناء الأقاليم، وكانت «البكوية» أرفع منصب يتطلع إليه أكثر المماليك طموحًا، فقد كان البكوات من كبار موظفى السلطان، ويقوم «الباشا الوالي» بتعيينهم فى حفل خاص يقرأ فيه فرمان منح هذه الرتبة.
لم تكن سلطة البكوات متساوية ولم يكن نفوذهم متقاربًا، فمن بين أربعة وعشرين من البكوات كان «الدفتردار» و«أمير الحج» و«شيخ البلد» يتمتعون بالسلطة والنفوذ أكثر من غيرهم، وكان منصب «شيخ البلد» هدف جميع البكوات، حيث يسيطرعلى النصيب الأكبر من الأموال والضرائب بعد دفع جزء منها لرواتب الجند وآخر يدخل خزنة السلطان، ثم يتصرف «شيخ البلد » وأعوانه فيما يتبقى بعد ذلك.
الثالثة: طبقة المصريين، أبناء البلاد الذين يقومون بأعمال الفلاحة والزراعة والتجارة وأرباب الصناعة والحرف، كانت تلك الطبقة تشمل الأعيان ورجال العلم من أساتذة الأزهر وكانت تضم صغار الطبقة الوسطى أو«المساتير».
كانت طبقة المصريين محرومة من ممارسة السلطة السياسية التى كانت حكرًا على الحكام الغزاة وعلى أعوانهم المماليك، كانت تلك الطبقة الفريسة التى تخضع للاستغلال من أصحاب السيادة وعلى رأسهم الوالى الذى يحظى المصريون برؤيته عند ذهابه إلى صلاة العيد وخلال رئاسته للاحتفالات الرسمية، ويتجمهرون على جانبى الطريق الذى يشقه موكبه إلى القلعة.
كانت تلك الطبقة من المصريين تقع على رؤوسهم المصائب، وأكثر المتأثرين بالشدائد، يقول الجبرتى عن العام « 1207 هجرية، 1792 ميلادى »:
استهل المحرم بيوم الخميس والأمر فى شدة من الغلاء وتتابع المظالم وخراب البلاد، وشتات أهلها وانتشارهم بالمدينة، حتى ملؤا الأسواق والأزقة رجالًا ونساء وأطفالًا يبكون ويصيحون ليلًا ونهارًا من الجوع، وكان النيل قد جاء منخفضًا فزاد كرب الأهالى، واختفت الغلال من السواحل وارتفعت أسعارها عما كانت عليه، وآل الأمر إلى أن صار الناس يفتشون عن الغلة فلا يجدونها، ولم يبق للناس شغل ولا حكاية ولا سمر بالليل والنهار فى مجالس الأعيان وغيرهم إلا مذاكرة القمح والفول ونحو ذلك، وشحت النفوس واحتجب المساتير وكثر الصياح والعويل ليلًا ونهارًا فلا نكاد تقع الأرجل إلا على خلائق مطروحين بالأزمة.
وإذا كانت كتب التاريخ تخبرنا بتلك الطبقات الفائتة، فإن إعلانات اليوم تخبرنا أن سكان المحروسة ينقسمون إلى طبقات أيضًا منهم: طبقة صفوة الصفوة « كريمة المجتمع » المعنيين بإعلانات مشروعات قرى سياحية على سواحل مصر ويتزاحمون عليها، مشروعات اقترب سعر«الوحدة»البالغ مساحتها 73 مترا فيها من 13 مليونا و200 ألف جنيه، ثم تأتى الطبقة التى تليها والتى تليها لنصل إلى الطبقة المتوسطة التى تضم بداخلها فئة «المساتير»، الموظف المستور والتاجر المستور وصاحب الحرفة المستور، وصولًا إلى أعلى درجات تلك الطبقة من ميسورى الحال، تلك الفئات التى تعنيهم إعلانات الأطعمة والمشروبات وبعض السلع والخدمات، ويستطيعون بعد تفكير عميق دفع «تحويشة» العمر للحصول على وحدة سكنية فى مشروع إسكان متوسط، تلك الفئة الأكثر تفاعلًا مع رسائل التبرعات لـ « كفالة طفل يتيم.. وإنقاذ أسرة من الفقر.. وسهم الخير.. » ثم تأتى طبقات الفقراء واحدة تلو الأخرى.
فى النهاية: إن تتعدد الطبقات بين الناس فهذا طبيعى ومفهوم، أما الفجوة والتباعد والتفاوت الكبير الذى يزداد يومًا بعد آخر بين الطبقات، فهذا ليس مفهومًا ولا مرغوبًا فيه، خاصة وأن غلاء المعيشة ساهم فى عملية الانتقال السريع لكثير من فئة «المساتير» إلى طبقات الفقراء.
الخلاصة: الطبقة الوسطى دائمًا وأبدًا رمانة ميزان السلام المجتمعى، واقتصار أحاديث أهلها على الأسعار وتوحشها يحتاج مراجعة سريعة، قبل أن يختفى «المساتير» وتعود ظلال البكوات.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشرف عزب التاريخ سكان مصر
إقرأ أيضاً:
محافظ أسوان يتابع جهود الأجهزة الشرطية في بسط الأمن والاستقرار
تابع اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان ، الجهود المبذولة التى قامت بها مديرية الأمن من خلال الدوريات الشرطية والحملات والكمائن المتحركة لإستتباب الأمن والأمان بكافة ربوع المحافظة .
فقد نجحت قوات الأمن، فى القضاء على عنصر إجرامي شديد الخطورة على ذمة قضايا قتل وسرقة وحيازة سلاح ومخدرات وذلك بنطاق مناطق عزب كيما ، والشلال والمنطقة الصناعية بالعلاقى ، وبعد محاولته الفرار من قبضة العناصر الشرطية وتبادل إطلاق النيران معها .
وفى السياق ذاته، تأكد عدم صحة ما تم تداوله على موقع الفيس بوك، من خلال صفحة أحد الأشخاص يدعى فيها إعتداء بلطجية على طبيب ونجله بالطريق البديل لطريق السادات.
بينما تبين أيضاً بأن الواقعة الحقيقية هو قيام طبيب بعمل محضر بقسم الشرطة يتهم فيه زميل أبنه بالإعتداء على نجله أمام أحد المدارس الخاصة المجاورة لزمام الطريق البديل لطريق السادات.
لإستتباب الأمن والأمانوفى الوقت نفسه، شهدت مراكز ومدن المحافظة بتنظيم العديد من الحملات الأمنية التى أسفرت عن ضبط العديد من المخالفات المرورية سواء لقائدى المركبات أو لمخالفات ترخيص أو خطوط سير لسيارات السرفيس والتوكتوك والتروسيكل والموتسيكل ، فضلاً عن الأشخاص المتهمين على ذمة قضايا تنفيذاً لأحكام قضائية صادرة بشأنهم .
هذا بالإضافة إلى الأشخاص من الجنسيات المختلفة الذين قاموا بالهجرة الغير شرعية والتسلل عبر الحدود دون إجراءات شرعية وقانونية حيث تمت إحالة أصحاب هذه المخالفات للنيابة العامة لإتخاذ الإجرات القانونية حيالهم .
كما تابع اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان الجهود المبذولة حالياً لإستلام الصوامع والشون والبناكر لكميات القمح الموردة من المزارعيين لموسم الحصاد الحالى 2025 حيث وصل إجمالى الكميات التى تم توريدها حتى الآن إلى 158 ألف و 676 طن وذلك منذ بداية موسم التوريد فى منتصف إبريل الماضى .