الجزيرة:
2025-05-09@23:18:27 GMT

الجليلة وأنّتها الشعرية!

تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT

الجليلة وأنّتها الشعرية!

أسبلت عيناي معا وأنا أقرأ قصيدة الجليلة بنت مرة، التي نثرت من خلالها ذات صدرها إثر ذياك الخطب الفاجع الذي أصمى قلبها حزنا على بعلها المقتول، وأدماه أسى على أخيها القاتل!

كنت أتملى -من وراء سجف الغيب- ملامح الغصة وندوب اللوعة، تنقلها بلاغة التصوير المؤثر، التي تمشت في الأبيات من مطلعها إلى رويها الأخير!

وقد استأثرت -دون الجليلة- بإدراك شيء فاتها، ولم يكن لديها فائض وقت لملاحظته، ولا متسع بال لإدراكه.

ذلكم بأنها كانت مشغولة "بالصدمة النفسية" الحرى التي صعقتها، فزعزعت استقرارها وزلزلت كيانها. وما كان لها أن تتجاوز غمها المسيطر، لتلاحظ -وتدرك- معي أن أقسى ما في المشهد الشعري -عند وضع الأبيات على مائدة النقد الأدبي- أن حرارته التعبيرية من حرارته العاطفية درجة بدرجة.

فقد فصلت "فنيته" على مقاس "الحالة الشعورية"؛ بحيث يجد المتلقي نفسه مدينا لـ"اللحظة النفسية" الموحية، قبل "القريحة الفنية" السحاء. ولو لم يكن للجليلة من الشعر غير مشجاتها -في بكاء كليب- لكفتها، وأغنتها؛ فهي -على الحقيقة- "ديوان شعر مضغوط"، آية إلهامه صدق "التصوير النفسي"!

وقد سال بوح الجليلة نثرا، قبل أن يتدفق شعرا. ولعل أول قطرات ذلك البوح قولها -وقد استقبلها أبوها مرة بن ذهل يستخبرها: "ما وراءك يا جليلة؟". لتجيبه:

– "ثُكل العدد، وحزن الأبد، فقد حليل، وقتل أخٍ عما قليل"!

وكان يمكنها أن تقول: قتل حليل، وفقد أخ عما قليل، لكنه بوح حاك في وجدانها وجرى على لسانها، وهي أدرى بمرادها!

ولما بلغها أن أختا لكليب وصفت خروجها بأنه "رحلة المعتدي، وفراق الشامت"، ارفضت لوعة وتصببت لذعة، وقالت: "وهل تشمت الحرة بهتك سترها، وترقب وترها؟!. أسعد الله جد أختي؛ أفلا قالت: نفرة الحياء، وخوف الاعتداء". ثم لاذت بركن الشعر، وأنشدت:

يَا ابْنَةَ الأَقْوَامِ إِنْ شِئْتِ فَلا

تَعْجَلِي بِاللَّوْمِ حَتَّى تَسْأَلِي

فَإِذَا أَنْتِ تَبَيَّنْتِ الَّذِي

يُوجِبُ اللَّوْمَ فَلُومِي واعْذُلِي

إِنْ تَكُنْ أُخْتُ امْرِئٍ لِيمَتْ على

شَفَقٍ مِنْهَا عَلَيْهِ فَافْعَلِي

جَلَّ عِنْدِي فِعْلُ جَسَّاسٍ فَيَا

حَسْرَتِي عَمَّا انْجَلَتْ أَوْ تَنْجَلِي

فِعْلُ جَسَّاسٍ عَلَى وَجْدِي بِهِ

قَاطِعٌ ظَهْرِي وَمُدْنٍ أَجَلِي

لَوْ بِعَيْنٍ فُقِئَتْ عَيْنِي سِوَى

أُخْتِهَا فَانْفَقَأَتْ لَمْ أَحْفِلِ

تَحْمِلُ العَيْنُ قَذَى العَيْنِ كَمَا

تَحْمِلُ الأُمُّ أذَىَ مَا تَفْتَلِي

يَا قَتِيلاً قَوَّضَ الدَّهْرُ بِهِ

سَقْفَ بَيْتَيَّ جَمِيعًا مِنْ عَلِ

هَدَمَ البَيْتَ الَّذِي اسْتَحْدَثْتُهُ

وَانْثَنَى فِي هَدْمِ بَيْتِي الأَوَّلِ

وَرَمَانِي قَتْلُهُ مِنْ كَثَبٍ

رَمْيَةَ المُصْمِي بِهِ المُسْتَأْصِلِ

يَا نِسَائِي دُونَكُنَّ اليَوْمَ قَدْ

خَصَّنِي الدَّهْرُ بِرُزْءٍ مُعْضِلِ

خَصَّنِي قَتْلُ كُلَيْبٍ بِلَظًى

مِنْ وَرَائِي وَلَظًى مُسْتَقْبِلِي

لَيْسَ مَنْ يَبْكِي لِيَوْمَيْنِ كَمَنْ

إِنَّمَا يَبْكِي لِيَوْمٍ يَنْجَلِي

يَشْتَفِي المُدْرِكُ بِالثَّأْرِ وَفِي

دَرَكِي ثَأْرِيَ ثُكْلُ المُثْكِلِ

لَيْتَهُ كَانَ دَمِي فَاحْتَلَبُوا

بَدَلاً مِنْهُ دَمًا مِنْ أَكْحَلِي

إِنَّنِي قَاتِلَةٌ مَقْتُولَةٌ

وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْتَاحَ لِي

وللعين في أبيات القصيدة سبح بكاء طويل!

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

ولي العهد يؤكد متانة العلاقة التي تربط الأردن واليابان

صراحة نيوز ـ التقى سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد في طوكيو، اليوم الخميس، رئيس وأعضاء لجنة الصداقة البرلمانية الأردنية اليابانية، التي تضم بعضويتها وزيري البيئة والعدل اليابانيين.

وأكد سمو ولي العهد متانة العلاقة التي تربط الأردن واليابان، المبنية على الاحترام المتبادل والقيم المشتركة منذ أكثر من 70 عاما.

ولفت سموه إلى أهمية تعزيز التعاون وتوسيع العلاقات بين البلدين والشعبين الصديقين، مشيدا بدور اللجنة في تحقيق ذلك.

وثمن سمو ولي العهد موقف اليابان الداعم لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وفقا لحل الدولتين، ودعمها لجهود الإغاثة الإنسانية في غزة.

وتعمل اللجنة، التي تأسست عام 1999 وتتكون من 18 عضوا في البرلمان الياباني، على تعميق العلاقات الدبلوماسية والبرلمانية بين البلدين

مقالات مشابهة

  • العباس يدعو البابا الجديد لمواصلة جهود السلام التي بدأها سلفه فرنسيس
  • وزير العمل ومحافظ القاهرة يتفقدان مقاعد انتظار مُجهزة لعمال التراحيل بباب الشعرية
  • 10 صور.. توفير أماكن انتظار لائقة لعمال التراحيل بباب الشعرية
  • عاجل - وزير العمل ومحافظ القاهرة يتفقدان أماكن انتظار لائقة لعمال التراحيل في باب الشعرية
  • وزير العمل ومحافظ القاهرة يتفقدان أماكن انتظار لائقة لعمال التراحيل بباب الشعرية
  • ولي العهد يؤكد متانة العلاقة التي تربط الأردن واليابان
  • ماهي التهديدات التي يواجهها الدولار في دول اسيوية
  • عام على رفح.. المدينة التي محاها القصف وبقيت تنتظر العالم
  • مصر ترحّب بجهود سلطنة عُمان التي أفضت إلى اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن
  • تعرف على حجم الخسائر الهائلة التي لحقت بمطار صنعاء الدولي