تحصلّ الفريق الاستقصائي لموقعي “المحقق” العربي و “سودان هورايزون” الإنجليزي، على معلومات جديدة عن شبكات جلب وتجنيد المرتزقة للقتال في صفوف مليشيا الدعم السريع الإرهابية بالسودان، حيث تعتمد المليشيا بصورة أساسية على شبكة معقدة من شخصيات وثيقي الصلة بدولة الإمارات وهى الشبكة الأكثر نفوذاً، ولديها وكلاء في تشاد وأفريقيا الأوسطى وكينيا التي تم مؤخراً نقل ملايين الدولارات إليها وفتح حسابات في بنوكها بأسماء شخصيات مقربة من أسرة آل دقلو الإرهابية.

وتتحرك تلك الشبكات في دول جوار السودان، وتنشط أكثر في تشاد وجنوب ليبيا لفتح خطوط الإمداد، وإدخال الوقود والمخدرات والدعم اللوجستي لصالح المليشيا، مقابل تهريب الذهب أيضاً، وتتوافر معلومات شبه مؤكدة أن طه عثمان الحسين والذي تربطه علاقات بقيادات نافذة في العديد من الدول الأفريقية، منذ أن كان مديراً لمكاتب الرئيس السابق عمر البشير، هو الذي يشرف على تلك الشبكة، وينسق نساطها مع عبد الرحيم دقلو قائد ثاني المليشيا، وقيادات أخرى مقربة من قائد مليشيا الدعم السريع، أحدهم يمثل أحد الأذرع الإماراتية في صفوف الميليشيا وغرف التفاوض، وتشتبه مصادر استقصائية أن مكتب مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد هو الذي يشرف على أعضاء الشبكة.

عمليات تجنيد المرتزقة
تنشط تلك المجموعة في توفير الأموال اللازمة للحركة وشراء ولاء قيادات الإدارات الأهلية، إذ أن التعاقد يتم عبر مناديب محليين، سواء كان ذلك بالتواصل المباشر، أو بعقد صفقات مع زعماء وعمد لتجنيد شباب القبائل العربية داخل دارفور وفي منطقة الساحل وغرب أفريقيا، وكان يتم تنسيق تلك الجهود عبر قائد المليشيا في دارفور علي يعقوب الذي لقى مصرعه في الفاشر، خلال الأسابيع الماضية.
من المهم الإشارة إلى أن قادة في شركة فاغنر الروسية أوكل إليهم تدريب المرتزقة على التعامل مع الأسلحة وحرب المدن، ليتم بعد ذلك نقلهم وتأمينهم إلى معسكرات الدعم السريع، ويجري تداول لمعلومات متواترة مؤخرًا بأن فريقاً ثلاثياً يتكون من حسبو محمد عبد الرحمن النائب السابق لرئيس الحمهورية إلى جانب المك عبيد أبوشوتال، وعلي رزق الله الشهير بـ”السافنا”، المحكوم عليه بالإعدام، تمّ تكليفه بالإشراف على مهمة التواصل والإقناع والتجنيد وسط أبناء القبائل، لكن فريق “المحقق” لم يعثر على دلائل مادية سوى ما يجري على ألسن القبليين وبعض اعترافات قادة من المليشيا.

إعترافات جلحة
ثمة فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي خلال هذا الأسبوع ظهر فيه القائد الميداني في صفوف المليشيا جلحة، وهو يقر بوجود مرتزقة من جنوب السودان وليبيا وتشاد والنيجير يقاتلون معه. وقال إن قواته تضم عناصر من كل تلك الدول.

وحيا جلحة اللواء حسن معتوق الزادمة، الجنرال الليبي، مؤكداً أنه سوف يرسل إليه المزيد من القوات في سياق تبادل القوات بينهما.
اللواء الزادمة الذي ذكره جلحة هو قائد الكتيبة 128 التابعة للواء 161، وهى تحت إشراف الجنرال خليفة حفتر، المقرب من الإمارات، وأحد المسؤولين عن إمداد مليشيا الدعم السريع بالسلاح.

وبحسب موقع Middle East Eye فإن إمداد مليشيا الدعم السريع بالوقود تسهّله وحدات سبيل السلام والكتائب 128 في جيش حفتر الخاضعة لقيادة حسن معتوق الزادمة. كتيبة زادما مسؤولة عن المنطقة الجنوبية الشرقية من ليبيا ولقائدها علاقات قوية وطويلة الأمد مع مرتزقة سودانيين وتشاديين. إلى جانب ذلك ثمة مجموعات سودانية تعمل في المناطق الحدودية، حيث تساعد في إمداد قوات الدعم السريع بسبب الروابط القبلية والرفاق من فترات القتال السابقة.

وكان وزير الخارجية السوداني المكلف حسين عوض قد ذكر أن تشاد بقيت مقراً لقيادات الدعم السريع تعقد فيها الإجتماعات واللقاءت، وتتم فيها عمليات التجنيد وشراء الولاء، واستلام الأموال، فضلا عن علاج المصابين من عناصر “المليشيا الإرهابية” في مستشفياتها، أو الترتيب لهم للسفر خارج الإقليم للعلاج.

توت وأبناء النوير
مؤخراً أصبحت المليشيا تركز على تجنيد أبناء النوير من جنوب السودان، باعتبارهم يجيدون القنص والتدوين وضرب المدافع والأسلحة الثقيلة، وتزايدت أعدادهم خلال الأشهر الأخيرة عبر شبكات تنشط في الاتجار بالبشر، ومقاولي أنفار من بينهم شخصيات مقربة من توت قلواك المستشار الأمني لسلفاكير، الذي نفى أي صلة له بالأمر.

وكانت صحيفة (Sudans post) التي تصدر باللغة الإنجليزية قد أصدرت تقريراً مطولاً عن اعتقال اللواء (قبريال تاب قاتويك)، بواسطة قوات “الحركة الشعبية في المعارضة” التي يتزعمها الدكتور رياك مشار، وذلك على خلفية اتهام قاتويك بتجنيد مقاتلين من جنوب السودان – ولاية الوحدة – لصالح مليشيا الدعم السريع.

ويقود قاتويك وحدة تضم ما يصل إلى 1000 مقاتل من جنوب السودان ضمن قوات الدعم السريع. وتزعم المصادر أن قاتويك يقوم بتجنيد مقاتلين في ولاية الوحدة منذ ديسمبر 2023 وتم القبض عليه في مايو 2024 أثناء محاولته الوصول إلى مقر الجيش الشعبي لتحرير السودان – في المعارضة في تونغ.

وقد اعتمدت قوات الدعم السريع بشكل كبير على المقاتلين الأجانب، بما في ذلك المقاتلين من جنوب السودان، وفقًا للصحيفة.
ووأحد الذين يقاتلون إلى جانب المليشيا أيضاً الجنرال ستيفن بواي رولنيانغ، زعيم الحركة الشعبية لجنوب السودان المعارضة، حيث شوهد جنوده في صور ظهرت على الإنترنت وهم يرتدون زي قوات الدعم السريع.

وبدا لافتاً أن من تم أسرهم بواسطة القوات المسلحة بعد تحرير مقر هيئتي الإذاعة والتلفزيون في مارس الماضي كان ما يبربو على 152 شخص منهم من منطقة واحدة بولاية أعالى النيل في جنوب السودان!

في الوقت نفسه تم تجنيد مئات الجنوبيين الذين كانوا يعملون في كماين صناعة الطوب بضاحية الجريف وولاية الجزيرة، وشكل هؤلاء عماد القوات التي ترتكز حالياً في منطقتي بري وبحري تحديدًا داخل المزارع وشارع مور حتى شارع القذافى مروراً بسوبا ومنطقة الصناعات جنوب الخرطوم.

وقد تحدثت تقارير دولية عن حركة الإمداد والتشوين للمليشيا عبر جنوب السودان، وذلك بعد محاولات رصف طرق بين أبو مطارق وراجا في ولاية غرب بحر الغزال، كما تحاول المليشيا من خلال الوصول إلى ولاية النيل الأزرق فتح خطوط دائمة للإمداد مع جنوب السودان.

دول العدوان الخارجي
حجم التداخلات الخارجية في هذه الحرب لافت للأنظار، فالسودان – دون مُبالغة – يواجه عدوانًا من سبع دول ومنظمات إقليمية وعالمية، والشاهد أن الحكومة القائمة تقدمت بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن في هذا الشأن ضد الأطراف الضالعة، واتهمتهم بدعم التمرد، وقد أشار رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق البرهان في أحد خطاباته للشعب السوداني، إلى أن البلاد تواجه، ما وصفها بـ«أكبر مؤامرة في تاريخها الحديث تستهدف كيانها وهويتها ومصير شعبها».

ولعلّ ما يجعل لهذه المعلومات أهمية على الأرض، أن الحرب تدور في حقيقتها بين القوات المسلحة وآلاف المرتزقة الأجانب الذين ينتشرون الآن داخل الأراضي السودانية، بالتسلل عبر حدود خارج نطاق سيطرة الجيش، وربما لا يدري حتى (حميدتي)، المُغيب في مكانٍ ما، حجم تلك القوّة التي تضاعفت أرقامها مرّات بعد الحرب.

تشير بعض التقديرات إلى إدخال أكثر من ثلاثة ملايين قطعة سلاح إلى السودان، خلال السنوات الأخيرة، في وقت قامت دول خارجية بإعداد آلاف من المقاتلين المرتزقة، وزجّت بهم في الحرب السودانية.

وقد ظهر ذلك في كثير من مقاطع الفيديو والصور، واعترافات الأسرى أنفسهم من أفريقيا الوسطى، وتشاد، وجنوب السودان، وإثيوبيا، كلهم يرتدون زيَّ الدعم السريع، ويتسللون عبر متحركات وموجات فزع في ولايات غرب ووسط السودان، وعلى رأس هؤلاء زعيم حركة “نضال مظلوم” التشادية حسين الأمين جوجو، كما سلم السودان 6 جوازات إماراتية عثر عليها في جيوب مقاتلين داخل في صفوف المليشيا بعد قتلهم.

كثير من هؤلاء المرتزقة قبضوا الثمن، ولكنهم لا يعرفون لماذا يقاتلون؟ فبالعودة لظروف تجميع هذه القوة الأفريقية العابرة للحدود، يمكن القول؛ إن (حميدتي) استثمر في الدور الذي أوكله له الاتحاد الأوروبي بمكافحة الهجرة غير الشرعية، ولذا تغاضوا عن جرائمه في دارفور، وسمحوا له بفتح معسكرات في المناطق الحدودية بين السودان وبعض دول الجوار، وتجميع المهاجرين الأفارقة في تلك المعسكرات وضمهم للدعم السريع،، لتصبح بُعيد ذلك، قوة ضاربة، ومتعددة الجنسيات، بتمويلات غربية، تحت سيطرة آل دقلو ظاهريًا.
تلك القوات، تضاعفت أعدادها خلال ثلاث سنوات فقط من 27 إلى 200 ألف مقاتل، وعلى الأرجح أن الهدف من تلك القوة كان السيطرة – بقوة السلاح – على السلطة في عدد من الدول الأفريقية، سواء كان ذلك بالانقلاب، أو بالهجوم المباشر، وصناعة ما يعرف بالفوضى الخلاقة!

المحقق – سودان هورايزون – خاص

 

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع قوات الدعم السریع من جنوب السودان فی صفوف

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يُدمر ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع

أشارت مصادر سودانية إلى أن هجمات للجيش السوداني أسفرت عن تدمير ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع.

واستهدفت مُسيرات الجيش السوداني تستهدف عدة مواقع للدعم السريع في شمال كردفان.

وأصدرت وزارة الخارجية السودانية، في وقت سابق، بياناً قالت فيه إن مليشيا الدعم السريع ارتكبت  مذبحة في مدنية كلوقي جنوب كردفان. 

وأشارت الوزارة إلى أن الهجوم أسفر عن مقتل 79 مدنياً بينهم 43 طفلاً.

اقرأ أيضًا.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا

"اليونيسيف" يحذر من مخاطر تفشي الأمراض بين أطفال غزة أونروا: إسرائيل ما زالت تمنعنا من إيصال المساعدات مباشرة لغزة

وأدان برنامج الأغذية العالمي الهجوم الذي استهدف شاحنة ضمن قافلة إنسانية شمال دارفور بغرب السودان، مطالباً بتحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين عن الحادث لضمان حماية المساعدات الإنسانية.

وقالت شبكة أطباء السودان، في وقتٍ سابق، إن الحصار المفروض على مدينتي الدلنج وكادوقلي يعرض حياة آلاف المدنيين للخطر.

وأضافت: "وفاة 23 طفلاً بسبب سوء التغذية الحاد خلال شهر بمدينتي الدلنج وكادوقلي بجنوب كردفان".

وقالت منظمة الهجرة الدولية، في وقتٍ سابق، إن تصاعد القتال في كردفان يُجبر سكانها على النزوح.

وذكرت مصادر سودانية أن هناك مواجهات اندلعت داخل مدينة بابنوسة في غرب كردفان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وقالت شبكة أطباء السودان إنه تم تسجيل 32 حالة اغتصاب مؤكدة خلال أسبوع لفتيات من مدينة الفاشر وصلن إلى طويلة.

ويأتي ذلك في إطار الكشف عن جرائم الدعم السريع في السودان خلال الفترة الأخيرة.

وأشارت مصادر سودانية إلى أن الجيش السوداني بدأ في بسط سيطرته على بلدة أم دم حاج أحمد بولاية شمال كردفان.

 وذكرت المصادر أن الجيش السوداني يبدأ عملية عسكرية واسعة النطاق.

 وقال عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، إنه لا نهاية للحرب إلا بالقضاء على ميليشيا الدعم السريع.

وأضاف قائلاً: "سنواصل القتال ضد ميليشيا الدعم السريع".

 وأعلن البرهان التعبئة العامة من منطقة السريحة بولاية الجزيرة.

 وطالب مجلس حقوق الإنسان بتحقيق عاجل لتحديد المسؤولين عن الانتهاكات في الفاشر.

 وأصدر مجلس حقوق الإنسان مشروع قانون يهدف إلى إدانة انتهاكات الدعم السريع في الفاشر,

وأكد مجلس حقوق الإنسان الدولي ارتفاع مخاطر الجوع والمرض في السودان.

 وقال فريق الخبراء المستقلين بشأن السودان إن أجزاء كثيرة في الفاشر أصبحت ساحة جريمة.

 قالت المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين إنها تُحذر من تفاقم كارثة نزوح آلاف الأسر من دارفور وكردفان في السودان.

 وأضافت: "النازحون من دارفور وكردفان في السودان يواجهون انتهاكات خطيرة".

وأكملت قائلةً: "الأوضاع في الفاشر غربي السودان تتجه إلى الانهيار السريع".

مقالات مشابهة

  • 9 قتلى بهجوم مسيرة على مستشفى تحاصره "الدعم السريع" في جنوب كردفان
  • السودان.. مقتل 6 جنود للقوات الأممية و«الدعم السريع» تعلّق!
  • بعد استهداف البعثة الأممية.. السودان يدعو لتصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية
  • السودان يدين هجوم مليشيا الدعم السريع على مقر الأمم المتحدة بكادوقلي
  • مصرع مواطن سوداني بنيران الدعم السريع في كردفان
  • انتهاكات وحشية..حاكم دارفور: أولويتنا حماية المواطنين من اعتداءات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يُدمر ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع
  • البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع
  • بريطانيا: عقوبات على 4 من قادة الدعم السريع بينهم عبد الرحيم دقلو
  • المملكة المتحدة تفرض عقوبات على قيادات من "الدعم السريع" بالسودان