هاييتي.. غموض اختفاء الكنوز الثقافية والأثرية في ظل هجمات العصابات
تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT
إنها الغنيمة الثمينة لكفاح هاييتي الصعب والطويل من أجل الحرية، وهي الغنيمة التي تم الاستيلاء عليها في معركة مع القوى الأوروبية، ثم تم إقامتها على قمة النصب التذكاري الذي يلقى أكبر تقدير في البلاد والمسمى "قلعة هنري"، وذلك بغرض كفالة الحماية من قوات الاحتلال الفرنسي.
وذكرت صحيفة ميامي هيرالد أن الكنوز الوطنية المتمثلة في مدافع يرجع تاريخها إلى القرن الـ18، لا تقدر بثمن وتوجد بمختلف الأوزان والأحجام، وتحيط المدافع ذات الحجم الكبير المصبوبة من الحديد، بالقلعة الكائنة على قمة الجبل، في بلدة ميلوت الريفية على مشارف مدينة كاب هايتيان الشمالية، أما المدافع الأصغر حجما والمصبوبة من البرونز مع علامات معقدة تشير إلى أصولها، فقد تم وضعها في أمان خلف أبواب مغلقة، في متحف يفتح أبوابه فقط لكبار المسؤولين والدبلوماسيين وغيرهم من الشخصيات المهمة.
ومثلما حدث مع جواهر التاج الأيرلندي، التي فقدت من قلعة دبلن عام 1907 ولم تظهر مرة أخرى، اختفى الآن اثنان من المدافع الأصغر حجما، دون أن يتركا أي أثر، من داخل قاعة العرض بالمتحف المحكم إغلاقه بقلعة هنري.
ومن الغريب أنه تم رصد حادث السرقة لأول مرة منذ أكثر من أسبوعين، حيث لاحظ أحد الحراس في النصب التذكاري اختفاء المدفعين الثمينين، ولكن لم يتم الإعلان عن السرقة إلا مؤخرا بعد أن بدأ المواطنون يتبادلون النقاش حولها على منصات التواصل الاجتماعي، وحتى وقت قريب لم يكن هناك بلاغ رسمي عن الحادث، لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، التي تنظر إلى المدافع الأثرية على أنها جزء من السبب في إدراجها للقلعة والعديد من المعالم التاريخية الأخرى، الواقعة داخل متنزه التاريخ الوطني في بلدة ميلوت، في قائمة التراث الثقافي العالمي
وتقول المصادر إن هذا البلاغ من جانب سلطات هاييتي، ضروري لليونسكو لإصدار إخطار للشرطة الدولية "الإنتربول"، على أمل تعقب المدفعين اللذين يخشى أحد دعاة الحفاظ على التراث أن "يكونا في منتصف الطريق حول العالم الآن".
وأرجع باتريك دورانديس المدير الحالي لمعهد حماية التراث الوطني، السبب في تأخير إبلاغ اليونسكو بالسرقة إلى تردي الأوضاع الأمنية الحالية في هاييتي، هذه الدولة التي مزقها عنف عصابات الجريمة.
وقال دورانديس إن احتمال أن يكون المدفعان لا يزالان على أراضي هاييتي، يتوقف على ما إذا كانت السرقة بغرض الحصول على المال من بيع معدنهما الثمين، أو بهدف بيعهما كعمل فني يهم هواة اقتناء القطع الأثرية، وفي هذه الحالة الأخيرة يمكن أن يكون قد تم تهريبهما إلى الخارج.
بينما يقول نيت أخيل مدير معهد المنطقة الشمالية في هاييتي، المسؤول عن حماية القلعة إن السرقة هي عمل داخلي.
ويضيف أخيل أن "أحد الموظفين على الأقل تواطأ لتسهيل السرقة، أو نفذها بمفرده لأنه من المتعذر أن يخرج المدافع من مكانها أشخاص من الخارج، ثانيا تقع المدافع في منطقة من القلعة مغلقة أمام الجمهور، وآخر زيارة شهدتها المنطقة كانت منذ 3 سنوات، ولم يدخل أحد فيها باستثناء الموظفين العاملين بالقلعة، الذين يتوجهون إليها للقيام بأعمال النظافة أو الحراسة".
ويوضح أخيل أن هناك ما يربو على 10 أشخاص يعملون حاليا في القلعة، وتم سجنهم في إطار التحقيق الجاري.
ويشير إلى أن "من نفذ هذه العملية هو موظف غير أمين".
سرقة التراثوتعرب دومينيك دوبوي مندوبة هاييتي لدى اليونسكو عن قلقها إزاء حادث سرقة المدفعين، وتقول إنه إذا لم تتم استعادتهما فإن اختفاءهما، يمكن أن يشكل "تهديدا لوضع القلعة، ولتصنيف المتنزه الوطني كموقع للتراث العالمي".
وتشير إلى أن المدافع هي جزء من تاريخ هاييتي، ومن رموز كفاحها من أجل الحرية.
وتقول إن "هذه السرقة تمثل رمزية هائلة الأبعاد، إنها تضارع نقض تأسيس أمة هاييتي، وما تقوله هذه السرقة هو إنه إذا استطعنا الوصول إلى نقطة نسمح فيها ببيع جوائز ثورتنا على هيئة قطع فنية، فستكون هذه هي بداية النهاية لكل شيء نمثله كأمة على المستوى الرمزي".
تعد مجموعة المدافع في القلعة من بين الأكبر في العالم، وتم الحصول عليها من الإنجليز والإسبان والفرنسيين، بعد أن تمرد العبيد في الجزيرة التي كانت تعرف باسم سان دومينيجو، وأطلقوا ثورة هاييتي عام 1791.
ويرى دانيال إيلي الرئيس السابق لمعهد حماية التراث الوطني أن اختفاء المدفعين هو أحدث اعتداء على التاريخ الثقافي لهاييتي.
وقبل 4 سنوات التهمت النيران جزئيا كنيسة السيدة العذراء التاريخية، والتي بنيت عام 1809 وتقع في متنزه التاريخ الوطني بمتنزه ميلوت، جنبا إلى جنب مع أنقاض قصر سان سوسي وهو المقر الملكي الرئيسي لملك هايتي هنري الأول، وموقع راميرز الحصين.
وفي وقت سابق من العام الحالي، ووسط عنف العصابات المميت في العاصمة بورت أوبرنس، قامت الجماعات المسلحة بنهب المكتبة الوطنية، في محاولتها للإطاحة بالحكومة، وتم الهجوم على مجموعة المكتبة من الكتب والمخطوطات النادرة، التي توثق 200 عام من تاريخ هاييتي بعد سلسلة من الاعتداءات ضد مؤسسات أخرى، بما في ذلك أقدم مدرسة لتدريب المعلمين في هاييتي، وهي مدرسة المعلمين العليا، والمدرسة الوطنية للفنون.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی هاییتی
إقرأ أيضاً:
نفوق عشرات الدلافين على شواطئ سقطرى.. ظاهرة طبيعية أم أنشطة مشبوهة؟ (تقرير)
أثارت عملية نفوق جماعي لأكثر من 70 دولفينا على أحد سواحل منطقة نيت في مديريتي قلنسية وعبد الكوري غربي جزيرة سقطرى اليمنية، في حادثة نادرة، موجة غضب واسعة، وسط دعوات للتحقيق.
وتبادل رواد مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن خلال الأيام الماضية مقاطع فيديو صادمة تظهر نفوق العشرات من الدلافين، على سواحل الأرخبيل الذي يعد بمثابة الكنز الحقيقي لليمن من الناحية البيئية.
وفي مشاهد غير مألوفة فوجئ أهالي مديريتي قلنسية وعبد الكوري، ظهرت عشرات الدلافين نافقة على الشاطئ في منظر صادم لم تشهده المنطقة من قبل، وربطها بعض المعلقين بما قالوا إنه تلوث ناجم عن أنشطة مشبوهة تجرى في الأرخبيل ومحيطه.
وسقطرى التي تبعد عن الساحل الجنوبي اليمني نحو 300 كيلومتر، مدرجة في قائمة التراث العالمي الطبيعي لليونسكو وضمن برنامج اليونسكو للإنسان والمحيط الحيوي، وذلك بسبب ثراء تنوعها البيولوجي المميز الذي يجعلها فريدة على مستوى العالم.
ويأتي نفوق الدلافين بعد أيام من زيارة البعثة الدولية المشتركة للرقابة والاستجابة والمشكلة من قبل اليونسكو UNESCO والاتحاد الدولية للحفاظ على البيئة IUCN، لتفقد أوضاع الجزيرة وتقييمها من أجل حماية تراثها الطبيعي من الانتهاكات، والحيلولة دون وضعها على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.
بالمجمل تتعرض البيئة السقطرية، لمخاطر متعاظمة وتحديات تهدد بخروجها من قائمة التراث العالمي، في ظل دعوات وتحذيرات محلية وأخرى أطلقها مختصون في البيئة للمحافظة على التراث البيئي في الأرخبيل الكائن على المحيط الهندي والخاضع لمليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا.
منذ بدء الاحتلال الإماراتي، تتعرض البيئة السقطرية المدرجة على قائمة التراث العالمي لدى منظمة اليونسكو، لانتهاكات صارخة وغير مسبوقة في تاريخ الأرخبيل.
وأظهرت المقاطع المصورة التي انتشرت بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي حجم الكارثة البيئية التي ضربت هذه المنطقة الحساسة بيئيا.
وتشتهر سواحل الجزيرة اليمنية بالدلافين التي تستوطن مياهها الإقليمية، وتضفي مشاهد طبيعية خلابة لزوار الأرخبيل وعشاق الطبيعة والمغامرات البحرية.
وفي السياق وجه وزير الزراعة والري والثروة السمكية، سالم السقطري، في الحكومة اليمنية (المعترف بها دوليا) فرع هيئة مصائد الأسماك في سقطرى بالتنسيق مع هيئة أبحاث علوم البحار والأحياء المائية، وفرع حماية البيئة في الأرخبيل، للنزول إلى ساحل شوعب بمديرية قلنسية لدراسة ظاهرة نفوق عدد من الدلافين.
وأضافت أن "هذا التوجيه يأتي في إطار الجهود المبذولة للحفاظ على الثروة السمكية والبيئة البحرية في سقطرى".
من جانبها أدانت وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية في حكومة الحوثيين (غير معترف بها) بأشد العبارات ما سمته الجريمة البيئية على سواحل جزيرة سقطرى، عقب خروج جماعي لأكثر من 80 دولفينًا إلى شواطئ منطقة شوعب، ونفوق عدد كبير منها.
مدير هيئة المصائد السمكية في الجزيرة أحمد علي عثمان، أرجع أسباب هذا النفوق الجماعي للدلافين إلى عوامل طبيعية.
وأفاد عثمان أن الدلافين عادة ما تتحرك في أسراب بقيادة دلفين قائد، وفي حالات ضعف الرؤية أو اشتداد التيارات البحرية قد تصطدم هذه الأسراب بالساحل أو تفقد القدرة على العودة إلى أعماق البحر.
وقال إن التيارات القوية وارتفاع الأمواج قد تدفع الدلافين إلى الشاطئ، حيث تواجه صعوبات كبيرة في التنفس أو التنقل، مما يؤدي في بعض الحالات المؤسفة إلى نفوقها.
وحول ذلك طالب الإعلامي سمير النمري، بتحقيق دولي في ظاهرة نفوق عشرات الدلافين في أرخبيل سقطرى المدرجة على قائمة التراث العالمي اليونسكو.
وقال "أرخبيل سقطرى تسيطر عليه القوات الإماراتية وتقيم فيه قاعدة عسكرية". مشيرا إلى أن اليونسكو هددت بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي إلى قائمة التراث المعرض للخطر بسبب الانتهاكات التي تتعرض لها.
وذكر أن الانتهاكات التي تتعرض لها سقطرى منذ سيطرة الإمارات عليها عام 2015 تتمثل بحسب اليونسكو:
- التوسع العمرانى العشوائى على حساب المواقع الطبيعية.
- إقامة مشاريع استثمارية على السواحل المحمية، وداخل «غابة دم الأخوين».
- الصيد الجائر الذى يهدد البيئة البحرية، ويخالف الاتفاقيات الدولية، بخلاف اصطياد الشعب المرجانية وهو أمر ممنوع.
- إدخال أنواع من النباتات والأشجار من خارج الجزيرة مثل النخيل الذى زرع فى شوارع عاصمتها، مما تسبب فى إدخال «السوس» الذى أضر بالنباتات الأصيلة بها.
طارق حسان كتب "كارثة بيئية في سقطرى.. في مشهدٍ مؤلم يهزّ الضمير، تم رصد نفوق عدد من الدلافين على سواحل جزيرة سقطرى اليمنية خلال الأيام القليلة الماضية، في ظاهرة خطيرة تستدعي التحقيق العاجل والتحرك الفوري".
وقال "الدلافين ليست مجرد كائنات بحرية جميلة، بل هي مؤشر حيوي لصحة البيئة البحرية. ونفوقها".
الصحفي أنيس منصور غرد بالقول "ظاهرة انتحار الدولفين في سقطرى للمرة الثانية، اكثر من 80 من الدولفين خرجوا جماعياً من البحر إلى سواحل منطقة شوعب بمديرية قلنسية بسقطرى ورغم محاولة الأهالي إعادتهم للبحر لكن سرعتان ما ترفض الدولفين البقاء في البحر".
وطالب منصور المختصين بالبيئة بالبحث والتحليل عن أسباب ذلك.
أحمد المعافري هو الآخر قال "لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم جنوح الحيتان والدلافين في المحيط الهندي في عدة مناطق، المقطع الأول من جزيرة سقطرى اليمن والثاني من الصومال".
وأكد أن الحيتان لا تجنح إلى الشاطئ الا بحصول مشكلة كيميائية في المياه، ربما تلوث".