الأسبوع:
2025-06-26@15:59:48 GMT

لعلهم يرجعون

تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT

لعلهم يرجعون

من الصفات التي يتصف بها رب العزة ـ سبحانه -: الحكمة والعدل، فهو الحكيم الذي يضع كل شيء في موضعه، فلا ترى في صنعه اختلالا، ولا في حكمه تناقضا. وهو العدل الذي لا يظلم العباد، قال عز وجل: (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [ق: 29]، ومن مقتضى حكمته وعدله أن قال: (ذَٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ) [الأنعام: 131].

ومن الأشياء التى يعاقب بها المولى - عز وجل -: القحط، وقلة الأمطار، والأمراض، والأوجاع، والرياح والأعاصير المدمرة لكل شيء بإذن ربها، والزلازل والخسف، والإغراق والطوفان، وإرسال الجراد، وإنزال أمطار الحجارة، وإذهاب الأمن، وزرع الخوف، وتسليط الظالمين على الظالمين، قال تعالى: "فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" [العنكبوت: 40].

ولا يفوتنا التذكير بقول الحق سبحانه وتعالى: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" [الروم: 41]، فما تغير المناخ وما تبعه من فساد فى الأرض إلا بما كسبت أيدى الناس: فساد معايش الناس ونقصها، وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والأوبئة وغير ذلك، بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة المفسدة. "لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا" أي: ليعلموا أنه المجازي على الأعمال فعجل لهم نموذجا من جزاء أعمالهم في الدنيا "لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" عن أعمالهم التي كانت سببا فيما لحق بهم من العقوبات الإلهية التي يرسل بها المولى - عز وجل - على من يستحقها من أهل الأرض، بسبب معاصيهم وظلمهم، وذلك حيثما كان مقامهم سواء كانوا في المدن أو القرى، وسواء كانوا قرب البحر أم في أعماق الصحراء.

ومن ظلم الناس: الغش في المكيال والميزان، وقد جاء في الحديث: "ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة - أي الغلاء - وجور السلطان عليهم". ومن ظلم الناس: منعهم الزكاة، ومنعهم أداء حقوق المؤمنين، وفي الحديث: "ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا". ومن ظلم الناس: نقضهم للعهد مع الله - عز وجل -، جاء في الحديث: "ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوا من غيرهم فأخذ بعض ما في أيديهم". ومن ظلم الناس: ظهور العري والزنا والفواحش، وقد جاء في الحديث: "ولم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا".

ثم بين عز وجل حكمته في ذلك، فقال: (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا)، وهذا من رحمة الله ـ تعالى ـ بنا إذ لو عاملنا بعدله لأهلكنا كما أهلك الأمم السابقة، أو لسلط علينا عذابا لا ينقطع، ولكنه البر الرحيم إذا عذب الناس إنما يعذبهم ببعض ما عملوا لا كله، فما أكثر معاصينا، وفي المقابل ما أكثر نعم الله - تعالى - علينا، وإذا عاقبنا فإنما يعاقبنا بسلب بعض النعم التي أنعم بها علينا: (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) وهذا من رحمة الله ـ تعالى - أيضا، فكثير من الفساد وكثير من المصائب والعقوبات إنما هي بمثابة الموعظة والتذكير للناس حتى يتوبوا عن معاصيهم، وحتى يرجعوا إلى الله.

لعلنا ننتبه، ولا نكون كاليهود الذين وصفهم الله ـ تعالى ـ بأنهم "يخربون بيوتهم بأيديهم.. ".

اللهم احفظ مصر وشعبها، واجعلها فى أمانك وفى ضمانك، وسلمها من كيد الكائدين، ودعاوى المبطلين من أهل الشر المجرمين المأجورين، اللهم آمين.

[email protected]

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: فی الحدیث عز وجل

إقرأ أيضاً:

عبارات التهنئة بالسنة الهجرية الجديدة.. 3 أسباب تجعلك تحتفي بمرور 1447 عامًا

بدأ العام الهجري الجديد 1447، ويتساءل الكثيرون معه عن حكم تبادل التهنئة بقدوم العام الهجري الجديد، حيث نستعرض الحكم وأبرز عبارات التهاني بالسنة الهجرية الجديدة.

التهنئة بقدوم العام الهجري الجديد

تقول دار الإفتاء إن تبادل التهنئة بقدوم العام الهجري الجديد من الأمور المستحبة شرعًا؛ لما فيه من التذكير بأيام الله، وشكر الله على تجدد النعم التي تتجدد مع تجدد الأيام وتداولها على الناس.

وقالت الإفتاء في جواب سائل يسأل عن حكم تبادل التهنئة بقدوم العام الهجري الجديد؟ وهل التهنئة بقدومه جائزة؟ إن في التهنئة برأس العام الهجري استحضار للعديد من المعاني التي يجوز شرعًا التهنئة عليها؛ ومنها:

- الامتثال للأمر القرآني بتذكر أيام الله تعالى، وما فيها من نعم وعبر وآيات؛ قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5]، والهجرة يوم عظيم من أيام الله تعالى، ينبغي أن يتذكره ويسعد به البشر كلهم؛ لأن الهجرة كانت البداية الحقيقية لإرساء قوانين العدالة الاجتماعية، والمساواة بين البشر، وإقرار مبدأ المواطنة بين أبناء الوطن الواحد مع اختلاف العقائد، والتعايش والسلام ونبذ العنف.

دعاء نهاية العام الهجري 1446.. 20 كلمة في وداع سنة واستقبال أخرىدعاء آخر يوم في السنة الهجرية 1446 .. أستغفرك من عمل لا ترضاه

- تذكر نصر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم في الهجرة على مشركي مكة، بأنْ يسَّر له أمر الانتقال إلى المدينة والدعوة إلى الله فيها وحفظه من إيذاء المشركين، وانتقل بذلك من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة، ممَّا كان سببًا لنصرة الإسلام وسيادته؛ قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: 40]، وقد تقرَّر أنَّ التهنئة إنما تكون بما هو محلّ للسرور، ولا شيء يسر به المسلم قدر سروره بيومِ نصرِ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

- أن رأس السنة الهجرية بداية لعام جديد، وتجدد الأيام وتداولها على الناس هو من النعم التي تستلزم الشكر عليها؛ لأنَّ الحياة نعمة من نعم الله تعالى على البشر، ومرور الأعوام وتجددها شاهد على هذه النعمة، والتهنئة عند حصول النعم مأمور بها.

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَتَدْرُونَ مَا حَقُّ الْجَارِ؟ إِنِ اسْتَعَانَ بِكَ أَعَنْتَهُ، وَإِنِ اسْتَقْرَضَكَ أَقْرَضْتَهُ، وَإِنِ افْتَقَرَ عُدْتَ عَلَيْهِ، وَإِنِ مَرِضَ عُدْتَه،ُ وَإِنْ مَاتَ اتَّبَعْتَ جَنَازَتَهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ هَنَّأْتَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ عَزَّيْتَهُ» أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق"، والطبراني في "المعجم الكبير" و"مسند الشاميين"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

وصنف جماعة من العلماء في استحباب التهنئة عند حصول النعم؛ كالحافظ ابن حجر العسقلاني في "جزء التهنئة في الأعياد"، والحافظ الجلال السيوطي في "وصول الأماني بأصول التهاني"، والعلامة الزرقاني في "رسالة في التهنئة والتعزية والإصلاح بين الناس".

فإذا اجتمعت التهنئة بالأوقات والأحداث السعيدة، مع الدعاء بعموم الخير واستمراره، والبركة في الأحوال والأوقات كان ذلك أشد استحبابًا وأكثر أجرًا وأدعى لربط أواصر المودة بين المسلمين.

وبناءً على ذلك: فإنَّه يستحب تبادل التهنئة بقدوم العام الهجري؛ لما في التهنئة به من إحياء ذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته رضي الله عنهم، وما فيها من معان سامية وعبر نافعة، وقد حثَّ الشرع على تذكر أيام الله وما فيها من عبر ونعم، كما أنه بداية لعام جديد، وتجدد الأعوام على الناس من نعم الله عليهم التي تستحب التهنئة عليها.

الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري

بداية العام الهجري في أول شهر المحرم ليس هو يوم هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قد يُظَنُّ؛ بل كانت هجرته صلى الله عليه وآله وسلم في ربيع الأول، وإنما كان العزمُ على الهجرة والاستعداد لها في استهلال المحرم بعد الفراغ من موسم الحج الذي وقعت فيه بيعة الأنصار.

وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/ 268، ط. دار المعرفة): [وإنما أخروه من ربيع الأول إلى المحرم؛ لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في المحرم، إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة، وهي مقدمة الهجرة فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المحرم، فناسب أن يجعل مبتدأ، وهذا أقوى ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم] اهـ.

عبارت التهنئة برأس السنة الجديدة

- العام الهجري الجديد يطرق الأبواب، ومع نسماته الأولى نقول كل عام وأنتم بخير بمناسبة السنة الهجرية الجديدة، عافاكم الله فيها، ورزقكم الله خيرها وخير ما فيها.

-أهديكم أجمل عبارات التهنئة بمناسبة العام الهجري الجديد، سائلاً الله عز وجل أن يبارك لكم فيه، وأن يجعلها سنة خير وفرج علينا جميعاً.

- أدعو الله أن تملأ الفرحة حياتكم والإيمان يعمر قلوبكم أنتم وكل أحبائكم.

- اللهم في هذا اليوم العظيم نسألك الخير والتوفيق والأمن والأمان لنا ولأحبائنا.

-أتمنى لكم سنة مباركة ومزدهرة بتوفيق من الله.

- اللهم اجعل هذا العام عام خير وبركة، وعاماً جميلاً علينا، واغفر لنا ذنوبنا واهدنا إلى طريق الحق والصواب في جميع أمورنا.

طباعة شارك العام الهجري الجديد 1447 التهنئة بقدوم العام الهجري الجديد الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري

مقالات مشابهة

  • حكم التهنئة برأس السنة الهجرية.. الإفتاء تجيب
  • عبارات التهنئة بالسنة الهجرية الجديدة.. 3 أسباب تجعلك تحتفي بمرور 1447 عامًا
  • من مكةَ إلى المدينةِ: رحلةُ بناء أمة
  • دعاء استقبال العام الهجري الجديد.. وفضل الصدقة في شهر المحرم
  • اتحاد المسلمين.. زوال للصهاينة والهيمنة الغربية
  • وحدوا الله
  • الزعاق للطلاب: استمتعوا بالأشياء التي تمتلكونها ولو كانت بسيطة..فيديو
  • هل رؤية الله تعالى ممكنة في المنام؟.. أمين الفتوى يجيب
  • في ذكرى الهجرة.. إذا استنفرتم فانفروا
  • 5 مكاسب لإطعام الطعام .. سبب لدخول الجنة والنجاة من النار