أخبارنا المغربية ــ الرباط

رصدت وسائل الإعلام الأمريكية، الجمعة، أصداء الفوز الساحق الذي حققه المنتخب الأولمبي المغربي لكرة القدم رجال على نظيره الأمريكي (4-0)، وتأهله التاريخي إلى نصف نهائي الدوري، في إطار منافسات أولمبياد باريس 2024.

وفي تعليقها، كتبت مجلة "ذي أثليتيك" المتخصصة أن الأمر يتعلق بيوم لا يود المنتخب الأمريكي أن يتذكره، بعد هزيمة ثقيلة ألحقها به فريق مغربي يعج بالمواهب، مسجلة أن أشبال الأطلس أبانوا، طيلة أطوار المباراة، عن مهارات متميزة.

وأبرزت المجلة التابعة لصحيفة "نيويورك تايمز" أن زملاء أشرف حكيمي سيطروا على أطوار المباراة، واضعين بذلك حدا لمسيرة الأمريكيين الذين كانوا يمنون النفس بإحراز ميدالية خلال الحدث الأولمبي الكبير.

وأضافت المجلة أن المغرب بلغ قمة الأداء الكروي بفضل مزيج متناغم بين جيل من اللاعبين الشباب والنجوم المتمرسين.

من جانبه، أشار القسم الرياضي للموقع الإخباري "ياهو" إلى أن الأمريكيين اضطروا إلى مواجهة فريق مغربي "أسرع وأقوى"، مضيفا أن فريق الولايات المتحدة لم يتمكن من مجاراة الإيقاع الذي فرضه أشبال طارق السكيتيوي.

في السياق ذاته، كتبت "يو إس إي توداي" أن التشكيلة الأمريكية خسرت منطقيا أمام فريق مغربي كان الأفضل طيلة أطوار اللقاء الرياضي. وعلق كاتب المقال بالقول: "ليس هناك عيب في الهزيمة أمام أشبال الأطلس".

من جانبها، لاحظت صحيفة "نيويورك بوست" أن زملاء بلال الخنوس، الذين تفوقوا على المنتخب الأرجنتيني خلال دور المجموعات، أظهروا أنهم في رحلة البحث عن التتويج.

وشاطرت قناة "إي إس بي إن" الرياضية الرأي ذاته، مشيرة إلى هيمنة التشكيلة المغربية على أطوار المباراة منذ دقائقها الأولى، مسجلة أن المنتخب الوطني حظي بمساندة جمهور متحمس.

هذا الجمهور عبر عن فرحة عارمة تردد صداها في مدرجات ملعب حديقة الأمراء، احتفالا بالأهداف الأربعة التي سجلها كل من سفيان رحيمي وحكيمي وإلياس أخوماش والمهدي موهوب.

وأضافت أنه عقب إحراز الهدف الأول الذي كان من توقيع رحيمي انطلاقا من ضربة جزاء في الدقيقة الـ29، واصل المغرب ضغطه وهيمن على مجريات اللقاء، قبل أن يحسم النتيجة لصالحه بالفوز بالتذكرة الثمينة لنصف النهائي.

وبالنسبة لقناتي "إن بي سي" و"سي بي إس"، فإن المباراة شهدت "هيمنة كلية" للمغرب وانتصارا "ساحقا" على فريق أمريكي خاض سلسلة من المباريات الجيدة قبل أن يستسلم أمام قوة وحيوية أشبال الأطلس.

ومن أجل حجز تذكرة المباراة النهائية ضمن الدوري الأولمبي العالمي، سيواجه المغرب إسبانيا الفائزة على اليابان (3-0)، وذلك يوم الاثنين بمدينة مرسيليا.

 

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

أصداء الطوفان.. حين تصير الكلمة بندقية

حين تصير الكتابة فعل نجاة، ويغدو الحرف مركبا صغيرا في بحر متلاطم الأمواج، نحتاج إلى أكثر من محلل سياسي أو مراسل حربي… نحتاج إلى شاهد يسجّل بالألم ما عجزت عنه المصوِّرات/أجهزة التصوير، شاهد يكتب ليقاوم النسيان فضلا عن أن يقنع أو يؤثر.

كتاب عبد الحي كريط "أصداء الطوفان؛ صوت غزة في زمن الانكسار" ليس مجموعة مقالات أو حوارات عابرة عن حرب مروّعة فحسب، بل هو وثيقة وجدانية فكرية، تقف على تخوم الصدمة، وتعيد تعريف المثقف بوصفه أولا إنسانا محكوما بالحب والعجز تحرقه أخبار المجازر والشهداء، قبل أن يكون كاتبا أو خبيرا أو مثقفا. والكتاب صدر حديثا عن دار مؤسسة أفرا للدراسات والأبحاث.

في هذا المقال، نفتح صفحات هذا العمل، لننصت إلى صوت مختلف للكتابة، صوت يجرّح أكثر مما يداوي، لكنه يصرّ على أن الكلمة، إذا كُتبت بلسان صادق، فقد تَشِي بشيء من المعنى، وتحفظ شيئا من المعنى ومن ماء الوجه في عالم فقد كل معنى.

يشكّل كتاب أصداء الطوفان صوت غزة في زمن الانكسار للكاتب والصحفي المغربي عبد الحي كريط، عملا أدبيا وفكريا مختلفا في مرحلة من تاريخ العروبة يتآكل فيها المعنى وتتشظى فيها القيم تحت وطأة القتل الجماعي والتواطؤ السياسي والإعلامي، والكتاب لا يأتي في صيغة توثيقية نمطية، ولا يتخذ من الحياد قناعا، بل ينهض بوصفه موقفا أخلاقيا، وصيحة احتجاج ضد الصمت، وانحيازا صارخا للحياة في وجه آلة القتل والتدمير الصهيونية المستمرة.

في مقدمة الكتاب، يعلن عبد الحي كريط بوضوح انحيازه الإنساني والسياسي حين يقول: "لا أكتب من موقع الراوي المحايد، بل من موضع الشاهد المنكسر.. المنحاز للحياة في وجه الموت، وللكلمة في وجه القصف". هذه العبارة تتجاوز كونها افتتاحية لتتحول إلى إعلان نية جريء، حيث يحدد الكاتب من البداية موقعه، فهو ليس مجرد مؤلف يسرد، بل هو إنسان يكتب بجرح نازف من قلب اللهيب لا من شرفات التحليل البارد.

إعلان بنية ثلاثية للبوح والتفكيك والتطهير

يمتد الكتاب على نحو 170 صفحة، ويعتمد بنية ثلاثية متكاملة تجمع بين الحوارات، والمقالات التحليلية، والنصوص الشعرية، في مزج عضوي بين الفكر والإبداع؛ بين العقل والوجدان، هذا التقاطع البنيوي لا ينبع من رغبة في التنويع الشكلاني، بل من وعي بالوظيفة التكاملية للثقافة حين تصبح درعا في وجه التفاهة، وصوتا في زمن الانكسار.

أما في القسم الحواري، فيجري كريط لقاءات مع عدد من المثقفين الفلسطينيين والعرب والإسبان، وهو لا يستدعيهم بوصفهم شهودا على المأساة فحسب، بل شركاء في صياغة ذاكرة مقاومة، هؤلاء المثقفون لا يكتفون بوصف الفاجعة، بل ينخرطون في فعل تطهيري للوعي، ويتمرّدون على منطق الوصاية الذي ينطق عن غزة من الخارج، وبذلك، يصير الحوار طقسا جمعيا للبوح، واستعادة صوتية لكرامة مهدورة في زمن التواطؤ.

وأما القسم التحليلي، فيشكّل محورا نقديا عميقا يتناول السياقات السياسية والإعلامية لما بعد 7 أكتوبر، في ظلال عملية "طوفان الأقصى" وما تلاها من عدوان غير مسبوق على غزة، هنا يستعمل عبد الحي كريط المقالة بوصفها أداة لتفكيك الخطاب العربي الرسمي، ويُسائل صمت الأنظمة، ويكشف آليات تدجين الوعي وتصيير المأساة "محتوى"، وتحويل الدم إلى مشهد يعاد تدويره بلا أثر ولا مساءلة، تخرج هذه المقالات من دائرة التحليل لتدخل نطاق المحاكمة، حيث تُعري تواطؤ الإعلام الموجّه، وتفكك خطابات الشرعنة التي تحيط بالاحتلال من كل جانب.

وأما في بُعده الإبداعي، فيقدّم كريط نصوصا شعرية نازفة كتبت كما لو أنها خرجت من ذاكرة محاصرة، هذه النصوص لا تغرق في الحزن ولا تستجدي التعاطف، بل تصوغ الألم في قالب فني، يربك القارئ، ويوقظ ضميره، إنها كتابة ترفض الشفقة وترفض أن تُروى غزة حكاية حزينة، بل تصرّ على رسمها ملحمة إنسانية عصية على المحو والنسيان لا يضرها من خذلها.

الكلمة فعل مقاومة

ليست "أصداء الطوفان" كتابا عن غزة فقط، بل عن الامتحان الأخلاقي للوعي العربي المعاصر، إنه بمثابة مرآة كاشفة لا يعري انهيار دعاوى حقوق الإنسان فحسب، بل يعري انهيار المعنى ذاته حين تُختزل المأساة في تدوينات عابرة، أو حين تصبح الجرائم وقودا لدورة إعلامية سريعة الزوال، وهنا لا بد للكتابة أن تعيد اكتشاف دورها التاريخي، بعيدا عن الزينة والتأنيق، ورغبة النجاة الفردية، أداة للمواجهة، وللفضح والتعرية، وللتذكير بأن اللغة قادرة على أن تكون سلاحا حين تعجز البنادق عن الوصول.

بهذا المعنى، لا يمكن تصنيف أصداء الطوفان ضمن الكتابات الأدبية أو السياسية فحسب، بل هو مشروع في مساءلة الضمير العربي، واستعادة للثقافة بوصفها فعلا حيّا يتجاوز الاستهلاك، ويجابه الانحلال القيمي بكل أشكاله، لقد عرف القارئ عبد الحي كريط من قبل في مؤلفاته مثل "مدارات ثقافية: الشمس تشرق من المغرب ونوافذ حوارية في الأدب الإسباني"، حيث يتقاطع النقد الثقافي مع الحوار المتوسطي، لكن عمله الجديد يذهب أبعد، إذ يتحوّل من التحليل إلى البوح، ومن التفسير إلى الصراخ الواعي، ومن التوثيق إلى الانخراط الوجودي.

في زمن يُقتل فيه الناس بالصوت والصمت معا يأتي هذا الكتاب ليقول إن الكتابة ليست فقط ملاذا بل ساحة مواجهة (وكالة الأناضول) في مواجهة الانكسار: الكتابة بوصفها ترميما للذاكرة

ربما تكمن أهمية هذا الكتاب في أنه لا يُقدَّم أرشيفا للحرب، بل نقشا في الذاكرة الجمعية، ومحاولة لترميم الذات العربية الفلسطينية التي تتعرض للطمس اليومي، والكتاب ليس خطابا مباشرا، بل كتابة تستنطق الإنسان، وتُعيد له صوته واسمه ووجهه في زمن تعميم القتل وطمس الأثر.

إعلان

تسكن في صفحات هذا العمل صرخات الأطفال، ونواح الثكالى، وبكاء الأيامى، وأصوات البيوت المهدّمة التي تنطق بالحياة والذكريات وسط الركام، لكنه، على خلاف العديد من النصوص، لا يعزف على وتر الرثاء، بل يصرّ على أن تكون الكلمة فعل نهوض، لا نعيا، وأن تكون القراءة مشاركة في المقاومة لا تضامنا شعريا عابرا.

ومن المتوقع أن يُعرض أصداء الطوفان في عدد من المعارض العربية خلال الموسم الثقافي المقبل، وسط اهتمام متزايد بالأعمال التي تردّ الاعتبار للثقافة بوصفها ذاكرة حية لا وثيقة صامتة، بهذا الظهور المتوقَّع، ينضم الكتاب إلى موجة من الإنتاجات الفكرية التي تُعيد للثقافة دورها الأخلاقي، في زمن هيمنت فيه الأدوات التقنية على المعنى، والصورة على الوجدان.

ففي زمن يُقتل فيه الناس بالصوت والصمت معا، يأتي هذا الكتاب ليقول: إن الكتابة ليست فقط ملاذا، بل ساحة مواجهة، وإن الصمت لم يعد حيادا، بل خيانة، يقول كريط في عمله: "الحياد في زمن المذبحة خيانة للضمير"، وهكذا، يصبح أصداء الطوفان بيانا أدبيا وسياسيا ضد البلادة، وصرخة مكتوبة في وجه انكساراتنا المتكررة.

في أصداء الطوفان، يتجاوز عبد الحي كريط وظيفته كاتبا ليصبح شاهدا على عصر فقد فيه الإنسان إحساسه بالكارثة. وبين الحوارات والمقالات والقصائد، تتشكل ملحمة ثقافية تُعيد رسم دور الكلمة حصنا أخيرا للكرامة، إنه كتاب يُقرأ لإعادة الحياة والمعنى لا للاستهلاك، ويقرأ للذكير والنصرة، لا للتسلية، ففي زمن الخراب، لا يزال هناك من يكتب ليذكّرنا بأن غزة ليست بعيدة، وأن المجازر وروائح الدماء وأصوات الشهداء والضحايا فيها لم تتوقف يوما، وأن الأصداء لا تزال قادرة على إرباك الصمت وفضح التخاذل.

مقالات مشابهة

  • المنتخب المحلي يتعادل وديا أمام موريتانيا
  • بتروجت يواجه الأهلي وديا الأحد المقبل
  • الجامعة تحتج لدى الكاف بشأن إلغاء ضربة جزاء في نهائي "كان" السيدات
  • أصداء الطوفان.. حين تصير الكلمة بندقية
  • برونز تخوض كأس أوروبا بـ «قدم مكسورة»!
  • فيلدا حزين بعد خسارة "لبؤات" الأطلس.. التراجع عن احتساب ضربة جزاء أثر على سير المباراة
  • المغرب يخسر نهائي كأس أفريقيا للسيدات "بصورة درامية"
  • فيلدا: بداية «جيل واعد» للمغرب
  • نيجيريا.. «اللقب العاشر»
  • الملك يهنئ أعضاء المنتخب النسوي لكرة القدم على المسيرة المتألقة في كأس أمم إفريقيا للسيدات