جمعة: القراءة هي الأولى في الوجود والثانية بالوحي
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق أن الإنسان يحتاج إلى مجموعة من الأدوات لتحويل ما حواه فكره من مفهوم محور حضارته وقواعدها وغاياتها والكامن وراءها من عقائد وإدراكات إلى واقع عملي معيش.
وتابع جمعة أن أولى هذه الأدوات العلم، وهو رؤية كلية تنبثق عنها إجراءات، وهذه الرؤية الكلية هي النموذج المعرفي المتمثل في محور الحضارة، والقواعد والمقاصد، والعقائد والإدراكات، أما الإجراءات فهي منهج البحث العلمي الذي يتكون من ثلاثة عناصر رئيسة بيَّنها الإمام الرازي في تعريفه «أصول الفقه» بأنه: (معرفة دلائل الفقه إجمالا، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد) فتكلم عن مصادر البحث الفقهي، ثم تكلم عن كيفية البحث وطرقه، ثم تكلم عن شروط الباحث، وهي الأركان الثلاثة بحالها التي اتخذت فيما بعد منهجا علميا كما قرره (روجر بيكون)، والمتمثل في: المصادر والطرق والباحث.
وأضاف فضيلته أن العلم كأداة يجب أن يستخدم في ظل حقيقتين واضحتين، هما: موقف الدين من العلم، والفرق بين العقلية العلمية ومنهاجها الرصين وعقلية الخرافة بمناهجها المختلفة.
ووضح أن الحقيقة الأولى، فلا نقول إن الإسلام دين العلم فحسب، بل نرى موقفه من البحث العلمي، حيث أرى، أنه لا حرج ولا قيد مطلقا على البحث العلمي، فليبحث من شاء فيما شاء وليحاول أن يدرك حقيقة العالم كما شاء، ويكشف عن خلق الله في كونه كما يريد، وفي ذلك ضمانة للإبداع، وهذا مؤسس على أن الله قد أنزل أول ما أنزل: (اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) [العلق:1-4]، وذكر أن القراءة الأولى في الوجود والثانية في الوحي، وأنهما قد صدرا عن الله، الأولى من عالم الخلق، والثانية من عالم الأمر: (أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ) [الأعراف:54] وعلى هذا فلا نهاية لإدراك الكون، حيث إنه يمثل الحقيقة، لأنه من عند الله، ولا نهاية لإدراك الوحي فقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا تنتهي عجائبه، ولا يَخلق من كثرة الرد) «رواه الترمذي والدارمي»، وأيضاً لا تعارض بينهما، حيث إن كلاً من عند الله، وهذا التأسيس يتأكد في قوله تعالى على صفة الإطلاق: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) [الزمر:9].
وأكد جمعة على أن استعمال المعلومات يجب أن يكون تحت السقف الأخلاقي للتطبيق المأخوذ من مهمة الإنسان في الدنيا: العبادة، والعمارة، والتزكية، هذا السقف الذي يمنع من استعمال ما يوصلنا إليه مما يخالف الأوامر والنواهي الربانية أو يكر على المقاصد الكلية بالبطلان فنكون بذلك من أهل التعمير، لا من أهل التدمير، وهذا السقف للاستعمال ذو أهمية قصوى، إذ هو الضمان الوحيد لتلك العمارة، وعلى ذلك فإن الفصل بين حرية البحث للوصول إلى صحيح المعرفة، وتقييد الاستعمال للوصول إلى العمارة أمر قد اختلط على كثير من الناس مع وضوحه وتأكده.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قال الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء كبار العلما الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء البحث العلم
إقرأ أيضاً:
أمريكا تمنح مادورو مهلة للرحيل وتشدد الوجود العسكري قبالة السواحل الفنزويلية
أعلن السيناتور الأمريكي ماركواين مولين، الأحد، أن الولايات المتحدة عرضت على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو مغادرة البلاد والتوجّه إلى روسيا أو أي دولة أخرى، في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر بين واشنطن وكاراكاس مع حشد عسكري أمريكي متنامٍ قبالة السواحل الفنزويلية.
وأوضح مولين، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، أن الإدارة الأمريكية اعتبرت أن منح مادورو "مخرجاً آمناً" قد يكون خطوة لتجنب مواجهة واسعة، قائلاً: "قدمنا له فرصة للمغادرة. أخبرناه أنه يستطيع السفر إلى روسيا أو إلى أي بلد آخر إن أراد." وأضاف السيناتور عن ولاية أوكلاهوما أن الشعب الفنزويلي نفسه "عبّر بوضوح عن رغبته في قيادة جديدة تعيد للدولة مكانتها واستقرارها".
وفي موازاة ذلك، صعّد عضو مجلس الشيوخ الجمهوري ليندسي جراهام من لهجته، متحدثاً بشكل صريح عن إمكانية تغيير النظام في فنزويلا. وكتب في منشور عبر منصة "إكس" أن مادورو يقود منذ أكثر من عشر سنوات "دولة مخدرات إرهابية تهدد الولايات المتحدة"، واصفاً إياه بـ"الزعيم غير الشرعي". وأشاد جراهام بما وصفه بـ"التزام الرئيس ترامب بإنهاء الفوضى في فنزويلا"، معتبراً أن تلك الخطوة ستمنح الفنزويليين فرصة لبدء صفحة جديدة.
وتأتي هذه التصريحات في ظل مرحلة شديدة الحساسية بين البلدين، بعد أن أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنشر قوات عسكرية ضخمة في البحر الكاريبي، تزامناً مع إعلان اعتباره المجال الجوي الفنزويلي "مغلقاً بالكامل"، في خطوة يصفها مراقبون بأنها قد تكون تمهيداً لخيارات أكثر صرامة، خاصة مع إرسال واشنطن أكبر حاملة طائرات في العالم إلى المنطقة.
وفي المقابل، يرفض مادورو جميع الاتهامات الأمريكية، مؤكداً أن واشنطن تستخدمها ذريعة للتدخل في شؤون بلاده والإطاحة به بهدف السيطرة على ثرواتها النفطية. وردّت كاراكاس بإعلان إجراء مناورات عسكرية واسعة على طول السواحل، في رسالة تقول الحكومة إنها تأتي لحماية السيادة وصد أي "تهديد خارجي".
وتتراكم المؤشرات على أن الأزمة بين البلدين تتجه نحو مزيد من التعقيد، إذ يرى محللون أن واشنطن تسعى لفرض واقع جديد في فنزويلا، بينما يحاول مادورو إظهار أنه لا يزال ممسكاً بزمام السلطة وقادراً على مواجهة الضغوط الدولية. وبين لغة الإنذارات الأمريكية وتحركات الجيش الفنزويلي، يبقى مستقبل الأزمة مفتوحاً على احتمالات عدة، تتراوح بين التفاوض القسري والتصعيد العسكري المحدود أو الواسع—ما يجعل الأيام المقبلة مفصلية في رسم مسار الأحداث داخل بلد يعاني أصلاً من أزمات سياسية واقتصادية خانقة.