سواليف:
2025-06-07@00:10:16 GMT

من كلّ بستان زهرة – 73-

تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT

من كلّ بستان زهرة – 73- #ماجد_دودين

من قرَّت عينه بالله قرَّت به كلُّ عين، وقرَّت عينه أيضاً به في الدنيا.

من لم تقرَّ عينه بالله تعالى تقطعت نفسه على الدنيا حسرات. 

*******

مقالات ذات صلة السيرك / هبة طوالبة 2024/08/06

النفس إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل.

القلب إن لم تسكنه محبة الله عز وجل، سكنته محبة المخلوقين ولا بُد.

اللسان إن لم تشغله بالذكر شغلك باللغو، وهو عليك ولا بُد.

*******

الرجل الطيّب تشم منه رائحة طيبة وإن لم يمس طيباً فيظهر طيب رائحة روحه على بدنه وثيابه.

*******

السخيُّ قريب من الله تعالى، ومن خلقه، ومن أهله، وقريب من الجنة، وبعيد من النار.

جود الرجل يُحبّبُه إلى أضداده، وبخله بُبغضه إلى أولاده.

قد يكون الرجل من أسخى الناس وهو لا يعطيهم شيئاً، لأنه سخا عما في أيديهم.

*******

الصلاة قرة عين المحبين ولذة أرواح الموحدين ومحكُّ أحوال الصادقين، وميزان أحوال السالكين.

هي رحمته المهداة إلى عبيده، هداهم إليها وعرفهم بها رحمة بهم وإكراماً لهم.

*******

ثمار العبادات:

الصوم ثمرته تطهير النفس.

ثمرة الزكاة تطهير المال.

ثمرة الحج وجوب المغفرة.

ثمرة الجهاد تسليم النفس التي اشتراها سبحانه من العباد وجعل الجنة ثمنها.

الصلاة ثمرتها الإقبال على الله وإقبال الله سبحانه على العبد.

*******

وجه المطيع

تجد وجه المطيع لله قد كُسي من الجمال والحسن والملاحة ما لم يُكسه وجهُ العاصي.

إن كان جميل الوجه ازداد جمالاً إلى جماله الخلقي، وأُلقيت عليه من المحبة والجلالة والحلاوة.

إن حُرِمَ جمال الوجه أُلبس من جمال الطاعة ونورها وحلاوتها أحسن مما فاته من الجمال الظاهر وكلما كبر وطعن في السن ازداد حسناً وحلاوة وملاحة.

*******

العبد إذا غفل عن ذكر الله جثم على قلبه الشيطان وبذر فيه الوساوس التي هي أصل الذنوب

إذا ذكر العبد ربه واستعاذ به انخنس وانقبض كما ينخس الشيءُ يتوارى.

ذكر الله تعالى يقمعُ الشيطان ويؤلمه ويؤذيه كالسياط والمقامع التي تؤذي من يضربُ بها.

*******

شر الشيطان في ستة أجناس:

الأول: الكفر والشرك ومعاداة الله ورسوله.

الثاني: البدعة وهي أحبُّ إليه من والمعاصي لأن ضررها في نفس الدين وهو ضرر متعدٍّ

الثالث: الكبائر على اختلاف أنواعها…

الرابع: وهي الصغائر التي إذا اجتمعت فربما أهلكت صاحبها.

الخامس: إشغاله بالمُباحات التي لا ثواب فيها ولا عقاب.

السادس: أن يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه ليفوته ثواب العمل الفاضل.

إذا أعجزه العبد من هذه المراتب سلَّط عليه حزبه من الإنس والجن بأنواع من الأذى.

*******

حروز يستدفع بها شر الشيطان:

يعتصم العبدُ من الشيطان ويستدفعُ شره ويحترز منه بأسباب:

أحدها: الاستعاذة بالله من الشيطان

الثاني: قراءة سورتي [الفلق، والناس] فإن لهما تأثيراً عجيباً في الاستعاذة بالله من شره

الحرز الثالث: قراءة آية الكرسي.

الحرز الرابع: قراءة سورة البقرة.

الحرز الخامس: خاتمة سورة البقرة.

السادس لا إله إلا الله وحده لا شريك له… له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة

الحرز السابع: وهو من أنفع الحروز من الشيطان، وهو كثرة ذكر الله عز وجل.

الثامن الوضوء والصلاة…من أعظم ما يتحرز به منه، ولا سيما عند ثوران قوة الغضب والشهوة

الحرز التاسع: إمساك فضول النظر، والكلام، والطعام، ومخالطة الناس.

*******

ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة

من الناس من مخالطته كالغذاء لا يُستغنى عنه وهم العلماء بالله وأمره ومكايد عدوه.

من الناس من مخالطته كالدواء يُحتاجُ إليه عند المرض فما دمت صحيحاً فلا حاجة لك في خلطته

من الناس من مخالطته كالداء، وهو من لا تربح عليه في دين ولا دنيا.

من الناس من مخالطته الهلاك كله ومخالطته بمنزلة أكل السُّم وما أكثر هذا الضرب في الناس.

*******

احذر عداوة من ينام وطرفه باكٍ يقلّب وجهه نحو السماء …يرمى سهاماً ما لها سوى الأحشاء منك.

********

المحسنُ المُتصدِّقُ في خفارة إحسانه وصدقته، عليه من الله جُنَّة واقية وحصن حصين، المحسن المُتصدِّق يستخدمُ جنداً وعسكراً يقاتلون عنه وهو نائم على فراشه، ومن لم يكن له جند ولا عسكر وله عدو فإنه يوشكُ أن يظفر به عدُوُّهُ، وإن تأخرت مُدَّة الظَّفر.

*******

ما حفظت نعمة الله بشيء قط مثل طاعته، ولا حصلت الزيادة بمثل شكره.

*******

العلم والعمل توأمان أمُّهما علو الهمة.

الجهل والبطالة توأمان أمهما إيثار الكسل.

*******

لو كشفت لك الدنيا ما تحت نقابها لرأيت المعشوقة عجوزاً، وما ترضى إلا بقتل عشاقها.

*******

أضرُّ شيءٍ على القلب إرسال البصر، فإنه يُريه ما يشتدُّ طلبُه، ولا صبر له عنه.

النظرة تفعلُ في القلب ما يفعلُ السهم في الرميّة، فإن لم تقتله جرحته،

النظرة بمنزلة الشَّرارة من النار تُرمى في الحشيش اليابس فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه.

الناظر يرمي من نظره بسهام غرضها قلبه وهو لا يشعر، فهو إنما يرمي قلبه.

إذا غضَّ العبدُ بصره غضَّ القلبُ شهوته وإذا أطلق بصره أطلق القلبُ شهوته.

*******

فوائد غضّ البصر:

أحدُها: تخليص القلب من ألم الحسرة، فإن من أطلق نظره دامت حسرته.

الفائدة الثانية: أنه يورث القلب نوراً، وإشراقاً في العين، وفي الوجه والجوارح.

الفائدة الثالثة: أنَّه يُورث صحة الفراسة.

الفائدة الرابعة: أن يفتح له طرق العلم ويسهل عليه أسبابه وذلك بسبب نور القلب.

الفائدة الخامسة: أنَّه يُورث قُوَّة القلب، وثباته، وشجاعته.

الفائدة السادسة: أنه يُورث القلب سروراً، وفرحةً، وانشراحاً.

الفائدة السابعة: أنه يخُلِّصُ القلبَ من أسر الشَّهوة فإن الأسير هو أسيرُ شهوته وهواه

الفائدة الثامنة: أنَّه يسدُّ عنه باباً من أبواب جهنم فالنظر بابُ الشهوة الحاملة على مواقعة الفعل

الفائدة التاسعة: أنه يقوِّي عقله، ويزيده، ويثبته.

الفائدة العاشرة: أنه يخُلِّص القلب من سُكر الشّهوة، ورقدة الغفلة.

*******

اللذات:

أقسام اللذات ثلاثة: لذة جثمانية، ولذة خيالية وهمية، ولذة عقلية روحانية.

اللذة الجثمانيةُ: لذة الأكل، والشُّرب، والجماع. هذه اللذة يشترك فيها مع الإنسان الحيوانُ البهيمُ.

ليس كمالُ الإنسان بهذه اللذة، لمشاركة أنقص الحيوانات له فيها.

هذه اللذة لو كانت كمالاً لكان أفضل الإنسان أكثرهم أكلاً وشرباً وجماعاً.

اللذة الوهميَّةُ الخيالية: فهي لَّذة الرئاسة، والتعاظم على الخلق، والفخر، والاستطالة عليهم.

هذه آلامها وما توجبه من المفاسد والمضار أعظم من التذاذ النفس بها.

صاحبها منتصب لمعاداة كلِّ من تعاظم وترأس عليه.

اللذة العقلية الروحانية: فهي كلذة المعرفة والعلم والاتصاف بصفات الكمال، من: الكرم والجود والعفة.

الالتذاذ بذلك من أعظم اللذات وهو لذة النفس الفاضلة العلوية الشريفة،

ليس للقلب والرُّوح ألذ ولا أطيبً ولا أحلى ولا أنعم من محبة الله والإقبال عليه

إن مثقال ذرة من هذه اللذة لا يُعدل بأمثال الجبال من لذات الدنيا.

*********

   الله جل جلاله: له جمال الذات، وجمال الأوصاف، وجمال الأفعال، وجمال الأسماء.

سبحانه الجميل الذي لا أجمل منه ومن أحق بالجمال ممن كل جمالٍ في الوجود فهو من آثار صنعته

لا يستطيع بشر النظر إلى جلاله وجماله في هذه الدار.

إذا رأوه سبحانه في جنات عدن أنستهُم رؤيته ما هم فيه من النعيم، فلا يلتفتون إلى شيءٍ غيره،

لولا حجاب النور على وجهه لأحرقت سُبُحاتُ وجهه تبارك وتعالى ما انتهى إليه بصرُه من خلقه.

*******

من عرف الله، صفا له العيش، وطابت له الحياة، وهابه كلُّ شيءٍ،

من عرف الله ذهب عنه خوف المخلوقين، وأنِسَ بالله، واستوحش من الناس.

*******

ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته ولم يجعل الله معصيته سبباً إلى خير قط.

*******

من توكل على الله كفاه ما أهمه، وحفظه من شر الناس وعصمه.

إن توكلتم على الله، واتبعتم أمره، ووافقتم رسوله، نصركم الله على أعدائكم.

*******

الله تبارك وتعالى يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها، مهما كانت…وإن كثرت

لا يقنطن عبد من رحمة الله وإن عظمت ذنوبه وكثرت فإن باب الرحمة والتوبة واسع.

*******

كلّ من كان تقياً كان لله ولياً.

أولياؤه لا خوف عليهم فيما يستقبلونه من أهوال الآخرة ولا هم يحزنون على ما وراءهم في الدنيا.

*******

مَا أنْعَمَ اللهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَفْضَلَ مِنْ أنْ عَرَّفَه لاَ إلهَ إِلا الله، وفهَّمَهُ معناها، ووفقه للعمَلِ بِمُقْتَضَاهَا، والدَّعْوَةِ إليْهَا.

اصِرِفْ هُمُومَكَ لِلقُرآنِ تَفْهَمَهُ ** واعْملَ بِهِ كيْ تَنَالَ الأجْرَ والشَّرَفَا

***************

الذكرُ أصْدَقُ قَوْلٍ فافْهَم الخَبَرَا ** لأنهُ قَوْلُ مَنْ قَدْ أنْشأ البَشَــــــــــرَا

فاعْمَلْ بِهِ إنْ تُرِدْ فهْماً ومَعْرِفَةً ** يَا ذَا النُّهَى كيْ تَنَال العِزَّ والفَخَرَا

وتحْمد الله في يوْمِ المَعَادَ إذَا ** جَاءَ الحِسَابُ وعَمَّ الخَوفُ وانْتَشَـــرَا

لله دَرُّ رَجالٍ عَامِليْنَ بِهِ ** فِيمَا يَدِقُ وَمَا قَدْ جَلَّ واشْتَهَـــــــــــــــــرَا

***************

جَمِيْعُ الكُتْبِ يُدْرِك مَنْ قَراهَا ** مِلالٌ أو فتُورٌ أوْ سَآمَــــــــــــــه

سِوى القُرْآن فافْهَمْ وَاسْتمِعْ لي ** وقَوْلِ المُصْطَفَى يا ذَا الشَّهَامَه

****************

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

هِيَ الكُنُوزُ التِّي تنْمُو ذَخَائِرهَا ** ولا يُخَافِ عَلَيها حَادث الغِيرَ

الناسُ إثْنَانِ ذُوْ عِلْمٍ ومُسْتَمِعٌ ** وَاعٍ وغيرُهُما كَاللَّغْوِ والهَــــذَر

***************

اللَّيلُ والنهارُ يَعْمَلان فِيْكَ فاعْمَلْ فيهما أَعمَالاً صَالحِةً تَرْبَح وتحمَد العَاقِبةَ الحَمِيْدة إن شاء الله تعالى.

وَلَيْلُكَ شَطْرُ عُمْرِكَ فَاغْتَنِمْهُ ** ولا تَذْهَبْ بِشطْر العُمْرِ نَوْمَاً

***************

الملائكةُ يَكْتُبَانِ مَا تَلفَّظَ به فاحْرَصْ عَلَى أنْ لا تَنْطِقَ إِلاَّ بِمَا يَسُرُّكَ يَوم القِيَامَةْ أَشرَف الأشيَاء قَلبُكَ وَوَقْتُكَ، فَإِذَا أَهْمَلْتَ قَلْبَكَ وَضَيَّعْتَ وَقْتَكَ، فَمَاذَا يبقى مَعَكَ، كُلُّ الفَوَائِدِ ذَهَبَتْ.

أمَّا بُيُوْتُكَ فِي الدُنْيَا فَوَاسِعَةٌ ** فَلَيْتَ قَبْرَكَ بَعْدَ الَمْوتِ يَتَّسِعُ

***************

اعلم أنَّ قِصَرِ الأمَل عليه مَدَارٌ عظيم، وحِصَنُ الأمَل ذِكْرُ الموتِ، وحِصَنُ حِصْنه ذكر فجأة الموتِ وأخْذُ الإنسان على غِرَّةٍ وغَفِلةٍ، وهو في غِررٍ وفُتُورٍ عن العمل لْلآخِرَةِ. نَسْأَلُ الله أنْ يُوقِظ قُلُوبَنَا إِنَهُ على كل شيء قدير. اللهُم صلي علي محمد وآله وسلم.

إذا كان رأسُ المال ِعُمْرُكَ فَاحْتِرزْ ** عَليه من الإِنْفَاقِ في غيرِ وَاجِب

****************

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: ماجد دودين الله تعالى الله م

إقرأ أيضاً:

خطبة العيد.. رسائل رحمة وسلام ومضامين ترسخ القيم

تُعد خطبة العيد محطة إيمانية واجتماعية تتجلى فيها أسمى قيم الإسلام ومقاصده، إذ يجتمع المسلمون على المحبة والتراحم، ويتبادلون التهاني في أجواء من الفرح والتقوى، وفي هذا السياق، قدّم عدد من الأئمة والخطباء والأكاديميين قراءات متعددة لمضامين خطبة العيد، مؤكدين على أهميتها كمنبر دعوي جامع، داعين إلى تجديد خطابها بما يلامس واقع الناس ويُسهم في بناء وعي ديني مستنير.

مضامين

يرى عامر بن ناصر الصباري، إمام مسجد، أن الخطبة تتجلى فيها روح الشريعة الإسلامية وأخلاقها السمحاء، إذ يعيش المسلمون هذه الأيام مناسبة مباركة فيها لحظات عظيمة مليئة بالفرح والسرور والتزاور وتبادل التهاني، وتوثيق أواصر الرحم، وذبح الأضاحي، وإفشاء المحبة بين الآباء والأبناء، وبين الأسر والمجتمعات، وهو ما يعكس البُعد الاجتماعي والتربوي والروحي لهذه الشعيرة المباركة.

وأوضح أن الخطيب يستفتح الخطبة بالحمد والثناء على الله تعالى، والتذكير بفضله على عباده، والدعوة إلى شكر النعم، وهو مدخل مهم يهيّئ القلوب لتلقّي الموعظة والتوجيه، ويُرسّخ في النفوس أن نعم الله لا تُعدّ ولا تُحصى، وأن الشكر عليها سبب لدوامها وزيادتها.

ويبيّن عامر الصباري أن من أبرز مضامين خطبة عيد الأضحى المبارك التذكير بقصة نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، حيث يسلّط الخطيب الضوء على مشهد الطاعة المطلقة، والصبر العظيم، والتفويض الكامل لأمر الله، وهي قصة تتضمن دروسًا عميقة في الإيمان والثقة بالله، وتُعدّ نموذجًا للتحلي بأخلاق الأنبياء والتمسك بالتقوى والثبات في مواجهة الابتلاءات، كما تعكس هذه القصة عمق المعاني التي يحملها العيد في جوهره.

وأضاف أن الخطيب يختم الخطبة ببيان أحكام الأضاحي ومقاصدها، موضحًا أن الأضحية ليست مجرد ذبح ولحم، وإنما هي عبادة يتقرب بها المسلم إلى الله، وتوسعة على الأهل، وتصدق على الفقراء والمحتاجين، وتعزيز لروح التكافل الاجتماعي، وتنمية لمعاني التقوى التي تُعدّ أساسًا للأخلاق الحميدة، ووقاية من الوقوع في المعاصي والخطايا، مشيرا إلى أن خطبة العيد تذكّر الناس بأن قيم الإسلام لا تقتصر على المظاهر، بل تتجلى في الأعمال والنيات، وأن من أعظم غايات العيد تعزيز معاني الرحمة، وغرس قيم التعاون والمحبّة بين أفراد المجتمع، بما يجعل هذه المناسبة المباركة محطة سنوية متجددة لتجديد الصلة بالله، وبناء جسور التواصل والمودة بين الناس.

الرحمة والتكافل

بدوره، يقول الدكتور عبدالله بن مبارك العبري، أكاديمي سابق بجامعة السلطان قابوس -كلية الحقوق-: إن عيد الأضحى المبارك مناسبة دينية تتجسد فيها أسمى قيم الرحمة والتكافل، وتتجاوز فيها معاني الفرح المادي إلى رحاب الإحسان الإنساني. ويشير إلى أن هذه الأيام المباركة تُربّي في المسلم روح العطاء والبذل، من خلال شعيرة الأضحية التي لا تقف عند حدود الذبح، بل تمتد لتصل إلى قلوب الفقراء والمحتاجين، وتُرسّخ مبدأ المشاركة والتراحم.

ويبيّن أن عيد الأضحى يُعلّم المجتمع أن الفرح لا يكتمل إلا بتقاسم الخير، وأن الغني لا يحق له أن ينفرد بنعمة الوفرة دون أن يشرك فيها غيره من المحتاجين، وهو ما يعكس جوهر التكافل الذي تنشده الشريعة الإسلامية. كما يشير إلى أن مظاهر الرحمة في هذا العيد تشمل اليتامى والأرامل، بل وتصل إلى الحيوان، حيث أُمر المسلم بالإحسان في ذبح الأضحية والرفق بها.

ويضيف الدكتور العبري أن ما يميز عيد الأضحى عن سواه من المناسبات هو حضوره القوي كرسالة أخلاقية واجتماعية، تدعو إلى الرحمة بالناس، ومواساة المحتاج، وإحياء قيم التراحم والتواصل، مما يجعل منه منبرًا عمليًا لتجسيد مبادئ الإسلام في التكافل، لا بالشعارات، بل بالفعل والسلوك، في محيط الأسرة والمجتمع على حد سواء.

الخطاب الديني

من جانبه، قال عبدالله بن حمد الهاشمي، إمام جامع عرفة بحي التراث في ولاية نزوى: إن خطبة العيد كغيرها من الخطب المنبرية تُعد فرصة حيوية لتجديد الخطاب الديني بما يلامس واقع المجتمع ويعالج قضاياه المتجددة، دون أن يُخلّ ذلك بالثوابت الشرعية أو يُفقد الرسالة روحها الأصيلة. ويشير إلى أن من أبرز التحديات في هذا الجانب هو إيصال رسالة العيد إلى فئات المجتمع المتنوعة، خصوصًا فئة الشباب، التي أصبحت أكثر تأثرًا بالانفتاح الإعلامي والتغيرات الثقافية المتسارعة.

وأضاف الهاشمي أن التعامل مع هذا التحدي يبدأ من الوعي بمتغيرات العصر، ثم بتحضير مضمون الخطبة بعناية ليكون قريبًا من قلوب الناس، ويخاطب واقعهم بتوازن بين المقاصد الشرعية واللغة القريبة من وجدانهم. فالشباب اليوم لا يتفاعلون مع الطرح التقليدي الجاف، بل مع الخطاب الذي يلامس تطلعاتهم ويخاطب تجاربهم اليومية، ويقدّم الدين على أنه رفيق لهم في طموحاتهم وتحدياتهم.

وأشار إلى أن التجديد لا يكون فقط في اختيار الموضوعات، بل كذلك في الأساليب والوسائل. فالمشهد الحي والصورة، واللغة الإبداعية، والقصص الواقعية، والأمثلة المعاصرة، كلها عناصر تعزز من تأثير الخطبة وقربها من المتلقين. كما أن الوصف البصري المعبر، حتى دون صورة ملموسة، يترك أثرًا أعمق في النفوس، خاصة حين يُدمج بعنصر السؤال والتأمل، ليصبح المستمع شريكًا في الفكرة لا مجرد متلقٍ سلبي.

وفيما يتعلق بالتوازن بين الثبات في المضمون والتجديد في الطرح، وضح الهاشمي أن هذا التوازن يمثل مبدأ أساسيًّا في الخطاب الدعوي، حيث يبقى المحتوى منضبطًا بالأصول الشرعية، بينما يُطوّر الأسلوب بحسب حاجات المتلقين وواقعهم. ويستشهد في ذلك بنهج النبي ﷺ الذي خاطب كل قوم بلغتهم وعلى قدر فهمهم.

واختتم الهاشمي حديثه بقوله: إن خطب العيد ينبغي أن تحمل رسائل أمل ورحمة، تُقدَّم بأسلوب يفتح النوافذ ويُشعر الناس بأن الدين قريب من واقعهم. فالأضحية مثلا ليست مجرد ذبح، بل هي رمز للتضحية والعطاء، وربطها بهدي النبي إبراهيم عليه السلام وفرصة لإعادة ربط المفاهيم الدينية بسياق الحياة اليومية، بما يجعل الخطبة حديثًا حيًّا نابضًا بروح التجديد.

وفي السياق ذاته، يُوضح أحمد بن سعيد اليعقوبي، إمام وخطيب، أن تجديد الخطاب الديني ضرورة حتمية في ظل ما يشهده الواقع المعاصر من تحولات معرفية وتكنولوجية، وتغير في اهتمامات الأجيال وطرق تفكيرهم. ويرى أن هذه المتغيرات لا تتعارض مع ثوابت الخطاب الشرعي، بل تدعو إلى إعادة صياغته بأسلوب معاصر قادر على الإقناع والتأثير.

ويشير إلى أن بعض مظاهر العيد باتت تُفهم من قبل فئة من الشباب على أنها مجرد عادات اجتماعية، وهو ما يتطلب خطابًا دينيًا يُعيد إبراز المعاني الأصيلة لهذه الشعائر، ويصل بها إلى عقول وقلوب الناس بلغة مناسبة تجمع بين عمق المضمون وجاذبية الطرح، دون الانجراف نحو التقليد الثقافي غير المنضبط.

كما ينبه إلى أثر الانفتاح الواسع على العالم الرقمي، وتصدر شخصيات غير سوية للمشهد، مع غياب القدوات المؤثرة، وهو ما جعل الحاجة ملحة لخطاب يُعزز البناء الفكري والأخلاقي، ويُرسخ الموازين الشرعية في نفوس النشء.

ويرى اليعقوبي أن الخطاب الذي يكتفي بالمجاملات أو يهمّش النصوص الشرعية لحساب التوجهات السائدة، لن يحقق أثرًا مستدامًا، بل قد يُفاقم التحديات لاحقًا إذا لم يكن مبنيًا على وعي واستبصار.

ويؤكد أحمد بن سعيد اليعقوبي في ختام حديثه أن قوة الخطاب لا تكمن في الإطالة، بل في بلاغته، وعمق فكرته، وقدرته على استيعاب الواقع وتوجيهه، ضمن ثوابت واضحة وأساليب متجددة، تُسهم في صناعة وعي راسخ يحصّن الأجيال ويُبقي للدين أثرًا حيًّا في الحياة العامة.

البعد الإنساني

من جهته، قال سعيد بن هلال الشرياني إمام وخطيب: إن خطبة العيد تجسّد البعد الإنساني وترسّخ القيم الأخلاقية في زمن تتزايد فيه التحديات. وأكد أن هذه الخطبة تُعد من أبرز قنوات الخطاب الجماهيري وأكثرها تأثيرًا، لما تحمله من رمزية دينية واجتماعية في مناسبة تجمع المسلمين على المحبة والتآلف، مشيرًا إلى أن المنبر في صلاة العيد ليس مجرد أداء شكلي، بل وسيلة فعّالة لغرس المبادئ وترسيخ السلوك القويم.

وأضاف أن خطبة العيد تحمل في جوهرها رسالة أخلاقية ترتبط بمقاصد الإسلام الكبرى، إذ تركز على الرحمة، والتسامح، والإحسان، وقيم التراحم بين الناس، وتُعيد التأكيد على الأخلاق التي دعا إليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وجعلها أساس دعوته، مبينًا أن هذه الرسائل الأخلاقية يجب أن تظل حاضرة بقوة في الخطاب الديني المعاصر، خصوصًا في ظل ما يشهده العالم من طوفان ثقافي ومعلوماتي يعبث بالمفاهيم ويؤثر في سلوك الأجيال.

وأشار الشرياني إلى أن المنبر يمكن أن يكون أداة فاعلة في رأب الصدع ولمّ الشمل وتقريب وجهات النظر بين أبناء الأمة الواحدة، إذا ما أُحسن توظيفه وتفعيل رسالته في زمن تتزايد فيه الانقسامات وتُستغل فيه الخلافات من أطراف خارجية، مؤكدًا أن خطابًا جامعًا يُبنى على الأخلاق والقيم النبيلة كفيل بأن يعيد للمنبر أثره الحقيقي في التوجيه والإصلاح.

واختتم سعيد بن هلال الشرياني حديثه بالقول: إن الإسلام دين رحمة وسلام، وخطبة العيد هي فرصة سنوية لتأكيد هذا المعنى، وعلى الخطباء أن يحملوا هذه الرسالة بأمانة، ويُقدّموها بلغة معاصرة واضحة تُلامس قلوب الناس، وتدفعهم نحو سلوك عملي يعمر به المجتمع وتطمئن به القلوب.

غرس مفهوم الأضحية

من جانبه، قال سامي بن خميس المجرفي، إمام وخطيب: إن توظيف خطبة العيد في غرس مفهوم الأضحية كقيمة دينية يُجسد الطاعة والإخلاص، يبدأ من التركيز على البعد التربوي والعاطفي في قصة نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، واستحضار مشهد الامتثال لأمر الله، وما يحمله من معاني الإيمان والتسليم. وأشار إلى أهمية تبسيط هذا المضمون في الخطبة بلغة قصصية موجهة للأطفال، لتقريب مفهوم الأضحية وربطها بقيم التسليم والتضحية والإخلاص.

وأوضح المجرفي أن دور أولياء الأمور لا يقل أهمية عن المنبر، حيث ينبغي أن يُحوّل الحديث عن الأضحية إلى حوار تربوي يناسب الفئات العمرية المختلفة، عبر استخدام الوسائط التعليمية كالرسم والقصص التفاعلية، بالإضافة إلى إشراك الأطفال في جوانب بسيطة من التحضير للأضحية، كالتغليف والتوزيع، لترسيخ مفهوم القرب من الله عبر العطاء.

وأضاف أن المنبر يُعد وسيلة قوية في غرس قيمة الإيثار، خاصة عند استعراض القصص القرآنية والنبوية التي تتناول مشاهد الطاعة والتضحية، كقصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم في عطائه واهتمامه بالفقراء، وكذلك مواقف الصحابة والتابعين في إيثار الغير.

ونوّه إلى أن إشراك الأطفال عمليًا في شعيرة الأضحية يُسهم في تعزيز الشعور بالهُوية الدينية، وينقل القيم من المفهوم إلى التطبيق، فينشأ الطفل مدركًا لمعنى العبادة كمسؤولية ومشاركة لا تقتصر على الكبار.

وأشار المجرفي إلى أن الاستجابة من أولياء الأمور متفاوتة، ما بين وعي تربوي عميق واقتصار على المظاهر الاحتفالية، مؤكدًا على أهمية تنظيم فعاليات توعوية تربوية قبل العيد في المساجد والمدارس، وتفعيل الوسائل الرقمية الموجّهة، وتشجيع الأئمة على تخصيص جزء من خطبهم لفئة الأطفال والناشئة لتأصيل القيم الإيمانية في هذه المناسبات الدينية.

مقالات مشابهة

  • أعظم الناس في الحج أجرا .. خطيب عيد الأضحى بالمسجد الحرام: أهل هذه العبادة
  • عم عطية، وعم عبدالرحيم
  • إطلالات رائعة على الشاشة.. جاسمين طه وحسام الدين حسين ودينا زهرة ضيوف منى الشاذلي
  • دعاء مؤثر للدكتور علي جمعة+* في يوم عرفة على شاشة قناة الناس
  • خطبة العيد.. رسائل رحمة وسلام ومضامين ترسخ القيم
  • بقلم دد. نجلاء شمس تكتب : الأَضحى.. نُسُكٌ واختبارٌ
  • جبل عرفات.. ما هي قصته و هل يجب على الحجاج الوقوف عليه
  • وفاة شخص وإصابة آخرين نتيجة حريق بمكتب سيارات في حي بستان الديوان بحمص
  • هل يصح حج من أكل أموال الناس بالباطل ؟
  • حميدتي العاتي ،،، واقع من شجرة