جواز قضاء أذكار المساء بعد المغرب؟
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
جواز قضاء أذكار المساء بعد المغرب، قد ينشغل البعض ويتأخر عن أذكار المساء فيما بعد صلاة المغرب، فما جواز ذلك وماهو الوقت المحدد لأذكار المساء.
الوقت الشرعي لقراءة أذكار المساء
وقت أذكار الصباح يبدأ من ثلث الليل أو نصفه إلى الزوال، وأفضله بعد صلاة الصبح إلى طلوعِ الشمس، ووقتُ أذكار المساء يبدأ مِن زوال الشَّمس إلى الصّباح، وأفضله مِن بعد صلاة العصر حتّى غروب الشمس، وتجوز قراءةُ أذكار الصباح بعد طلوع الشمس، وكذلك أذكار المساء بعد غروبها، ويكون للقارئ الأجر والثواب كامِلًا.
فضل ذكر الله عز وجل
مِن المقرَّر شرعًا أنَّ ذكر الله تعالى مِن أفضل الأعمالِ؛ لأن سائر العبادات وسائل يتقرب بها العبد إلى الله عزَّ وجلَّ، بخلاف الذكر الذي هو المقصود الأسنى.
ورد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَّكُمْ مِن إِنفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَّكُمْ مِنْ أَن تَلْقَوا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْناقَكُمْ»؟ قالوا: بلى، قال: «ذِكْرُ اللهِ تعالى.
فضل المحافظة على أذكار الصباح والمساء والحث عليهاقد حثَّ الشرع الشريف على الإكثار على الوَجهِ الذي يعُم كلَّ الأوقاتِ وأنواعِ الذكر؛ فقال سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 41].
ومِن الوظائف الشرعيَّة المطلوبة: أذكارُ طرفي النهار؛ لقوله تعالى عقبَ الأمر بذكرِهِ على جهةِ العموم: ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: 42].
وحضَّ عليها الشارع في مواضع أخر من كتابه الحكيم؛ فقال تعالى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ [ق: 39]، وقال تعالى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [طه: 130]، ونحو ذلك من الآيات التي تدل على الأمر بأذكار الصباح والمساء مع تنوع المترادفات الدالة عليها؛ للدلالة على عظمها، إذ كثرة المسميات تدل على شرف وعِظَمِ المسمَّى.
وقت أذكار الصباح والمساءليس المرادُ كونَ نصف الليلِ هو وقتُ الصباحِ حقيقةً، ولكنْ ما قد اطَّردَت العادةُ على كونه أوَّلَ النهار، وهو طلوعُ الفجر؛ ويؤيّد ذلك: ما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِي ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ»، ثم قال: وكان رجلًا أعمى، لا يُنادِي حتى يُقال له: أصبَحْتَ أصبحْتَ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النبي صلى الله عليه الوقت المحدد حث الشرع الشريف أذكار المساء أذكار الصباح الصباح والمساء الإفراط في استعمال قراءة أذكار المساء أذکار المساء أذکار الصباح
إقرأ أيضاً:
نور على نور
#نور_على_نور
د. #هاشم_غرايبه
من آخر ما كتبه “ستيف جوبز” مالك شركة آبل قبل موته عن عمر 56 عاما تاركا خلفه 7 مليارات: “تستطيع بمالك أن تستأجر من يقود لك سيارتك أويخدمك، لكنك لن تجد شخصا يحمل عنك مرضك وألمك، وتستطيع أن تشتري أشياء كثيرة بالمال، لكن لا يمكنك شراء الحياة أوالسعادة الداخلية.”
رغم أن كل ذلك من البديهيات التي لا يمكن لأحد أن ينكرها، إلا أن أغلب الناس لا يصدقونها، ويعتبرون أن المال هو كل شيء في هذه الحياة، وأن وجوده يسد كل نقص، والسعادة تتحقق بمقدار وفرته، ومثلهم المفضل هو: الدراهم مراهم.
الحقيقة هي ما قاله تعالى في وصف المال بأنه زينة الحياة الدنيا، لكن قوام حياة الإنسان هو الرزق.
ومفهوم الرزق أشمل كثيرا لاحتياجات معيشة الانسان، فهو يشمل زيادة على المال، الصحة، والسعادة والاطمئنان النفسي، والمواهب، والقدرات، والذكر الحسن، ويتوسع ليشمل الزوجة الصالحة والأولاد.. لكن كل ما سبق في كفة، والإيمان في كفة الأخرى، فمن فقد الإيمان فكل ما يناله في حياته الدنيا متاع زائل، لن ينفعه في حياته الأخرى، وسيتركه عند موته، وإن لم يوظف البنود التسعة الأولى في تحويل رصيده من أرزاقه، الى العملة الوحيدة المقبولة في حياته الثانية، وهي الحسنات، فهو مفلس مهما بلغ ماله وممتلكاته.
لذلك عندما يندب الانسان حظه في الدنيا لفقرة وقلة ماله، فإنه في حقيقة الأمر افتقد واحدا من عشرة عناصر تمثل الرزق.
لقد تكفل الخالق بتأمين أرزاق كل مخلوقاته، وأولها الإنسان، ويرى العاقل كل ذلك ماثلا أمامه، ابتداء من الحشرات الصغيرة الى أكبر الحيوانات، فلا تجد مخلوقا بات جائعا، ولا عصفورا يسأل غيره أن يجود عليه بفائض من طعامه، بل يغدو الجميع الى طلب رزقهم منذ الفجر، ويروحوا مساء فيناموا عند الغروب شبعانين.
لقد أودع الله تعالى في الأرض جميع العناصر اللازمة لحياة الكائنات الحية، لكنه خص الرزق بأنه في يده وبتقديره: “وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ” [الذاريات:22]، مما يعني أن تقدير هذه الأرزاق وتوزيعها خاضعة لتقدير العليم الخبير، رغم أن موادها ومكوناتها منبثة في الأرض.
ويريد الله أن يطمئن البشر الى أنه أرزاقهم مضمونة لأنها ليست في يد أحد غيره، وهو لا يمكن أن ينسى أحدا من فضله، فيقول في الآية التي تليها: “فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ”، مقسما بذاته العلية، وبصيغة لم ترد بهذه القوة في آية غيرها، وذلك لكي لا يبقى شك في هذا الأمر.
لكن هذه الأرزاق ورغم أنها مقدرة لكل مخلوق بحساب، لا تزيد ولا تنقص، فلن ترسل إليه وهو قاعد، بل هي متاحة فقط لمن يسألها، أي يسعي لتحصيلها، ويجدّ في طلبها: “وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَٰتَهَا فِىٓ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍۢ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ” [فصلت:10].
ويؤكد الخالق مرة أخرى على ذلك بقوله تعالى: “هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ” [الملك:15]، ونلاحظ أنه تعالى لم يقل (وكلوا من رزقها) بل (من رزقه) ليؤكد مرة أخرى أن الرزق من عنده أي بتقديره ووفق ما أراده وليس بحسب توفره المادي.
يحكى أن النبي سليمان عليه السلام، أراد أن يعلم الناس دلالة تكفل الله بأرزاق مخلوقاته، فسأل عن حاجة النملة الواحدة للغذاء سنويا، فقيل له عشرة حبات من القمح، فحبس نملة ومعها عشرة حبات، ولما فتح عنها بعد سنة وجدها لم تستهلك سوى ثمانية، فسألها لماذا أبقيت اثنتين، فقالت عندما كنت طليقة كنت مطمئنة الى ان الله لا ينسى من رزقه أحدا، لكن لما حبستني قطعت عني رزق الله، وخفت ان تنساني فادخرت حبتين لعلهما تقيتانني زمنا.
لا شك أن المرء عندما يستعرض ما مر به في حياته، من حالات ضيق مادي أحيانا وانفراج أحيانا، يجد أن التعاسة التي ذاقها ساعات الشدة امّحت سريعا، قد لا يتذكر الانعامات الكثيرة في الأبواب الأخرى من الرزق التي ساعدت في محوها، لكن لو كان رصده دقيقا للاحظ أن أبواب الفرج كانت دائما أوسع من وأرحب من ابواب الضيق، وبأضعاف مضاعفة.
وهذا كله من فضل المنعم الكريم، الذي لا ينسى من فضله أحدا حتى الكافرين.