سواليف:
2025-12-14@10:41:23 GMT

بين سنتياغو والغزيين

تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT

بين #سنتياغو و #الغزيين

د. #عبدالله_البركات

احتفل العالم برواية آرنست همنغواي ( الشيخ والبحر ) ونال الكاتب جائزة نوبل على هذه الرواية وحق له أن يحصل عليها. وتلخص مغزى تلك الرواية في اصرار الإنسان على التحدي والفوز ومقاومة الاعداء والظروف القاسية من كبر السن وضعف البدن وقلة الزاد وطول المعانة واقسوة الوحدة ، وهذا كله احتراما لنفسه وصورته الذاتية رغم انه فرد واحد لو استسلم لما عابه احد ولما خذل باستسلامه احد ولما عاتبه احد.

بل ان فوزه لا فائدةً ماديةً منه لا لنفسه ولا لغيره. ففي المحصلة عاد سانتياغو بهيكل سمكة عظيمة بعد ان التهمتها الأقراش وكادت ان تحطم القارب وتقضي على الشيخ. . جاء البحارة في اليوم التالي ليعجبوا بضخامة السمكة وبصائدها .
يمكن تم يقال: يا لسخافة ذلك الصياد ونشافة دماغة وركوبه غلطه بل وقلة عقله اذ يغامر بحياته من اجل صيد سمكة. ويمكن ان يقال. يا لعظمة ذلك الصياد وقوة ارادته واحترامه لنفسه ويا لجلال المثل الذي يضربه للإنسان الذي يأبى الهزيمة ويفصل احتمال الموت بكرامة على الحياة بانكسار او كما قال الشيخ نفسه :ان الانسان يمكن ان يدمر لكنه لا يهزم .
لقد رأى أدباء العالم وفلاسفتها ممثلين بلجنة الجائزة ان حال ذلك الصياد كان كذلك وانه اختار الأليق بالإنسانية وانه هو من يجب أن يحتذى ويحتفل به وان يُدْرس ويُدَرس للاجيال. غم انه شخصية خيالية ولكنها تجدر ان تكون واقعية. وقد احسنوا صنعاً.
ولكن المفارقة هي أن يحصل في العالم ما هو اعظم مما فعل سنتياغو الشيخ فالإبطال حقيقيون لا متخيلون والمطلب اكبر من كل الأسماك والهدف أسمى من كل الأهداف والعدو أشرس من كل الأقراش ومدة الرحلة أضعاف مدة رحلة الشيخ والمعاناة اكبر والمعانون اكثر فهم شعب برجاله ونسائه وأطفاله والغاية اشرف من كل الغايات الفردية فهي كرامة شعب وحقوق أمة وحمل رسالة. مع كل ذلك لا يحتفل العالم بهم وبجهودهم وجهادهم ومعاناتهم وجراحاتهم وجوعهم وعطشهم. بل ان يتهمهم بالارهاب والوحشية والتطرف.
فيا لسقوط الانسانية الذريع ويا لنفاق حكمائه وفلاسفته ويا للمثل الهابط الذي يضربونه للأجيال ويا للمُثل المنحدرة.

مقالات ذات صلة شذرات عجلونية (57) 2024/08/08

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سنتياغو الغزيين عبدالله البركات

إقرأ أيضاً:

أحمد زيور باشا.. الحاكم الذي جمع القوة والعقل والإنسانية

أحمد زيور باشا، هذا الاسم الذي يلمع في صفحات التاريخ المصري، ليس مجرد شخصية سياسية عابرة، بل هو رمز للإصرار والعطاء والتفاني في خدمة وطنه. 

ولد زيور باشا في الإسكندرية عام 1864 في أسرة شركسية تركية الأصل، كانت قد هاجرت من اليونان، لكنه بالرغم من جذوره الأجنبية، حمل قلبه وروحه على مصر، وجعل منها مسرحا لحياته المليئة بالعطاء والمسؤولية. 

منذ نعومة أظافره، أظهر أحمد زيور براعة وحسا عميقا بالواجب؛ فقد التحق بمدرسة العازاريين، ثم واصل دراسته في كلية الجزويت ببيروت، قبل أن يتخرج من كلية الحقوق في فرنسا، حاملا معه العلم والخبرة ليخدم وطنه الغالي.

طفولته لم تكن سهلة، فقد كان صبيا بدينا يواجه العقوبات بحساسية شديدة، وكان العقاب الأصعب بالنسبة له مجرد “العيش الحاف”، لكنه تعلم من هذه التجارب الأولى معنى الصبر والمثابرة، وكان لذلك أثر واضح على شخصيته فيما بعد، إذ شكلت بداياته الصعبة حجر أساس لصقل إرادته القوية وعزيمته التي لا تلين.

عندما عاد إلى مصر بعد دراسته، بدأ أحمد زيور مسيرته في القضاء، ثم تقلد مناصب إدارية هامة حتى وصل إلى منصب محافظ الإسكندرية، وبدأت خطواته السياسية تتصاعد بسرعة. 

لم يكن الرجل مجرد سياسي يحكم، بل كان عقلا مفكرا يقرأ الواقع ويفكر في مصلحة الوطن قبل أي اعتبار شخصي، تولى عدة حقائب وزارية هامة، منها الأوقاف والمعارف العمومية والمواصلات، وكان يتنقل بين الوزارات بخبرة وإخلاص، ما جعله شخصية محورية في إدارة شؤون الدولة، وخصوصا خلال الفترة الحرجة بعد الثورة المصرية عام 1919.

لكن ما يميز أحمد زيور باشا ليس فقط المناصب التي شغلها، بل شخصيته الإنسانية التي امتزجت بالحكمة والكرم وحب الدعابة، إلى جانب ثقافته الواسعة التي جعلته يجيد العربية والتركية والفرنسية، ويفهم الإنجليزية والإيطالية. 

كان الرجل يفتح صدره للآخرين، ويمتلك القدرة على إدارة الصراعات السياسية بحنكة وهدوء، وهو ما جعله محل احترام الجميع، سواء من زملائه السياسيين أو من عامة الشعب.

عين رئيسا لمجلس الشيوخ المصري، ثم شكل وزارته الأولى في نوفمبر 1924، حيث جمع بين منصب رئاسة الوزراء ووزارتي الداخلية والخارجية، مؤكدا قدرته على إدارة الأمور بيد حازمة وعقل متفتح. 

واستمر في خدمة وطنه من خلال تشكيل وزارته الثانية، حتى يونيو 1926، حريصا على استقرار الدولة وإدارة شؤونها بحنكة، بعيدا عن أي مصالح شخصية أو ضغوط خارجية.

زيور باشا لم يكن مجرد سياسي تقليدي، بل كان رمزا للفكر المصري العصري الذي يحترم القانون ويؤمن بالعلم والثقافة، ويجمع بين الوطنية العميقة والتواضع الجم. 

محبا لوالديه، كريم النفس، لطيف الخلق، جسوره ضخم وقلوبه أوسع، كان يمزج بين السلطة والرقة، بين الحزم والمرونة، وبين العمل الجاد وروح الدعابة. 

هذا المزيج الفريد جعله نموذجا للقيادة الرشيدة في وقت كان فيه الوطن بحاجة لمثل هذه الشخصيات التي تجمع بين القوة والإنسانية في آن واحد.

توفي أحمد زيور باشا في مسقط رأسه بالإسكندرية عام 1945، لكنه ترك إرثا خالدا من الخدمة الوطنية والقيادة الحكيمة، وأصبح اسمه محفورا في وجدان المصريين، ليس فقط كوزير أو رئيس وزراء، بل كرجل حمل قلبه على وطنه، وبذل كل ما في وسعه ليبني مصر الحديثة ويؤسس لمستقبل أفضل. 

إن تاريخ زيور باشا يعلمنا درسا خالدا، أن القيادة الحقيقية ليست في المناصب ولا في السلطة، بل في حب الوطن، والعمل الدؤوب، والوفاء للعهود التي قطعناها على أنفسنا تجاه بلدنا وشعبنا.

أحمد زيور باشا كان نموذجا مصريا أصيلا، يحكي عن قدرة الإنسان على التميز رغم الصعاب، ويذكرنا جميعا بأن مصر تحتاج دائما لأمثاله، رجالا يحملون العلم والقلب معا، ويعملون بلا كلل من أجل رفعة وطنهم وشموخه. 

ومن يقرأ سيرته، يدرك أن الوطنية ليست شعارات ترفع، بل أفعال تصنع التاريخ، وأن من يحب وطنه حقا، يظل اسمه حيا في ذاكرة شعبه، مهما رحل عن الدنيا، ومهما تبدلت الظروف.

مقالات مشابهة

  • من هو رائد سعد القيادي في "حماس" الذي أعلنت إسرائيل اغتياله؟
  • من رجل القسام الثاني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • ترامب يهدد بـ رد شديد بعد هجوم تدمر الذي أسفر عن مقتل جنديين أميركيين ومترجم مدني
  • من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟
  • من البردية الأطول في العالم إلى مقبرة صمّمها الأطفال… متحف شرم الشيخ يحتفل بخمس سنوات من الإبداع والحياة
  • ما أهمية إقليم دونباس الأوكراني الذي تسيطر روسيا على معظمه؟
  • "الناجي الوحيد".. لقب "بتول" الذي جردها الفقد معانيه
  • أحمد زيور باشا.. الحاكم الذي جمع القوة والعقل والإنسانية
  • فيديو| الغردقة وشرم الشيخ تتلألأ.. السياحة المصرية تقدم بانوراما ساحرة أمام العالم