هل يقبل حزب الله بالتطبيع بين لبنان وإسرائيل؟
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
بينما تعمل الولايات المتّحدة الأميركيّة على التطبيع بين المملكة العربيّة السعوديّة وإسرائيل، كيّ تكرّ سبحة الدول العربيّة والخليجيّة المتبقيّة لإعلان معاهدات سلام مع تل أبيب، يُريد لبنان ترسيم حدوده البريّة مع فلسطين المحتلة، بعدما نجح بترسيم حدوده البحريّة مع العدوّ قبل أقلّ من سنة. ومن شأن إعتراف إسرائيل بحدود لبنان الجنوبيّة، وانسحابها من الأراضي المحتلة، أنّ يُنهي النزاع اللبنانيّ – الإسرائيليّ الطويل، وخصوصاً إذا لم تُقدم الأخيرة على خرق السيادة اللبنانيّة.
وصحيحٌ أنّ الكثير من النصائح الغربيّة سيسمعها المسؤولون اللبنانيّون إنّ حصل التقارب بين السعوديّة وإسرائيل، بضرورة الإسراع والإستفادة من هذا العامل الإيجابيّ في الشرق الأوسط، كيّ ينعم لبنان بالإستقرار الأمنيّ والإقتصاديّ، وإبعاد أيّ عمل حربيّ عن منطقة حوض البحر المتوسّط، حيث ستبدأ الشركات المعنيّة بالتنقيب عن النفط بالبحث عن الثروات في البلوكات اللبنانيّة في منتصف شهر آب، غير أنّ هناك عقبة رئيسيّة تقف أمام التطبيع بين لبنان وإسرائيل، وهي "حزب الله" وسلاحه.
وفي هذ السيّاق، فإذا دفعت إسرائيل الولايات المتّحدة إلى الضغط على المسؤولين اللبنانيين للتطبيع معها، فإنّ حجّة سلاح "المقاومة" ستسقط بالنسبة إليها. عندها، لن يكون هناك من سبب فعليّ لـ"حزب الله" للتمسّك بسلاحه، لأنّ الأراضي اللبنانيّة ستكون قد تحرّرت. ولكن، موضوع العتاد العسكريّ الخاصّ بـ"الحزب" يبقى تفصيلاً، إذ يقول مراقبون إنّ لبنان أصبح من ضمن معادلة "توحيد الجبهات ضدّ إسرائيل"، وإيران أصبح نفوذها واسع النطاق، من اليمن إلى العراق، وصولاً إلى سوريا ولبنان وفلسطين. ويُضيف المراقبون أنّ حارة حريك لن تقبل بأيّ تطبيعٍ طالما أنّ طهران لا تُبارك هذا الأمر. ومن شأن عدم إحراز أيّ تقدّم في المحادثات النوويّة أنّ يُبقي الورقة اللبنانيّة في يدّ إيران، للتلويح بالتصعيد في الجنوب إنّ دعت الحاجة لذلك، للإسراع في جرّ واشنطن إلى إبرام إتّفاق معها.
وأكثر من ذلك، يعتبر المراقبون أنّ لبنان لن يسير بالتطبيع إذا حُيّدت دمشق من عمليّة السلام التي تعمل أميركا عليها منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. وأيضاً، فإنّ من شأن أيّ تقارب سعوديّ – إسرائيليّ أو لبنانيّ – إسرائيليّ أنّ يشمل القضيّة الفلسطينيّة، وإيقاف العمليّات العدائيّة والإضطهاديّة ضدّ الشعب الفلسطينيّ، والحدّ من تشييد وتوسيع المستوطنات وقضم الأراضي الفلسطينيّة. ويُؤكّد المراقبون أنّ أيّ سلام بين الدول العربيّة وإسرائيل، إنّ كان لا يلحظ إعترافاً بالدولة الفلسطينيّة وبحقوق شعبها، وبعودة اللاجئين إلى بلادهم، وبوقف السياسات العدائيّة بحقّ الأماكن المقدّسة الخاصّة بالمسلمين والمسيحيين في الأراضي المحتلّة، فإنّه سيكون قائماً على مصالح تجاريّة واقتصاديّة فقط، كما هو الحال عليه حاليّاً.
ويُشدّد المراقبون على أنّ التطبيع لا يُمكن أنّ يحصل إنّ لم يُباركه "حزب الله"، وهناك مشكلة كبيرة في الداخل اللبنانيّ، تتمثّل بعدم رغبة العديد من اللبنانيين بإجراء سلام مع العدوّ، ويقول المراقبون إنّ المجتمع لا يُمكنه أنّ يقبل بالصلح مع إسرائيل، بعد المجازر التي ارتكبتها، والحروب الشّرسة التي شنّتها على لبنان، والدمار الكبير الذي ألحقته بالبنى التحتيّة والمناطق والمنازل على مرّ السنين.
ويُتابع المراقبون أنّ التطبيع لو حصل، فسيكون هناك صعوبة لقدوم الإسرائيليين إلى لبنان، وقد يتعرّضون لعمليّات خطف أو قتل على يدّ الفلسطينيين أو المواطنين المناصرين لـ"حزب الله" و"حركة أمل" وغيرهم من رافضي قرار السلام. ويُشير المراقبون إلى أنّ الإسرائيليين غير مرغوب بهم من قبل الشعوب العربيّة التي قامت دولها بإبرام إتّفاقيّات مع تل أبيب. فمونديال قطر كان خير دليلٍ على رفض المواطنين العرب للوجود الإسرائيليّ على أراضيهم.
ويلفت المراقبون إلى أنّ "حزب الله" سيكون خاسراً إنّ حصل الإتّفاق، وسيُعارضه بشدّة، لأنّه لا يُمكنه أنّ يتنازل عن سلاحه الذي يُعطيه قوّة في الداخل عسكريّاً وسياسيّاً، وهو مرتبط بإيران وبمشروعها في المنطقة، وحتّى بيئته لن تكون مهيّئة لهكذا سلام. ويقول المراقبون إنّ هناك إختلافات بارزة بين لبنان والدول العربيّة، فمعظمها لم يدخل في حروب مع إسرائيل، وليس فيها مجموعات مسلّحة خارجة عن الدولة كـ"حزب الله"، ومشاركة في الوقت عينه في اتّخاذ القرارات السياسيّة والدبلوماسيّة المصيريّة، فيما لبنان متنوّع من حيث الطوائف والإتّجاهات السياسيّة، وكافة القرارات تُتّخذ فيه بالتوافق والإجماع.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الرئيس اللبناني: نأمل التمديد لقوات اليونيفيل للمساهمة في استقرار جنوب البلاد
بيروت- أعرب الرئيس اللبناني جوزاف عون، الأربعاء 25 يونيو 2025، عن أمله تمديد فترة عمل قوة الأمم المتحدة المؤقتة "يونيفيل" باعتبارها "أساسا" لحفظ الاستقرار على حدود بلاده الجنوبية، وسط ترقب اتخاذ مجلس الأمن الدولي قرارا نهائيا بهذا الشأن في أغسطس/ آب المقبل.
جاء ذلك خلال استقبال الرئيس عون في قصر بعبدا بالعاصمة بيروت، للمستشار الأول لدى وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الأدميرال إدوارد الغرين، بحضور سفير لندن هايمش كاول، وفق وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
وفي اللقاء، أبلغ الرئيس عون المستشار البريطاني أن "لبنان يعتبر التمديد لقوات اليونيفيل عاملا أساسيا لحفظ الاستقرار والأمان على الحدود اللبنانية الجنوبية. لذا يعلق آمالا كبيرة على دعم الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ومنها بريطانيا، كي يتم التمديد في موعده، دون أي عراقيل".
وأكد عون أن "وجود اليونيفيل في منطقة جنوب الليطاني يساعد كثيرا في تطبيق القرار 1701، خصوصا أن التعاون بين الجيش اللبناني والقوات الدولية قائم على التنسيق الدائم (مع القوات الدولية) وفق القرارات الدولية ذات الصلة".
وفي 2006، اعتُمد القرار 1701 بالإجماع في الأمم المتحدة بهدف وقف الأعمال العدائية بين "حزب الله" وإسرائيل، ودعا مجلس الأمن إلى وقف دائم لإطلاق النار على أساس إنشاء منطقة عازلة.
وفي تحد لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين إسرائيل و"حزب الله" في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، نفذ الجيش الإسرائيلي انسحابا جزئيا من جنوب لبنان، بينما يواصل احتلال 5 تلال لبنانية سيطر عليها في الحرب الأخيرة.
وشدد الرئيس عون على أن "استمرار إسرائيل في احتلالها التلال الخمس ومحيطها، لا يزال يعرقل استكمال انتشار الجيش حتى الحدود" الجنوبية للبنان.
وأوضح أن "استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على البلدات الجنوبية وامتدادها أحيانا إلى مناطق لبنانية أخرى في الجبل والضاحية الجنوبية من بيروت، يبقي التوتر قائما ويحول دون تطبيق ما تم الاتفاق عليه من إجراءات تحفظ سيادة لبنان وأمنه واستقراره".
ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024، ارتكبت إسرائيل نحو 3 آلاف خرق له، خلّفت ما لا يقل عن 213 قتيلا و508 جرحى، وفق إحصاء للأناضول استنادا إلى بيانات رسمية.
وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح.
ووفق تقارير إعلامية عبرية، يوجد توافق أمريكي إسرائيلي على الدعوة لإنهاء مهمة اليونيفيل، مع توقع اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن في مجلس الأمن الدولي خلال أغسطس المقبل.
وقبل أسبوعين، قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" إن واشنطن تسعى لخفض تكاليف تشغيل اليونيفيل، فيما تعتبر إسرائيل أن تنسيقها مع الجيش اللبناني كافٍ، ولم تعد هناك حاجة للقوة الأممية، متهمة الأخيرة بالفشل في "منع تسلّح الجماعات المسلحة".
ولم تعقب واشنطن أو تل أبيب أو اليونيفيل على ما أوردته الصحيفة الإسرائيلية.
وتأسست اليونيفيل عام 1978، بموجب قراري مجلس الأمن 425 و426، عقب الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان.
وكانت مهمتها التأكد من انسحاب القوات الإسرائيلية، واستعادة السلم الدولي، ومساعدة الدولة اللبنانية على استعادة سلطتها في المنطقة.
وبعد انسحاب إسرائيل عام 2000، بقيت القوة الأممية تُراقب المناطق الحدودية.
لكن عقب حرب 2006 بين لبنان وإسرائيل، تم تعديل مهام اليونيفيل وفق القرار 1701، لتشمل دعم الجيش اللبناني في تنفيذ الانتشار بالجنوب، ومراقبة وقف الأعمال العدائية، وتسهيل المساعدات الإنسانية للمدنيين.
وتنفذ اليونيفيل حاليا دوريات منتظمة على امتداد الحدود بين إسرائيل ولبنان، ويبلغ قوامها نحو 10 آلاف عنصر من أكثر من 50 دولة، مهمتهم الحد من التوترات بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي.