«درميش» لـ «عين ليبيا»: الحكومات المتعاقبة عجزت عن مواجهة البطالة لأنها لا تملك إرادة سياسية!
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
في الجزء الثاني حول ملف البطالة الذي فتحته شبكة “عين ليبيا”، للوقوف على أسبابها وتداعياتها، وسط تحجيم رسمي عن أية أرقام حول هذه الظاهرة، يواصل خبراء الاقتصاد توصيف واقعها في البلاد.
وحول ذلك، قال الدكتور محمد درميش، الباحث بالمركز القومي للبحوث والدراسات العلمية والخبير الاقتصادي، لشبكة “عين ليبيا”: “إن الموارد البشرية في أي بلد متمثلة في الأفراد الذين يعيشون وتمثل نسبة من السكان التي أعمارهم من 18 سنة إلى التقاعد 65 سنة، بمعنى القوى البشرية تمثل العاملون والمتعطلون والخارجين عن نطاق العمل”.
وأضاف درميش: “لكي نستطيع حساب معدل البطالة ونوعها يجب أن تكون عندنا خطه للموارد البشرية على المستوى الكلي والجزئئ”، مضيفا: “في ليبيا لايوجد خطه للموارد البشرية لا على المستوى الكلي ولا الجزئي، ولانستطيع حساب معدلات البطالة بها بالصورة الصحيحة”، مشيرا إلى أنه “تحسب دائما عن طريق قوائم الباحثين عن العمل وتوخد كقاعدة للبيانات والمعلومات وهذا شي خاطئ في إدارة الموارد البشرية”.
وأردف: “إن مشكلة القوى العاملة في ليبيا تكمن في سوء تنظيم العمالة، بسبب عدم وجود خطه للموارد البشرية على المستوى الكلي أو الجزئي، وقلة وجود إدارات مختصه في إدارة الموارد البشرية وإن وجدت تدار من غير ذوي اختصاص”.
وتحدث الخبير الاقتصادي لشبكة “عين ليبيا” عن مشاكل الاقتصاد قائلا: “يعاني الاقتصاد الليبي من تشوهات منها انخفاض فرص العمل وهذا راجع إلى سياسات الانكماش المتبعة من الجهات المختصة والقرارات والسياسات الخاطئة منذ عشرات السنيين، وآخرها توحيد سعر صرف الدولار على سعر غير عادل نجم عنه فقدان الكثير من العاملين في المشروعات ذات الراس مال الصغير أعمالهم نظرا لعدم قدرة هذه المشروعات على الاستمرارية”.
وقال: “بالرغم أن ليبيا دولة لا تعاني الشح في الموارد وعدد سكانها الآن قارب 9 مليون نسمة، مازال الاقتصاد الليبي يعاني من تشوهات (انخفاض فرص العمل، أزمة الإسكان، انخفاض مستوى دخل الفرد ….الخ)، و هذا راجع إلى سوء إدارة الموارد المتاحة ناجم عن سواء اختيار القيادات بمختلف مستويات الإدارة العامة في الدولة الليبية”.
وأكد د. درميش “أن الانقسامات السياسية لها تأثير كبير على معدلات الأداء في إدارة أمور الدولة وتزيد من حدة هذه المشكلة وتراكمها”.
وقال: “عجزت الحكومات المتعاقبة عن إيجاد الحلول لمواجهة البطالة لأنها لا تملك إرادة سياسية وخطط وسياسات عامه تفتح فيها أفق جديدة لتنويع مصادر الدخل من أجل توفير فرص عمل لكافة الباحثين عنه”، مضيفا: “مازال إلى يومنا هذا لا يوجد خطط واستراتيجيات محدده الأهداف من أجل فتح أفق جديده لمشاريع هادفه توفر فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل”.
وتابع الخبير الاقتصادي الدكتور محمد درميش لشبكة “عين ليبيا”: “لكي توضع قواعد صحيحة لدعم الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب يجب أن يتم خلق الانسجام ما بين السياسات الثلاثة النقدية والتجارية والمالية كسياسة اقتصادية واحد تسير في خطوط موازية في بكج واحد، مع كافة السياسات الأخرى في استراتيجية عامة للدولة محددة الأهداف قابلة للتطبيق والقدرة على التكيف مع كل المتغيرات الطارئة من أجل استغلال الموارد المتاحة الاستغلال الأمثل وتنويع مصادر الدخل وفتح أفق جديدة”.
وحول دور وزارت العمل السابقة والحالية في التخفيف من البطالة، قال درميش: “إن غياب التخطيط السليم للموارد البشرية والخلط بينه وبين بعض المفاهيم الأخرى وقله الاعتماد على المنهج الشامل في تخطيط الموارد البشرية وفق إطار عام متكامل هو سبب مانحن فيه الآن من سوء لتنظيم القوى العاملة الذي بدوره يؤدي إلى زيادة البطالة”.
وأضاف: “من أجل ضمان الكفاءة والفاعلية والكفاية في إدارة الموارد البشرية لابد من مراعاة عاملين.. مدى كفاءة مهني إدارة الموارد البشرية، ومدى مقدرتهم على إدارة النظم الخاصة بإدارة الموارد البشرية”.
وحول معدلات البطالة في البلاد، تابع الدكتور درميش قائلا: “هناك أرقام تصدر عن الجهات المختصة ولكن لا تمثل الواقع الحقيقي، لعدم وجود خطة للموارد البشرية، مضيفا: “يأتي المحلل الاقتصادي يدرسها ويفسرها بالأرقام والبيانات الرسومات مع تحديد نوع البطالة، ولهذا يعتمدون على أعداد الباحثين عن العمل في وزارة العمل والخدمة المدنية كرقم لحساب نسبة البطالة وهذا لا يمثل الحقيقة مقدر تقدير”.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: إرادة سياسية الاقتصاد الليبي البطالة إدارة الموارد البشریة للموارد البشریة عین لیبیا فی إدارة من أجل
إقرأ أيضاً:
الدورة الكاملة للقيمة… اقتصاد يبني مجتمعات أكثر مرونة
#الدورة_الكاملة_للقيمة… #اقتصاد يبني #مجتمعات أكثر مرونة
الأستاذ #الدكتور_أمجد_الفاهوم
يكتسب الاقتصاد الدائري زخماً متزايداً بوصفه أحد أبرز التحوّلات الاقتصادية القادرة على بناء قيمة مستدامة تتجاوز منطق الإنتاج والاستهلاك التقليدي. يقوم هذا النهج على إعادة تصميم تدفّقات المواد والموارد ليصبح كل مخرجٍ مدخلاً جديداً في دورة إنتاج مستمرة، ما يقلّل الاعتماد على الموارد المستوردة ويعزّز القدرة على التكيّف مع تقلبات الأسواق والطاقة والمواد الخام. وفي عالم تتسارع فيه كلف الإنتاج وتتعمّق فيه المخاطر البيئية، بات الاقتصاد الدائري خياراً اقتصادياً واجتماعياً لا يمكن تجاهله.
ولا بد من الإشارة إلى أن هذا المفهوم لا يقدّم حلولاً تقنية فحسب، بل يعيد صياغة العلاقة بين النمو الاقتصادي وجودة الحياة. فكل عملية تقليل للهدر تعني خفضاً في الكلف التشغيلية للشركات، وكل مشروع تدوير ناجح يخلق فرص عمل للشباب، وكل استثمار في تصنيع مواد معاد تدويرها يعزّز تنافسية الصناعات الوطنية ويخفّف الضغط على البيئة. وعند الاطلاع على تجارب دول الجوار نجد أنها تقدم نماذج واضحة لهذا النمط الاقتصادي؛ إذ دفعت الإمارات نحو منظومات متقدمة لإعادة استخدام المواد ضمن صناعاتها التحويلية، واستثمرت السعودية في تطوير سلاسل قيمة لإعادة تدوير البلاستيك والمعادن، فيما طوّرت مصر منظومة إدارة نفايات ترتبط بالمجتمعات المحلية وتمنحها دوراً إنتاجياً في الاقتصاد الأخضر.
مقالات ذات صلةأما في الأردن، فتبرز مبادرات واعدة يمكن البناء عليها، من منشآت إعادة تدوير المعادن والبلاستيك في المدن الصناعية، إلى جهود الشركات الكبرى في خفض بصمتها البيئية، وصولاً إلى مشاريع ريادية صغيرة تحوّل النفايات العضوية إلى منتجات زراعية ذات قيمة مضافة. غير أن تحويل هذه المبادرات إلى منظومة اقتصادية متكاملة يتطلب تخطيطاً استراتيجياً يربط التنمية الصناعية بالابتكار والعدالة الاجتماعية، ويعزّز مشاركة المجتمعات في إدارة مواردها، ويمنح القطاع الخاص حوافز واضحة لدمج الاقتصاد الدائري في عمليات الإنتاج.
وتقوم آلية عمل الاقتصاد الدائري في بيئة الأعمال الأردنية على تحليل دورة حياة المنتج منذ مرحلة التصميم، وتحديد نقاط الهدر القابلة للتحويل إلى فرص اقتصادية، واستخدام التكنولوجيا في إدارة الموارد؛ من الذكاء الاصطناعي في معالجة النفايات الصناعية إلى التحليلات المتقدمة التي ترفع كفاءة الطاقة والمياه. وهذا يستدعي تشريعات تشجّع على إعادة الاستخدام والتدوير، ونظام حوافز ضريبياً ومالياً يدعم الاستثمار في المعدات والتقنيات النظيفة، إضافة إلى منظومة تمويل تُشرك البنوك وصناديق التنمية في بناء سلاسل قيمة جديدة. كما يشكّل المجتمع المحلي ركناً أساسياً في نجاح الاقتصاد الدائري عبر تبنّي أنماط استهلاك واعية، ودعم المبادرات الشبابية، وتمكين البلديات من إدارة الموارد بكفاءة أكبر.
ولفهم الاقتصاد الدائري على نحو أشمل، لا بد من النظر إلى الصورة الكاملة للمشهد الذي يتصدّره لاعبون رئيسيون؛ بدءاً من الحكومة بصفتها الجهة المنظمة وصاحبة السياسات، مروراً بالقطاع الخاص الذي يقود التنفيذ ويطوّر حلولاً سوقية قابلة للتوسع، والجامعات ومراكز البحث التي ترفد المنظومة بالمعرفة والابتكار، وصولاً إلى المجتمع المدني الذي يعيد تشكيل الوعي ويعزّز ثقة الناس بالتحوّلات البيئية والاجتماعية. ولتحقيق نجاح نوعي لهذه المنظومة فلا بد من ضرورة العمل المشترك بين الشركاء بصورة متوازنة وواضحة الأدوار والمسؤوليات، بما يتيح بناء اقتصاد متكيف ومنخفض المخاطر وأكثر قدرة على خلق فرص مستقبلية تستند إلى الابتكار والتنافسية.
وبناءً على ما تقدم، فإننا على ثقة بأن الأردن يمتلك فرصة حقيقية لتأسيس نموذج اقتصادي دائري يعالج تحديات الموارد المحدودة، ويحسّن مستويات المعيشة، ويُحدث تحوّلات هيكلية تمتد من المصانع إلى المجتمعات المحلية. إن هذه المنظومة ليست مجرد إدارة للنفايات، بل بوابة لبناء اقتصاد أكثر عدلاً وكفاءة ومرونة؛ اقتصاد يربط النمو بالإنسان وبالمجتمعات التي تشكّل عماد التنمية، ويمنح البلاد قدرة أكبر على مواجهة المستقبل بثقة وابتكار.