سواليف:
2025-12-14@11:16:18 GMT

كشف الزيف

تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT

#كشف_الزيف

د. #هاشم_غرايبه

في مقابلة مع الكاتبة المعروفة “غادة السمان”، تتحدث عن تجربة مؤلمة عاشتها في بريطانيا، وتكشف فيها عن زيف ادعاء الغرب باحترام حقوق الإنسان، وكذب الصورة المرسومة عنه بأنه واحة الحرية والديموقراطية.
وهذا الانطباع يخرج به كل محايد، وما وقع به كثيرون من تضليل معاكس، ماهو الا نتيجة الجهود المضنية لأغلب العلمانيين العرب (والكاتبة المذكورة هي أحدهم)، وبالطبع فما كانت حماستهم هذه إعجابا بحضارة الغرب وقيمهم التي يعرفون حقيقتها بحكم قربهم منهم، بل هي من باب الصد عن اتباع منهج الله، لاحلال منهج الغرب بديلا عنه.


وبالطبع فأنا أوافقها رأيها الذي خرجت به بعد تجربة مريرة، بل وأزيد أن التحيز والتعصب الغربي تجاه منطقتنا الإسلامية، ليس وليد سوء الفهم، ولا هو لنقص المعلومة الصحيحة، بل هو بسبب الأطماع بالسيطرة على مركز العالم القديم الموروث عبر العصور، والمتأصل بشكل العلاقة العدائية التي ولدت العدوانات المتواصلة طوال التاريخ، وباتجاه واحد دوماً.
الدليل على مصداقية ما ذهبت إليه، هو أنني أتوقع أن تحظر ادارة الفيسبوك نشر هذه المقالة، فرغم أنني أتجنب ذكر العبارات المفتاحية التي ان وجدت تشطب المقالة آلياً، لكن اصبحت هذه الادارة تلجأ مؤخرا الى مساعدة من أجهزة الأنظمة العربية الأمنية في تدقيق المقالات يدويا، فهذه الأجهزة تملك مئات الألوف من العسس الذين تنحصر وظيفتهم في مراقبة ما ينشر، الأمر الذي سيكون مكلفا جدا لو اضطلعت به ادارة الفيسبوك بذاتها، لذلك فهي تستفيد من خدمات الأنظمة، مقابل أن تضم الى قائمة المحظورات ما يسيء الى هذه الأنظمة، أو يكشف دورها في حماية الكيان اللقيط.
ولما كان حظر النشر أو إغلاق الحسابات فيه خسارة للفيسبوك، فيلجأ لتحديد انتشارها، فيرفض ارسال اشعارات ممولة من الكاتب، فلا يعلم بوجود المقالة الا بضعة أفراد من المواظبين على متابعتها.
عودة الى حديث الكاتبة، فتشرح معاناتها حينما دعيت مع آخرين للتحدث على هامش معرض الكتاب في لندن، وتقول أنها لاحظت أن الحضور قليلو الثقافة بما يحدث في العالم، فكل اهتمامهم بالروايات والقصص، فأحبت ان توضح لهم ما يحدث في القطاع التزاما بدور الكاتب التوعوي، فقالت ان حركة المقاومة ليست نبتة شيطانية نبتت على هامش الحياة، كما يشيعه الإعلام، وهؤلاء لم ينزلوا من كوكب آخر، بل هم أبناء المعاناة والحصار، وما كانوا ليقوموا بعمليتهم التي يدعونها بالإرهـ-ابية لو كانوا سمح لهم بالحصول على الشروط الدنيا للحياة الطبيعية للبشر: بيت آمن ومصدر رزق غير مصادر.
استدعتها الشرطة وحققت معها: لماذا لم تذكر في حديثها الصفة الملازمة للمقاومة (ال-إرهـاب) في حديثها، كما هو الأمر المعتاد في الغرب!؟.
اعتقدت أن الأمر سخيف، ولا يستحق الدفاع عنه، فالقوانين في كل أوروبا تجيز مخالفة الحكومة في آرائها وعدم الالتزام بتقييماتها السياسية، بل يجوز انتقاد تصرف واجراءات السلطات العامة كالملك والحكومة والشرطة، ولا يُلزم المنتقد بتقديم دليل مادي على رأيه، فكيف بكيان أجنبي!؟.
لكن أصدقاءها نصحوها بأخذ الأمر بجدية، وأن توكل محاميا قديرا، فمن الممكن أن يحولوا القضية الى الاتهام بمعاداة السامية، وهذه من أقسى التهم في الغرب، إذ أن عقوبتها السجن عشر سنوات والغرامة المالية الباهظة.
في النتيجة تقول أنه بفضل المحامية، لم يتمكنوا من إثبات تلك التهمة المرعبة، وأفرج عنها، لكنها تعلمت درسا لا ينسى، وهي أن لا تثق بعد اليوم بما يشاع عن قيم الحضارة الغربية، وأنها لم تعد تصدق المقولات المعسولة في أن حضارة الرأسمالية تعتبر الأعلى في الإنجازات البشرية عبر التاريخ، فما زالت أطماع الامبراطوريات الغربية في الهيمنة على خيرات العالم ذاتها، منذ الإغريق والى اليوم، وما زالت القيود التي تفرضها على تصرفات وأفكار البشر هي ذاتها، ما تطور هو الأثواب المزركشة التي ألبستها هذه الحضارة المتوحشة، والمسميات الأنيقة التي أطلقت على أفعالها الشنيعة.
وأخيرا، وتحسبا من المحاصرة المتوقعة لنشر هذه المقالة وغيرها، أرجو من المتابعين الكرام الذين اعتادوا وصول الإشعار الإعلاني بصدور المقالة، عدم الانتظار، فالحصار يكون بمنع وصول الاشعارات الا لعدد ضئيل، ومن أراد مطالعتها فبإمكانه الدخول من رابط الصفحة وليس من رابط المقال فقط. فأنا أكتب كل يوم مقالة جديدة (ما عدا الجمعه).

مقالات ذات صلة مكاتبُ التحويل المالية في غزة مجرمةٌ وخائنةٌ 2024/08/18

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع

تخيل بلدا يقف على جرف هارٍ تدفعه حرب ضارية إلى الهاوية، وجيشا يقاتل على جبهات متشعبة، واقتصادا ينهار طبقة بعد أخرى، بينما تتنازع قوى عالمية على أرضه وموانئه وذهبه وموقعه الاستثنائي.

وفي قلب هذا المشهد يقف رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، محاولا أن يمسك بالعصا من وسطها: يلوح للغرب بإمكانية الشراكة، ويشد في الوقت نفسه خيوط الارتباط بالشرق الصاعد.

ليس ذلك تقلبا سياسيا ولا انتقالا عشوائيا بين المحاور، بل مناورة وجودية فرضتها الجغرافيا القاسية، وحرب أنهكت الدولة والمجتمع، وتوازنات دولية تجعل من السودان ساحة اختبار كبرى في صراع النفوذ على البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

وفي هذا السياق تحديدا، برزت آخر رسائل البرهان إلى الغرب عبر مقاله الذي اختار له بعناية صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بتاريخ 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2025؛ رسالة لم تكن مقال رأيٍ عابرا، بل مذكرة سياسية مشفرة، صيغت بقدر محسوب من الإيحاء لتصل مباشرة إلى دوائر صناعة القرار.

الانحياز إلى الشرق يعني سلاحا متاحا، لكن يفضي إلى عزلة مالية خانقة والانحياز إلى الغرب يعني دعما اقتصاديا محتملا، لكن يفضي إلى فقدان الإسناد العسكري، وخطر الانفجار الداخلي، ولهذا يصبح الاصطفاف الكامل قاتلا

الرسالة السياسية والصفقة غير المعلنة

في مقاله المثير، حمل البرهان قوات مليشيا السريع مسؤولية الحرب، رافضا توصيف الصراع بأنه "صراع جنرالين"، ومؤكدا أنها حرب تمرد على الدولة.

لكنه لم يكتفِ بهذا التوصيف؛ بل بنى المقال كله على فكرة واحدة: إذا ساعدتموني على تفكيك مليشيا الدعم السريع وإنهاء التمرد، فسأكون جاهزا للمضي في مسار التطبيع، وتقديم صيغة حكم مدني ترضيكم.

لوح البرهان بالانتقال الديمقراطي، وذكر الغرب بأن الصراع يهدد مصالحه في البحر الأحمر، وفتح باب الشراكة الاقتصادية، مشيرا إلى دور للشركات الأميركية في إعادة الإعمار. بدا المقال أقرب إلى عرض تفاوضي مكتمل الأركان: دعم عسكري وسياسي مقابل شرعية واستقرار وتعاون أمني.

هذه الرسالة ليست معزولة؛ فهي تأتي في وقت تتنامى فيه تحركات البرهان على الساحة الدولية: خطابات في الأمم المتحدة، إشارات إيجابية في الملفات الإنسانية، وانفتاح محسوب على المؤسسات الغربية.

إعلان

لكن هذه الإشارات لا تعني انقلابا إستراتيجيا نحو الغرب، بل هي جزء من لعبة أكبر توازن فيها القيادة السودانية بين مكاسب اللحظة، ومخاطر الاصطفاف الحاد.

بين القيمة الجيوسياسية وكلفة الاصطفاف

يحتل السودان موقعا استثنائيا. فهو بوابة البحر الأحمر، وممر التجارة العالمية، وخزان ضخم للمعادن والأراضي الزراعية. ولهذا تتصارع عليه القوى الكبرى اليوم، كما لم تفعل من قبل.

الصين ترى في السودان امتدادا لطريقها التجاري نحو أفريقيا. استثماراتها الضخمة في الموانئ والبنية التحتية والزراعة، تجعلها تبحث عن طريقة لتفادي انهيار كامل قد يبتلع مصالحها. وبكين، رغم هدوئها المألوف، تدرك أن الفوضى في السودان تعني خسارة سنوات من العمل الاقتصادي والإستراتيجي، ولذلك تتحرك بدقة: دعم محدود للجيش، وضغط خلفي لتثبيت الاستقرار دون الاصطدام بالغرب مباشرة.

أما روسيا فقد استعادت أدواتها غير النظامية عبر "أفريكا كوربس"، البديل الجديد لفاغنر، بهدف ترسيخ وجود إستراتيجي دائم على البحر الأحمر. بالنسبة لموسكو، السودان ليس مجرد شريك إستراتيجي، بل هو مفتاح لدخول القرن الأفريقي بعمق، وتحقيق توازن مع الضغوط الغربية في أوكرانيا، وأوروبا.

الغرب من جهته يراقب بقلق تمدد الشرق. لكنّ لديه شرطا واحدا لم يتغير: لا دعم اقتصاديا حقيقيا دون التقدم في ملف التطبيع، وهندسة المسرح السياسي الداخلي، واستبعاد تيار بعينه.

هكذا يجد السودان نفسه أمام معادلة مستحيلة:

الانحياز إلى الشرق يعني سلاحا متاحا، لكن يفضي إلى عزلة مالية خانقة. الانحياز إلى الغرب يعني دعما اقتصاديا محتملا، لكن يفضي إلى فقدان الإسناد العسكري، وخطر الانفجار الداخلي.

ولهذا يصبح الاصطفاف الكامل قاتلا، والمناورة بين الشرق والغرب أشبه بخيط نجاة رفيع، لكن لا بد من السير عليه.

عدم الانحياز الذكي ورهان الداخل

ضمن هذه الحسابات الدولية المعقدة، يبرز مسار ثالث يفرض نفسه بقوة:

عدم الانحياز الفعال، وهو ليس حيادا سلبيا كما في الستينيات، بل إستراتيجية قائمة على مزيج من الانفتاح الانتقائي، والمداورة الدبلوماسية.

هذا المسار يعني:

تعاونا اقتصاديا عميقا مع الصين، دون الارتهان لها. شراكة أمنية مع روسيا، دون التحول إلى بوابة لها على البحر الأحمر. انفتاحا على الغرب، دون الوقوع في فخ الشروط الثقيلة التي قد تشعل الداخل. بناء دور إقليمي يعتمد على الجغرافيا لا على الأيديولوجيا.

بهذه المقاربة، يتحول السودان من ساحة صراع إلى لاعب يجيد توظيف الصراع لصالحه.

بيد أن كل هذا لن ينجح إذا لم يتم حسم المعركة الأهم: معركة الداخل. فالرهان الحقيقي ليس على واشنطن ولا بكين ولا  موسكو، بل على قدرة القيادة السودانية على:

توحيد الجبهة الداخلية، إعادة بناء المؤسسات، وقف النزيف الاقتصادي، وفرض إرادتها على القوى الإقليمية المتدخلة.

فمن دون جبهة داخلية متماسكة، تصبح المناورة الخارجية مجرد لعبة خطرة قد تسقط عند أول هزة. ومن دون قرار وطني صارم، لن تستطيع الخرطوم تحويل ثقلها الجيوسياسي إلى قوة حقيقية.

الخلاصة: المناورة ليست خيارا.. بل قدرا سياسيا

ما يقوم به البرهان اليوم ليس استسلاما للغرب ولا انحيازا للشرق، بل مناورة إجبارية تهدف إلى جمع السلاح من منطقة، والشرعية من أخرى، والمساعدات من ثالثة، دون دفع الأثمان كاملة لأي طرف.

إعلان

هي محاولة لاستثمار موقع السودان الفريد في معركة الهيمنة على البحر الأحمر، وتحويل الأزمة إلى ورقة تفاوض كبرى. غير أن هذه اللعبة الخطرة لن تجدي نفعا إذا لم يُستعَد الداخل أولا.

ففي النهاية، لا تحدد الدول الكبرى مصائر الأمم بقدر ما تحددها إرادة أبنائها.

وقدرة السودان على الخروج من النفق لا تتوقف على لعبة التوازن الدولية فحسب، بل على قوة البيت الداخلي، وتمكن القيادة من فرض رؤيتها على من يحاولون تشكيل مستقبل السودان من الخارج.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • هل يؤثر النظام النباتي على نمو الأطفال؟ دراسة تكشف فروقًا في الطول والوزن
  • الغرب يعالج مشاكله... على حساب الآخرين!
  • شاهد / جديد المبدع عيسى الليث .. مساعي الغرب
  • فوائد غير متوقعة للأنظمة الغذائية النباتية للأطفال
  • غارديان: دونالد ترامب يسعى إلى تغيير الأنظمة في أوروبا
  • دراسة عالمية تكشف فروق النمو بين الأطفال النباتيين وآكلي اللحوم
  • البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع
  • دراسة: الأنظمة الغذائية النباتية قد تكون صحية للأطفال.. ولكن بشروط
  • واشنطن: خدمة الأمن الدبلوماسي تتعاون مع الفيدراليين لتطوير تكنولوجيا الأنظمة المضادة للطائرات بدون طيار
  • متخصص في الذكاء الاصطناعي: استخدام الأنظمة الذكية ضرورة لمواجهة ندرة المياه وفقد المحاصيل