د. صبرى محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم فى جامعه الخرطوم

تعريف النزوح واللجوء: وجه الاتفاق بين النزوح واللجوء ان كلاهما انتقال من مكان الى اخر . اما وجه الاختلاف ببنهما أن الأول انتقال داخلى" اى انتقال الى مكان اخر داخل الدوله" . بينما الثانى انتقال خارجى " اى انتقال الى مكان اخر فى دوله أخرى" .
الضغوط المتعدده للنزوح واللجوء : من الثابت واقعيا وعلميا ان للنزوح واللجوء ضغوط(اى تاثيرات سلبيه على النازح او اللاجئ) متعدده( اقتصاديه.

" ماليه". اجتماعيه.تربويه. نفسيه...).لكننا نركز هنا على الضغوط النفسيه.دون إنكار دور غيرها من ضغوط .
الضغوط النفسيه:كما أنه من الثابت فى علم النفس والطب النفسى ان للنزوح واللجوء ضغوط نفسيه متعدده ( اى تاثيرات سلبيه متعدده على الصحه النفسيه) . فكلاهما_طبقا لعلم نفس الاكلينيكى"المرضى " والطب النفسى _ مصدر لكثير من الاضطرابات النفسيه كالاكتئاب والقلق واضطرابات ما بعد الصدمه .
الضغط النفسى لعدم الاستقرار النفسى ومشاكل الانتماء والاغتراب المكانى: غير اننا نركز على ضغط نفسى معين .هو عدم الاستقرار النفسي وتاثيره السلبي على الانتماء( دون إنكار دور الضغوط النفسيه الأخرى للنزوح واللجوء ايضا). وعله هذا التركيز اننا نرى ان هذا الضغط النفسي ذو تأثير سلبى على الصحه النفسيه اكثر شمولا من التاثيرات السلبيه لغيره من الضغوط النفسيه. لأنه يتصل بالانتماء كمفهوم كلى ذو ابعاد متعدده .تتجاوز دراستها علم النفس إلى العديد من العلوم. كعلم الاجتماع وعلم التربيه والعلوم السياسيه...
مضمونه: ومضمون هذا الضغط النفسي هو ان مكان اقامه الإنسان ليس مجرد مكان" اى ليس مجرد مفهوم جغرافى بحت".بل مكان يدخل من خلال التفاعل معه إلى تكوين الشخصيه فيصبح جزء منها" اى انه ايضا مفهوم سيكولوجى نفسى_ اجتماعى _حضارى _". فهو احد دوائر_علاقات_ الانتماء كحاجه نفسيه اساسيه لكل انسان. لذا فان الانتقال منه ليس مجرد انتقال الى مكان اخر. ولكنه فقدان للإنسان لجزء من شخصيته و بعض مكوناتها . فهو اضطراب فى الاستقرار النفسى "النسبى" اللازم للشعور بالانتماء.وبالتالى اضطراب فى بعض دوائر وعلاقات الانتماء وهو ما يلزم منه مشكله الاغتراب المكانى..
نظريه " مثال" النبته:ويمكن تشبيه هذا الضغط النفسي. بالنبته التى تغرس فى ارض معينه.فتكون جذور تمتص بها الماء والاملاح.لذا فان نقلها الى ارض اخرى يعرضها لمخاطر الذبول أو حتى الموت. مالم تتم عمليه النقل بطريقه تضمن ان تضرب بجذورها فى الأرض الجديده واستمرار قيامها بوظائفها الحيويه .فتقليل الضغوط النفسيه للنزوح واللجوء" واهمها عدم الاستقرار النفسى ومشكله الانتماء".يكون بمقدار نجاح الشخصيه فى تكوينها لجذور جديده( قدر من الاستقرار النفسى النسبى اللازم للشعور بالانتماء) فى ارض جديده ( مكان الاقامه الجديد).دون الغاء الانتماء السابق. وهذا ما يفسر العديد من الظواهر مثل كون الاكبر سنا اكثر رفضا للانتقال"النزوح او اللجوء"من الأصغر سنا.كما أنه يواجهون صعوبه اكبر منهم فى التعايش مع البيئه الجديده.
الاليات : وهذا ما يتحقق بالالتزام بالعديد من الاليات ومنها:
* التخلص من فكره الانتظار "او بالاصح المفهوم السلبى للانتظار". 'كانتظار انتهاء الحرب مثلا '. فالحرب ظاهره اجتماعيه تقاس باعمار الشعوب والامم 'السنين والعقود مثلا'. وليست حدث فردى يقاس باعمار الأفراد 'الايام والشهور مثلا'. ويمكن أن تنقضى مراحل عديده من اعمار أجيال كامله فى ظل استمرارها. ويجب التمييز بين التمنى الذاتي والحقيقه الموضوعيه. وايضا فان هناك دائما افراد وجماعات وتنظيمات وقوى وحتى دول لها مصلحه فى استمرار اى حرب . حتى لو تضرر منها اغلب الشعب. فهذه الفكره يترتب عليها السلبيه والتوقف عن اى نشاط حياتى"اقتصادى.اجتماعى..تعليمى.ثقافى..." متاح.وما يلزم منها من فراغ وما يولده من انماط تفكير وسلوك سلبيه.
وكل مكان أو بيئه لها ايجابيات او بها امكانيات، بجانب سلبياتها اوالامكانيات المعدومه فيها. ومن المفيد اكتساب المرونه النسبيه فى الانتقال من مكان الى مكان ، على وجه لا يلغى المكتسبات والروابط المكتسبه من اماكن متعدده.
* تكوين علاقات اجتماعيه جديده.مع الاحتفاظ بالعلاقات الاجتماعيه القديمه .
* القيام باى نشاط وظيفى " عملى" او اقتصادى ممكن حتى تتوافر وظيفه تتفق مع امكانيات الشخص الحقيقيه من خبره وشهادات وغيرها.
* بذل الجهد للتعايش مع البيئه الجديده.دون محاوله الاندماج التام فيها (فالدمج غير ممكن .واقصى ما يلزم من محاوله الدمج شخصيه مشوهه , متناقضه" تنتمى الى مصادر حضاريه متناقضه "). و دون محاوله الانفصال التام عن البيئه الجديده. بان يعيش النازحون أو اللاجئون فى جزر معزوله"احياء خاصه"(فمن المستحيل عدم التعامل مع البيئه الجديده مطلقا).
* اكتساب لغات او لهجات جديده.دون محاوله نسيان اللغه أو اللهجه الام.و التعرف على العادات والتقاليد الجديده.والالتزام بأنواعها التى لا تتعارض أو تتناقض مع عادات وتقاليد الشخصيه النازحه اللاجئه.
* ممارسه النشاطات الحياتيه" العمليه.الترفيهيه..".
*التواصل مع أعضاء الاسره والجيران والاصدقاء. دون انغلاق اجتماعي.
* الترفيه والتسليه وممارسة الهوايات.
* تفعيل مبادرات اجتماعيه وخيريه ذاتيه وشعبيه للنازحين و اللاجئين.تتضمن تقديم العون النفسى والاجتماعى للنازحين واللاجئين. ومساعده ذوو الامكانيات الاقتصاديه المتواضعه منهم
. والنشاطات التعليميه والثقافيه..
.* النشاط الروحى والدينى طبقا للفهم الصحيح للدين. دون تطرف أو غلو. أو توظيف مصلحى او تبريرى للدين .ودون استخدام شكلى له . يركز على الشكليات و يتجاهل جوهره ومقاصده النهائيه.
* مقاومه الضغوط والصدمات النفسيه للنزوح واللجوء- ذاتيا أو بالاستعانه باخرين.'فى كل مراحلها ( قبل النزوح او اللجوء/اثنائه / بعده) .ويتضمن ذلك المحاوله المستمره لضبط الانفعالات السلبيه فى الحد الادنى الذى يمكن الإنسان من أن يمارس حياته الطبيعيه.وهو أمر صعب ولكنه غير مستحيل. وصعوبته تقل كلما استمر الإنسان فى المحاوله 'فهو مثل محاوله تغيير مجرى المياه فى الحقل .بتغيير مسار الجدول. وهو الامر الذى يكون صعبا فى البدايه وتقل هذه الصعوبه لاحقا '.
...........................
للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبرى محمد خليل يمكن زياره :
- الموقع الرسمى للدكتور صبرى محمد خليل خيرى - دراسات ومقالات).
- القناه الرسميه للدكتور صبرى محمد خليل على اليوتيوب.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الى مکان

إقرأ أيضاً:

انتشار آليات وجرافات للاحتلال بحي التفاح شرقي غزة

#سواليف

أفادت مصادر محلية بانتشار عدد من الآليات والجرافات في محيط مقبرة البطش وخلف #مجمع_الصخرة شرق #حي_التفاح شرقي #مدينة_غزة.

مقالات مشابهة

  • عروض سعودية تترقب موقف صلاح… وليفربول يخطط للحفاظ على مكاسبه قبل أي انتقال محتمل
  • تقارير إسبانية: صفقة انتقال موهبة الأهلي حمزة عبد الكريم إلى برشلونة باتت قريبة
  • دخلت فى حالة اكتئاب.. لماذ طلب دفاع سارة خليفة عرضها على الطب النفسى؟
  • الأهلي يستعد للتفاوض مع الرجاء لحسم انتقال يوسف بلعمري
  • دراسة صادمة: مراهقون يلجؤون إلى روبوتات الدردشة الذكية لدعم صحتهم النفسية
  • عباس شومان يحذر طلاب "إعلام عين شمس" من البحث عن الشهرة السريعة
  • تأثير السوشيال ميديا على الصحة النفسية للمصريين في 2025.. حقائق صادمة
  • رئيس جامعة أسيوط: انتخابات النواب تجسد روح الانتماء والمسؤولية الوطنية
  • انتشار آليات وجرافات للاحتلال بحي التفاح شرقي غزة
  • نشرة المرأة والمنوعات | كيف ينعكس الطقس على المزاج والصحة النفسية .. مخاطر شرب مرضى القلب للماء المثلج