عربي21:
2025-05-31@03:17:37 GMT

فيتنام غزة القادمة..

تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT

مات كسينجر ولكن نظريته لم تمت.. ما زالت أمريكا تطبق علينا نظرية المجنون التي اخترعها كسينجر أثناء مفاوضاته مع فيتنام 1973، والتي تعتمد على أن يلعب أحد الأمريكان دور "الطيب"، وكان وقتها هذا الدور من نصيب كسينجر، وأن يكون الدور الثاني هو "المجنون"، وهذا كان دور نيكسون..

وكلما وصلت المفاوضات لطريق مسدود يوقف كسينجر المحادثات متنحيا بالمفاوض الفيتنامي جانبا على أنه ناصح طيب، ليخبره بأن المجنون القابع في البيت الأبيض إذا وصله أمر تعقد المفاوضات سيأمر بدك فيتنام بالطيران، وأنه -أي كسينجر- يحاول بكل الطرق تجنب ذلك ولكن لا بد أن يساعده الفيتنامي لحماية شعب فيتنام.



ولكن حقيقة الأمر أن كسينجر لم يكن يريد حماية أحد سوى أمريكا التي خاضت حربا خاسرة لمده 20 عاما خسرت فيها 58220 مقاتلا، ولكن كان خروج المتظاهرين المناهضين للحرب إلى الشوارع وهم يحرقون بطاقات التجنيد، هي القشة التي أجبرت واشنطن على الانسحاب، ولكن كان لا بد أن تخرج أمريكا بشكل يناسبها ويحافظ على ماء وجهها إلى متى ستلعب أمريكا هذا الدور؟ ومتى ستقول إن لعبة ادعاء التفاوض انتهت وحان الوقت لمفاوضات حقيقية توقف ذلك العبث ما دام يمكن إيقافه؟ لأن الأمور فعلا تزداد سوءا وبسهولة يمكن أن يُخرج الأمر عن سيطرة أمريكاالذي خسرته أمام مقاومة باسلة من المقاومين الفيتناميين؛ الذين لم يرضخوا لاحتلال أمريكا لأرضهم أو فرض سياستها عليهم، فكان دور كسينجر ومقولته الشهيرة.. "سيخرج الجميع منتصرا من هذه الحرب".

خرجت فيتنام منتصرة وخرجت أمريكا تلعق جرحها بانتصار سياسي يغطي ندوب هزيمتها العسكرية. وهذا ما تحاول بالضبط أمريكا أن تفعله لإسرائيل الآن، ولكن صلف نتنياهو وعنجهية أمريكا وغطرسة أوروبا تحول دون ذلك.

فهم يرفضون الرضوخ لحقيقة أن حركة حماس، ذاك الفصيل المقاوم المحاصر منذ أكثر من 10 سنوات، تمكنت من أن تصمد وتنتصر على جيوش أقوى دول العالم مجتمعة، فيحاولون كسر روح المقاومة بالقتل والمزيد من القتل للمدنيين والمزيد من الدمار والرعب في نفوس المدنيين قبل التوصل لمرحلة التفاوض الحقيقية.

فكلما بدأت ما يطلقون عليه مفاوضات نجد أن إسرائيل تزيد من القصف والقتل، وكلما وصل الأمر لطريق مسدود بسبب عراقيل يضعها نتنياهو يكون القتل والقصف أعنف، بل إنهم يستخدمون أحطّ الوسائل التي عرفتها البشرية بل ويخترعون عليها ويضيفون الجديد.

فعلى مرأى من العالم يُعجن لحم الأطفال بعظامهم وتقطع أشلاء المدنيين من النساء والرجال، فلا يمكن تحديد هوية الأشلاء، فأصبح الحل.. الأشلاء بالكيلو، تجمع أشلاء البشر داخل أكياس، الكيس 30 كيلوجراما للطفل و70 كيلوجراما للبالغ..

أمريكا وأوروبا تشجبان.. قوى العالم تنافس العرب على الشجب والتنديد، وتقف عاجزة لا تستطيع أن تتخذ قرارا ضد رغبة إسرائيل.

ففي غزة الكاشفة.. دول العالم المعروف بالمتحضر تشجب الإبادة الجماعية في غزة.. تشجب حرب التجويع والتعطيش في غزة.. تشجب منع دخول الأدوية والمساعدات الإنسانية لعزة.

ولكن السؤال هنا: إلى متى ستلعب أمريكا هذا الدور؟ ومتى ستقول إن لعبة ادعاء التفاوض انتهت وحان الوقت لمفاوضات حقيقية توقف ذلك العبث ما دام يمكن إيقافه؟ لأن الأمور فعلا تزداد سوءا وبسهولة يمكن أن يخرج الأمر عن سيطرة أمريكا؛ التي تعتقد أن حاملات طائراتها وغواصاتها وحكام العرب وأموال العرب الذين يأتمرون بأمرها يمكنهم أن يوقفوا كل شيء وقتما تريد..

على أمريكا أن تعي أن كسينجر مات وأن جملته "سيخرج الجميع منتصرا من هذه الحرب" ستحترق وتموت داخل أتون الشرق الأوسط الذي تذكي أمريكا ناره، وستكون النتيجة الحتمية.. سيخرج الجميع خاسرا من هذه الحرب
على أمريكا قبل إسرائيل أن تعي أن الأمر إذا خرج عن السيطرة فإنها ستضع نفسها إجبارا في حرب أسوأ من حرب فيتنام.

وعلى أمريكا أن تعي أن دعمها اللامحدود لنتنياهو وإسرائيل هو السبب الرئيس والوحيد الذي يزيد من الصلف الصهيوني، فلماذا يمكن أن يتنازل أو يتفاوض نتنياهو ما دامت أمريكا تدعم وتدفع وتدافع؟

نعم، النظريات والأفكار القديمة مثل تلك التي طرحها كيسنجر، لا تزال تلقي بظلالها على السياسات الحالية، ولكن على أمريكا أن تعلم أن العالم يتغير، وقد تكون النتائج أكثر تعقيدا مما كانت عليه في الماضي.

من المهم أن يكون هناك اعتراف بالتغيرات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تطرأ على المنطقة، وأن تُعطى الأولوية لصوت الشعوب المتأثرة.

على أمريكا أن تعي أن كسينجر مات وأن جملته "سيخرج الجميع منتصرا من هذه الحرب" ستحترق وتموت داخل أتون الشرق الأوسط الذي تذكي أمريكا ناره، وستكون النتيجة الحتمية.. سيخرج الجميع خاسرا من هذه الحرب.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فيتنام الحرب إسرائيل غزة إسرائيل امريكا غزة فيتنام الحرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على أمریکا أن من هذه الحرب أن تعی أن

إقرأ أيضاً:

ظفار أرض اللبان والتباشير.. ولكن!

 

 

 

خالد بن سعد الشنفري

 

هبَّة جديدة من هبات ظفار حدثت في كل وسائل التواصل الاجتماعي ولم تهدأ بعد.. وذلك حول استبدال اللبان وشجرته كهوية وشعار للمُحافظة واستبداله بوسم وشكل التباشير.

كواحد من أبناء هذه المُحافظة تابعت كل ذلك دون أن أدلي برأيي حوله؛ فقد كنت متوقفًا عن الكتابة لظروف خاصة، إضافة إلى أنني منشغل حاليًا بإعداد كتابي الجديد "ظفار.. ذاكرة زمان ومكان" الذي سيصدر قريبًا؛ لذا آثرت التروي حتى تهدأ النفوس فقد كفى ووفى الناشطون في وسائل التواصل وأصحاب الأقلام.. غير أن الكثير من الزملاء ومن قرائي ألحوا عليَّ بالكتابة عن هذا الموضوع المهم.

وإحقاقًا للحقيقة والتاريخ نقول إنَّ وسم "التباشير" لا يقل أهمية عن وسم "شجرة اللبان"؛ فكلاهما تاريخيًا من صميم إرث ظفار وقد سبق لي أن نشرت مقالًا في جريدة الرؤية الغراء، بتاريخ 4 ديسمبر 2021، عن التباشير واللبان بعنوان "التباشير والزاوية واللبان" كموروثات تاريخية ظفاريّة، وسأقوم بتذييل مقالي هذا برابط المقال القديم لمن أحب الاطلاع عليه، وسأضمنه كذلك كتابي الجديد المعزم نشره في فترة خريف هذا العام بإذن الله.

اللبان والتباشير كلاهما ارتبطا بظفار تاريخيا ولازالا إلى اليوم.

والتباشير هي من علامات ومميزات المعمار الظفاري القديم على أسطح بيوتها ومساجدها وزواياها وحتى أضرحة أوليائها والصالحين، ولا زالت شامخة إلى اليوم ولا تخطئها عين أي زائر للمحافظة، وهي مع منظرها الصوري الجمالي هذا كانت أيضًا قرينة اللبان وتستخدم لوضع مجامر بخور اللبان الكبيرة عليها وحرقه في الأجواء ترحيبا بالزائرين وفي المناسبات كما أن مجامر اللبان والبخور الظفارية يوجد على أعلاها شكل التباشير وهذا دليل الارتباط التاريخي بين الإثنين شكليا وعمليا أيضا.

لغويًا.. التباشير حسب المجامع اللغوية تعني البُشرى وأوائل الأشياء أو باكورتها؛ فيقال تباشير الخريف وتباشير الصباح، مثلما يُقال تباشير الرطب في محافظات عُماننا الحبيبة، وتباشير موسم الفتوح في ظفار الذي كان يترقبه أبناء ظفار بعد انتهاء فترة الخريف، وتهدأ زمجرة أمواج بحره العاتية، ويستقبلون السفن التجارية الخشبية القديمة إلى ظفار مُحمَّلة بمختلف البضائع وتحمل في ذهابها منتوجات ظفار من لبان وقطن وفلفل أحمر وجلود وسمن بلدي وأسماك سيسان مرباط المجففة (الصافي) والصفيلح وغيرها.

ومن المفارقات وأنا أكتب هذا المقال تتلبد كتل السحب الكثيفة سماء الشريط الساحلي لظفار وتحجب شمس هذا الأيام الحارة، فنحن في "نجم الكليل" أشد نجوم ظفار حرارة ورطوبة على الإطلاق، ما قبل موسم الخريف؛ وكأنها استجابة القدر للوحات شعار التباشير الذي زُيِّنت به صلالة وشوارعها وأبت إلّا أن تشاركهم وتُبشِّر بالخريف قبل حلوله فلكيًا بعد شهر من الآن؛ جعلها الله سحب غيث ماطر يروي الأرض وينبت الزرع ويدر الضرع والمرعى ليتواصل مع التوقيت الفلكي له في الثالث والعشرين من يوليو القادم.

أما اللبان، فهي شجرة مميزة تحمل ثمرتها اللبان وسط أحشاء سيقانها ويحسبها الظفاريون مباركة عليهم، وهذا لم يكن ينطبق على ظفار وعمان فقط  بل كانت كذلك لشعوب وحضارات قديمة منذ آلاف السنين وكانت مصدر رزق رئيس وثراء لظفار حتى حيكت حولنا أساطير وحكايات قديمة لديهم بأننا البلاد السعيدة وأرض العمالقة، ويحلو للبعض اليوم وصفه بالنفط الأبيض لتلك الحقب الزمنية ولا زال يقوم بهذا الدور مع الفارق طبعًا وإلى وقتنا الراهن، ويحرص كل من يزور ظفار في خريفها أو أي من مواسمها المعتدلة عموما على اقتنائه وأصبح حاليًا يدخل في صناعة العطور الراقية ومستحضرات التجميل والحلوى العمانية وحتى الدواء.

محافظة ظفار من المناطق القليلة جدًا على مستوى العالم بنمو هذه الشجرة ومن أفضله جودة وشهرة على الإطلاق، وقد ارتبط تاريخيًا اسمها به على مستوى العالم، بعكس التباشير التي تشترك معنا مناطق عديدة في العالم العربي فيها، ولا مقارنة بينهما تاريخيًا، فبيمنا تمتد شهرة اللبان الظفاري الذي كانت سمهرم شرقًا والمغسيل غربًا أهم موانئ تصديره للعالم قبل أكثر من 3 آلاف عام نجد بالمقابل أن مدينة البليد عاصمة ظفار القديمة قبل 700 عام تخلو مبانيها من التباشير وهذا دليل على دخوله إلى معمارنا بعد هذا التاريخ.

وإذا ذكر أمامك اسم مصر تستحضر مباشرة الأهرامات، واسم الصين سورها العظيم، وباريس برج إيفل، واليمن ناطحات سحابها، والإسكندرية منارتها، وكذلك ظفار أول ما يتبادر للذهن عند ذكر اسمها هو اللبان وخريفها، لا تباشيرها.

وإذا جاز لنا من اقتراح بهذا الصدد؛ فنتمنى أن يقتصر شعار التباشير على موسم خريف هذا العام فقط، خصوصًا وأنه قد تم نشر لوحاته على معظم شوارعنا الرئيسية، ونعتبره تباشير خريف هذا العام، أما اللبان وشجرته فيجب أن تظل الشعار والهوية للمحافظة؛ كي لا يُقال عننا- ومع الأسف الشديد لقول ذلك- "أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير".

كنَّا نتمنى أن تنتشر شجرة اللبان في كل شوارعنا وعلى دوراتها وكل جوانبها جنباً إلى جنب، كما نعمل لنخلة النارجيل بدل أن نخرجها من المشهد والصورة لتنزوي؛ فأول ما يهُم الزائر لنا في المحافظة هو النخلة ومشلاها وكذا شجرة اللبان ولبانها وبخورها.

مبارك علينا جميعا تباشير خريف هذه السنة المبكر وكل عام وأنتم في خريف وتباشير وعبق لبان.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تصفيات كأس آسيا 2026.. اليمن في المجموعة الثالثة إلى جانب فيتنام وسنغافورة وبنغلادش
  • البوسنة والهرسك.. هل تكون موطن الحرب القادمة في أوروبا؟
  • محللون: غزة لن تتبخر وإسرائيل خسرت أمورا لا يمكن تعويضها
  • مراحل عربات جدعون التي أقرها نتنياهو لتهجير سكان غزة
  • نيويورك بوست تحلل لغة الشفاة.. شجار علني بين ماكرون وزوجته يثير الجدل في فيتنام
  • ظفار أرض اللبان والتباشير.. ولكن!
  • ثلاثي الأهلي في سفارة أمريكا لاستخراج تأشيرة كأس العالم
  • توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
  • أمريكا فرضت عقوباتها على السودان فهذا يعني أن السودان في الاتجاه الصحيح
  • أحمد موسى: أمريكا وإسرائيل تنفذان خطة للاستيلاء على غزة.. محامي نوال الدجوي: إذا كانت الضغوط تولد الا.نتحار فإن موكلتي بطلة ضغوط العالم | أخبار التوك شو