لجريدة عمان:
2025-06-14@01:46:25 GMT

سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي.. هل فات أوانه؟

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

كتب الكثير من الكتاب عن ثورة الذكاء الاصطناعي وما سيحدثه في مجريات الأحداث بالعالم، بداية من تعاملنا البدائي معه، مرورا بكيفية الاستفادة منه، وما سيحدث من تصورات في المستقبل، ولكن فيما يتعلق بالحروب فإن وتيرة القلق سترتفع حدتها مع دخول الذكاء الاصطناعي المجال، وإلى جانب تغير المناخ، يمكن أن يؤدي ذلك إلى عواقب كبيرة على البشرية.

وأثبت الذكاء الاصطناعي فعلا قدرته على دخول مجال الحروب، ففي شهر مارس من عام 2020 استخدمت طائرات بدون طيار -تركية الصنع- تقنية مبتكرة للتعرف على وجوه المقاتلين في ليبيا، والآن وبعد 3 سنوات لا يزال هناك غياب ونقص في تنظيم استخدام الأسلحة المتقدمة، تلك الأسلحة التي يبدو أنها جاءت من صفحات رواية بائسة في الخيال العلمي.

الأسئلة التي ترد في بالي وتستحق أن تُطرح للنقاش نابعة من فكرة «استحالة ضمان تقيد الأسلحة ذاتية التحكم -الذكية- بالمبادئ الدولية الإنسانية»، فهل يمكن لتلك الأسلحة أن تفرِّق بين البشر المدنيين والمقاتلين؟ وهل تستطيع تلك الأسلحة المستقلة تقليل الضرر الذي سيقع على المدنيين؟ وهل ستتراجع أسلحة الذكاء الاصطناعي عن كثير من مواقفها بناء على عواطف بشرية؟ تلك العواطف التي تكون مهمة بشكل كبير في كثير من المواقف السياسية؟!

في ظل غياب التحكم البشري سيكون من الصعوبة الفصل في قضايا جرائم الحروب، ويمكن وصف ذلك -من الناحية الأخلاقية- بالتجريد الرقمي للإنسانية، إذ سيكون مسموحا للآلات باتخاذ قرارات قتل البشر عن طريق قاعدة بيانات بالأشخاص المستهدفين، ومن الناحية الاستراتيجية فإنها خطوة سهلة لامتلاك الدول لتلك الأسلحة المستقلة، ولكن الأهم في هذا النوع من التسلح تقليل الخسائر على البلدان، كما ستسهم تلك الأسلحة في حسم موقف البلدان من خوض الحروب أم لا.

والأمر الخطير في استخدام أسلحة الذكاء الاصطناعي إذا ما امتلكتها جهات ومنظمات غير حكومية في عتادها العسكري، وذلك سيكون له تداعيات كارثية، خاصة مع صعوبة إثبات مصدر تلك الأسلحة، ما يعني أن ذلك سيحدث فوضى عارمة، وإذا ما وجهت لتلك المنظمات أصابع الاتهام من السهل عليها إنكار تبنيها لما سببته من فوضى.

وقد قال فلاديمير بوتين في عام 2017 بشأن التسلح بالذكاء الاصطناعي: «من سيصبح الزعيم في مجال التسليح بالذكاء الاصطناعي هو من سيكون حاكم العالم بأسره»، واليوم تبدو مقولته صحيحة أكثر من أي وقت مضى.

يشهد العالم اليوم سباقا محموما -وصامتا في الوقت نفسه- في مجال تحديث الذكاء الاصطناعي وتوظيفه بشكل عام، وفي هذا العام، طلب البنتاغون مبلغًا وقدره 145 مليار دولار من الكونجرس الأمريكي، لسنة مالية واحدة فقط، وذلك بهدف إنفاقه على التكنولوجيا الحيوية وتعزيز التعاون مع الشركات الخاصة، كما يهدف البنتاغون من خلال ذلك إلى «بناء جسور مع النظام الديناميكي للابتكار في الولايات المتحدة»، بالإضافة إلى تمويل مشاريع تطوير الذكاء الاصطناعي.

وفي شهر ديسمبر الماضي، أنشأت وزارة الدفاع الأمريكية مكتب رأس المال الاستراتيجي، والذي يعرف اختصارا بـ «OSC» وغايته تشجيع الاستثمار من القطاع الخاص في تكنولوجيات الاستخدام العسكري، ومن مهام هذا المكتب كذلك جمع الأفكار من القطاع الخاص حول تكنولوجيات الجيل المستقبلي، واحدة منها وصفت بـ «الذكاء الاصطناعي الموثوق والاستقلالية»، ولكن دون معرفة المعني تحديدا بهذا المفهوم.

ولكن، نأمل أن يكون هذا المفهوم معنيا بخضوع تلك التكنولوجيات العسكرية المستقلة للمسائل الأخلاقية والإنسانية خاصة فيما يتعلق بخوض الحروب، أو ربما يكمن ربط هذا المفهوم بالمنافسة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.

وبالحديث عن الصين، فإن لديها سياسة تعرف بـ «MCF» وهي الاندماج العسكري المدني، وحدث ذلك أول مرة في الصين عام 1990، وهي سياسة مشابهة للسياسة الأمريكية إلا أن الأخيرة سبقت الصين بمراحل طويلة، ولكن الصين اليوم تسعى إلى محاكاة النظام الأمريكي العسكري، وذلك منذ تولي «شي جين بينغ» السلطة، بما في ذلك سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي.

وتماما كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية، تهدف سياسة «MCF» إلى امتلاك تقنيات التسلح بالذكاء الاصطناعي، من خلال إنشائها صناديق تدعم الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.

المخاوف من امتلاك أسلحة الذكاء الاصطناعي لا يمكنها أن تحدث من امتلاك الدول لها، فلا يُشترط أن تقدم أي دولة في العالم حججًا مقنعة لكي تمتلك تلك التقنيات في الحروب، كما لا يمكن بأي حال من الأحوال حاليا أن يتم حظر استخدام تلك الأسلحة الذكية، لذلك يجب أن يكون هناك تركيز عالمي بشكل عاجل على ضرورة وضع معايير عالمية، ولو كانت معايير دنيا ومبدئية بشأن استخدام تلك الأسلحة، ولا بد أن ينصب هذا التركيز في وضع آلية للتحول التدريجي نحو استخدامها نظرا لطبيعة الحروب ذاتها.

في مارس الماضي، تحدث أحد المسؤولين الأمريكيين عن استخدام نموذج «LLM» -وهو نوع من أنواع خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتي تستعمل تقنيات التعلم العميق والمجموعات الضخمة من البيانات من أجل فهم وتلخيص وإنشاء والتنبؤ بالمحتوى الجديد- تحدث عن استخدامها في الحرب المعلوماتية، وإنشاء المعلومات المزيفة، وفي تلك الأثناء تعرض نظام «ChatGPT» للانتقادات ووجهت له دعاوى قانونية بسبب «الهلوسة»، ولكن يمكن الاستفادة من تلك المعلومات الزائفة لإنشاء محتوى مزيف ضد بلدان أخرى. بل ويمكن استخدام نموذج لغوي لإنشاء أخبار مضللة وزائفة، بل ووثائق مزورة للنيل من إحدى الدول. وأفاد المسؤول بأن «ChatGPT» أصبح حديث البلد.

وفي شهر مايو الماضي طلبت الشركات الأمريكية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك«ChatGPT»، من الكونجرس تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي.

ولكن لو تم وضع معايير، إلا أنه سيكون من الصعب تحديد معيار استخدام الذكاء الاصطناعي في الدول عموما أو حتى في المؤسسات الخاصة، سواء بسبب اختيار الدولة «مثل الصين»، أو بسبب ضعف المؤسسات «كما يحدث في روسيا»، أو من خلال تعاون مربح بعناية «مثل هدف الولايات المتحدة».

وفي إسرائيل تم استحداث شركات تكنولوجيا متخصصة في المجال العسكري المدني، تلك الشركات قام بإنشائها عسكريون متقاعدون، واعترف الجيش الإسرائيلي باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد أهداف من خلال الجو، إلا أنها تزعم أن هناك تدخلا بشريا في استخدام تلك التكنولوجيا، ولكنها لا تخضع لتنظيم أي مؤسسة!

من الضروري بعد كل ما تم ذكره أن تنظر البلدان التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في مسألة تنظيم استخدامها لتلك التكنولوجيا الذكية، وتسأل نفسها بشكل جاد عن أهمية سن قوانين لتنظيم العملية بشكل فعال وتقوم بإنشاء مؤسسات معنية بذلك.

وعلى عكس تنظيم التسلح النووي، اليوم لم يحرز العالم سوى القليل من التقدم في سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي، لأنه منشغل في الابتكارات، بالتالي فإن فرص سن القوانين والتنظيم تتقلص بشكل سريع، فهل ستواكب الدول عمليات الابتكار وتسن القوانين بشكل متوازن مع التقدم السريع؟

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی الولایات المتحدة من خلال فی مجال

إقرأ أيضاً:

“شرف دي جي” تتوسع بالذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية في الإمارات

تدير شركة “شرف دي جي” للإلكترونيات الاستهلاكية 32 متجر حالياً في دولة الإمارات وسلطنة عُمان والبحرين والسعودية ومصر، تستقبل أكثر من مليون زيارة شهرياً ،على مساحة بيع إجمالية تتجاوز 700 ألف قدم مربع.

وتقدم “شرف دي جي” خدمات التجارة الإلكترونية في جميع هذه الدول، مكملة لتجربة المتاجر التقليدية من خلال سهولة البحث عن المنتجات، وسلاسة تحديد مواقعها داخل الفروع، وإدارة ضماناتها.
واحتفلت “شرف دي جي”، بمرور 20عاماً على تأسيسها، منذ افتتاح أول متاجرها في مول ابن بطوطة، دبي 6 مايو 2005.
وتتطلع الشركة إلى تعزيز تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوسيع حضورها في التجارة الإلكترونية وواصلت الشركة تزويد المستهلكين في دول مجلس التعاون الخليجي بأحدث الابتكارات والمنتجات التقنية.
وقال نيليش كالكو، الرئيس التنفيذي في شركة شرف دي جي للإلكترونيات: “إن اعتماد أسلوب البيع المتخصص في مجالات التقنية المتنوعة أسهم في بناء قاعدة عملاء قوية ذات ولاء ثابت على مدى عقدين ومن أبرز الإنجازات خلال هذه الفترة هو افتتاح أكبر متجر إلكترونيات في دبي بمساحة 100 ألف قدم مربع العام 2007.
وتوسّعت شرف دي جي في تقديم باقتها الخدمية، لتشمل حلول الصيانة، وبرامج الاستبدال، وخيارات التمويل المرنة، مما جعل اقتناء أحدث ما تقدمه التقنية أكثر سهولة وملاءمة لعملائها.
و”بعدما كان تركيزنا في البداية على توافر المنتجات وتنوعها، أصبح هدفنا هو بناء تجربة عملاء متفوقة في تكاملها. لقد تعلمنا أن الثقة هي أساس نجاحنا، وأنها تُبنى بخدمة متسقة، وابتكار متواصل، وتفاعل مستمر مع العملاء. ولهذا نستمع إلى احتياجاتهم عبر مناطق مخصصة للمقارنة بين العلامات التجارية، وبرامج إعادة الشراء المراعية للبيئة، ومبادرات الاستدامة التي تروج للمنتجات الموفرة للطاقة ومزايا الاقتصاد الدائري”.
وأضاف: “تطورت رؤيتنا من مجرد كوننا وجهة لشراء الإلكترونيات إلى القيام بدور تمكيني لنمط الحياة العصري. لذا، نركز على الراحة والاستدامة والتخصيص، معتمدين على البيانات وقدرات الأتمتة لتقديم تجربة تسوق سلسة ومصممة خصيصاً لكل عميل ومتطلباته الفريدة. وترتكز استراتيجيتنا مستقبلاً على تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتوسيع نطاق حضورنا في التجارة الإلكترونية بالمنطقة، وتعزيز تجربة العملاء عبر تحسين خدماتنا المدعومة بالتحليلات المتقدمة والأتمتة”.
وتابع كالكو: “أسهم فرق العمل بالشركة على مدار 20 عاماً في بناء العلامة التجارية؛ في ظل سعي المجموعة الدائم إلى الابتكار والتميز”.


مقالات مشابهة

  • وزير التشغيل المغربي: الذكاء الاصطناعي سيؤثر بشكل عميق على علاقة المجتمع بوقت العمل
  • ميتا تحارب تطبيقات صينية مثيرة للجدل تسيء استخدام الذكاء الاصطناعي
  • “شرف دي جي” تتوسع بالذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية في الإمارات
  • إيمان كريم تستعرض في نيويورك استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز شمول الأشخاص ذوي الإعاقة
  • قائد البحرية الإيرانية: نستعد للحرب بالذكاء الاصطناعي
  • ⁠إطلاق متصفح Dia المدعوم بالذكاء الاصطناعي بإصدار تجريبي خاص
  • ميتا تطلق محرر فيديو مدعومًا بالذكاء الاصطناعي
  • ضمن سباق الذكاء الاصطناعي.. سامسونج وإنفيديا تستثمران في «سكيلد إيه آي» الأمريكية
  • بالذكاء الاصطناعي.. جهاز ملاحة للمكفوفين من دون إنترنت
  • استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي عند أبواب المسجد الحرام